الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أزمة الدواء المستفحلة من المسؤول؟

 

كشف مسؤول بإدارة الصيدلة والسموم، عن انعدام جرعات الكيماوي مع ارتفاع سعر الجرعة، من 3 آلاف إلى 20 ألف جنيه، وانعدام أدوية السكري حتى في السوق السوداء وأدوية الكلى والبندول بالبلاد. ووصفت مديرة مركز ود مدني للسرطان ندى عثمان في إفاداتٍ لصحيفة الحراك السياسي وضع المرضى بالسيئ للغاية. وأشارت إلى أنّهم يعانون بصورةٍ كبيرةٍ من انعدام الدواء خاصة أطفال السرطان. وأشارت إلى أنّهم يفقدون صنفاً من الدواء كلّ يومٍ حتى انعدمت كلّ الأدوية. ولفتت إلى انعدام جرعات الكيماوي بالبلاد، وقالت "نحن نتفرّج على المرضى ولا نعلم ماذا نفعل". (نبض السودان 21 حزيران/يونيو 2021). من جهة أخرى أوردت أثير نيوز خبرا عن تنفيذ وقفة احتجاجية لأطفال مصابين بالسرطان أمام وزارة الصحة الاتحادية يطالبون الحكومة بتوفير جرعات الكيماوي.

 

وأوردت الجزيرة نت استطلاعا عن أزمة الدواء في السودان في 2020/06/10 جاء فيه: "وبدأت ملامح أزمة الدواء منذ كانون الثاني/يناير الماضي، عندما ألغى بنك السودان تخصيص 10% من حصيلة الصادرات غير النفطية، كانت توجه لاستيراد الدواء".

 

وفي سيناريو يعكس "تخبط" سياسات الدولة في قطاع الدواء، تقول الصيدلانية سماهر المبارك من تجمع الصيادلة المهنيين، إن الحكومة قررت في آذار/مارس إعادة العمل بتخصيص نسبة 10%، قبل أن تُلغى مرة أخرى بقرار من رئيس الوزراء. وكلما مضى الوقت، كانت ندرة الدواء تزداد وتتسع في الخرطوم والولايات الأخرى، حتى بلغت ذروتها في أيار/مايو الماضي، بعدم توفر أغلب الأدوية الأكثر تداولا في الصيدليات، مما اضطر أصحابها لإعلان إضراب. وقد خلت رفوف الصيدليات في السودان من أغلب الأدوية (رويترز).

 

وبحسب رانيا مأمون مديرة المؤسسات الصيدلانية الخاصة بإدارة الصيدلة في وزارة الصحة بولاية الخرطوم، فإن نحو 75% من الأدوية المتداولة تشهد نقصا في الصيدليات. وتقول رانيا للجزيرة نت إن إدارتها أشرفت على جولة في صيدليات الخرطوم، ورصدت أن غالبها مغلق ليس بسبب الإضراب فقط وشح الدواء، ولكن بسبب نقص الكوادر العاملة جراء ظروف الإغلاق الكامل لاحتواء جائحة كورونا.

 

وتقرّ المسؤولة بوجود ندرة شديدة في الدواء إلى حد أن وزارة الصحة عانت في توفير أدوية لجزء من طواقمها، تعرضوا للإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في مراكز العزل. وتشير إلى أن الوزارة بحثت عن مجرد مضادات حيوية ومخفضات حرارة لكوادرها المصابة، دون أن تجدها في السوق، مما اضطرها إلى اللجوء لمصانع الأدوية والاستعانة بأدوية العرض بعد نفاد مخزونات المصانع. وطالبت رانيا بضرورة تخصيص الدولة اعتمادات بالدولار بالسعر الرسمي (في حدود 55 جنيها للدولار) حتى لا يضطر مستوردو الدواء ومصنّعوه لتوفير الدولار من السوق الموازي بواقع 140 جنيها للدولار الواحد، وهو ما يفاقم الأزمة.

 

وفي المقابل، تعيب سماهر المبارك على الحكومة عدم وضع سياسة دوائية واضحة طوال الأشهر الماضية، بسبب انشغالها بتوفير السلع التي تظهر طوابيرها في الشوارع مثل الوقود والخبز. وتوضح أن الدواء مادة استراتيجية كالدقيق والوقود، تتطلب سياسات مدروسة واعتمادات سنوية تصل إلى 660 مليون دولار، لأن الخطة الدوائية يستدعي إعدادها زمنا طويلا، متوقعة أن تطول الأزمة الحالية حتى لو توفر التمويل.

 

وتذكر سماهر أنه رغم إقرار الدولة بأن الدواء سلعة استراتيجية، فإنها في المقابل تخصص "صفر" مساعدات لهيئة الإمدادات الدوائية (هيئة حكومية) وللقطاع الخاص (المستوردين والمصنعين).

 

وفي السياق، يقول يوسف شكاك عن شعبة مستوردي الأدوية إن البلاد ظلت لنحو نصف عام من دون سياسة دوائية واضحة، في ظل غياب الحساسية اللازمة للتعامل مع سلعة استراتيجية مثل الدواء. وطلب توفير 55 مليون دولار شهريا، توزع كالتالي: 20 مليون دولار لصندوق الإمدادات الطبية، و25 مليون دولار لاستيراد الدواء، و10 ملايين دولار للتصنيع الدوائي؛ على أن توفر 40 مليون دولار بشكل فوري لمعالجة الأزمة الراهنة.

 

ورغم المشاورات الجارية بين ممثلي قطاع الدواء والحكومة بقيادة وزير رئاسة مجلس الوزراء عمر مانيس، فإن الصيادلة ما زالت لديهم خطط للتصعيد، من ضمنها وقفة احتجاجية غدا الخميس أمام مجلس الوزراء، وصولا لإضراب جزئي بعد 10 أيام. في الأثناء، تستمر معاناة المرضى في الحصول على أدويتهم، انتهى التقرير.

 

دولة تقصر في هذه الأمور الضرورية لا تستحق البقاء على سدة الحكم ولا ساعة واحدة، فهي تتجاهل أمر المرضى وأمر الدواء، وهذه مصيبة ابتلي به أهل السودان جراء حكم هؤلاء الرويبضات الذين لا يهتمون لأمر هذا البلد، بل ينفقون الأموال الطائلة في الأسفار وحضور المؤتمرات، بينما يعاني الناس من ضيق في كل مناحي الحياة، فقد وصل الحال إلى انعدام أدوية منقذة للحياة فغابت الرعاية وهذا كله ناتج عن سيطرة النظام الرأسمالي الجشع على مفاصل الحياة، هذا النظام الذي يجعل الإنسان خارج اهتمامه.

 

فالدول التي تتبنى النظام الرأسمالي لا يرُجى منها خير قطّ؛ دولٌ لمْ ترحمِ الضعفاءَ، ولمْ تأخُذْ بأيدي الفقراءِ، هذا ولمْ تَسْلَمِ الرعايةُ الصحيةُ مِنْ جَوْرِ الرأسماليةِ، ولمْ تَنْجُ منْ أنظمتِها وطريقةِ عيشِها، فأضْحَتْ أداةً لرؤوسِ المالِ، يستغلونَها كما استغلُّوا كلَّ شيءٍ، لمصِّ دماءِ المرضى الضعفاءِ وأموالهِم، ولإشباعِ جَشَعِهِمْ وَنَزَوَاتِهِمُ التي لا تشبعُ. ومنْ فُحشِ الرأسماليةِ، أنْ ظهرَ الفسادُ في كلِّ نَواحي الرعايةِ الصحيةِ تقريباً: في نظامِ التأمينِ الصحيِّ وشركاتِهِ، وشركاتِ الأدويةِ وأبحاثِها، واستغلالِ هذهِ الشركاتِ للأطباءِ واستغلالِ الأطباءِ للمرضى. وظهرَ الفسادُ كذلكَ في بِدْعَةِ الملكيةِ الفكريةِ وبراءاتِ الاختراعِ، حتى غَلا سعرُ الدواءِ وثمنُ الرعايةِ الصحيةِ وَأَضْحَتِ القضيةُ هيَ تحقيقَ الربحِ على حسابِ حاجةِ المرضى للعلاجِ والرعايةِ. وَكما في كُلِّ مكانٍ دخلتهُ الرأسماليةُ لا بقاءَ ولا حياةَ للضعيفِ، ولا قيمةَ إلا للمالِ.

 

وعلى الدولة أنْ تُشْرِفَ على صُنْعِ الدواءِ وإنتاجِهِ مباشرَةً، لِما أخرجَهُ الحاكمُ في المستدركِ عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ عثمانَ التيميِّ، قالَ: «ذَكَرَ طَبِيبٌ الدَّوَاءَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ فَذَكَرَ الضِّفْدَعَ يَكُونُ في الدَّوَاءِ، فَنَهَى النَّبِيُّ عَنْ قَتْلِهِ»، وَأَخرجَ البيهقيُّ وأَبو داودَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: «سَأَلَ طَبِيبٌ النَّبِيَّ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ عَنْ قَتْلِهَا»، صحَّحَهُ الألبانيُّ. ووجهُ الاستدلالِ بهذا الحديثِ أنهُ يَدُّلُّ بدلالةِ الإشارةِ على أنَّ الدولةَ تُشْرِفُ على إنتاجِ الأدويةِ، إذِ الحديثُ سيقَ لبيانِ النَّهْيِ عنْ قتلِ الضفدعِ، لكنهُ يفيدُ أيضاً بدلالةِ الإشارةِ أنَّ الدولةَ لها أنْ تمنَعَ صناعةَ نوعٍ ما مِنَ الأدويةِ.

 

وعملاً بالأدلَّةِ القاضيَةِ بأنَّ التطبيبَ واجبٌ على الدولةِ مجاناً لرعيتِها، وكَوْنَ الإمام راعياً وهوَ مسؤولٌ عنْ رعيتِهِ، فإنَّ الدولةَ تُوَفِّرُ الدواءَ للمرضى، إما بشرائِهِ مِنْ مصانِعِ الدواءِ وشركاتِهِ في الدولةِ أوْ في الخارِجِ، وإمَّا بإنشاءِ مصانعَ للدواءِ تملِكُها الدولةُ وتنتجُ الأدويةَ المطلوبةَ.

 

وصناعة الأدوية يجب أن تتولاها الدولة بنفسها وتشرف عليها، قال رسول الله ﷺ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» أخرجه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذا نص عام على مسؤولية الدولة عن الصحة وتوفير الدواء والتطبيب لدخولهما في الرعاية الواجبة على الدولة، وهناك أدلة خاصة على الصحة والتطبيب؛ فقد أخرج مسلم من طريق جابر قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيباً فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقاً ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ». وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "مَرِضْتُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِنِ الْخَطَّابِ مَرَضاً شَدِيداً فَدَعَا لِي عُمَرُ طَبِيباً فَحَمَانِي حَتَّى كُنْتُ أَمُصُّ النَّوَاةَ مِنْ شِدَّةِ الْحِمْيَةِ". وإن دولة الخلافة القائمة قريباً بإذن الله لا وجود للضرائب في دوائرها ولا الجمارك التي تغلي أسعار السلع والخدمات.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع