- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نفي حكومة السودان تفادي أحد لاعبيها ملاقاة لاعب من كيان يهود بأولمبياد طوكيو
هو استعجال لسنن الله في أمثالهم والأمة واحدة والباطل إلى زوال
نفت اللجنة الأولمبية السودانية انسحاب ممثل السودان في رياضة الجودو بأولمبياد طوكيو تحاشيا للتباري مع لاعب (إسرائيلي)، وأكدت عدم سماحها لأي من منسوبيها بتقويض الميثاق الأولمبي. وقالت اللجنة الأولمبية السودانية في بيان توضيحي، إنه تم عرض اللاعب على الطبيب المختص بالقرية الأولمبية للتأكد من سلامته وتم إجراء فحوصات أكدت واقعة تعرض اللاعب لتمزق في الأربطة القـطنية أسفل الظهر، ووجه تقرير الطبيب الذي بدأ جلسات علاجية بتوقف اللاعب عن التنافس والتدريبات لمدة أسبوع على أن يعاود نشاطه تدريجياً. وقالت اللجنة الأولمبية السودانية إنها حرصت على تمليك هذه الحقائق للاتحاد الدولي للجودو، وأرسلت له كافة المستندات الطبية المؤيدة لذلك وتقرير الطبيب المختص بالقرية الأولمبية.
وتابعت "تود اللجنة الأولمبية السودانية أن تؤكد عدم صحة ما يشاع بأنه تم فرض غرامة مالية عليها جراء عدم مشاركة لاعب السودان في مباراته، وأنها على تواصل دائم مع اللجنة الأولمبية الدولية وأكدت التزامها بالمبادئ الأساسية للحركة الأولمبية التي تؤكد أن الرياضة تجمع بين البشر ولا تميز بينهم، وهو الأمر الذي يجسده الآن تمازج جميع الرياضيين باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وأجناسهم داخل القرية الأولمبية في رسالة لكل العالم عن معنى التعايش والمحبة والسلام. (سودان تربيون، 29 تموز/يوليو 2021).
تنفي الحكومة السودانية انسحاب اللاعب رغم التقارير الصحفية، وانتشار الخبر على مواقع التواصل باتخاذ ممثل السودان في رياضة الجودو محمد عبد اللطيف موقفا رافضا للتباري مع ممثل كيان يهود، وانسحابه من مباراة مع اللاعب الجزائري فتحي نورين الاثنين الماضي، تفادياً لملاقاة لاعب الكيان الذي كان ينتظر مقابلة الفائز من مباراة السودان والجزائر. ورغم ذلك فها هي الحكومة تنفي على لسان وزير الرياضة وتجهد نفسها في إقامة البراهين والأدلة الطبية التي تصدق نفيها للحدث ويلهج لسانها بالتسامح والسلام والتعايش العالميين اللذين هما خيال لا حياة فيه، والعالم كله يشتعل حروبا بسبب الدول الاستعمارية التي ابتدعت هذه المصطلحات للسيطرة على العالم وأصبح حكامنا يلوكونها بين الحين والآخر وبلدانهم منزوعة السيادة، حركاتهم وسكناتهم كالدمى والعرائس.
فإذا كانت حكومة السودان تدافع وتقيم الأدلة على التزاماتها الدولية فنحن مسلمون لا مرجعية لنا إلا شرع الله الذي يحرم النفاق ويبرهن على أن إرضاء يهود والنصارى مستحيل إلا بترك الإسلام واتباع مرجعيتهم الوضعية التي منها ميثاق الألعاب الأولمبية الذي ينص على أنه "يجب على جميع المشاركين في الألعاب الأولمبية، بأي صفة، الامتثال لعملية الاشتراك على النحو الذي يحدده المجلس التنفيذي للجنة الأولمبية الدولية"، لذلك فإن الحكومة فعليا وفق ذلك القانون لا تمانع أصلا في التباري مع يهود بل كما ورد في بيان اللجنة الأولمبية السودانية فإنها "أكدت التزامها بالمبادئ الأساسية للحركة الأولمبية التي تؤكد أن الرياضة تجمع بين البشر ولا تميز بينهم، وأثنت اللجنة على ما أسمته التمازج بين جميع الرياضيين باختلاف ألوانهم ومعتقداتهم وأجناسهم داخل القرية الأولمبية مؤكدة أن ذلك رسالة لكل العالم عن معنى التعايش والمحبة والسلام".
بعيدا عن هذا الكلام المبتذل والمدح والثناء على قانون الأولمبياد والذي هو جزء من القوانين الدولية سواء في إطار الأمم المتحدة أو في إطار المعاهدات والاتفاقيات الأخرى، والتي جربت من حيث الممارسة وأثبتت فشلا ذريعا ما أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن دوافع أي قانون دولي لم تكن أبداً من باب التعايش والسلام والقلق على الشعوب ورفاهيتها، بل حتى الأهداف المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، مثل "الحفاظ على السلم والأمن الدوليين"، و"احترام مبدأ المساواة"، لم تعد أكثر من شعارات على الورق ليس لها تأثير حقيقي على حياة الشعوب؛ بدليل ممارسة الدول العظمى التي تتلاعب بمصير الدول الضعيفة وتشعل فيها الحروب وتجردها من مواردها، والسودان وقبلها العراق وأفغانستان وغيرها، دليل صارخ على مستوى التزام الدول الكبرى بهذا القانون الذي تتخذه كستار للحفاظ على مصالحها. نتيجة لذلك، أصبح القانون الدولي بكل مؤسساته مجرد أداة للتنافس والصراع بين الدول، كما أصبحت الدول الأخرى ضحايا الاستخدام الإجرامي لهذه الأداة. هذا بالتحديد هو السبب الرئيسي لعدم الاستقرار الذي يسيطر على أجزاء كثيرة من العالم اليوم. كما أن هؤلاء الحكام ينفذون أوامر أعداء الأمة ليبقوها ضعيفة خانعة بمحاولة إقناعها بقبول كيان يهود ومسالمته رغم ما يرتكبه من جرائم على رأسها احتلال المسرى المبارك.
إنهم بتصرفهم هذا إنما يعبرون عن وفائهم لأرباب نعمتهم في الدول الاستعمارية ممتثلين شرع أعداء الله! فهل رفض التباري مع لاعب من دويلة يهود أمر يحتاج الاعتذار أم هو أمر طبيعي من مسلم كباقي المسلمين يكنّ ليهود مشاعر العداء نتيجة لما يقترفونه كل يوم وليلة من انتهاكات للمقدسات وإراقة الدم الحرام؟! لذلك هيهات لهذه المحاولات الفاشلة التي تقودها حكومة التطبيع مع يهود، وسيظل كيان يهود عدواً مجرماً مغتصباً، ولا يتخذ معه إلا حالة العداء والحرب، وأية مساعٍ للتطبيع وعقد اتفاقيات الاستسلام معه هي خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، وينبغي أن يكون رفض أي تقارب أو تطبيع مع كيان يهود صادرا عن موقف شرعي مبني على أساس من العقيدة ومفاهيمها، وإدراك لمعنى الأمة ووحدتها وواقع قضاياها وطبيعة عدوها، فإن هذا هو الحق، وهو الأساس الثابت الذي لا يتغير ولا يقبل المساومة لأن الحرام حرام والباطل باطل إلى يوم القيامة طالما بقيت أسبابه واستمر واقعه.
إن الأمة الإسلامية متجذرة فيها مشاعر الوحدة ولن يسلبها هذا الشعور مخططات الدول الاستعمارية وإن سادت، ولا انبطاح حكام الغفلة الضعفاء المترنحين. وغدا سيعود المسلمون بعقيدتهم الجامعة في دولة واحدة تحت ظل راية واحدة، دولتهم هي الدولة الأولى في العالم في كل المجالات نتيجة لوفرة المقومات، وستسعى دول العالم جميعها إلى استرضائها ولن يستمر كيان يهود يوما بعد ذلك.
بقي أن نقول إن استسلام هؤلاء الحكام أمام عدوهم وخذلانهم الطويل لقضية الأرض المباركة وكافة قضايا المسلمين ثم ختام كل ذلك بهذا التطبيع المهين لا يعني أبدا أن الهزيمة اكتملت أو أنه تأبيد للتاريخ، بل يعني فقط أن هؤلاء الحكام قد وصلوا إلى القاع، وأنهم استعجلوا بأنفسهم آيات الله وسننه في أمثالهم، وأما الأمة فهي صاعدة بإذن الله والباطل إلى زوال.
أما آن لخير أمة أخرجت للناس أن تعي أن هذه الدويلات القائمة في بلادها مهمتها هي فقط الحفاظ على دويلة يهود والتعايش معها بدل أن يعلنوا الجهاد في سبيل الله ويحرروا كل بلاد المسلمين المحتلة وينشروا الإسلام؟! فلا أمل في تلك الدويلات أبدا، وإنما الأمل بعد الله سبحانه وتعالى هو معقود على وعي الأمة على قضيتها في كنس هؤلاء الطغاة ومنعهم من التسلط عليها والتحكم في رقابها، وفي السعي لتحقيق وحدة المسلمين في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذة غادة عبد الجبار (أم أواب)
القسم النسائي لحزب التحرير في ولاية السودان