- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في اليمن كرة القدم تحت قناع الوطنية توحدهم وعمالة السياسيين تفرقهم!!
بعد فوز منتخب اليمن للناشئين بكأس غرب آسيا لكرة القدم تعالت الأصوات أن الكرة وحدت اليمن في الشمال والجنوب وأن هذا أكبر نجاح. وأطلقت الألعاب النارية والرصاص الحي فور إعلان فوز منتخب اليمن للناشئين على نظيره السعودي، وقد وقع العديد من الضحايا جراء الرصاص الراجع الذي أطلق بكثافة، فظهرت الرابطة الوطنية بقوة بين أهل اليمن ورفعت الأعلام وأصبحت حالات وسائل التواصل الإلكتروني تعبر عن فرحة الفوز، وتسابق السياسيون وأهل المال بالتهنئات والتبرع لهم بالمال حتى السفير البريطاني في الحجاز كرم المنتخب، فلماذا هنا توحدت مشاعر الناس في لعبة كرة القدم فالكل يشجع ولم تظهر هذه المشاعر حين القتال في الجبهات فكل يقتل الآخر؟! إن هناك معضلة كبيرة يجب أن يعيها المسلمون وهي أن الرابطة الوطنية لا تظهر إلا في وقت معين وتختفي في أوقات كثيرة فقد ظهرت في كرة القدم واختفت في جبهات القتال وهذا كفيل بانحطاطها.
فكيف تنشأ الروابط والعلاقات بين الناس: تنشأ العلاقات بين الناس بحكم حاجاتهم المشتركة والبحث عن تحقيقها فتنشأ الروابط المشتركة بينهم من المصلحة إلى البقعة الجغرافية إلى العرق أو القومية، وهذه طبيعة بشرية في سبيل البحث عن إشباع الإنسان لحاجاته وبحكم غريزة النوع التي من مظاهرها الشعور بالانتماء والحب لمسقط الرأس والشعور بالانتماء للسلالة، إلا أن هذه الروابط ضيقة في إطارها ومظهرها المحدود ولذلك لا تصلح لربط الإنسان في سبيل النهوض فلا بد من الرابطة المبدئية التي هي رابطة العقيدة.
تتبعثر الوطنية في سياج وحظائر سايكس بيكو، وتذوب القومية في سلالة الماء المهين، فيصبح اليمني لا يكترث بما يحصل لأخيه المسلم في مصر أو السودان، والسعودي لا شأن له بما يحدث للمسلم في الهند والشيشان، يصبح التركي ندا للعربي والكردي ندا للأمازيغي وتشتعل الحروب على الحدود الوطنية وتتلظى نزعة القومية وتهب الريح من النافخ الغربي لتثور تلك النيران لتحرق المسلمين، وكل ذلك حدث ويحدث في بلاد المسلمين منذ غياب سلطانهم.
إنه ومنذ بزوغ فجر الإسلام وأفول ليل الجاهلية الأولى بأفكارها ومعتقداتها وجحيمها الذي خيم على الناس آنذاك من الاعتزاز بالنسل والقبيلة وما خلف من كوارث اقتصادية وبشرية القوي يأكل الضعيف والغني يبطش بالفقير والرقيق يباعون في سوق النخاسة.
أشرقت شمس الرسالة الإلهية بمبعث الحبيب محمد ﷺ لينقذ البشرية من ظلام الجاهلية فأنشأ دولة الإسلام وسار من بعده الصحابة والتابعون والأخيار فتحقق العدل وذابت كل روابط الجاهلية فلا اعتبار لجغرافيا أو لون أو عرق فالمسلمون أمة واحدة تتكافأ دماؤهم.
وحين هدمت دولة الخلافة وغاب سلطان المسلمين ومزق الكفار جسد الأمة الواحد إلى أجزاء متناثرة أسماها أوطاناً ووضع القوانين الوطنية وحقوق السيادة الوطنية فأصبح المسلم في اليمن لا شأن له بالمسلم في الشام والمسلم في الهند لا حق له أو عليه عند المسلم في أفريقيا! وإنه وإن كانت مشاعر المسلمين ترفض ذلك إلا أن الكفار قد وضعوا الحدود وكرسوها بقوانين ينفذها أذنابهم فأصبح جسد الأمة كالأعضاء المشلولة تنهشها النار لكن دون ألم!
وكرس الأعداء تلك الروابط الدنيئة فكريا عبر حربه الإعلامية الشاملة وأشغل المسلمين عن قضايا أمتهم المصيرية بالحروب العسكرية والاقتصادية فساءت المعيشة حتى أصبح الناس يبحثون عما يشبعون به بطونهم وفروجهم فقط إما لصعوبة الحال أو للأفكار المادية التغريبية التي غرست في عقولهم، ولم يكتف بذلك بل حاول نشر التفاهة بين المسلمين وتصديرها عالميا وأوهم الكثيرين بأعمال تحقق النصر الموهوم وتشجع على المنافسة أسموها المسابقات الرياضية فتجد المئات يصفقون ويصرخون لكرة تتقاذفها الأقدام أو يصفقون لشخصين يضربان بعضهما بعضا!!
وفوق تلك التفاهة، أصبحت تلك المنتديات مصدرا لإدرار الأموال لخزائن الحكام وحيتان المال وأداة من أدوات إلهاء الشعوب وتسخيرها لتحقيق المصالح السياسية للحكام العملاء ومليارات الدولارات تنفق في تلك المنتديات الرياضية وأبناء الأمة تحت خط الفقر مشردون تحت الصقيع يلتحفون الخيام أو غارقون في البحار هربا من الحرب.
أيتها الأمة الكريمة، أيها المسلمون في اليمن:
أقطعة أرض رسمها لنا الغرب الكافر توحدنا؟ أكرة القدم أخرجها وألهانا بها الحكام توحدنا؟! وفي المقابل في الجبهات كل شخص يصوب سلاحه تجاه أخيه وإسلامنا يحرم هذا، فلماذا ينفصل الفكر عن الشعور؟!
وا عجباه وكأنّنا في عصر الجاهلية الأولى!!
يا قوم ألم يأت الإسلام ليوحدنا في ظله؟ قال تعالى: ﴿فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾، ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾، وقال ﷺ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً».
أعلم أن هذه الأصوات تصدر من أفئدة أحرقتها نار الفرقة والخلاف ولكن الاستنجاد بالوطنية أو القومية هي والله أسُ الداء والإسلام هو الدواء، فلا تكونوا كالمستجير من الرمضاء بالنار!
إن الإسلام حبل الله المتين من تمسك به نجى، هو الدين القويم لا فرق فيه بين أسود ولا أبيض ولا عربي أو أعجمي، الناس فيه سواسية، فالمسلمون أمام شرائعه سواء من الفرد إلى الخليفة، وأصحاب الملل الأخرى لهم حق التابعية في الإسلام لهم وعليهم ما يتضمنه الإسلام.
إن هذا الدين لا يوجد كاملا في المجتمع إلا بوجود سلطان له في الأرض تحت رأي خليفة واحد وتحت راية العقاب في ظل الخلافة الراشدة، وإننا في حزب التحرير قد عقدنا اللواء في ذلك الطريق، فانبذوا كل دعاوى الجاهلية واكسروا سياج حظائركم واخلعوا حكامكم وانصروا الصادقين من أبنائكم العاملين لهذه الدعوة، فكونوا لهم العون والمدد لتقيموا دولة الخلافة تفلحوا. ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسيد سلامة – ولاية اليمن