الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾

 

كل يوم، وفي كل صلاة، نافلة كانت أم فريضة، يقرأ المسلم قوله تعالى في سورة الفاتحة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، فيُقر ويعلن خضوعه لله سبحانه وبأنّه يوحده ويطيعه ويعبده وحده، وبأنّه يستعين به سبحانه على عبادته وطاعته وأموره كلها. جاء في تفسير ابن كثير: "لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة. والدين يرجع كله إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل. وهذا المعنى في غير آية من القرآن، كما قال تعالى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123] ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الملك: 29] ﴿رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ [المزمل: 9]، وكذلك هذه الآية الكريمة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.

 

ويشترط في العبادة حتى يقبلها الله سبحانه أن تكون خالصة له وحده، يقول سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ﴾ ويقول أيضاً: ﴿وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾، والإخلاص هو إفراد الله عزَّ وجلَّ بالقصد في العبادة ورجاء الجزاء منه وحده، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رواه مسلم. ويشترط فيها أيضاً أن تكون على الوجه والكيفية التي أمر بها الله وعلمنا إياها رسوله ﷺ، فالقيام بالعبادة يقتضي العلم بها وتعلم أحكامها وكيفية أدائها قبل فِعلها.

 

أن نكون عبيداً لله يعني تنفيذ أوامره والالتزام بحكمه في كلّ ما أمر به وما نهى عنه، فالعبادة بمفهومها العام لا تقتصر على القيام بالعبادات الفردية التي تنظم علاقة الإنسان بربه كالصلاة والصيام والزكاة والحج، بل تتسع لتشمل علاقة الإنسان بنفسه من خلال المطعومات والملبوسات، وعلاقته بغيره من الناس من خلال المعاملات، عمارة الأرض والاستخلاف فيها والعمل على تطبيق شرعه في الأرض وحمل رسالة الإسلام ودعوته للعالم.

 

أن نكون عبيداً لله يعني أن نستعين به على القيام بالطاعات والعبادات ونستعين بهِ في البُعد عن المحرمات والتغلب على وساوس الشيطان وأحاديث النفس الأمّارة بالسوء، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رواه أبو داود وغيره، ويعني أن نستعين به في كلّ أمور حياتنا وأن نلتجأ إليه ونطلب عونه في كل ما يصيبنا من أذى في أمور دنيانا وفي ما يصيبنا من أذى وصعاب في سبيل حملنا لدعوة الإسلام وسعينا لإقامة دينه في الأرض واضعين نصب أعيننا قوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾. ويعني أن لا نخضع للظالمين ولأعداء الدين فنواليهم ونطلب العون منهم، فالله معنا، وقوتهم وملكهم زائل مهما طال، وهو ناصرنا لا محالة، ومن استند عليهم فظهرُه منقطع، ومَن أسند ظهره على الله فلن يخيب بإذن الله.

 

إنّ شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد العهد مع الله، وإعلان خضوعنا واستسلامنا له سبحانه ولأحكامه، ولتزودنا من الطاعات والعبادات، عاملين على تغيير هذا الواقع الفاسد، مستعينين باللهِ، متوكلين عليهِ، واثقين بنصره، فلنغذ السير ولنشمر عن سواعد الجِد.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

براءة مناصرة

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع