الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الإسلام قادر على حل مشكلة الفقر

 

إن تطبيق النظام الرأسمالي يعمل على تفريخ المعضلات وتوليد المشاكل والأزمات، ومنها الفقر، والتفاوت بين الناس، والبطالة، بل حتى الاحتباس الحراري في العالم وكثير من الظواهر السيئة. وشهد شاهد من أهلها حيث ذكر البابا فرانشيسكو في خطابه الذي ألقاه في بوليفيا: "إن هذا النظام أصبح لا يطاق، فعمال المزارع والمصانع والمجتمعات والناس عموماً يجدونه غير محتمل، والأرض نفسها تجده غير محتمل".

 

نعم أيها الإخوة الكرام فلا ننخدع بالأرقام الفلكية الضخمة في ما يسمى بالناتج القومي للدول، ومعدلات تضاعف الإنتاجية العالمية، ولا ننخدع أيضا بالمليارات التي ينفقها العالم الرأسمالي في اختراعات وتطوير الأسلحة ومشترياتها، فإذا نظرنا إلى الرأسمالية بعين فاحصة واعية نجد العجب العجاب، وخاصة عندما يلفت النظر إلى الحديث عن الفقر، نجد ذلك التناقض العجيب الغريب، ليست المشكلة إذن في عدم كفاية الموارد، ولا في تزايد السكان كما يدعي أبواق دعاة الرأسمالية، بل المشكلة في النظام الرأسمالي نفسه، لأن هذا النظام هو الذي يولد الفقر. ففي كبرى دول العالم أمريكا يطبق النظام الاقتصادي الرأسمالي لأكثر من مائة عام، حتى أصبح اقتصادها أكبر من اقتصاديات أكبر عشر دول مجتمعة، بإجمالي 21.4 تريليون دولار، ومع ذلك بلغ عدد الفقراء اليوم في أمريكا 40 مليون فقير!

 

وهناك دراسة تشير إلى أن عشرة ملايين فرنسي يعيشون تحت خط الفقر، ما يعني أن هناك فقيرا واحدا من بين كل 6 أشخاص، أما في بريطانيا فيوجد 14 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر. هذا من الناحية العملية التطبيقية للنظام الرأسمالي في الدول التي تسمى كبرى.

 

وفي السودان النظام الرأسمالي المطبق منذ الاستعمار الإنجليزي وإلى يومنا هذا وصلت نسبة الفقر فيه أكثر من 60% وزيادة، وهناك بعض الخبراء ذكروا أن نسبة الفقر في السودان 90%.

 

فحقيقة الأمر أن النظام الاقتصادي الرأسمالي ترتكز فيه موازنة الدولة على الضرائب والجمارك والرسوم (الجبايات) وتصل أحيانا إلى 80% من جملة الإيرادات في بعض الدول، وهذا يقع تأثيره على زيادة أسعار السلع والخدمات بشكل مباشر، ما يزيد حالات الفقر.

 

ثانياً: إن الهيكل الراتبي في ظل النظام الرأسمالي يبنى على أسعار السلع والخدمات، وليس على قيمة المنفعة التي يقدمها العامل، يكون الهيكل الراتب موحداً بالدرجات، ولا ينظر إلى قيمة العمل ونوعه، فيكون الهيكل الراتبي عبارة عن بدلات للخدمات ومرتب مقياسه أسعار السلع، ويستمر طوال فترة عمله، حتى ينقضي شباب الموظف أو العامل، وقد كتب له أن يعيش فقيراً في ظل نظام رأسمالي ظالم موحش حف بالأشواك والأهوال.

 

ثالثاً: لا توجد في النظام الاقتصادي الرأسمالي ملكية عامة للثروات والأموال توزع على الناس كافة، باعتبارها حقاً من حقوقهم، فلا تعطى إليهم، وإنما تسلب من أصحابها وتوضع في غير مستحقيها، مثل البترول والذهب وجميع المعادن وغيرها، فهذه ملكيات عامة لكل الناس، أما في النظام الرأسمالي توضع في غير مكانها الصحيح، أي ليس هناك بترول أو ذهب يوزع للناس عينا أو في شكل خدمات، وهذا يسهم بدوره في زيادة نسب الفقر بين الناس بشكل مقصود، نتيجة لسلب حقهم الأصيل في هذه الموارد العامة.

 

رابعاً: يلجأ النظام إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي وغيره من الصناديق الربوية، معلناً الحرب من الله ورسوله، تاركاً بذلك عبئا ثقيلاً على الأجيال، بسداد تلك الديون وفوائدها الربوية الضخمة التي تصنع فقرا مدقعاً على الناس.

 

لهذه الأسباب ولغيرها يوجد النظام الرأسمالي الفقر، ويركز الثروة في أيدي قلة.

 

وبالمقابل نجد الإسلام الذي تطبقه دولة الخلافة يعمل على تداول المال بين جميع أفراد الرعية، ومنع حصر تداول المال بين فئة قليلة. فعلى دولة الخلافة الإسلامية أن توجد التوازن الاقتصادي في المجتمع حتى لا تكون هنالك طبقية، كما هو حاصل في الدول الرأسمالية، وذلك بمنع كنز المال حتى يُتداول بين الناس، أيضاً توجد الدولة توازنا اقتصادياً بإعطاء الأموال إلى الفقراء، كما فعل النبي ﷺ في تقسيم فيء بني النضير على المهاجرين دون الأنصار وعلل الله عز وجل ذلك بقوله: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ﴾.

 

فدولة الخلافة ترعى شؤون الناس بأحكام رب البرية، والإمام راع وهو مسئول عن الرعية فالنبي ﷺ يقول: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِلْوَرَثَةِ وَمَنْ تَرَكَ كَلّاً فَإِلَيْنَا».

 

فالسياسة الاقتصادية في ظل دولة الإسلام مبنية على ضمان إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، فهي كفيلة بمعالجة مشكلة الفقر، وبيت المال يعطي ويقرض الناس قروضاً بلا فوائد ربوية لسد الفجوة المالية عندهم، ويكفل ذوي الحاجة. والدولة توزع الملكيات العامة على الناس من بترول وذهب وغيره، توزعها عينا أو في شكل خدمات فهذه لا تترك فقراً.

 

كما أن ديوان الزكاة وحده كفيل لعلاج مشكلة الفقر بين الناس، كما كان في عهد عمر بن عبد العزيز، حيث لم يجدوا فقيرا يأخذ الصدقات ولا أيماً، ولا محتاجاً.

 

ففي دولة الخلافة لا يوجد فقر، كيف لا وهي تطبق نظام رب العالمين القائل في محكم التنزيل: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.

وقال ﷺ: «مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو الْمَالَ حَثْياً لَا يَعُدُّهُ عَدَداً» صحيح مسلم، هذه بشرى رسول الله ﷺ فهذا زمان لم يأت بعد، فنحن مبشرون بخليفة يحثو المال حثياً ولا يعده عدا.

 

فلهذا أيها الإخوة الكرام ندعوكم لنقيم هذا الفرض العظيم؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولمثل هذا فليعمل العاملون.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الماحي عابدين - ولاية السودان

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع