- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللغة العربية جزء جوهري لا يتجزأ من الإسلام
إن القرآن الكريم كتاب ربنا جل في علاه، أنزله الله تعالى باللغة العربية، وجعل سعادة البشرية جمعاء في التزام هديه، وانتهاج نهجه، وجعل الشقاء كل الشقاء لمن تنكبه، وأعرض عنه، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً﴾. [طه: 123-125]
إن هذا القرآن، وقواعد اللغة العربية المسطرة في كتب النحو والصرف، أمران متلازمان لا ينفكان عن بعضهما؛ إذ لولا قواعد اللغة العربية لما فُهم القرآن، ولولا القرآن لما حُفظت اللغة العربية، فاللغة العربية جزء جوهري لا يتجزأ من الإسلام. ولا تحمل الدعوة الإسلامية إلا بها، ولا يتأتى فهم الإسلام من مصادره، واستنباط الأحكام من نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة إلا باللغة العربية؛ لذا كان حرص المسلمين عليها شديداً، وكانت عنايتهم بها عظيمة.
وحين حمل أجدادنا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الدعوة إلى الإسلام بوصفه رسالة هدى ونور ورحمة للعالمين، حملوها بمرتكزات ثلاثة هي: القرآن الكريم، واللغة العربية، والسنة النبوية المطهرة.
ولذلك حرص سلفنا الصالح على تعليم أبنائهم، وتعليم الناس الإسلام بهذه المرتكزات الثلاثة، فكانوا يعلمونهم اللغة العربية، كما يعلمونهم القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف.
وقد أدرك أعداء الإسلام أن سِرَّ قوة المسلمين يكمن في إيمانهم بعقيدتهم الإسلامية، والتزامهم بتطبيق الأحكام الشرعية المنبثقة عن تلك العقيدة، التي هي عقيدة توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبودية، والتي أتتهم عن طريق القرآن.
أدرك أعداء الإسلام ذلك، وعرفوا أنهم لن يستطيعوا إضعاف الدولة الإسلامية ما دام الإسلام قويا في نفوس المسلمين، قويا في فهمه، قويا في تطبيقه؛ فعمدوا إلى إيجاد الوسائل التي تضعف فهم المسلمين للإسلام، وتضعف تطبيقهم لأحكامه.
عمد هؤلاء إلى اللغة العربية؛ لأنها اللغة التي يؤدى بها الإسلام، وصاروا يحاولون فصلها عن الإسلام، وساعد على ذلك أن تولى الحكم في بلاد المسلمين من لا يعرف للعربية قيمتها وقدرها؛ فأهمل أمرها، وبذلك وقف الاجتهاد، وصار لا يمكن استنباط الأحكام لمن لا يعرف قواعد وعلوم هذه اللغة، فانفصلت اللغة العربية عن الإسلام، واضطرب على الدولة الإسلامية فهم الأحكام، وبالطبع اضطرب عليها تطبيقها، فكان لذلك أثر كبير على الدولة، أضعفها، وأضعف فهم الحوادث المتجددة، ما جعل المشاكل التي تحدث لا تعالج، أو تعالج معالجة غير صحيحة، فجعل هذا أمام الدولة مشاكل تتراكم إلى أن سبب لها الهزال والاضمحلال، وبذلك استطاع أعداء الإسلام أن يضعفوا شوكة المسلمين، ولكن إلى حين... فالله يأبى إلا أن يتم نوره، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وحين أهمل أمر اللغة العربية قل المجتهدون في الأمة، وأصبحت الأجيال لا تفهم معاني آيات القرآن، ونجح الكفار المستعمرون وللأسف الشديد في إبعادنا عن ديننا، وفي السيطرة علينا، وهذا حالنا لا يخفى على أحد.
لقد حدث هذا في غياب حكم الإسلام في ظل الحكم الجبري زمن الحكام الرويبضات، نسأل الله تعالى أن يردنا إلى ديننا رداً جميلاً، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يعيننا نحن شباب حزب التحرير على إتمام مشروعنا الحضاري العظيم، مشروع إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فقد أعددنا بحمد الله ومنّه وكرمه دستوراً للدولة يعالج جميع مشاكل الإنسان حسب أحكام الشرع الإسلامي الحنيف، ويشمل جميع أنظمة الحكم، وجميع شؤون الحياة: الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسة الداخلية، والخارجية، كما أعددنا بفضل الله وتوفيقه للأجيال الناشئة منهاجاً فريداً، ونظاماً تربوياً، وثقافياً متميزاً.
تلك الدولة الرائدة التي تهتم بالعلم وتجلُّ العلماء، والتي ستعيد للعلماء والمعلمين هيبتهم ومكانتهم في المجتمع.
تلك الدولة الفتية التي تعرف للغة العربية قدرها، وأهميتها، ومكانتها فتوليها اهتماماً كبيراً، وتجعلها اللغة الرسمية، وتفرض تعليمها على جميع المسلمين في مختلف ولاياتها وذلك منذ الصفوف الأولى: في رياض الأطفال، وفي المدارس الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، والجامعية، وتفرض أسلوب التحدث والتخاطب - ما أمكن - باللغة العربية الفصيحة في الصحافة، والإعلام، وفي المدارس والجامعات، وفي جميع الأماكن.
تلك الدولة التي بزغ فجرها وآن أوان ظهورها، والتي ستكون بإذن الله هي الدولة الأولى في العالم. اللهم اجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنك أنت سبحانك وحدك ولي ذلك، والقادر عليه، وأنت سبحانك سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدعاء.
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمـد النادي