السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ

 

 

لقد جاءنا النبي ﷺ بدين الهدى ليخرجنا من الظلمات إلى النور وليهدينا في هذه الحياة الدنيا ولينجينا يوم القيامة من عذاب وعقاب الله عز وجل، فهو ﷺ الهادي المهدي الذي تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. فهذا الدين هو دين الهداية والرشاد، دين تحرير الناس من عبادة بعضهم، إلى عبادة إله واحد واتباع شريعة سمحاء، شريعة الإسلام الحنيف، ورضي الله عن ربعي بن عامر حين سأله قائد الكفار لم جئتم؟ فرد قائلا: "جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام".

 

ثم ورث الدين الصحابة رضوان الله عليهم فساروا على نهج الحبيب عليه الصلاة والسلام ففتحوا البلدان ودخل الناس في دين الله أفواجا. ثم استمر الخلفاء من بني أمية وبني العباس والعثمانيين، يفتحون البلدان وينشرون الإسلام حتى صار المسلمون في زمن الخليفة سليمان القانوني يحكمون القارات ويخضعون لحكمهم الجبابرة. فجزاهم الله كل الخير على جهودهم واجتهاداتهم في نصرة دين الله عز وجل. وما زالت الأمة تذكرهم وتذكر أفعالهم ونصرتهم لدين الله كيف لا وقد ساروا على خطا الأنبياء والمرسلين في نصرة هذا الدين خير خلف لخير سلف وخير متبعين للأنبياء والمرسلين الذين هم قادة الهداة وأئمة الهدى ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾.

 

ثم هدمت دولة الإسلام عام ١٩٢٤م. فتشتت المسلمون وانقلب حالهم، واختفى الإسلام عن الحكم، ووضعت الدساتير الغربية، ومزقت البلاد في أوطان وكيانات بل قل سجون صغيرة تحبس فيها الشعوب المسلمة وتمنع من الوحدة والتواصل والتعاضد، ونهبت ثروات المسلمين وذهب إمامهم وخليفتهم وصار بدلا منه أكثر من خمسين أميراً ورئيساً وملكاً كلهم يتبعون الغرب ويأتمرون بأمره.

 

ومنذ ذلك الوقت ضاعت فلسطين ومزقت الصومال ثم العراق ثم الشام وقبلها البوسنة وبعدها اليمن وليبيا وصار علوج الكفر ورؤساؤهم يسرحون ويمرحون ويحكمون ويرسمون في بلادنا بمعونة الحكام الذين وضعوهم أو دعموهم لحكم تلك الكيانات الوطنية التي أنشؤوها على أنقاض دولة الخلافة. فظهر الفراعين الجدد والهامانات الكثر، وأسست مجالس الملأ والزبانية والعلماء السحرة الذين يشرعون ويحللون ويحرمون لفرعون وهامان ما يشتهون وما يريدون، ودربت الجنود لخدمتهم وحمايتهم والسهر على تنفيذ أوامرهم.

 

وإن كان فرعون قد قالها تصريحا دون تلميح ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ...﴾ فإن حكام المسلمين يقولونها بأفعالهم دون تصريح، فهم يسالمون أعداء الأمة أمريكا ويهود والإنجليز والفرنسيين وغيرهم، وينكلون بالمسلمين، ويبدلون بشرع الله دساتير غربية، ويحكمون بالكفر، ويبددون ثروات الأمة بالمجون والقمار والسفاهة وخدمة أمريكا وأعداء الأمة، وينسقون مع يهود ومع أجهزة المخابرات العالمية للقضاء على المسلمين ولتحريف دين الإسلام وتضليل شباب المسلمين وإفسادهم وحرفهم عن كل خير وفضيلة.

 

ولقد استعان حكام المسلمين بالعلماء الذين اشتروا ذممهم وباعوا دينهم من أجل دنيا الحكام، فباتوا كسحرة فرعون يدافعون عن الباطل ويتصدون للحق، مع الفارق الكبير أن السحرة حينما ظهر لهم الحق ألقوا ساجدين مؤمنين معترفين بذنبهم ومتحدين لفرعون وهامان وجنودهما، راجين من الله التوبة وقبول تنازلهم عن الباطل وقبولهم لدعوة موسى وهارون عليهما السلام.

 

أما سحرة اليوم من علماء السلطان فهم ومع أنه قد تبين لهم الحق وبعد دراسة وافية لدين الله استمروا في نفاقهم وفي غيهم وفي دعمهم لفراعين اليوم وهاماناتهم، استمروا بنسج الفتاوى ولي أعناق نصوص القرآن والحديث ليتناسب مع ما يريده فراعنتهم طمعا بجزرة يلقيها لهم الحكام والمستعمرون. فصاروا مثل فرعون وهامان وجنودهما، صاروا كما قال الله عز وجل ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُون * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ﴾ والعياذ بالله.

 

ورغم ذلك فلم يستطع الحكام ومخابراتهم والغرب من خلفهم من استمالة العديد من علماء الأمة الكرام الذين ثبتوا على طريق الحق، أمثال الشهيد سيد قطب والشيخ تقي الدين النبهاني والشيخ سفر الحوالي وعلي بالحاج وغيرهم الكثير من علماء الأمة الذين سطروا خير أمثلة للثبات على الحق ونصرة دين الله في تحديهم للطغاة والمجرمين، تأسيا بأنبياء الله بموسى وهارون ومحمد عليهم الصلاة والسلام. نسأل الله أن يجزيهم عنا خير الجزاء.

 

اللهم لا تجعلنا أئمة يدعون إلى النار واجعلنا من أولئك الذين يدعون إلى الهدى ونصرة دينك، اللهم خلص الأمة الإسلامية من علماء السوء وكثر وبارك يا ربي في علماء الخير الثابتين الصادقين الأتقياء، الداعين للخير والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، اللهم اهد علماء أمتنا اليوم لطريق الصواب والحق وطريق نصرة دعوة إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يحملها حزب التحرير يا الله. اللهم حرر علماء أمتنا من قبضة الحكام، واهدهم لأن ينحازوا لأمتهم ودينهم يا رب العالمين، اللهم من أراد بدين الله وأمة نبيه خيرا فوفقه إلى كل خير، ومن أراد بدين الله وأمة نبيه شرا فخذه أخذ عزيز مقتدر، فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا من عتقاء شهرك الفضيل يا رب العالمين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع