السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

إنكار الحقائق أو تجاهلها هو من أعظم الظلم

 

 

الحقائق كثيرة ولكن ما يعنينا في هذا الموضوع هو الحقائق الشرعية وفهم الواقع. لأن فهم الواقع يجعلنا نضع التشخيص الصحيح، وفهم النصوص الشرعية يجعلنا قادرين على إنزال هذه الأحكام على الواقع المراد تغييره وبذلك يتم العلاج والشفاء والتغيير الصحيح والمرجو. ولذا كان إنكار الحقائق أو تجاهلها من أعظم الظلم.

 

فإذا فهم النص الشرعي كما ينبغي ثم تنكّر الإنسان له كان كافرا. قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ﴾.

 

وإذا فهم الواقع جيدا ثم تنكر الإنسان لهذا الفهم ضل وظلم نفسه وظلم الآخرين، لأن الأحكام الشرعية والنصوص تتنزل على الواقع لتعالجه، فإذا فهمت الواقع جيدا ثم خالفت هذا الفهم استنادا لضرورة ما أو للمشاعر أو المصلحة أو خشية بطش أو ظلم فإن هذا يعني أن الأحكام الشرعية ستتنزل على فهم مغلوط للواقع فستكون مغلوطة من حيث استخدامها في غير مراد الشارع، ﴿وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

ولذا فإن إنكار الحقيقة أو تجاهلها هو من أبشع أنواع الظلم لأنه سيترتب على ذلك إما مخالفة النص الشرعي بصورة مباشرة وهذا كفر، أو إنزال الأحكام الشرعية والنصوص على وقائع لا تناسبها وهذا ظلم، والاستمرار بذلك إمعان في الظلم وهو فجور.

 

لأن الأحكام الشرعية جاءت لتعالج وقائع بعينها، فكل حكم شرعي متخصص بواقع معين، تماما مثل الدواء والعلاج مع الأمراض، يأتي الدواء المعين لمرض مخصوص فيعالجه فيبرأ المريض، أما أن تخطئ في التشخيص أو تعالج مرضا ما بدواء لا يناسبه فإن المريض لن يبرأ وهذا استنادا لقاعدة ربط الأسباب بمسبباتها.

 

وهكذا هي الأمور في السياسة وتدبير مصالح الرعية، ليس للعواطف ولا للرغبات علاقة بفهم الواقع أو فهم الحكم المناسب له، فأي خلل في فهم الواقع أو أي إنكار للحقائق التي توصلت إليها في فهم الواقع معناه الظلم بعينه، فمخالفة فهم الواقع أو مخالفة العلاج المنصوص له سيؤدي لاضطراب وبلبلة وخسارة عظيمة في الدنيا وخسران عظيم يوم القيامة بسبب الظلم الذي حصل وما ترتب عليه.

 

أيها المخلصون في هيئة تحرير الشام: الواقع الماثل أمام أعينكم هو أن النظام التركي بقيادة أردوغان هو القوة الناعمة التي تتحكم أمريكا من خلالها بالمسلمين. أردوغان موافق منذ مجيئه على لعب هذا الدور من أجل مصلحة تركيا التي هي حدودها وعدم قيام دولة كردية في المنطقة. أمريكا وعدته بذلك مقابل أن يقوم بالسيطرة على فصائل الشام، هذا هو الواقع.

 

إن مخالفة هذا الفهم ليس هو مخالفة لحزب التحرير، وإنما مخالفة هذا الفهم هي مخالفة لفهم الواقع، فمخالفة حزب التحرير ليست ظلماً، وإنما مخالفة الواقع هي الظلم بعينه. فنحن في حزب التحرير نرحب بالاختلاف في الآراء، وليست هناك مشكلة في ذلك ولكننا لا نتساهل في مخالفة فهم الواقع لأنه ظلم، فالحل سيكون بناء على هذا الفهم، فالآيات والأحاديث ستنصب على فهم الواقع الصحيح وبذلك سيكون العلاج الصحيح وإلا كان عكس ذلك. ولقد حصل ذلك من قبل فضاعت حلب تحت رعاية وإشراف النظام التركي، ألا تذكرون ذلك؟!

 

أيها المخلصون من جبهة تحرير الشام: إن فهم هذا الواقع يقتضي التصرف على أساسه، وإن معرفة حقيقة أن النظام التركي هو أداة بيد أمريكا لتركيع الثورة وإرجاعها لحضن عميل أمريكا بشار أسد، تقتضي تصرفا شرعيا مخالفا تماما للتصرفات والأعمال السياسية التي تقومون بها من التنسيق معه، فهذا التصرف منكم يخالف فهم الواقع ويخالف ما يريده الشرع والثورة السورية منكم، وهذا ما يحاول أن يبصركم به شباب حزب التحرير.

 

إن النظام التركي لديه أجندة سياسية واضحة المعالم وهي تتعارض وتتناقض مع ما تريدون، بل إنه سيستخدمكم لمصالحه الوطنية والقومية ثم يبيعكم ويبيع الثورة وأهل الشام بثمن بخس لنظام أسد وأمريكا، وهذا أيضا بدت معالمه واضحة من لقاءات النظام التركي والتطبيع مع نظام أسد بأوامر من أمريكا.

 

إن ما يدعوكم إليه حزب التحرير هو أن تبتعدوا عن مخالفة الواقع، حتى لا تظلموا أنفسكم وتظلموا من معكم وتظلموا الثورة السورية التي خرجتم لنصرتها. ها أنتم اليوم تجلدون أهلها وتظلمون حملة الدعوة لأنهم يبصرونكم بظلمكم حيث خالفتم الفهم الصحيح للواقع، وإن هذا لظلم وجور والاستمرار به فجور.

 

﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ

 

#منتهك_الحرمات_عرّاب_المصالحات

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع