- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أمة الإسلام طال ليلك فمتى تنهضين من سباتك؟!
صعوبة حياة المسلمين تزداد كلما طال وقت غياب الإسلام عن حياتهم، وأصبحت إعادة الإسلام إلى واقع الحياة أكثر صعوبة؛ وذلك بسبب ثقل الواقع الفاسد عليهم وتشعب طرقه وأدواته.
ففي عهد النبوة كان الواقع أقل سوءا من واقعنا اليوم، فهناك كانت معظم القبائل العربية حرة الإرادة عزيزة ومعتدة بنفسها ولها سطوتها في الصحراء التي تعيش فيها. كانوا يعبدون أصناما من الحجارة والخشب والتمر ويقدسونها ويعظمونها، فنزل الوحي على قلب رسول الله ﷺ وبدأ مهمته الشاقة في تغيير معتقد الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة رب الأنام جل في علاه، وما هي إلا ثلاث عشرة سنة حتى أقام الرسول ﷺ دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة زادها الله نورا. وبسنوات قليلة أخرى سقطت إمبراطورية فارس، وتم طرد الروم من الشام وشمال أفريقيا وأصبحت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم لقرون مديدة حتى أسقطها مجرم العصر مصطفى كمال في الثالث من آذار/مارس 1924م.
ومنذ ذلك الحين غاب الإسلام عن واقع حياة المسلمين في الدولة والمجتمع والعلاقات بينهم وتحكمت بهم الشرائع والقوانين الغربية، فغيبت العقول وقل النظر عندهم في تشخيص واقعهم المزري وتمزقت أركانهم وأصبحوا يعيشون في سجون تسمى أوطانا، وتمكنت منهم الأفكار الهدامة من قومية ووطنية واشتراكية ورأسمالية، والأفكار العلمانية المغلفة بغلاف من الإسلام شكليا وليس لها من الإسلام نصيب، وأصبح قرارهم السياسي بيد أعدائهم يتحكمون بهم كيفما شاؤوا.
وهكذا دخل المسلمون في نفق مظلم، ولم يعد الوقت في صالحهم فكلما طال الزمان ازدادت العوائق والمطبات المفتعلة عليهم وازدادوا بؤسا وشقاء وفقرا وجهلا وغربة، وأصبحوا وهم أمة المليارين بين الأمم بلا وزن ولا ذكر ولا قيمة ولا يلتفت لهم أحد، وأصبح الغرب والشرق يفعلون بهم ما شاؤوا بلا أي ممانعة من حكامهم وقادة جيوشهم، بل يتواطؤون مع عدوهم عليهم وما فلسطين وكشمير والبوسنة إلا خير شاهد.
إن الأزمات التي عصفت بالمسلمين أثبتت بالدليل القاطع الذي لا شك فيه أنه يجب عليهم قلع أنظمة الحكم العميلة الخائنة الرابضة على صدرهم، فهي لم تكتف فقط بخذلانهم بل عملت على المكشوف على دعم أعدائهم وتمكينهم من رقابهم ليفعلوا بها ما يشاؤون بلا مواربة أو خداع أو تضليل كما كان يحصل قبل سنوات قريبة، حيث كانوا يغطون عوراتهم بورق التوت الذي سقط عنهم جميعا أثناء أحداث غزة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م.
فيا أيها المسلمون: على أيديكم أنتم وبعملكم وبسعيكم وبحبكم لدينكم ولربكم ولنبيكم وبعد مشيئة ربكم العزيز الحكيم يجب أن يحصل التغيير الذي يغير واقعكم الفاسد إلى واقع يحبه الله ورسوله، وذلك بالعمل الجاد ومطالبة من نظن أن فيهم الخير (كبلاد الشام بعد الخلاص من طغيان حكم آل الأسد) بتطبيق الإسلام كاملا بلا مواربة أو مداهنة أو تسويف، وعدم الالتفات إلى موافقة أو رضا الغرب عن ذلك فهم لم ولن يرضوا أبدا بتحكيم الإسلام وسيحاربون ذلك بكل قوتهم، ونحن نستعين عليهم بالله القوي الجبار، ثم ما استطعنا من جمعه من أسباب القوة والتمكين فكفتنا هي الراجحة، ونصرنا هو المتحقق في النهاية فالله ينصر من ينصره، وهذه نتيجة حتمية وقاعدة ثابتة تدفعنا بكل قوة وثقة للوقوف بوجه أعتى الأنظمة الظالمة والمجرمة والتي لا تألو جهدا في محاربة الله ورسوله والمؤمنين.
فلا تركنوا إلى واقعكم الظالم، فكلما طال سكوتنا وقعودنا عن تغيير واقعنا زاد الثمن الغالي الذي سندفعه للتغيير ولم نعد نتحمل المزيد من سفك الدماء وانتهاك الأعراض وتمزيق الأطفال إلى أشلاء.
فقد كتب الله على هذه الأمة الرفعة والسؤدد والتمكين، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
وأنتم يا معاشر المسلمين رجالها وأهلها أروا الله منكم ما يرضيه عنكم، ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ريان عيسى – ولاية العراق