الجمعة، 18 ذو القعدة 1446هـ| 2025/05/16م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الخلافة الراشدة... مشروع الأمة الذي أرعب الأعداء

 

 

لقد بات واضحاً أن مشروع الخلافة لم يعد مجرد فكرة تدور في أذهان قادة الغرب وحلفائهم الإقليميين، بل تؤكد خشيتهم المتزايدة من عودتها، بعد أن أصبحت مطلباً عاماً عند المسلمين في شتى بقاع العالم، ولا سيما في بلاد الشام. لقد أدركت هذه القوى أن هذا المشروع لم يعد حبيس الكتب أو أحاديث الوعظ، بل صار توجهاً عملياً يسعى المسلمون لتحقيقه رغم التآمر والحروب، فأصبح مطلباً حيّاً عند شعوب الأمة الإسلامية. ومع تنامي هذا الوعي، وظهور الحراك الجاد لعودة الخلافة، بدأت تتعالى التصريحات من أعداء الإسلام، معلنة صراحة عداءها لهذا المشروع الحضاري الكبير، في وضح النهار، دون مواربة أو خجل. فتصريحات قادة كيان يهود، وعلى رأسهم المجرم نتنياهو، لم تكن عبثاً ولا خالية من الدلالة. فقد قال بصريح العبارة: "لن نسمح بقيام خلافة إسلامية على شواطئ البحر المتوسط"، ثم كرر التهديد ذاته: "لن تسمح إسرائيل بقيام خلافة إسلامية عند حدودها الشمالية أو الجنوبية، أو في الضفة الغربية". إن هذه التصريحات تكشف عن مدى الرعب الذي أصابهم من مجرد اقتراب هذا المشروع من التحقق، فهم يدركون أن عودة الخلافة تعني زوال كيانهم، وانهيار نفوذهم، وقطع دابر تدخلهم في شؤون الأمة.

 

وقد سبقتها تصريحات لبريطانيا، حيث قال توني بلير في خطاب ألقاه أمام مؤتمر حزب العمال البريطاني في 16 تموز/يوليو 2005: "نحن نواجه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي، وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تُحكّم الشريعة في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة". هذا التصريح يكشف أنّ الغرب لا يخشى الإرهاب كما يزعم، بل يخشى الإسلام بوصفه نظاما شاملا كاملا للحياة إذا عاد للحكم.

 

من جهة أخرى، عبّرت هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية أمريكا السابقة، في تصريحات صحفية عام 2012، عن قلقها من تحركات في سوريا تهدف لإقامة الخلافة. وقبلها صرح بوش عندما شنوا حربهم على العراق وقال إنه "يخاف من الناس الذين يريدون إمبراطورية إسلامية، هؤلاء سيسحبون البساط من تحت أقدامنا"، وكذلك صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عام 2013، في مؤتمر جنيف2، بأن هناك "جماعات متطرفة تسعى لإقامة خلافة إسلامية في سوريا".

 

حتى الأنظمة الإقليمية العميلة عبّرت عن هذا القلق المشترك، حيث صرّح وليد المعلم، وزير خارجية النظام السوري سابقا أن "من يسعى لإقامة الخلافة لا يريد التوقف عند حدود سوريا، بل يهدد بإعادة تشكيل خارطة النفوذ في المنطقة بأكملها". وتحدث الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عن زلزال سيضرب المنطقة كلها إذا سقط النظام لصالح "متطرفين"، مشيراً بذلك إلى الحركات الساعية للخلافة...الخ

 

كل هذه التصريحات توضح أن الغرب يدرك خطورة مشروع الخلافة على مصالحه وهيمنته. ولذلك، يسعى بكل قوته إلى وأده في مهده. لكنه رغم ذلك لا يستطيع وقف عجلة الأمة نحو نهضتها المنشودة.

إن هذا العداء المتكرر والمعلن ينبغي أن يكون دافعاً إضافياً للمخلصين من أبناء الأمة، ليزدادوا إيماناً بمشروع الخلافة، ويضاعفوا جهودهم في العمل لاستئناف الحياة الإسلامية. فعداء الأعداء لهذا المشروع أكبر دليل على صحته وخطورته عليهم.

 

ومع هذا الخوف المتصاعد، رأينا كيف انكشفت خططهم واحدة تلو الأخرى. لقد دبروا المؤامرات، وأججوا الفتن، وموّلوا المشاريع السياسية والعسكرية والثقافية التي تهدف إلى صرف المسلمين عن الخلافة، تارةً بدعوى الديمقراطية، وأخرى بدعوى محاربة "الإرهاب"، وثالثةً عبر أنظمة عميلة تربت في أحضانهم، تُضلّل الشعوب وتكبح أي محاولة للنهضة على أساس الإسلام. بل وركزت كل التركيز على أرض الشام، لِما لها من فضل وشرف، فهي ميدان صريح لهذه المواجهة. فالشام هي مهوى أفئدة المسلمين، وهي الأرض التي بشّر بها رسول الله ﷺ حين قال: «عُقْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ»، وكانت ولا تزال منطلق الدعوات الصادقة نحو الخلافة. لذلك كان عداء الكفار وعملائهم فيها مضاعفاً، واستهدفوا المخلصين فيها بكل صنوف الإيذاء والتضليل والاعتقال والتشويه، خوفاً من أن يُولد منها نصرٌ يغيّر وجه التاريخ.

 

لكن رغم كل ذلك، ورغم عِظم المؤامرات، لا تزال الأمة الإسلامية ثابتة على مطلبها، مدركةً أن لا مخرج لها مما هي فيه إلا بالعودة إلى الحكم بالإسلام، في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، تُعيد لها عزّها، وتوحد صفّها، وترد كيد الكافرين في نحورهم، وتحرر أولى القبلتين وثالث الحرمين من دنس الصهاينة المحتلين.

 

إن الواجب اليوم على الأمة أن تعي عدوها، وتفضح مخططاته، وتنبذ كل المشاريع الغربية التي تُلبس ثوب "الإصلاح" أو "النهضة" زوراً وبهتاناً، وأن تلتفّ حول مشروع الخلافة الذي هو وحده القادر على إنهاء حالة التبعية والانقسام، وصناعة عزّ الأمة ومجدها. وما ذلك على الله بعزيز.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد المحمود العامري – ولاية اليمن

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع