الخميس، 12 ربيع الأول 1447هـ| 2025/09/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

النظام السوري الجديد

 

إسلامٌ يترخص بالضرورات وموازين القوى.. أم مؤامرات تتكرَّر وفخاخ؟!

 

التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في 19 آب 2025 بوفد من كيان يهود في باريس برعاية أمريكية، لبحث عدد من الملفات، منها خفض التصعيد في الجنوب السوري وإعادة تفعيل اتفاق فك الاشتباك لعام 1974. وإثرَ الإعلان عن هذا اللقاء ثارت جدالات بين مناصري الثورة السورية وإسقاطِ بشار ونظامه، وبخاصة الذين يتطلعون إلى التغيير الإسلامي وتطبيق الإسلام ومناصرة قضايا المسلمين في العالم. وكان هؤلاء بين مسوِّغ لهذا اللقاء والتفاوض بذرائع عديدة منها موازين القوى والأوضاع الداخلية لسوريا المنهكة والمدمّرة، وبين رافض لهكذا لقاءات، يعدُّها خيانةً وسيراً في سياسات الخضوع والعمالة، وقضاءً على تطلعات الشعب السوري وطاقاته.

 

إنها ليست المرة الأولى ولا الثانية ولا العاشرة، وربما الأكثر بكثير، التي ينخدع فيها المسلمون وشعوبهم بأعمال وأوضاع مماثلة؛ يرون فيها إمكانية تحرر من قيود القهر والاستعباد، وتخلصٍ من ظلمٍ يفوق الخيال، ويحلمون فيها بانتصارات وتحقيق تطلعات، ثم تنكشف الأمور عن مؤامرات كانوا فيها ضحيةَ مؤامراتٍ من أعداء وعملاء مدسوسين، اعتادوا على تكرار مكائدهم ونصب فخاخهم، وكانوا في معظم مؤامراتهم ينجحون. وإذا ما تعثروا لسببٍ أو آخر، احتالوا لمؤامرتهم وداروا لها، وزادوا في ظلم الشعوب وقهرها، وشدوا عليها قيود القهر والإذلال. فما السبب أو الأسباب؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ وإلى متى يستمر هذا الحال ويظل يتكرر؟

 

ومن نافلة القول بيان أن السؤال "إلى متى يستمر هذا الحال؟"، هو ليس عن المدة أو الزمن، وإنما عن أسباب الوقوع المتكرر، في فخاخ مؤامرات متشابهة. والجواب المطلوب هو بيان الأوضاع التي تزيل هذه الأسباب.

 

نعم، إنها خدع ومؤامرات تتكرر كل عام، منذ ما يزيد على مائة عام، بما فيها من قهرٍ وإذلالٍ قاتِلَيْن. ومع ذلك، لا يحصل نبذٌ لتلك الأسباب، ولا توبة عنها، وبالتالي لا اعتبار بمآلاتها الصعبة، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطاًنِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾، ولقوله أيضاً: ﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَام مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾.

 

إن البحث والجواب المطلوب هنا ليس التعمق في دراسة واقع النظام السوري الجديد ورئيسه وطاقمه فهذا واضح، ولا في تحليل لقاء وزير خارجيته بوزير شؤون كيان يهود، ولا في كون هذا اللقاء يتم برعاية أمريكا. فإذا كانت هذه الأمور الواضحة تحتاج إلى بحث، فهذا يعني أن تضييع البوصلة والسقوط قد بلغا مبلغاً كبيراً. وليس الحديث هنا عن عامة الأمة، وإنما عن المتصدرين للقيام بالتغيير، من أصحاب مناصب الخطابة والتعليم الشرعي، ومواقع التوجيه الحركي والسياسي فيها. فالأمة بعمومها وعوامِّها لا تخطط ولا تغير ولا تقود، ولكنها تنقاد لمن يُفترض أنهم من أهل العلم والعمل والتوجيه القيادي، والناشطين المتصدِّرين للبناء والتغيير.

 

وإذا كان لا بد من كلمة عن هذا النظام الجديد في سوريا، فليس ثمَّ من يزعم أنه يطبق الإسلام، ولا من يجهل أنه لا يطبق الإسلام، وأنه يقوم على أسس الكفر العلمانية الغربية من حيث دستوره وقوانينه، ومن حيث التزامه مواثيق الأمم المتحدة وقراراتها. وليس ثمَّ من يجهل أن التحركات العسكرية لإسقاط نظام بشار أسد إنما كانت بتخطيط من أمريكا التي رتبت هذا الأمر وتفاصيله مع تركيا وروسيا. ولم يحصل أثناء ذلك وبعده أي موقف سياسي لهذا النظام أو مظهر ذي بال يُحسب للإسلام. بل هناك إمعان في سياسات داخلية تلبي طلبات أمريكا، وفي تجاهل مثير لاعتداءات يهود المتكررة على سوريا، والتي تثير شكوكاً واستفسارات!! فضلاً عن تجاهلٍ تامٍ ومثير للمجازر الرهيبة التي يرتكبها كيان يهود في غزة. فما الذي يسوِّغه المسوِّغون أو يروِّجون له، وهل هناك ذرائع شرعية فعلاً لتجاهلهم مواقف هذا النظام، ولتغاضيهم عن حقيقته، أم أن إسقاط نظام بشار هو فضيلة يحق له بعدها أن يرتكب كل الموبقات، ولو شابهت موبقات سائر أنظمة المنطقة؟ ولماذا هذا الرضا عنه من حكام الخليج كمحمد بن سلمان، ومن أردوغان ناهيك عن ترامب والمبعوث الأمريكي توم براك وغيرهم؟

 

لذلك، فإنّ هذا الإعلان عن لقاء الشيباني بوفد يهود، وما رافقه وتلاه من تصريحات رسمية عن السير باتجاه التطبيع معه، هو إماطة لثام أخرى عن وجه هذا النظام تكشف توجهاته الخطرة.

 

إن الذي يحتاج إلى بحث ضروري وتنبيه لازم هو أسباب قيام بعض المهتمين بشؤون الأمة، المتطلعين للتخلص من هيمنة الغرب وظلمه، والمنسوبين إليهم، بالدفاع عن هذا النظام وأركانه، وباستقصاء ذرائع للتغطية على ما ينكشف من سوءاته. فهؤلاء، بعملهم هذا، هم مع الأسف من أسباب ضعف المسلمين، وسيرهم في خطط أعدائهم، سواء بتهييج الصراعات الداخلية، أو السير بحسب مقتضيات سايكس بيكو وتجاهل العديد من قضايا المسلمين. ومع أنهم يرفضون المذهبية وسايكس بيكو والروابط الوطنية، فهم يخوضون فيها عملياً متذرِّعين بصعوبات الواقع وانغلاق السُبُل الموهوم. ويدفعون الناس بذلك لتأييد سياسات وأعمال، يتفاجؤون بعد حين بأنها كبلتهم بمزيد من القيود، وزادتهم رهقاً على رهق، وأحبطتهم بعد آمال عريضة وواعدة.

 

إن استحلال التغاضي عن منكرات هذا النظام وغيره، بذرائع موازين القوى وضغوط الواقع، وفقه النوازل والضرورات وما إلى ذلك، هو خطأ في الفهم والعمل، وإن كان عن حسن قصد. وهو من أسباب ما هي الأمة فيه من عجزٍ وحبرة، ويؤدي إلى المزيد من ذلك. ولست أدري بماذا تختلف هذه التسويغات، عن فتاوى غيرهم من علماء السلاطين. هل ثَمَّ شيءٌ مختلف سوى بعض المظاهر والنوايا المزعومة والذرائع الموهومة؟!

 

لذلك، إن سبب ما هي فيه الأمة من فشل متكرر، كالذي شاهدناه بعد الثورات في مصر وتونس وسوريا وغيرها، وسبب خذلان المسلمين الذي سبق أن وجدناه في أفغانستان وبورما وغيرهما، ونجده اليوم بشكلٍ أجلى وأصعب في غزة، وسببَ الترويج للنظام السوري الحالي، وهو لا يختلف عملياً عن النظام التونسي أو المصري سوى بغُلالات مخادعة، هو ليس الأمة التي تحركت وثارت وضحّت، وإنما هو النُخَب المذكورة؛ أي هو مشايخ ودُعاة وعاملون يحسنون النية والقصد، ولكنهم ينخدعون بمكائد الكفار ومؤامراتهم، ويُحسِنون الظن بعملاء ومدسوسين، بسبب مظاهر وأقوال هي بمثابة طُعم على مصيدة، فيرونهم أملاً واعداً بالتغيير المنشود، ويروِّجون لهم، ليسقطوا بعد ذلك في فخاخهم، ويسقط الشعب أو الأمة بهم ومعهم.

 

نعم، إن نهضة الأمة واهتداءها للجادَّة أو انحطاطها وتيهَها، وصحة مواقفها أو خطأها، واندفاعها أو انكفاءها، وتحركها أو قعودها، يرجع بالدرجة الأولى إلى وجود هذه الأمور عند نُخَبٍها؛ عند علمائها وخطبائها، ومنظِّميها وموجهيها، ومفكريها وسياسييها الذين تثق بهم وتنقاد لهم. وما يوجد في الأمة هو إلى حدٍ كبير مما عند هؤلاء.

 

ولكن، ما الذي يجعل هؤلاء، من أهل العلم والعمل، والنخب المتطلعة للتغيير الإسلامي بحرص وشوق وإخلاص، ما الذي يجعلهم فريسةً سهلةَ الوقوع في فخاخ المخادعين والمدسوسين، رغم تكرر المخادعات وتشابهها؟

 

يحتاج الجواب على هذا السؤال إلى دراسة جادة لأجل الوقوف عليها ومعالجتها، وإلى تعاون وحوار ومساهمة تتجاوز حدود هذه المقالة. ولكن مهما تعددت الأسباب، فهي ترجع إلى سبب أساسي، هو افتقار الأمة إلى رجال الدولة. أي إلى رجال يتقنون فهم المقاصد العليا لصيانة المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية، وفهم قضاياها العامة وأولويات هذه القضايا، بحيث يكون النظر السياسي؛ أي التفكير برعاية الشؤون العامة للأمة سجية من سجاياهم، فيقدمون الحلول العملية المنضبطة بالشرع لمشكلاتها، بعيداً عن اليأس أو الإحباط، وعن الذرائع غير الشرعية المنتشرة حالياً بين النخب التي تقدم ذكرها. ورجل الدولة المذكور يجمع بين العلم الشرعي المنضبط والبعيد عن ميوعة فتاوى التسويغ والذرائع النابعة من الميول وليس من العقل الفاهم والشرع الضابط، وبين خبرة فهم الواقع بموضوعية والقدرة على التخطيط لمعالجة المشكلات العامة والخروج من المآزق بأقصر مدة وأقل تكاليف. وبهذا المعيار يمكن القول إنه بناءً على الذرائع الخاطئة التي نعاينها، فإن الأمة الإسلامية تعاني من فقر شديد برجال الدولة، ومن المستبعد أن يقوم لها كيانٌ ويستمر، ما لم ينشأ فيها وينمو حشود من رجال الدولة، فضلاً عن أفراد متميزين منهم هم بُناةُ دولة، وليس فقط رجال دولة.

 

أما الأسباب التفصيلية لتسويغ الانحرافات واختلاق الذرائع لها، فلعل من أهمها صعوبة الواقع وحجم الفروق في موازين القوى بين الكفار والمسلمين، إضافة إلى التجارب العديدة والتكاليف الكبيرة، التي انتهت إلى فشل، وإلى تنبه الكفار إلى توجهات المسلمين وحركاتهم التي تستهدف التغيير واستئناف الحياة الإسلامية. يضاف إلى ذلك طول المدة وانقضاء أجيال من غير تحقيق الهدف، ما أدى إلى شعور عام بانغلاق سبل التغيير الإسلامي بغير توسيع أبواب الرخص. وهذه أفكار يأس تدفع إلى فتح أبواب الرخص على مصاريعها، والتحلل من اعتبار مواضعها وشروطها وموانعها. وهذا أهم وأخطر أسباب تسويغ ما يفعله النظام السوري الحالي، والدفاع عنه رغم سياساته التي لا تختلف عن الأنظمة الأخرى الموصوفة بالخيانة والعمالة. وليس عند أصحاب هذه الذرائع من دليل لمواقفهم سوى حالة شعورية ترجع إلى مظاهر شكلية ومزاعم تنقضها الوقائع، وإلى نوايا لا تُسعفها الأعمال بشيء. وهذا هو التعلق بحبال الهواء، أي بمتخيلات لا وجود لها، وكما يُقال: الغريق يتعلّق بقشَّة.

 

ولا بد من التأكيد على أن هذا التعلق بحبال الهواء أو بالقشة، ما كان ليكون لولا الافتقار لسياسيين رجال دولة، بما يعنيه ذلك ويقتضيه من توفر الإصرار والهمة والقصد، مهما طال الطريق وبلغت التضحيات. وهو الذي يضع غالبية النخب المذكورة عند التفكير بالتغيير أمام واقع صعب، لا يجدون له علاجاً سوى التذرع بالضعف والعجز والضرورات، الأمر الذي يُلجئهم إلى طريقٍ واحد هو الترخص بالمصالح والحاجات والمشقات العادية وهو غير شرعي، وليس بالضرورات الشرعية أو المشقات المعنِتة. وهذا لا يرجع إلى ضعف سياسي فقط وإنما إلى نقص علم أيضاً، وهما مما لا بد من توفرهما معاً في رجل الدولة.

 

وثمة مسألة يطرحها بعض المدافعين عن النظام السوري الحالي رغم كثرة دلائل عدم شرعيته، وافتقاره الشديد لجزئيات أو مواقف تدعم وصفه بالإسلامي. وهي قولهم مثلاً: إن التفاوض مع العدو جائز وليس حراماً. ثم يمضي هؤلاء الإخوة وكأن ما يفعله هذا النظام من مفاوضات متكررة مع ممثلي كيان يهود شرعيٌ وسائغ، والدليل هو أنه مصلحة لسوريا ونقطة على السطر. والجواب إن البحث ليس في حكم التفاوض فقط، فالنبي ﷺ فاوض الكفار في الخندق وفي الحديبية وغيرهما. والخلفاء الراشدون بعده فاوضوا، وكانت المفاوضات مباشرة وغير مباشرة. وإنما البحث هو في موضوع المفاوضات. أي على ماذا يحصل التفاوض، هل هو على استرجاع الحقوق أم على التنازل عنها؟ هل هو بهدف التضييق على كيان يهود والتهيئة لمحاربته، أو لأجل التقدم خطوة خطوة باتجاه تطبيع العلاقات معه والاعتراف به؟ هل يدخل في هذه المفاوضات أي قصد لإغاثة غزة؟ هل هناك أي نظر أو دليل على نظر عند حكام سوريا إلى أن سوريا وأهلها جزءٌ من البلاد الإسلامية، ويعنيهم ما يعني المسلمين في العالم، أم أن هذا أمر لا وجود له ولا قِبَل لهذا النظام به؟ وإذا كان الأمر كذلك فأين الإسلام في هذا النظام؟ وبماذا يختلف عن النظام الأردني مثلاً، أو السعودي؟ والأمر نفسه يقال عن العلاقات مع أمريكا، ومن إسفار بتطبيق العلمانية، وتهيئة لإضعاف سوريا لصالح جماعات غير مسلمة، إضافةً إلى مخاوف أخرى كالدخول التدريجي فيما يسمونه اتفاقات أبراهام.

 

ومن النقاط التي يتمسك بها المدافعون عن هذا النظام، وعن سياساته مع أمريكا وكيان يهود ودول المنطقة، هو أنه نظام جديد وعاجز عن الدخول في حرب مع يهود. وإذا لم يسكت على اعتداءاتهم فسيدمرونه. ولذلك، عليه أن يخضع وينفذ أوامر أمريكا كي تحفظ له وجوده! وإذا كان الأمر كذلك فما هو المرجو أو المتوقع من هكذا نظام؟ وما هي استراتيجيته لبناء القوة الذاتية والتحرر؟ وهل هو دولة بمعنى الكلمة أصلاً؟

 

يجادل المدافعون عن هذا النظام، بأن النبي ﷺ فاوض في الخندق وكاد أن يعرض تقديم تنازلات للكفار. وفاوض في الحديبية وقدم تنازلات. ومثل هذه الحجج واضحة الدلالة على الإفلاس في الاستنباط والاستدلال. فالنبي ﷺ، لم يكن في كل ذلك يخضع لأنظمة كفر ولا لقوانين أو سلطان غيره، ولا يلتزم توجيهات أو أوامر أعدائه في سياساته الداخلية أو الخارجية. وكانت مفاوضاته تحفظ دولته وسيادتها وسلطانها وفق ما يرى ويقرر. فأين ما يفعله حكام النظام الجديد في سوريا من هذا؟!

 

ومما يطرحه أيضاً المدافعون عن هذا النظام وأعماله قولُهم: ضع نفسك مكانهم، ماذا ستفعل؟ والجواب هو أنه لا يجوز أن يكون المسلم في هذا الموضع أصلاً، كما أنه لا يجوز له أن يكون مشرفاً على حانة خمر، أو مديراً لكازينو قمار وماخور زنا وخمر. ولا جدال أنه لا يجوز للمسلم أن يكون في موضع حاكمٍ بغير الإسلام. ولو عُرض عليه الحكم كاملا وبسلطانه الذاتي، بشرط أن لا يحكم بالإسلام فهذا لا يجوز قولاً واحداً. وقد عُرض مثل هذا الأمر على النبي ﷺ فرفضه رفضاً باتاً. ونزلت فيه آياتٌ بيناتٌ كانت بمثابة أمر إلهي وإعلان إسلامي عالمي يخاطب الكفار والعالم خطاباً دائمياً برفض هذا النمط من الحكم. فقد نزلت في ذلك سورة الكافرون، التي يتكرر فيها ثلاث مرات رفض الكفر في الحكم والعلاقات.

 

إنّ الواجب هو تطبيق الإسلام، ولا يصح أخذ الحكم أو الوصول إليه لتطبيق غير الإسلام، فأصل الموضوع والهدف الشرعي هو إعلاء كلمة الله وليس إعلاء الحركة أو الجماعة وأميرها. ولذلك، فإن مزاعم الضرورة هنا لا محل لها، وهي تضليل في تصوير الوقائع، إذ ليس ثمة ضرورة ليكون فلان أو الجماعة الفلانية في الحكم أو الوزارة أو في القصر. ولا تجوز خدمةُ الكفار والأعداء المستعمرين في حكم بلاد المسلمين أو جعل أي سيادة أو سلطان لهم عليها، ولو كان ذلك مقابل مصالح للمسلمين كإسقاط حاكم بالكفر أو طاغية. والواجب على المسلمين أن يعملوا للتغيير وإقامة الحكم بالإسلام وإسقاط الطغاة، بالتعاون مع المؤمنين، وبالموالاة فيما بين المؤمنين، والركون إلى المؤمنين. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وِيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وِرِسُولَه وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾. ولا يجوز الركون إلى الكفار في ذلك ولا إلى عملائهم، ولا التعاون معهم لأجل الوصول إلى الحكم، وهذه هي سنة النبي ﷺ وطريقته. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾.

 

﴿أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الدكتور محمود عبد الهادي

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع