الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نِدَاءٌ حَارٌّ حَرارَةَ الدَّمِ المَسْفُوْكِ فِيْ غَزَّة إلى قيادات الحركات والجماعات والأحزاب والتنظيمات الإسلامية وشبابها

بسم الله الرحمن الرحيم


أثبتت وتُثْبِتُ الأحداث السياسية التي جرت وتجري في منطقتنا دائما حقيقةً واضحةً وضوحَ الشمس ألا وهي "أنّ الدول كلها عدوة للإسلام" وبالتالي فهي عدوة لكل المسلمين الذين يلتزمون بإسلامهم كمنهج حياة في أي مكان على وجه الأرض.


وهذه الحقيقة تظهر ساطعةً كالشمس في رابعة النهار، إذا كانت هذه الأحداثُ تدور في فلسطين أو حولها، ولا أدَل على هذه الحقيقة مما يجري هذه الساعات من حرب الإبادة التي يشنها كيان يهود على غزة، ومن تواطؤ حكام المسلمين معه تدعمهم أمريكا وباقي دول الكفر للوقوف مع يهود ضد المسلمين في غزة رغم الحصار الخانق الذي وضعوها فيه منذ سنوات عديدة.


وهذه الحقيقة وُلِدت قبل الحرب العالمية الأولى حين تكالبت على دولة الخلافة الإسلامية دولة المسلمين (العثمانية) كلُّ قوى الكفر وانتصرت عليها في الحرب العالمية الأولى فاحتلوها وقسموها إلى أجزاءٍ وسمُّـوا كل جزء منها دولةً!، فأصبح لدينا أكثر من ثلاثين دولة في عالمنا الإسلامي، بموجب اتفاقية (سايكس - بيكو) المشؤومة، وآخِر دولةٍ تحت التأسيس هي الدولة الفلسطينية أو ما يسمى الآن بالسلطة الفلسطينية التي يقودها حالياً عباس الذي يصطف بشكل واضح جدا مع نتنياهو في حربه على المسلمين في غزة.


فيا قادة حركاتنا وجماعاتنا وأحزابنا وتنظيماتنا الإسلامية، يا أيها الشباب أعضاء هذه الحركات والجماعات والأحزاب والتنظيمات، هل ثَـمَّة منكم من يختلف مع هذه الحقيقة؟! ظني أن ليس فينا واحدٌ يمكن له أن يختلف مع هذه الحقيقة، أليس اتفاقنا هذا نفسه هو حافزاً للتوحد والتخندق في خندق واحد ألا وهو خندق الإسلام؟! فندور مع الإسلام حيث يدور؟! فإذا كانت كل الدول عدوةً للإسلام والمسلمين، فإن التوحد نتيجة حتمية لنا، فنحن الإسلام ونحن المسلمون المعنِيِّون بعداوتهم.


ولكن كيف لنا أن نتوحد ونحن نختلف في منطلقاتنا الفكرية ورؤيتنا للإسلام كدين ودولة؟! بل كيف لنا أن نتوحد وتحت أي راية نتوحد ومن سيكون زعيمنا؟! بل كيف لنا أن نتوحد ونتخلى عن آرائنا بعضنا لبعض؟! كيف؟! كيف يحدث كل ذلك؟!.


وإنني مخلصاً دعوتي هذه لله ولله وحده سأجيب على هذه الأسئلة المشروعة بإخلاص أرتجي به رضا الله ورسوله والمؤمنين وعزة الإسلام والمسلمين، فاللّهم يَسّر أمري واحْلُل عُقدةَ حروفي وكلماتي واشْدُدْ اللّهم أزر دعوتي باستنادي إلى الدليل الشرعي الأقوى فيما سأطرحه من حلول لما قد يعترضنا من معضلات قد تُشكِل على الفهم.


كما أنني أناشدك الله أخي مهما كان توجهك ومنطلقك أن تُخلص النيّة لله بأنك ستبحث في الأمر معي عما يرضي الله ورسوله وأن تلتزم مسلك أصحاب المذاهب الأربعة الذين حسموا منهج الاختلاف فيما بينهم عندما أعلنوا على الدوام أنه إذا صح الحديث فهو مذهبي وإلا فاضربوا برأيي عرض الحائط، لأن البحث هنا بحث في شكله ومضمونه بحث شرعي، آخذين بعين الاعتبار أن رأي أحدنا ليس ملزماً للآخر إلا في حالة أن الدليل الشرعي الداعم لهذا الرأي أو ذاك، هو الدليل الشرعي الأقوى الواجب الالتزام به والاتباع، فالأصل بيننا أن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، فالله الله في إخلاصنا النية والعمل لله وحدة، لأن وحدة صفنا واجب شرعي، فإخلاصنا هو أول خطوة باتجاه توحدنا صفا واحدا لنكون فعلا خير أمة أخرجت للناس.


وبين يدي إجاباتي دعني أسوق لك بعض الحقائق التي نعيشها ونلمسها، زيادة على الحقيقة الأولى:-


• إذاً فالدول كل الدول عدوة للإسلام والمسلمين وهذه هي الحقيقة الأولى.


• نحن أبناء الحركات والجماعات والأحزاب والتنظيمات الإسلامية نشكل غالبية الأمة الإسلامية، خصوصا إذا ما أضفنا لنا أولئك المسلمين الملتزمين دينيّاً والذين يتمنون أن يعيشوا وفق أحكام الإسلام في كل شؤون حياتهم وهذه هي الحقيقة الثانية.


• نحن أبناء الحركات والجماعات والأحزاب والتنظيمات الإسلامية متفقون في كل شيء ولكننا نختلف حول شيء واحد أشرنا اليه في النقطة الأخيرة، فلا خلاف بيننا على الصلاة والزكاة والحج كأحكام، كما أنه لا خلاف بيننا في الأساس على العقيدة، كما أنه لا خلاف بيننا على أن الحكم بما أنزل الله فرضٌ على كل مسلم، بدليل قوله تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ وقوله تعالى ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ والأدلة على هذا الفرض كثيرة كما تعلمون وهذه هي الحقيقة الثالثة


• نحن أيضا متفقون على أن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة، فليس هو ملكيا ولا جمهوريا ولا ديمقراطيا ولا شيوعيا ولا امبراطوريا، بل هو نظام الخلافة بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ» .وحديثه عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ»، قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا، قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ» وهذه هي الحقيقة الرابعة.


• الإسلام كدين موجود في الأرض الآن يحمله المسلمون كأفراد وجماعات، ومدون في بطون الكتب ولكن ليس هناك دولة تحمل الإسلام وتحميه كعقيدة ونظام وتحمي المسلمين من أي عدوان مهما كان نوعه، وهذه هي الحقيقة الخامسة.


• إن نصرة أهل غزة لا تكون بالتبرع بالدم والمال وإبداء المشاعر أو بكيل الشتائم والسباب لليهود والأمريكان وغيرهم، بل إن نصرة أهل غزة تكون بتحريك الجيوش المربوطة على موائد الترف والتخمة، ولكن تحريك الجيوش يحتاج إلى أن تكون هذه الجيوش أصلا جيوشاً لنظام إسلامي مؤسس لحماية بلاد المسلمين وأهلها، ذلك أنه يمكن أن ترى ملكا أو رئيسا أو أميراً يبادر بالذهاب إلى المستشفيات ليتبرعوا بدمهم للمصابين في غزة تحت عين الكاميرات، لكنهم في الوقت ذاته يحمون كيان يهود بمنع جيوشنا من التحرك لتحرير أرضنا ورفع الظلم عن أهلنا، فأي تلاعب بمفاهيم المسلمين هذا؟! والغريب أن الأمة كلها تعرف أنهم كاذبون أفّاكون فهم شركاء لكيان يهود في عدوانه علينا في كل مكان، وهذه هي الحقيقة السادسة.


• الشيء الوحيد الذي نختلف عليه نحن أبناء الحركات والجماعات والأحزاب والتنظيمات الإسلامية هو كيفية بناء دولة الإسلام، أو كيفية الوصول للحكم بما أنزل الله، وهذه هي الحقيقة السابعة التي هي جوهر موضوعنا وتساؤلاتنا ومحور إجاباتنا فيما يلي:


فكيف لنا أن نتوحد ونحن نختلف في منطلقاتنا الفكرية ورؤيتنا للإسلام كدين ودولة؟! وللإجابة على ذلك فإننا نقول أن هذا الاختلاف هو وهم مصطنع، خصوصا إذا عرضنا ما سبق واتفقنا عليه؛ من أننا متفقون على أن الحكم بما أنزل الله فرض علينا جميعا، وأن الإسلام غير مطبق في واقعنا الآن، فكلنا يؤمن أن الإسلام هو عقيدة ونظام حياة، وأن الله يطلب منا أن نحتكم في كل شؤون حياتنا إليه وأن لا نحتكم لغيره في شيء، والأدلة على ذلك كثيرة في كتاب الله، إذاً فمنطلقاتنا موحدة بطبيعتها إذا صدقنا النية والتوجه أننا نريد إقامة دين الله في حياتنا.


وكيف لنا أن نتوحد وتحت أي راية نتوحد ومن سيكون زعيمنا؟! وللإجابة على ذلك فإننا نقول أنه إذا صدقنا النية في أن الحكم لا يكون إلا لله وأن نظام الحكم بالإسلام هو نظام الخلافة كما سبق واتفقنا فإنه يسهل علينا أن نختار من بيننا من نبايعه إماما أو خليفة للمسلمين، فهذا لا يحتاج منا إلا أن نصدق النية في هذه العبادة لله ونتوجه إليها إرضاء لله سبحانه، ونسوق مثالا على ذلك، فإن المسلمين عندما ينادي المنادي للصلاة تجدهم يتوجهون إلى بيوت الله لأداء الصلاة، فإذا ما قامت الصلاة ولم يكن في هذا المسجد إمام معين، فإنهم وخلال لحظات سريعة يقومون باختيار إمام لهم يتقدمهم بين يدي الله فيكبر ويكبرون وراءه جميعا ويؤدون فرضهم بدون أدنى اختلاف، أقول هذا للتدليل على أن الحكم بما أنزل الله فرض وعبادة كما هي الصلاة والزكاة والحج فروض وعبادة، فإذا ما تقدمنا لإقامة الحكم بما أنزل الله تعالى تَعَبُّدا لله نرجو منه قبولها كما نتقدم تماما في المسجد مصطفين بخشوع وانتظام عز نظيره في الدنيا، وكما فعل الرسول والخلفاء من بعده فإنهم كانوا يتهربون من تقديم أنفسهم ويدفعون بغيرهم، وهكذا فعل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فلم يختلفوا، فإن فعلنا كما فعل رسولنا وأصحابه فإنه لن يساور أياً منا أيُّ شعور أو رغبة في أن يكون هو الراية أو الإمام الأوحد، وستجد من بيننا من يتمنع عن التقدم خوفا من تحمل مسؤولية المسلمين أمام الله، فالأمر جد مخيف لمن يخاف الله ويتقيه، فإمامة المسلمين ليست زعامة دنيوية وقصوراً فارهة ووجاهة وأموالاً نجمعها كما يفعل الناس، بل هي مسئولية أمام الله وعبادة له سبحانه، إذاً فهي تعبد وخضوع وتذلل لله سبحانه نرجو عليها رضاء الله وجناته في الحياة الآخرة.


نحن أيها الأحبة أمة تختلف بنظام حكمها عن الأمم الأخرى، فالخليفة في نظامنا الإسلامي لم يكن يشبع إلا بعدما تشبع رعيته، وتذكرون قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لو أن بغلة عثرت في أرض العراق لسئل عنها عمر). فلتَثِقُوا بأمتكم وبرجالها ولتخلصوا النية في أن الهدف أن يصل الإسلام إلى الحكم وليس الهدف في أن يصل تيار بعينه، نريد إماما كإمام المسجد نصلي وراءه ولا نختلف عليه، إماما يكون فقيها في الفرض الموكل، أما كيف لنا أن نتخلى عن مواقفنا وآرائنا فهذه أسهل من سابقاتها إن نحن أخلصنا النية في أن العمل المطلوب تأديته وهو الحكم بما أنزل الله هو عبادة، وإذا وضعنا هذا أساساً فإن التخلي عن بعض آرائنا لبعضنا لا يكون تخلي طائفة لطائفة أو زعامة لزعامة، بل هو تخلٍّ عن رأي كنت أحسبه صوابا لأضع مكانه رأياً آخر دليله أصبح عندي أقوى من سابقه.


بقيت مسألة اختلافنا في كيفية الوصول إلى الحكم أو كيف نبني دولتنا الإسلامية؟ وللإجابة على ذلك فلا بد من ملاحظة أن السؤال المطروح هو كيف نبني دولتنا الإسلامية وليس كيف نبني دولةً أي دولة؟ فإذا كان المطلوب بناءُ دولة إسلامية فمعنى ذلك أنها بالضرورة ليست ملكية أو جمهورية ولا ديمقراطية ولا شيوعية ولا شرقية ولا غربية بل هي إسلامية فحسب، أي أنه لا بد من تأسيسها وفقا للعقيدة الإسلامية التي تقول بوضوح "أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتوجب علينا الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره من الله"، تُرى هل علّمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وبيّن لنا كيف نُقيم دولتنا المفروضة علينا فرضاً كما هي الصلاة والزكاة؟ وللإجابة على ذلك فلا بد من استعراض سيرته عليه الصلاة والسلام لأخذ هذه الأحكام منها، فنجده عليه الصلاة والسلام دعا إلى الاسلام في مكة ثلاث عشرة سنة، يدعو الناس للإيمان بدعوته، وكانت دعوته في مكة مبنية على تعليم الإسلام لمن يؤمن بدعوته، ثم الصراع الفكري ومقارعة الحجة بالحجة، ولم يحمل سلاحا على أحد في هذه الفترة رغم أن بعض صحابته طلبوا منه أن يأذن لهم بقتال المشركين إلا أنه رفض وقال لهم لم نؤمر بعد، يقول تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ۚ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ۗ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾، إذاً فرسولنا الكريم لم يستعمل القوة خلال حمله للدعوة في مكة المكرمة، كما نجد أن رسولنا الكريم رفض أن يحكم قريشا وفقا لنظامها وعرفها آنذاك، فعندما جاء سادة قريش إلى عمه أبي طالب وعرضوا عليه مبادرة لإيجاد حل بينهم وبين دعوة الإسلام، حيث عرضوا عليه المال والمُلك... الخ، فكان رد رسول الله عليه الصلاة والسلام على عمه أن «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته...»، معلنا أنه دعا قومه أن يتوحدوا على كلمة واحدة يسودوا فيها العرب ولما سألته قريش عن هذه الكلمة قال "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، ثم نجد أيضا أنه بعد تجمد مكة أمام دعوته أوحى له سبحانه وتعالى أن يعرض دعوته على القبائل بحثاً عن الحماية والنصرة له ولدعوته، وهكذا كان فعرض نفسه على أقوى القبائل العربية وكانت الردود مختلفة، إلى أن سخَّر الله له قبيلتي الأوس والخزرج فبايعوه على أن يحموا الدعوة والداعي، وهكذا كان بأن بدأت نواة دولته عليه الصلاة والسلام تتشكل فبعث مصعب بن عمير ليعلم الناس الإسلام في المدينة، وما هي إلا سنة حتى تمت البيعة الكبرى وهاجر الرسول إليها وصحابته معلنا إقامة دولة للإسلام في المدينة المنورة، وبعدها بدأ يتصرف مع محيطه كدولة لها كيانها وشعبها ودستورها وقائدها، عندها نزلت الآيات التي كتبت علينا القتال وأصبح لا بد من حمل الدعوة إلى الناس كافة، فبدأ بإرسال الرسل وإزالة الحواجز أمام دعوته بالجهاد، كل هذا يدلنا دلالة واضحة على أن كيفية إقامة فرض الحكم بما أنزل الله إنما هي فرض أيضا كما هي طريقة أداء الصلاة نأخذها من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.


وطريقة بناء دولتنا هي: أولاً: أن نتعلم ديننا تعلماً ثقافيا سياسيا لنصنع رجالاً أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. ثانياً: ندعو الناس وبشكل واضح وصريح إلى ترك أنظمة وأفكار الكفر والتمسك بالإسلام كدين ونظام حياة نقارع الحجة بالحجة. ثالثاً: نقوم بالبحث عمن ينصر الإسلام من أهل القوة والمنعة ليحملوا الإسلام معنا كما حمله أنصار رسول الله، وبهذا نكون قد قمنا بما أوجبه الله علينا كطريقة أداء للفرض، وتبقى النتيجة على الله فهو الذي يسخِّر لهذا الأمر من ينصره فهو ولي هذا الأمر يضعه حيث يشاء وقت يشاء كيفما شاء سبحانه.


إخواننا في كل مكان نخاطبكم ودمنا ينزف في غزة وفي العراق وفي مصر وفي ليبيا واليمن وسوريا وفي كل أرجاء أمتنا، نخاطبكم يملؤنا الرجاء في أن تتوحدوا وتوحِّدوا جهودكم للعمل جميعا لإقامة دين الله في الأرض بإقامة الخلافة الإسلامية التي ستستأصل الكيان الصهيوني من أرضنا، نخاطبكم والأمة في أمَسِّ الحاجة للإسلام وللخلافة الإسلامية، فالله الله للعمل على توحيد جهودنا فنحن على أبواب قيام دولة الخلافة الإسلامية، فلا يفوتننا شرف العمل لإقامتها فنحن في خندق واحد شئنا أم أبينا أمام أعداء الله وأعدائنا، وها نحن في حزب التحرير قد أعددنا لكم مشروع الخلافة الإسلامية من العقيدة إلى نظام الحكم إلى نظام الاقتصاد إلى النظام الاجتماعي إلى الدستور إلى السياسة الخارجية فالداخلية والتعليم، إضافة إلى جميع شؤون الحياة، تفضلوا بالاطلاع عليه ثم هيا لنعمل على استئناف حياتنا الإسلامية عن طريق مبايعة خليفة يحكمنا بالكتاب والسنة وله علينا السمع والطاعة.


﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة:105].

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو حذيفة - مصر

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع