الأحد، 22 محرّم 1446هـ| 2024/07/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ما بين صراع على السلطة وآخر على التبعية.. الأطفال هم من كانوا الضحية..

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ما بين صراع على السلطة وآخر على التبعية.. الأطفال هم من كانوا الضحية..


أعلنَت منظَّمة اليونيسيف أنَّ سنة 2014 كانت سنة مليئة بالرُّعب والخوف واليأس لملايين الأطفال؛ حيث إن النزاعاتِ المتزايدةَ عرَّضَتهم للعنف الشديد والآثار المترتبة عليه، والتجنيد الإجباري، والاستهداف المتعمَّد من قِبَل المجموعات المتحاربة والميليشيات الطائفية والعنصرية. فكانت هذه سنة مدمِّرة لملايين الأطفال، قُتل الأطفال وهم على مقاعد الدراسة، أو وهم نيامٌ على أسِرَّتهم، تعرَّضوا لليُتم والخطف والتَّعذيب والتجنيد والاغتصاب وللبيع كعبيد، ولم يسبق في ذاكرتنا الحديثة أن تعرَّض هذا العدد من الأطفال لمثل هذه الفظائع، (15 مليون طفل) يعانون من النِّزاعات العنيفة في جمهورية إفريقيا الوسطى والعراق وجنوب السودان وفلسطين وسوريا، وأصبح الكثير منهم بفِعل هذه الصراعات نازحين أو لاجئين، ويقدَّر أن 230 مليون طفل في العالم يعيشون حاليًّا في دول ومناطق تتأثر بالنزاعات المسلحة..


صراعات لا تنتهي يشهدها العالم؛ منها ما هو طائفي ومنها المفتعل ومنها ما كان حربا على الإسلام وأهله بحجة محاربة الإرهاب، حتى أتت هذه الصراعات الدامية على الأخضر واليابس، وأهدرت الكثير من المقدرات والثروات، ناهيك عن الدمار والخراب الذي لحق بالمنشآت والبنى التحتية للبلاد، كل هذه خسائر من الممكن تعويضها وغض الطرف عنها، ولكن الخسارة الكبرى هي أرواح البشر ولا سيما إن كانوا من الأطفال.. وما بين من يعيش الحرب ومن يشاهدها من أطفالنا تضيع طفولتهم وتزداد معاناتهم، فماذا فعلت الحروب في أطفال المسلمين؟!


إن آثار الحروب والمآسي التي تخلفها كثيرة ولكن أكثر نتائجها مأساوية تلك التي تلحق بنفوس الصغار وترافقهم طوال سنوات حياتهم، فإن لم يستشهدوا فيها ويموتوا دون ذنب؛ فإنهم سيتجرعون كأس مراراتها وأصنافا من ألوان الشقاء والعذاب، وهم شاهدون عليها وعلى رعبها بصور تُحفر في ذاكرتهم، ولن يستطيعوا نسيانها، خاصة وهم يشاهدون صورا حية تمثل بشاعة القتل بأقسى صوره، خاصة لو طال الموت عزيزا أو قريبا للطفل.


ومع تصاعُد وتيرة العنف في البلاد الإسلامية في السنوات الأخيرة، بات لا يَنقضي يومٌ دون أن نَسمع عن مقتل أو استهداف طفل؛ بات الأطفال هم الهدفَ وهم الضحيةَ في تلك الحروب البشعة، والصراعات المدمرة! وإن لم يُصَب هؤلاء الأطفال بأي مكروه جسدي فتصيبهم التداعيات النفسيَّة، وتؤثر عليهم وعلى مستقبلهم وحياتهم على المدى الطويل!


فقد أودت الصراعات المسلحة حسب الإحصائيات، وهي في ازدياد، بحياة ما يزيد على مليوني طفل في العقد المنصرم وحده بينما تعرض ستة ملايين آخرون لإصابات أو إعاقات مدى الحياة. وأصبح مليون طفل أيضاً في عداد اليتامى. وتشير الإحصائيات الحالية إلى أن أكثر من 300000 طفل قد جُندوا في الميليشيات والجيوش وأجبروا على حمل السلاح وزج بهم في حروب لم يشتد عودهم بعد لتحمل تبعاتها..


ولو استعرضنا حال أطفال المسلمين ممن طالتهم الحروب لوجدنا أطفال العراق من لهم السبق في المعاناة.. بما قدره 2،7 مليون طفل تأثَّروا بالصِّراع؛ حيث تعرض أكثرُ من 700 طفل للإصابة والقتل وحتى الإعدام، وحذَّرَت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) من خطورة الأوضاع التي يَعيشها أطفال العراق؛ حيث يُعانون الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتَّع بها أقرانهم في الدول الأخرى، وذكرت المنظمة في تقرير لها أن أكثر من 360 ألف طفل يعانون من أمراض نفسية، وأن 50% من طلبة المدارس الابتدائية لا يرتادون مدارسهم، و40% منهم فقط يحصلون على مياه شرب نظيفة. حيث تعاني مدنه تدهورا ملحوظا في صحة الأطفال حديثي الولادة، فضلا عن ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان مقارنة بالسنوات الماضية وذلك بسبب التلوث البيئي الكبير الناجم عن المخلفات المشعة للحرب ونفايات شركات إنتاج النفط.. إضافة إلى ارتفاع في عدد الولادات المشوهة وتزايد حالات الإجهاض لدى النساء. ناهيك عن تحمل الأطفال ما يفوق أعمارهم ونعومة أعوادهم ممن يضطرون لمغادرة مقاعد الدراسة إلى العمل لكسب ما يسد رمق عائلاتهم متجهين نحو سوق عمل لا يرحم، وقسوة ظروف مفرطة يتلقاها حيث يقوم بنقل بضائع بعربة صغيرة مستأجرة أحيانا، ويمسح أحذية المارة تارة أخرى ليحظى ببضعة دولارات لا تكاد تقضي القليل من أساسيات الحياة.. أما حال من يسكنون المخيمات فحدث ولا حرج عن ظاهرة تنامي عمالة الأطفال حيث لا وجود لمدارس تؤويهم. أو عناية يحظون بها..


أما الشام الجريح فلأطفاله قصة أخرى تستحق أن تروى ونقف على معاناتهم والظلم الذي لحق بهم.. حيث تأثر 7،3 مليون طفل بالصِّراع الدائر في سوريا، منهم 1,7 مليون طفل لاجئ، وبحسب الأمم المتحدة كان هناك 35 هجمة على المدارس خلال الشهور التسعة الأولى من السنة، تسبَّبت في مقتل 105 طفل وإصابة 300 آخرين.. وقد تعرَّض هؤلاء الأطفال لأبشع الانتهاكات وَفقًا لاتفاقية حقوق الطفل، منذ بَدْء الحَراك في الشام، حيث قام النظام باعتقال أعدادٍ كبيرة من طلاب المدارس، وتم تعذيبهم بشكل وحشي، كما يَزيد عدد الأطفال المعتقلين في سجون النظام عن عشرة آلاف طفل، وقد تم توثيقُ حالات القتل لأكثرَ مِن عشرة آلاف آخرين نتيجةَ القصف العشوائي، ومنهم مَن قضى تعذيبًا، أو قنصًا أو جوعًا، أو في مجزرة أو بالكيماوي. أو تجمدا من البرد القارس... كما أنَّ هناك نسبةً كبيرة من الأطفال فقَدوا أحد والدَيهم أو الاثنين معًا في مناطق النزاع نتيجةَ الاقتِتال والقصف العشوائي؛ وبذلك خَسِروا حقَّهم في الرعاية والحضانة، كما خسر هؤلاء الأطفال أيضًا حقَّهم في التعليم بعد تدمير المدارس.. والتهجير من مناطقهم، وتعرضهم للجوع والفقر والأوبئة. وما زالت المأساة والمعاناة مستمرة إلى يومنا هذا، وأعداد الأطفال ممن يتعرضون للقتل والتعذيب في ازدياد لم تتوقف ولم ينظر بشأنها..


وإذا ما عبرنا حدود الشام حتى يتلقفنا مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرزح تحت احتلال غاشم غاصب للأرض والعرض، معتد آثم، فجرائمه أكثر من أن تحصى، وانتهاكاته بحق المسلمين أفظع من أن تنسى، ولكننا سنتناول إجرامه وعدوانه الغاشم في حربه وعدوانه على غزة هاشم حيث المأساة والمعاناة التي تقف الكلمات عاجزة على وصفها..


ففي غزة تسبَّب العدوان الذي استمر لأكثر من خمسين يوما في فِقْدان 54000 طفل لمنازلهم، إضافة إلى مقتل 538 طفلاً وإصابة 3370 آخرين. وتؤكِّد الإحصائيات أنَّ عدد الأطفال المشرَّدين بلغ نحو 25,220، فيما بلغ عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي 373000 على الأقل؛ نتيجةَ معاناتهم من الصدمة، أو لظهور أعراض الضيق المتمثلة في الأرَق والذُّعر والكوابيس، واضطرابات الطعام، والاكتئاب... وغيرها، علمًا بأن الدراسات تشير إلى أن 52٪ من سكان قطاع غزة تحت سن الـ (18).


وحسب ما جاء على لسان منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في غزة فإن نحو 400 ألف طفل أصبَحوا يواجهون مستقبلاً "قاتمًا للغاية"؛ بفِعل الصدمات التي يُواجهونها بفعل العدوان الإسرائيلي. بل إن ألعاب الأطفال الفلسطينيين أصبحت رشاشات ومدافع. وأصوات المدافع وأزيز الطائرات لا يكاد يغادر آذانهم وأصبحوا يصابون بالذعر من أي شيء له ذكرى شهدوها من مثل صوت الصافرات ورؤية الجنود.. يقابلها الطفل بالبكاء والصراخ والخوف.. والغضب والاكتئاب الشديد...


أما في لبنان فإن الأطفال هناك سيواجهون مشكلات صحية ونفسية خطيرة؛ بسبب الحرب التي كان ثلُث قَتلاها وجَرحاها من الأطفال، فمعاناة الأطفال من الحروب لا تتوقف بتوقُّف المدافع، بل تُصاحبهم إلى مراحلَ متقدمة من أعمارهم؛ فمذبحةُ قانا - على سبيل المثال - التي مرَّ عليها أكثر من عشر سنوات لا يزال الأطفال الذين عايَشوها يُعانون من اضطرابات نفسية؛ ففي بحث أجراه صندوقُ الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، بالتعاون مع وزارة التعليم اللبنانية على 500 طفل لبناني ممن عايَشوا أو شاهَدوا تلك المذبحة، تبيَّن أن 30% من هؤلاء الأطفال لا يَزالون يُعانون من اضطرابات النوم، و14% يعانون من الاكتئاب، و40% منهم فكَّروا في الانتحار...


أما اليمن الذي كان بالأمس سعيدا فتحول إلى كابوس أرق قاطنيه، فمن صراع سياسي خارجي إلى اقتتال تبعية في الداخل، كان المسلمون هم الضحية.. ففي عاصفة أطلق عليها "حزم" وما هي إلا هزيمة وعار وصمت بها أنظمة بلاد المسلمين، فغارت طائراتها وألقت بحممها على المدنيين في 26 من آذار/مارس، أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 115 طفلا وإصابة أكثر من 172 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة جراء القصف على عدة مواقع باليمن. وذلك غير من لجؤوا للمخيمات ليواجهوا أقسى الظروف حيث لا عناية ولا رعاية صحية، ولا خصوصية...


وكيف نغفل عن مأساة إخواننا في ميانمار (الروهينجا) وما يتعرضون له من تطهير عرقي وإبادة جماعية، في عداء وحقد غير مسبوق على المسلمين، حيث شهدنا القتل الوحشي والتعذيب للنساء والأطفال والشيوخ وحرقهم وتقطيع أجسادهم حتى الموت.. حتى إنهم عندما هُجِّروا لمخيمات الدول المجاورة لم يسلموا من الاتجار بهم واستغلال عوزهم وخوفهم وبيعهم لتجار البشر وانتهاك حرمات نسائهم.. في ظل صمت دولي رهيب ومشاركة صارخة للقوات الفرنسية في هذه الانتهاكات..


أما السودان.. فبعد أن كان سلة فواكة للعالم، أصبح قنبلة موقوتة بيد الغرب يتحكم فيها يشعلها وينزع فتيلها متى شاء.. فراح ضحية صراع المصالح والمنافع السياسية الكثير وهجر الكثير، عدا عن الفقر والحاجة وانتشار الأمراض والأوبئة بين أهله.. فشرد منهم نحو سبعمائة ألف طفل في جنوب السودان وهناك 230 ألف طفل يعيشون كلاجئين.


وما هذا إلا غيض من فيض معاناة أطفال المسلمين جراء الحروب والصراعات الدائرة في بلادهم والتي لا ذنب لهم فيها.


ختامًا: فإن شراسة الحروب والصراعات السياسية والطائفية لا تَكمُن في تخريب مَعالم المدن فقط، بل تتجلَّى بَشاعتها في تخريب النفوس ولا سيما الأطفال الذين يكبرون وتكبر معهم معاناتهم وترافقهم مدى الحياة..


ونحن إذ نتساءل هنا! إلى متى يبقى أطفال المسلمين قربانا يقدمون لنوال الرضا من دول الغرب الحاقدة والمبغضة للإسلام والمسلمين؟! متى ستتحرك جيوش المسلمين لنصرة إخوانهم ودفع الظلم والقهر عن كاهلهم؟!


ماذا بقي بعد كل هذه الأرقام؟! ماذا تنتظر الجيوش؟! أليس فيها من تتحرك الدماء في عروقه فينتفض لنصرة الأطفال والنساء؟! إلى متى الخضوع والخنوع؟!!


﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رائدة محمد

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع