فلسطين قضية أمة، ينتظر أهلها التحرير
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أرض إسلامية سُلمت للأعداء الكفار، وبلادٌ مباركة دنسها أحقر شعوب الأرض. أخرجوا منها أهلها بمؤامرات مع زعاماتها. الأدعياء الدخلاء أصبحوا أصلاء. والأصلاء غدوا لاجئين ونازحين، طريدين مشتتين تفرقوا شَذَرَ مَذَرَ.
ساوم اليهودُ عليها الخليفةَ عبدَ الحميد رحمه الله، فرفض أن يملكهم منها شبرًا واحدًا. ودارت الدوائر، وهدمت الخلافة، وانتُدبت بريطانيا على فلسطين من قبل عصبة الأمم، لتكون كفيلةً بتنفيذ وعد بلفور، وتحقيق فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين.
صدر صك الانتداب في 1922 وصدر دستور حكومة فلسطين في العام نفسه، وصدر الكتاب الأبيض الأول والثاني والثالث، وجاءت لجان تحقيق عدة، ثم صدر قرار التقسيم في 1947 ثم أُعلن قيام كيان يهود في 1948، ثم وقعت اتفاقيات الهدنة في رودس سنة 1949، كما اجتمعت من أجلها أكثر من خمس عشرة قمةً عربيةً، ثم أوجدوا منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 ولحقتها منظمات أخرى، وُقِّعَت اتفاقية كامب ديفيد رقم1 بين مصر ودولة يهود ثم اتفاقية أوسلو في واشنطن، ثم اتفاقية وادي عربة، ثم اتفاقية (واي ريفر). ثم اتفاق (غزة - أريحا أولًا) ووجدت سلطة الحكم الذاتي، ومرت السنوات وقُسمت فلسطين لضفة وقطاع وصار بيع البلاد يتم عبر أيدٍ \"إسلامية\" توافق على التفاوض مع المحتل والركون للشرعية الدولية ولا تزال الاتفاقيات مستمرةً والخيانات متتالية وليس آخرها توقيع اتفاق مكة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الغرب، وعملاءه من الحكام والحركات السياسية في بلاد المسلمين، قد عمدوا إلى تقزيم القضية، وحصرها في \"الفلسطينية الوطنية\" بدل أن تكون قضية أمة كاملة، بل وقضيةً مصيريةً بالنسبة لها بعد القضية الكبرى وهي إعادة الحكم بما أنزل الله. فصار الطرح على الساحة السياسية بين المثقفين والجامعيين ووسائل الإعلام والكُتَّاب والمؤثرين لا يتعدى سقف الجنائية الدولية ومجلس الأمن، ويقف على أعتاب سايكس بيكو فيؤكد في كل مرة على تكريس الفرقة والتشرذم بين المسلمين الذين يقول فيهم رب العزة ﴿إِنَّ هَـٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمْ أُمَّةًۭ وَ ٰحِدَةًۭ وَأَنَا۠ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92]. فحُصرت القضية في أهل فلسطين الذين يرزحون تحت نير الاستعمار، وأنيط بهم واجب التحرير بدل أن يكون ملقًى على عاتق الأمة وجيوشها الذين يملكون القوة الحقيقية لإزالة يهود من فلسطين نهائيًا، لا مفاوضتهم على أمتار بل أشبار من البلاد!
فقطر على سبيل المثال والتي تدَّعي الحرص على أهل فلسطين، وغزة بالذات، والتي طالما خلال حرب يهود عليها أرسلوا المساعدات الغذائية، وتكرَّموا بإرسال فرق الأطباء، قامت تحت رعاية هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع الشهر المنصرم بإقامة البطولة الدولية للمناظرات الجامعية، وفي المناظرة النهائية كان موضوع النقاش يدور بين جامعتي المنار التونسية، وقطر للبنات حول قبول لاجئي فلسطين بالجنسيات العربية! وقد كان كلٌ من فريق المعارضة والموالاة يركز في خطابه على تكريس الحدود الوطنية للبلاد العربية، والقومية العربية التي حصروا قضية فلسطين فيها، انطلقوا من فكرٍ غربي دخيل جعل المسلم لاجئًا في بلاد المسلمين، وأوجد الحدود الاصطناعية بين فلسطين والأردن، وبين سوريا والعراق والعراق وتركيا.. حتى صارت دولة الإسلام خمسين دويلة بل يزيد. ورضوا بأن يكون الحل للقضية تحت ستار القوانين الدولية، بل قبلوا قبل ذلك أن تُنزع من حضن المسلمين كأمة.
نسوا أنها أرض وقف إسلامية، استلم عمر بن الخطاب مفاتيحها والجيش معه، وحررها صلاح الدين بجيوش المسلمين بعد توحيد مصر والشام، وتناسوا أن قطز المصري وصلاح الدين الكردي هم أبناء أمة واحدة، وأن فلسطين يجب أن تكون قضية كل مسلم، واسترجاعها لا يكون إلا بالاحتكام لهذه العقيدة: الإسلام مبدأ بفكرته وطريقته. فكرته التي تحرم الفرقة أو الانقسام وتفرض الوحدة والاجتماع على الحق، وطريقته التي تكون بإقامة دولة للمسلمين فيها السلطان تزيل الحدود وتجمع الجيوش لإزالة كيان يهود عن الوجود.
إنه لمن المحزن أن نرى جامعيّين في بلاد المسلمين يجتمعون لأجل فلسطين فيجعلوا من الواقع مرجعًا لهم، ومن المنظومة الغربية منطلقًا لحوارهم. فيناقشوا حصول اللاجئين على الجنسيات وتأثيرها على أبعاد \"القضية\" بدل أن يصرخوا بأن الجنسيات العربية واقع مخالف لشريعة الله، وأن فلسطين جزء من بلاد المسلمين يجب استرجاعها، وأن أرض المسلمين واحدة وهي بلاد للفلسطيني والسوري والعراقي سواءً بسواء، يجب أن يقيموا فيها دون معيقات أو الحاجة إلى جوازات!
ومن المحزن أكثر أن نسمعهم وهم يرددون - كلا الطرفين رغم تناقض موقفهما - يتبنون القضية فيعزفون على أوتار جراح فلسطين، ويجعلون \"نشر القضية والدفاع عنها\" حجةً لهم في موقفهم ومبررًا لما ينادون به من منع اللاجئين أو السماح لهم بالحصول على جنسيات في دول الجوار!
فلا حول ولا قوة إلا بالله..
إن القول الفصل في قضية فلسطين هو ما قرره رب العالمين من كونها أرض خراج فتحت عنوةً على يد المسلمين، وتبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وتحريرها واجبٌ مستحقٌ في أعناق المسلمين، الأقرب فالأقرب حتى تنتقل المسؤولية لكل الأمة، ويبقى عداد الإثم يتزايد ما لم يقوموا بواجبهم في إعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وتوحيد الأمة وتحريك الجيوش للتحرير.
فهل يعي ذلك أبناء المسلمين، فيعملوا لأجله لتعود فلسطين درة في تاج المسلمين؟
\n
\n
\n
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بيان جمال
\n
\n