الإثنين، 23 محرّم 1446هـ| 2024/07/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
أين إعلام الرأي أمام سجناء الرأي؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أين إعلام الرأي أمام سجناء الرأي؟!

 

 


في 30 من آب/أغسطس 2015م، يوم الأحد، ألقى بلطجية فرع المباحث في شرطة منطقة أوتارا - دكا القبض على امرأتين من أعضاء حزب التحرير، إحداهما طبيبة أسنان، والثانية مهندسة، و"جريمة" هاتين الأختين البريئتين العزلاوين هي كونهما من حاملات الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية، حيث تم القبض عليهما لأنهما كانتا توزعان على معارفهما بطاقات دعوة للمشاركة في مؤتمر إسلامي عقده حزب التحرير على الإنترنت، يوم الجمعة (4 من أيلول/سبتمبر 2015م)، تحت عنوان "إقامة الخلافة على منهاج النبوة... والتحول الحتمي في السياسة والاقتصاد البنغالي". وقد تعرضتا خلال اعتقالهما للضرب المبرح، لدرجة أن إحداهما نزفت من أجزاء مختلفة من جسدها مما أفقدها الوعي. وعلى الرغم من هذا، فقد تم عرضهما على المحكمة يوم الجمعة، الرابع من أيلول/سبتمبر، وبدلًا من تحويلهما إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية، فإن القاضي قد حكم عليهما بالسجن.


بالإضافة إلى التنديد بهذا الجرم الشنيع بحق أختين في الله وإصدار للعديد من النشرات والبيانات، والقيام بالتحرك تلو التحرك أمام سفارات بنغلادش في معظم البلدان للمطالبة بالإفراج عنهما فوراً. وتزامن ذلك مع إطلاق حملة إعلامية قام بها المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير "نصرة لأخواتنا المعتقلات في سجون بنغلادش".


رغم كل ذلك لم تتبنَ أي وسيلة إعلامية محلية كانت أم عالمية ذكر خبر اعتقالهما أو تسليط الضوء على أي فعالية من هذه الفعاليات نصرة لهما. مع أن اعتقالهما يندرج تحت مسمى الاعتقال التعسفي لأنهما سجينتان من ضمن سجناء الرأي الذين يسجنون رغم كل القوانين العالمية التي تعطي الحق للإنسان بإبداء رأيه دون قيد أو شرط. وهو ما نصتْ عليه المواثيقُ الدَّولية، وإعلانات حُقُوق الإنْسان كلها:


ففي المادة التاسعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نصُّوا على أمور ثلاثة:


1- لكلِّ شخص حق التمتُّع بحرية الرأي والتَّعبير.


2- يشمل هذا الحق حُريته في اعتناق الآراء، دون مُضايقة أو تدخُّل.


3- له الحق في التِماس الأنباء والأفكار، وتلقّيها ونقْلها إلى الآخرين بأيَّة وسيلة، ودونما اعتبار للحدود.


أما الإعلام والذي لطالما عرض على قنواته ووسائله الإعلامية المتنوعة مثل هكذا اعتقالات تعسفية بحق سجناء الرأي، نراه اليوم غائباً عن هذا الأمر الجلل باعتقال طبيبة ومهندسة ذواتي تعليم عال وثقافة مميزة. في حين نراه يسلط الضوء على الأحكام الجائرة حسب وجهة نظره بحق الفتيات السافرات في السودان مثلا لارتدائهن البنطال أو التنانير القصيرة، فمثل هذه الأحكام والتي يراد بها تشويه الإسلام نرى الإعلام يطبل ويزمر في سبيل نشرها بالإضافة إلى عقد المقابلات واستضافة من يحمل الضغينة للإسلام وأحكامه الشرعية..


إن التعتيم الإعلامي المتعلق بقضية هاتين الأختين يثبت بوضوح وعلانية أن للإعلام دوراً، هو من أخطر الأدوار التي تلعبها الدول وحكامها في سبيل الترويج لسياسة معينة أو خط سير محدد لإقناع الرأي العام به، وتمرير مشاريع سياسية قد تُرضي جمهور الناس وقد لا تنال رضاهم.


فالإعلام والسياسة توأمان لا يفترقان، فالسياسي في الحكمِ لا يستغني عن الإعلام للتأثير في الرأي العام على الوجه الذي يخدم أغراضه. والإعلام هو لسان الحاكم والسياسي، والذي بواسطته يستطيع التلاعب بالعقول، وجعل الأبيض أسود والأسود أبيض. يستطيع الإعلام أن يثير حفيظة أناس على خبر ما وأن يُجيِّش رأيا عاما على خبر آخر. فالاستخفاف بعقول البشر بات هو سِمة الإعلام الذي نتحدثُ عنه، بحيثُ يتعامل الإعلام مع الناس وكأنهم أطفال من السهل الكذب عليهم وتضليلهم. وغالباً ما تكون الأخبار مثل حكاية ألف ليلة وليلة! ولا يتوقف الإعلام عند هذا الحد، بل يتعداه ليوجه دعوة يقول فيها: لا تستعملوا هذا العقل الذي وهبكم إياه الله سبحانه وتعالى، ولا تُفكروا به وعطِّلوه، والإعلام يتولى التفكير عنكم.


وهنا يتضح لنا أهمية التعتيم الإعلامي على بعض القضايا، لما للإعلام من دور فعال في تجييش الناس وتفاعلهم معها. ويظهر هذا التعتيم عندما يشعر نظام من الأنظمة الجائرة بخطورة فكر أو شخص أو جهة أو حزب، فإنه يلجأُ إلى فرض ستار كثيف من التعتيم عليه على الرغم من أن الحدث قد يكون حديث الساعة، وأن هذا الفكر قد يكون هو الطاغي، وأن الحزب قد يكون هو شغل النظام الشاغل في دوائر الأمن والحدود والجوازات والسجون. ويستمر النظام في إمعانه بالتعتيم، ويحاسب أي وسيلة تكسر ذلك الحظر الإعلامي، وتذكر اسم الجهة المحظورة ولو بكلمة سوء. والتعتيم كذلك منه المحلي الذي يمارس في دويلات الكرتون، ومنه الدولي الذي تمارسه الدول المستعمرة الكافرة مباشرة أو مداورة من خلال الأنظمة الغارقة في التبعية.


ففكر حزب التحرير أضحى يشكل خطراً على نظام الطاغية حسينة، بل على كل الأنظمة العلمانية الفاسدة. لقد كشف حزب التحرير عوار النظام في بنغلادش كما في الكثير من البلاد الإسلامية لذلك نرى السجون تعج بشبابه وشاباته كما هو الحال في أوزبيكستان وحاليا في بنغلادش حيث حسينة واجد التي لم تأل جهدا في محاربة الإسلام والمسلمين الداعين لتحكيم شرع الله بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. فاعتقلت وعذبت لا لشيء إلا لقول لا إله إلا الله ولن نرضى إلا بشرع الله.


وطالما بقيت وسائل الإعلام في العالم الإسلامي غير مستقلة، وتابعة لسياسة الغرب ونهجه الاستعماري فسيظل التعتيم ساريا على أخبار حملة الدعوة الواعين على مجريات الأحداث والعاملين للتغيير لإنهاض الأمة الإسلامية وتوحيدها من جديد تحت حكم خليفة راشد يحكم بالقرآن ليعم العدل والأمن والأمان.


إن الإعلام المرتبط يكون دائما في خدمة المستعمر أكثر مما هو في خدمة المسلمين. وهذا الارتهان يجعله مرآة عاكسةً، لكنها تعكس فقط ما يرغب النظام أن يعكسه، وتخفي ما يخشى ظهوره للناس حتى لا يتعاطف الناس مع الظلم والتعذيب الجاري في سجون الطغاة الظلمة من حكام المسلمين.


إن التعذيب حرام في الإسلام ولا تفرض عقوبة السجن إلا على المذنبين الذين تثبت إدانتهم وفي حالات معينة يراها الخليفة أو القاضي. أما الإعلام في الإسلام فهو مستقل ولا يقبل الهيمنةَ، وهو ذاتيُّ الانطلاق، ويرفض أي شكل من أشكال التبعية، وهو كذلك عالمي التوجه لأن الدعوة التي يخدمها هي دعوة عالميةٌ. وهو لتسهيل حمل الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال فأشفقن منها وحملها الإنسان. وبذلك يكون لوسائل الإعلام الدور البناء في خدمة المبدأ وتسهيل نشره وتوضيحه.


والإعلام الإسلامي لا يستقبل أي شريط أو خبر أو صورة من وكالات الأنباء المتعددة الانتماء والولاء، لأنها كلها محرَّفة ومزيفة وخاضعةٌ لعمليات طبخ مسبقة حتى تتناسب مع الجهة المصدرة لها.


وبما أن حالنا هو هذا الحال، تبعية وهيمنة غربية في كل شؤون حياتنا وعلى كل مقدرات بلادنا الإسلامية، فما يتوجب علينا نحن المسلمين وعلى الأخص حملة الدعوة، هو:


- الرد على أي تضليل أو كذب أو مكيدة عن طريق وسائل الإعلام أو عن غير طريق الإعلام.


- كشف زيف حكامنا ووسائلهم الإعلامية المضللة.


- بذل الجهد والعمل الحثيث والمتواصل لإيصال كلمة الحق ولو كره المشركون وبشتى الوسائل والأساليب.


نسأل الله تعالى أن يمنّ على أخوات لنا مستضعفات معذّبات بالفرج وأن يخرجن من سجون الظالمين معززات مكرمات، ونسأله اللهم أن يكرمنا بنصره وفرجه، ويظلنا براية الإيمان حتى نعيش واقع استئناف الحياة الإسلامية الذي قد يراه ضعاف النفوس على أنه أغرب من الخيال، ولن يخلف الله وعده. والحمد لله على نعمة الإسلام، ونشكره تعالى أن جعلنا خير أمة أُخرجت للناس.

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع