الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
صلاح الأمّة بصلاح علمائها...!!!   فأين العزّ بن عبد السّلام لقيادة الأمّة نحو برّ الأمان؟؟!!!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

صلاح الأمّة بصلاح علمائها...!!!


فأين العزّ بن عبد السّلام لقيادة الأمّة نحو برّ الأمان؟؟!!!

 


"اغضب لحلب" شعار رفعه الشيخ علي القرة داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو الأمة الإسلامية والعربية والعالم الحرّ إلى "إعلان الغضب العالمي" يوم الجمعة القادم 30 أيلول/سبتمبر الجاري، وفي بيان له أكّد أنّ تلك الدعوة تأتي "نصرة لمدينة حلب التي تباد على يد نظام الأسد الفاشي وأعوانه أمام مرأى ومسمع من العالم الذي لم يحرك قادته ساكنا سوى اجتماعات أممية لا تسمن ولا تغني من جوع".


يستوقفنا موقف الأمين العام للاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين لنتساءل عن دور علماء المسلمين في حلّ قضايا أمّتهم ومدى سعيهم في ذلك ولنسلّط الضّوء على مواقف بعض علماء المسلمين الذين وقفوا ضدّ الحكّام وحاسبوهم فحفروا أسماءهم في كتب التاريخ لتخلّد وتظهر أنّهم ورثة الأنبياء حقّا.


فكيف تعامل علماء المسلمين مع قضايا أمّتهم؟ وكيف كانت علاقتهم بحكّامهم؟ وهل اقتصرت مواقفهم على الغضب والخطب أم كانوا يواجهون الظالم بجرأة وثبات على قول الحقّ مهما كانت العواقب؟


بعد أن قضى الغرب الكافر على دولة الإسلام بمكر ودهاء كبيرين وبمعونة خونة من أبناء الأمّة انضبعوا بالثّقافة الغربية وباعوا دينهم وأمّتهم مقابل حفنة من المال أو مركز سياسي عال وضعفت نفوسهم أمام إغراءاته الزائفة ووعوده الكاذبة...


بعد أن أسقط هذا العدوّ الدّولة الأولى التي كانت تقود العالم وتنير دربه وكانت مركز الحضارة والمدنيّة الذي يقصده النّاس من كل حدب وصوب لتخلّي المسلمين عن حمل الرسالة وتأدية الأمانة ونشر الإسلام في كلّ الربوع وتقاعس العلماء عن أداء مهمّتهم...


تغلغلت مفاهيم الحضارة الغربيّة في نفوس المسلمين يردّدونها ويرفعونها وهم بذلك يغرسونها حربة مسمومة تنال من دينهم ومن مفاهيمه النقيّة الصّافية لتتلوّث فتصبح عكرة دون أن يقف العلماء من ذلك الموقف الحاسم الذي يبيّن ويُجلّي للمسلمين حكم ذلك شرعا.


إنّ ما أصاب الأمّة اليوم يستدعي من المسلمين - والعلماء خاصّة - الوقوف وقفة جريئة صريحة لنصرة هذا الدين وتوضيح أحكامه وبيان أنّ نكبة الأمّة بابتعادها عنه وعدم تحكيمه في حياتها وهو ما جعلها ضعيفة هزيلة يتكالب عليها الأعداء ويمزّقون جسدها أشلاء.


على العلماء أن ينيروا درب أمّتهم ويبيّنوا لها أنّ القضيّة المصيريّة هي عودة دولة الإسلام وأنّ العدوّ الحقيقيّ هو الغرب الكافر وأعوانه من بني الجلدة الذين خانوها وباعوا ثرواتها وأراضيها. فإن هم لم يقوموا بذلك ولم يمنعوا الباطل ولم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ولم يقفوا من حكّامهم موقف المحاسبين فكيف يكونون علماء؟ وأنّى لهم بمنزلة الأنبياء؟!!


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ، كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتْ النُّجُومُ، أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ» فالعلماء نعمة من نعم الله تعالى على النّاس وهم مصابيح يُهتَدى بها للخروج من ظلمات الشكّ وضلالة الأفكار والمفاهيم هم نجوم - كما وصفهم الحبيب المصطفى - تنير الدّروب وتهدي القلوب وهم ورثة الأنبياء... قال عليه الصلاة والسلام: «... وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».


هذه هي المنزلة العليا للعلماء العاملين وهذا فضلهم؛ فهم الآمرون بالمعروف والنّاهون عن المنكر والمحاسبون للحكّام والقائمون على مصالح المسلمين مهما كلّفهم ذلك من مشقّة وعناء وأذى، إنّهم الساهرون على أحكام الإسلام الحارسون لها؛ يدعون حكّامهم إلى الالتزام بها وعدم التفريط فيها وينصحون الأمّة ويرسمون لها طريق النّجاة ولا يخافون في ذلك لومة لائم.


إنّه وبالرغم من تطبيقهم لأحكام الإسلام وحمله رسالة عن طريق الجهاد ورغم رعايتهم للمسلمين لم ينج بعض الحكّام سابقا من محاسبة العلماء لهم وإنكارهم عليهم فكان بعضهم لا يقبل مواقف العلماء حرصاً منهم على هيبة الحكم وحباً في السلطان، أو لغفلة ينسون الله فيها فكانوا ينالون من هؤلاء فيعذّبونهم ويلقون بهم في غياهب السجون ليصرفوهم عن الوقوف أمامهم وعن إظهار فساد حكمهم إلا أنّهم لا يرون منهم إلا إصرارا على قول الحقّ وثباتا على النّصح والمحاسبة.


لقد أظهر العلماء في تلك العصور أثر قوّة إيمانهم بالشريعة فتحمّلوا بصبر وشجاعة وثبات نتائج جهرهم بكلمة الحقّ عند سلطان جائر دون خوف ولا تردّد لا يهابون الحكّام ولا يخشون عقابهم ولا تنكيلهم ولم يستطع الحكّام الظالمون الذين تولّوا أمر الإسلام استيعاب هؤلاء العلماء الأبرار وتسخيرهم لتنفيذ أهوائهم أو السّير في ركابهم المعوجّ رغم ما كانوا عليه من قوة بأس وشدّة وجبروت...


فسنة 637هـ تولّى العز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء خطابة جامع دمشق من قبل الملك الصالح إسماعيل. ولكنّ هذا المنصب للعزّ لم يدم طويلاً، إذ عزل منه سنة 638هـ بعد أن قام العز رحمه الله تعالى بمحاسبة الملك إسماعيل في حادثة الخيانة السياسية المشهورة إذ لم يرض العزّ أن تدنّس قدسيّة منبر الجامع التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بالمداهنة والسكوت على الحق. فكان جزاؤه أن عزل وحبس.


يقول الإمام الغزالي في إحيائه (ولما علم المتصلّبون في الدّين أنّ أفضل الكلام كلمة حق عند سلطان جائر وأنّ صاحب ذلك إذا قتل فهو شهيد كما وردت به الأخبار، قدموا على ذلك موطّنين أنفسهم على الهلاك ومحتملين أنواع العذاب وصابرين عليه في ذات الله تعالى ومحتسبين لما يبذلونه من مهجهم عند الله.

 

ولعل من الأمثلة البالغة التي تبيّن صدق العلماء في نصحهم وبذلهم أنفسهم في سبيل ذلك ما حدث للعالم حطيط الزيّات زمن الحجّاج الذي لم يرقه قول حطيط الصادق فيه وفي أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فأذاقه من العذاب ألوانا وكان الموت مآله وعمره ثماني عشرة سنة... موقف آخر لأحد العلماء نصح فيه الحاكم ولم يخش بطشه ولا غضبه وكانت ردّة فعل الخليفة - خلاف ما كان من ردود ذكرناها - فقد أنصت الحاكم إلى هذا العالم الجليل وعمل بالنصيحة لقد وقف الشيخ عبد القادر الكيلاني على منبره محاسباً المقتفي لأمر الله الذي ولّى يحيى بن سعيد القضاء وكان ظالما فقال مخاطباً له: ولّيْتَ على المسلمين أظلمَ الظّالمين، فما جوابك غداً عند ربّ العالمين أرحم الرّاحمين. فارتعد الخليفة وعزل يحيى.


هذه بعض مواقف علماء المسلمين الذين عاهدوا الله على حراسة دينه كلّفهم ذلك ما كلّفهم...


إنّ محاسبة الحكّام حقّ للأمّة وفرض عليها، وهي على علماء الأمّة فرض عين فهم قادتها والقائمون على مصالحها والحارسون لدينهم والمبلّغون لأحكامه والدّاعون لتنفيذها قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَر﴾.


واليوم!! الأمّة تائهة ضائعة تتكالب عليها الأمم وتتقاسم جسدها أجزاء تذيق أهلها ألوان القهر والظلم والاستعمار فصارت ذليلة عليلة بعد أن كانت عزيزة رفيعة فأين العلماء من أوجاع الأمّة وآلامها؟ هل وقفوا على أصل الدّاء واستأصلوه؟ هل كان فيهم حطيط الزيّات؟ وهل حضر بينهم العزّ؟ - إلاّ من رحم ربّي - معظم علماء المسلمين ساروا على "هدي" حكّامهم ولم يخالفوا لهم أمرا وإن نصحوا فنصحهم لا يتعدّى خطبا جوفاء فضفاضة لا تنير بل تلبّس على المسلمين الحقائق وتجعلهم يتُوهون وسط كلام يندّد وواقع يفنّد. ونحن إن تحدّثنا هنا عن واقع علماء المسلمين فإننا لا نعمّم ولا نرسم صورة سوداوية بل نستثني من الكلّ البعض الذين لاقوا وما زالوا يلاقون الويلات جرّاء حراستهم لدينهم وسعيهم للنّصح وتنوير عقول المسلمين حتّى يقفوا على السبب الحقيقي لما يعانونه وحتّى يضعوا الإصبع على الدّاء ومعالجته العلاج الشافي. فكيف سيكون حال النّاس إن تخلّى عنهم العلماء وتركوهم لقمة سائغة لأطماع ثلّة من الفاسدين؟ الإجابة جليّة واضحة في واقع المسلمين اليوم فقد ابتعد معظم العلماء عن واقع أمّتهم وتجاهلوا أحوالها وهو ما ثبّت هذا الواقع المرير المتردّي وجعل أيّامه طويلة وعذاباته شديدة.


لمّا ولّي عمر بن عبد العزيز الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب ورجاء بن حياة - وهم ثلاثة من العلماء الصالحين - قال لهم: "إنّي قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا عليّ..." واليوم تفتقد الأمّة "لعمر" وتنتظر قدوم من يحكمها بكتاب الله وسنّة نبيّه فيعيد مجدها وتنتظر عودة "ورثة الأنبياء"... فعلى العلماء توضيح الدّرب وتبيان ضرورة العمل لاستئناف الحياة الإسلامية فتعلم الأمّة ما عليها عمله وتحثّ الخطى لتنفيذه حتّى تنقذ أبناءها من بين براثن وحوش آدمية تسعد بإيذاء الآخرين وسفك دمائهم لتحقيق أرباحها المادّيّة وتنفّذ أجنداتها ومصالحها الدّنيويّة.


إنّ ما يحدث لحلب في الأيام الأخيرة وما يصيب أهلها من مجازر يهمّ الأمّة الإسلاميّة جمعاء وعلى رأسها العلماء وهي ليست الجرح الوحيد بل إنّ جراح هذه الأمّة كثيرة وجسدها ينزف غزيرا. فإن لم يعلن العلماء عن حقيقة ما يجري للأمّة وينادون بصوت عال ويصدعون بأنّ الحلّ لأهلنا في حلب وفي غيرها من بلاد المسلمين حلّ واحد... حلّ جذري يقطع دابر أعداء الأمّة وعملائها دون هوادة... حلّ يعيد مجد الأمّة لتحيا بعزّ وتقود العالم إلى النور وتخرجه من هذه الظلمات الحالك ليلها: الحلّ هو الخلافة الرّاشدة الثانية على منهاج النبيّ صلى الله عليه وسلم فهلّا تحسّس علماء أمّتنا طريق نجاتهم ونجاة أمّتهم؟ وهلّا فازوا بلقب ورثة الأنبياء؟؟


يقول سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي إِذَا صَلَحَا صَلَحَ النَّاسُ، وَإِذَا فَسَدَا فَسَدَ النَّاسُ: السُّلْطَانُ، وَالْعُلَمَاءُ»

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


زينة الصّامت

 

3 تعليقات

  • Khadija
    Khadija الأحد، 02 تشرين الأول/أكتوبر 2016م 21:08 تعليق

    أدامكم الله سندا لخدمة هذا الدين .. وسدد رميكم وثبت خطاكم .. ومكنكم من إعلاء راية الحق راية العقاب خفاقة عالية .. شامخة تبدد كل المكائد والخيانات والمؤامرات.. اللهمّ آمين، إنه نعم المولى ونعم النصير..

  • إبتهال
    إبتهال الأحد، 02 تشرين الأول/أكتوبر 2016م 13:18 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

  • ام عبدالله
    ام عبدالله الأحد، 02 تشرين الأول/أكتوبر 2016م 12:03 تعليق

    بارك الله فيكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع