الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
ترامب أصبح رئيسًا للولايات المتحدة،   فهل هناك من لا يزال يعتقد بأن الديمقراطية تعمل؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ترامب أصبح رئيسًا للولايات المتحدة،


فهل هناك من لا يزال يعتقد بأن الديمقراطية تعمل؟!


(مترجم)

 


انتهت الانتخابات الأمريكية أخيرًا، وتمّ تتويج دونالد ترامب فائزًا، ولكن "النكتة" الكبيرة في هذا الاستعراض البهلواني كانت "الديمقراطية". لقد أظهرت هذه العملية المعقّدة للعالم أجمع المخاطر والأخطاء المتأصّلة في النظام الديمقراطي. فقد كانت انتخابات مليئة بالسياسة العفنة والرخيصة من حيث الإهانات الشخصية والهجوم المتبادل بين المرشّحين بدل أن أن تكون نقاشًا حول المبادئ والسياسة الحقيقية. إن هذا الأمر ليس مفاجئًا كون هذه سمات معروفة للسياسة الديمقراطية العلمانية في جميع أنحاء العالم. وكما هو الحال في جميع الديمقراطيات في العالم الغربي، فقد كان الرهاب من الأجانب والخطابات المناهضة للهجرة لكسب أصوات العنصريين الحاقدين من الناخبين هي العلامة الفارقة في الحملة الانتخابية لدونالد ترامب. من هنا ليس غريبًا أنّ العديد من المعلقين السياسيين والإعلاميين قد وصفوا الانتخابات بكونها انعكاسًا للنظام الديمقراطي المنهار في أمريكا. فقد قال جاكوب باراكيلاس نائب رئيس برنامج الأمريكي في مؤسسة كاثان هاوس ومقرها لندن بأن "هذه الحملة تؤكّد على أنّ النموذج الأمريكي للديمقراطية الليبرالية ليس كما يجب أن يكون". كما ظهر معلّق سياسي آخر على راديو إنجليزي يوم إعلان النتائج وقال "هذا ليس فوزًا لترامب ولكنه اتهامًا للنظام السياسي الأمريكي".


لقد كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية مثالاً رائعًا للعالم في ما لا يجب أن يتّصف به النموذج السياسي. لقد كانت أشبه ببرنامج تلفزيوني ولكن تأثيره الخطر على مجتمع النظام الديمقراطي الذي زاد وأضحك هذا المهرجان البهلواني هو أبعد ما يكون عن كونه أمرًا مضحكًا بسبب آثاره السلبية على أرواح ملايين البشر. إن واقع أن رجلاً أهان نصف سكان شعبه وقاد الحملة الانتخابية الأكثر انقسامًا في التاريخ الأمريكي والذي تبجّح باعتداءاته الجنسية ضد النساء والذي أوضح بشكل علني إعجابه الشديد في الطاغية القاتل بوتين، والذي أهان تقريبًا جميع الأقليات في بلاده، الإسبان والمسلمين والعاجزين والمهاجرين،... إن شخصاً كهذا أُتيحت له الفرصة ليكون مرشّحًا رئاسيًا في انتخابات دولة، هي الدولة العظمى في العالم ويصبح رئيسًا لها، إن أمرًا كهذا يعكس الكثير من أخطاء ومخاطر النظام الديمقراطي. يجب أن تُطرح الكثير من الأسئلة حول مصداقية أي نظام سياسي يسمح بإعطاء شرعية قانونية لخطابات عنصرية مقيتة ومثيرة للخلافات الانقسامية! وماذا يقول هذا عن النظرة تجاه النساء في الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم عندما تنتخب رئيسًا تفوّه بأقذر الكلمات ضد النساء؟ بالإضافة لهذا، فإن كون هيلاري كلينتون، وهي امرأة متورطة بتهم الفساد وصاحبة سمعة سيئة في كونها مخادعة وكاذبة، ويتمّ ترشيحها كأفضل مرشّحة ديمقراطية، هو دليل آخر على عفن هذا النظام!.


يتساءل الكثيرون - كيف استطاع ترامب الفوز بالرئاسة؟ وكيف تمّ ترشيح هؤلاء الاثنين الأقل شعبية والأكثر بُغضًا والأقل ثقةً في تاريخ المرشحين للرئاسة الأمريكية عبر تاريخها ليكون أحدهما رئيسًا للدولة الأمريكية؟ حسنًا - أولاً كلمات الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة - إن النظام مزوّر (فاسد)! إنه فاسد لمصلحة النخبة الغنية التي تستطيع إنفاق المليارات على الحملات الانتخابية أو يمتلكون علاقات جيدة مع الشركات الضخمة التي تعرض خدماتها ودعمها السياسي والمالي مقابل مكاسب سياسية عندما يفوز مرشّحوها بالرئاسة. دراسة كبيرة عام 2014 من قبل سيدني مورنينغ هيرالد، نشرت أنّ الأغلبية في الولايات المتحدة لا تحكم حقيقةً، وذكرت أنه "عندما لا يوافق أغلبية المواطنين مع النخبة الاقتصادية أو مع المصالح المنظّمة، فإنهم في الغالب يخسرون... إن تأثير المواطن العادي قريب من الصفر".


بالإضافة لهذا فإن هذه الانتخابات الرئاسية قد كشفت عن عمق الانقسام في المجتمع الأمريكي، حيث فضح انتخاب ترامب العنصرية المتأصلة، ومناهضة الهجرة، وسلوك الرهاب من الإسلام المنتشر في الولايات المتحدة والمجتمعات الديمقراطية الغربية الأخرى، ويشجعها أيضًا الأحزاب اليمينية المناهضة للأجانب. لقد أزالت الوهم بأن النظام الديمقراطي هو النظام الأفضل لإيجاد مجتمعات متماسكة ومتسامحة تُحترم فيها جميع الأديان والأعراف ويعاملون سواسية. إنّ الحقيقة في أن تصريحات ترامب العنصرية المناهضة للمسلمين والمهاجرين قد جعلت منه محببًا لملايين الأمريكيين وكانت سببًا في فوزه عوضًا عن إعاقته في هذه الانتخابات، يثبت الفشل الفظيع للديمقراطية في معالجة مشاكل العنصرية ورهاب الأجانب التي انتعشت في ظل هذا النظام حتى بعد ثماني سنوات من حكم رئيس أسود!!.


من ناحية أخرى، كان فوز ترامب هو صوت احتجاجي - انعكاس لمستوى عدم رضا الناس من مؤسستهم السياسية التي ينظرون إليها، وبحق، بأنها فاسدة وتخدم مصالحها الذاتية، ولا يوجد عندها قلق كبير لحاجات الشعب العام. فقد أوردت إحصائية عام 2013 من قبل بابليك بوليسي بولينغ أنّ الكونجرس أقل شعبية من الصراصير بين الشعب الأمريكي، وكشفت إحصائية عام 2013 لمعهد بيو أنّ ربع الأمريكيين فقط يثقون في أنّ واشنطن تقوم بالأمور الصحيحة، لذا صوّت الأمريكيون الباحثون ببؤس عن التغيير لصالح المليونير لأنهم شعروا بأن فيه انعتاقاً من الوضع السياسي الراهن المهين، حتّى مع كونه يمثّل نفس النخبة الثريّة التي تحكم أمريكا منذ عقود. كتب أحد الكتاب "ترامب هو الأعراض بينما كلينتون هي المرض"، وأوضح أنها سنين من الفشل السياسي وغيرها من الإدارات الأمريكية السابقة هي من أشعلت الجوّ لدعم الديماغوجيين (الزعيم السياسي الذي يسعى لكسب دعم الناس من خلال مناشدة رغباتهم وأفكارهم المسبقة بدلا من استخدام حجة عقلانية) مثل دونالد ترامب الذي استغل الإحباط الاقتصادي للعديد من الطبقة الوسطى والعاملة حتى يتم انتخابه. ولكن الحقيقة أن كلاً من ترامب وكلينتون والمؤسسة السياسية بأكملها هي الأعراض، بينما النظام السياسي الديمقراطي هو المرض بسبب طبيعته التي تفضّل الغني والقوي عوضًا عن الفقير وعامّة الناس. إن السبب الأساسي في عدم المساواة الهائل في الثروة هو الإعفاءات الضريبية التي تُمنح للأغنياء والامتيازات ذات المعايير المزدوجة بين النخب السياسية والرعايا العاديين، من هنا ليس غريبًا أن ربع الأمريكيين المولودين منذ 1980 يعتقدون أن الديمقراطية هي شكل سيئ للحكم، أكثر مما كان عليه قبل 20 عامًا. بحسب مقال لـ"إيكونومين" في الخامس من تشرين ثان/نوفمبر، قال المستشار الديمقراطي السابق في الكونجرس تاد ديلي "المزيد والمزيد من الأمريكيين يمتلكون حسًا وغموضًا متزايدًا بأن حكومتنا ببساطة عاجزة عن معالجة التحديات الأساسية مثل الهجرة، والسلاح، والاستحقاقات، والتجارة، والمناخ، والبيئة، والخصوصية، والأمن، والميزانية الفيدرالية، وتصاعد عدم المساواة، والمال في السياسة... أو حتى الطوارئ الصحية مثل فيروس زيكا... ليست مبالغةً بعد الآن أن تقول إن الديمقراطية الأمريكية محطّمة".


بعد كل هذا، كيف لأحد، ناهيك عن المسلمين أن يعتقد بنجاح "الديمقراطية"؟!


كانت الانتخابات الرئاسية هذه درسًا من الطراز الأول في العالم أجمع، بأن الديمقراطية هي نظام مقسّم محطّم ولا يفي بالغرض. لقد فقدت المصداقية بالكلية! لقد حان الوقت للعالم للبحث عن النظام السياسي البديل - نظام لا تديره النخب السياسية الثريّة لصالح النخب السياسية الثريّة، أو أثرياء عنصريون نرجسيون يبحثون عن القوّة والنفوذ، أو مؤسسة سياسية تجهل كل شيء عن تقديم طريقة عادلة للحياة للجميع وتحل مشاكل البلاد. يحتاج العالم بحق إلى نظام سياسي يهتم بالإنسان؛ المسلم وغير المسلم، الذكر والأنثى، الأبيض والأسود، نظام يمقت العنصرية، ويرفع من شأن المرأة، ويملك حلولاً مضمونة ومجرّبة وذات مصداقية لجميع المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل المجتمعات بدلًا من نظام مبني على الخطابات الحامية الفارغة للناس العاديين. هذا النظام هو النظام الإسلامي الذي تطبقه دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوّة. ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 71]

 


كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


د. نسرين نوّاز


مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

1 تعليق

  • khadija
    khadija الأحد، 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2016م 14:27 تعليق

    أدامكم الله سندا لخدمة هذا الدين .. وسدد رميكم وثبت خطاكم .. ومكنكم من إعلاء راية الحق راية العقاب خفاقة عالية .. شامخة تبدد كل المكائد والخيانات والمؤامرات.. اللهمّ آمين، إنه نعم المولى ونعم النصير..

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع