- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الشباب، الوتيرة التي يعزف عليها الغرب لاستمرار النظام
ما نراه اليوم من استهداف لفئة الشباب بشكل مباشر ومكثف وبأساليب ووسائل متعددة، أمر لافت للنظر. فالمتابعة البسيطة للأحداث تجعلنا نلاحظ أن كل التركيز الإعلامي طوال فترة الانتخابات ومنذ الإعلان على موعدها مرورا بكل أطوارها يقوم على التأثير على الفئة الشبابية عسى أن تكون شريكا لهم في تثبيت النظام المتهاوي، وقد كان الإعلام بكل خلفياته وأجنداته مجندا لهذا الغرض، وحتى أثناء متابعته لعملية الاقتراع يتعمد تقديم نسب المشاركة بأدق التفاصيل ليرسل من خلالها رسائل للشباب لتحفيزه ودفعه للمشاركة. ولا يفوّت فرصة تمرير نداءات من الشيوخ والكهول لهذه الفئة العازفة عن انتخاباتهم.
ورغم أن النتائج معترف بها ومرضي عنها مهما ضعفت نسب المشاركة لكن المهم أن يكون الشباب موجودين في هذه العملية.
لقد كان فسح المجال لبعض الوجوه الجديدة والأيدي النظيفة لخوض الانتخابات نقطة البداية لاسترضاء التونسيين بشكل عام وفئة الشباب بشكل خاص وإيهاما لهم بضرورة الاحتكام للصندوق بوصفه السبيل الوحيد للاختيار والطريق الأوحد للتغيير، في محاولة مفضوحة لاستعادة الثقة في قدرة الديمقراطية على التغيير والصمود. لكن العملية لم تحظ بنجاح يذكر وبقيت نسب المشاركة محصورة في الشيوخ والكهول ولم يكن لمشاركة الشباب أثر يذكر.
فلم يكن هناك بد من الذهاب إلى المساومة في الانتخابات التشريعية، وقد تمثلت هذه المساومة في الدفع للمشاركة بالتخويف من فشل المسار ككل، وتعالت الصيحات بضرورة الذهاب للصندوق بدعوى تمكين الفائز في الرئاسية من كتلة برلمانية توفر له الدعم أثناء فترة الحكم، وكان تخويفهم من إمكانية إعادة الانتخابات في حال عدم التمكن من تشكيل حكومة أمرا واضحا.
أما ما شهدناه اليوم في هذا الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية من ترهيب وتخويف للشباب من إمكانية التزوير والتلاعب بالنتائج ودعاوى اليقظة والتنبه تطلق من هنا وهناك، وما لاحظناه من ترغيب - في القيام بالواجب - بتوفير عطلة مريحة تمكنهم من الالتحاق بأماكن إقامتهم وضمان ذهابهم لمراكز الاقتراع فهو آخر ورقة في الرهان على هذه الفئة، وقد تم الإعداد لها بشكل دقيق ببث جملة من الإشاعات وتداول بعض الأخبار... وقد بدأت فرحة النجاح تظهر في المنابر الإعلامية وحتى على رئيس الهيئة الذي خرج علينا مبتسما مرتاحا وربما قد تلقى شكرا من المسؤول الكبير بما أنه نجح في مهمته وتحققت الغاية وجاء الشباب بأعداد مهمة لانتخاب رئيسهم.
ومن كل هذا نستنتج أن إحساس الغرب بفقد السيطرة وإدراكه أن ديمقراطيته بحاجة لإنعاش وضخ دماء تطيل عمرها، وهذا لن يكون إلا بأنفاس شبابية قد تبعث الحياة في منظومته المتهاوية وتضمن بسط نفوذه لفترة جديدة.
هذا الغرب تمكن من تثبيت عملائه وفرض نظامه قبل رفع الاستعمار العسكري عن البلاد الإسلامية، وقد استقر له الأمر لفترة زمنية فاقت نصف القرن، مدة جعلته يظن أن الأمر حسم لصالحه ولن ينازع نظامه منازع بعد أن وضع ضمانات لذلك كالقوانين والاتفاقيات التي ركزها وفرضها علينا وسياسة التعليم الكفيلة بإنتاج أجيال منقادة لنظامه موالية لسياساته خاضعة له.. لكن الثورات التي حصلت في هذه الدول والتي قادها الشباب جعلت الغرب يعيد ترتيب أوراقه مرات ومرات، وها نحن اليوم نشهد جولة تتميز بدرجة عالية من التحفز لإعادة فئة الشباب إلى بيت الطاعة الغربية.
جولة من الحرب تخاض على أرض تونس التي كان شبابها أول كاسر لقيد النظام الرأسمالي المسلط عليه، لذلك وجب أن يمرر الدرس منها وبمنطق الرفض نفسه يجب على الشباب أن يقبل ويخضع ويوافق. وعلى هذا شُنت حملات وحملات وصرفت أموال طائلة وتجندت لها منظومة كاملة خوفا من أن يكون عزوف الشباب رفضا للمسار فيعيد الثورة مرة أخرى؛ ثورة صحيحة وأهدافها محددة لن يتمكن الغرب وأذنابه حينها من الالتفاف عليها.
ورغم أننا اليوم تحديدا رأينا فرحهم بنجاحهم في جلب الشباب للانتخاب لكننا مدركون أنه فرح مؤقت وزواله قريب، فكشف عجز النظام وعدم تلبيته لانتظارات الشباب سيكون سريعا فتعود الثورة ولكنها عن وعي وببديل واضح يقلب كل حساباتهم رأسا على عقب بإعلان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بإذن الله تعالى.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سهام عروس – ولاية تونس