- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حكومة قرغيزستان تستميت في الدّفاع عن القيم العلمانيّة
بحربها على كلّ من ينشر المفاهيم الإسلاميّة
رغم أنّ أغلب أهلها مسلمون (80%) تأبى حكومة قرغيزستان إلّا أن يكون نظام حكمها علمانيّا وتصرّ على تمسّكها به. ففي ردّها على الجدل الذي قام حول هويّة البلاد سنة 2014 إثر إعلان بيشكيك عاصمة قرغيزستان، عاصمة للثّقافة الإسلاميّة في المنطقة الآسيوية أكّدت الحكومة أنّ ذلك لا يمسّ من علمانيّة الدّولة وما هذه إلّا نشاطات ثقافيّة لا تحيد بالدّولة عن مسارها العلمانيّ.
مسار يجعلها تتعامل - كغيرها من الدّول العلمانيّة التي ترى في الإسلام وشعائره خطرا يهدّد وجودها - بطريقتين مختلفتين وتكيل بمكيالين متناقضين؛ فتدّعي الحفاظ على الشّعائر الدّينيّة من جهة، وتنكّل بكلّ من يعمل على نشر مفاهيم الإسلام ورفع رايته من جهة أخرى. تقول إنّها تؤمّن حقوق الإنسان وحرّيّاته فتعقد الاجتماعات لمناقشة التّدابير الرّامية إلى تحسين نظام حماية هذه الحقوق وهذه الحرّيّات ثمّ تنقض غزلها وتعتقل العديد من أبناء المسلمين وبناتهم وتنكّل بهم.
في 2009 منع رئيس قرغيزستان الحجاب في مدارس التّعليم العام مدّعيا أنّه بذلك يحافظ على القيم العلمانيّة ولا يحيد عن المسار العامّ الذي يحارب (الإرهاب) وكلّ ما يوحي به! لم يتوان عن إبداء موقفه المعادي والرّافض للحجاب وتعدّى على حرّيّة المرأة المسلمة في ارتدائه بقوله "الإسلام ليس بالملابس لكن بالأخلاق والسّلوك، وزعم أنّ القرآن لا يوجد به زيّ إسلاميّ، وأنّ الإسلام حثَّ على نظافة الثّوب فقط على حدِّ قوله" (شبكة الألوكة).
تناقض بيِّن في سياسته فهو يدّعي تمثيل بلاده للثّقافة الإسلاميّة ولكنّه من جهة أخرى يمنع الفتيات المحجّبات من الدّخول إلى المدارس والجامعات ناهيك عن انتهاكات حكومته لحقوق النّساء المسلمات العفيفات وحرّيّاتهنّ إذ تقوم بحملات اعتقالات وترمي بهنّ في السّجون بتهم واهية ملفّقة وتقوم بترويعهنّ وأطفالهنّ وأسرهنّ لا لشيء إلّا لأنّهنّ يعملن لنشر مفاهيم الإسلام ويتقيّدن بأحكامه.
نظام علمانيّ تسير على دربه حكومة قرغيزستان لتظهر ولاءها وتقدّم الطّاعة للهند التي تقدّم لها المساعدات الماليّة وتنفّذ من ورائها مخطّطاتها لضرب الإسلام (الرّاديكالي) والمسلمين، ولا يخفى على أحد حقد الهند وكرهها للإسلام وأعمالها الإجراميّة في حقّ إخواننا المسلمين هناك، فالحكومة القرغيزية تعاني فقرا مادّيّا يدفعها لانتزاع المال من رئيس وزراء الهند عابد البقر!
خواء روحيّ وفقر مادّيّ تستغلّهما بلاد الكفر لصالحها: فتملي على الحكومة القرغيزيّة شروطا وضغوطات لتنفّذ مخطّطاتها للنّيل من المسلمين والتّضييق عليهم والتّنكيل بهم.
في 2015/06/30 عقد رئيس وزراء قرغيزستان اجتماعاً وكّل فيه وزارة الدّاخليّة والأمن القوميّ والمخابرات العامّة بالعمل على التّأكّد والبحث في جميع المنظّمات الإسلاميّة الموجودة في الدّولة. سياسة اتّبعتها الحكومة لتنال من المسلمين هناك تحت العنوان الكبير (الإرهاب) الذي أطلقه النّظام العالميّ الرّأسماليّ العلمانيّ في حربه الحضاريّة الفكريّة ضدّ الإسلام.
تسعى هذه الحكومة كغيرها من الحكومات العلمانيّة إلى ترميم فساد نظامها فترفع الشّعارات والعبارات الرّنّانة لتوهم أنّها راعية للمصالح ومؤمّنة للحقوق والحرّيّات ولكن الواقع يسقط عن وجهها القناع فتظهر سوءاتها وانتهاكاتها لهذه الحقوق والحرّيّات: فيفعلون نقيض ما يقولون.
في 07 شباط/فبراير 2020م استقبل رئيس قرغيزستان أمين المظالم القرغيزي الذي قدّم له تقارير ومعلومات للتّحقّق من الحقائق والطّعون التي يقدّمها أهل البلد بشأن انتهاكات حقوقهم وحريّاتهم، والمساعدة في استعادتها.
تقرير سنويّ لأمين المظالم "حول احترام الحقوق والحرّيّات الإنسانيّة والمدنيّة في جمهوريّة قرغيزستان" يتمّ إعداده وتقديمه إلى المجلس الأعلى القرغيزي. فلمؤسسة أمين المظالم دور خاصّ في اتّخاذ تدابير فعّالة لحماية حقوق الإنسان ومنع أيّ شكل من أشكال التّمييز في الحقوق والحرّيّات المدنيّة ولفت الانتباه إلى الحاجة إلى استجابة سريعة لجميع حقائق التّعدّي على كرامات وحرّيّات المواطنين.
فأين هي مؤسسة أمين المظالم هذه ممّا يحدث للمسلمين وفتياتهم ونسائهم وأطفالهم؟! أين هي من اقتحام أفراد القوّات المسلّحة وتفتيشهم للعشرات من بيوت المسلمين؟!
أين هي التّدابير الفعّالة التي اتّخذتها هذه المؤسّسة لحماية حقوق الطّالبات الثّلاث اللّاتي تراوحت أعمارهنّ بين 18 و20 سنة واللّاتي اعتقلن في 2013 بتهمة نشر الثّقافة الإسلاميّة وحيازة بعض المنشورات وهو ما يتنافى وحرّية التّعبير التي تتشدّق بها علمانيّتهم الكاذبة؟!
أين هي هذه المؤسّسة، التي ستمنع أيّ شكل من أشكال التّمييز في الحقوق، ممّا حدث لأختنا أمانوفا زولفيا التي اعتقلت لمحاولتها، وبعد 14 سنة من خطف القوّات الخاصّة الأوزبكية والدَها فتح تحقيق حول ملابسات قتله في السّجن؟!
أين هي ممّا يقع على الفتيات المسلمات في السّجون من تعذيب وسوء معاملة؟!...
تتواصل أعمال العنف والاعتقالات ضدّ النّساء العفيفات في قرغيزستان وتتجاهل هذه المؤسّسة وغيرها من المؤسّسات والمنظّمات التي تدّعي الدّفاع عن حقوق الإنسان لتكشف حربا تقودها دول الكفر وتدعمها فيها حكومات عميلة تسيّر شؤون المسلمين وتحكمهم بمفاهيم غربيّة غريبة عن دينهم. تتواصل جرائم حكومة قرغيزستان لتداهم في الأيّام القليلة الماضية منازل المسلمات وتعتقلهنّ بتهمة الانتماء إلى منظّمة محظورة غير آبهة بالمريضة منهنّ أو المعيلة لوالديها أو الحاضنة لأطفالها: تضرب بكلّ شيء عرض الحائط وترمي بكلّ شعاراتها الرّنّانة أرضاً حتّى تظهر تفانيها في تنفيذ الإملاءات ووفاءها للقيم العلمانيّة.
إنّ معاناة أخواتنا في قرغيزستان لن تنهيها إلّا دولة يقوم عليها إمام يحكم بالإسلام فلا يسمح بأن يُنتهَك عرضٌ ولا أن تسيل دماء مسلم أو مسلمة فيجيّش الجيوش ويذود عن رعايا دولته ويحميهم. لن تنتهي معاناتهنّ ومعاناة المسلمات في كلّ مكان إلّا بقيام دولة الخلافة التي بها يعشن حياة طمأنينة وأمان.
نسأل الله أن يعجّل بها لتمسح الآلام وتلملم الجراح.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير
زينة الصّامت