الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الوسط السياسي جسم غريب عن الأمة الإسلامية تماما كغربة كيان يهود

 

تترقب الأوساط السياسية في السودان الإعلان عن تدشين جمعية سرطانية غريبة على شمائل أهل السودان المحبين للإسلام والمسلمين، جمعية ما وجدت لولا الوسط السياسي المرتزق الذي لا تهمه قيم ولا دين ولا أخلاق ولا إنسانية فقط هو مطيع لمن يدفع أكثر! فتجدهم في كل المخططات التي تعصف بالأمة لا يألونها خبالا. هذه الجمعية تذكرنا بالجمعيات التي تكونت في نهاية الدولة العثمانية ومعظمها بمخططات يهود والتي أوقعت المجتمعات في أبشع حركة تغريب وتدمير للقيم الإسلامية بنقلها من مجتمعات إسلامية إلى مجتمعات غربية، وهذا سبب ما تعيشه المنطقة اليوم من علمانية وبُعد عن شرع الله.

 

الجمعية هي جمعية شعبية للصداقة مع يهود، بينما نفى مجلس الصداقة الشعبية العالمية "حكومي"، صلته بهذه الخطوة، ورغم ذلك جرى تعميم دعوة لمؤتمر صحفي يعقد السبت للإعلان عن تدشين الجمعية وسط أنباء عن وقوف رئيس حزب الأمة للإصلاح مبارك الفاضل خلفها، الفاضل الذي عرف بتأييده القوي لتطبيع العلاقات مع يهود، وذلك منذ سنوات، حيث قال في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط في شباط/فبراير الماضي (إن أصحاب القضية طبعوا مع يهود بتوقيع اتفاقية أوسلو، وتعني القبول بيهود والتعايش مع يهود في دولة واحدة، بما فيهم السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وقبلوا الحكم الذاتي)، نعم صدق الرجل إنه سلام الحكومات وليس سلام الشعوب، فكل ما ذكره هو حبر على ورق، والأمة تعرف جيدا يهود، فقد أخبرها ربها بأنهم قوم بهت ولا صداقة معهم وهم العدو اللدود لها ولدينها.

 

وفي خطوة دعائية مضللة قالت الجمعية في بيان صحفي إن عضويتها وصلت 10 آلاف في الداخل والخارج، وانتقدت الجمعية ما أسمته "عصر الدولة البوليسية"، والتحايل على القوانين لإيقاف الأعمال المشروعة! في إشارة لرفض تسجيلها لدى مجلس الصداقة الشعبية العالمية، وأعلنت عن الاستمرار في العمل رغم منع قيام مؤتمرها الصحفي. مجلس الصداقة الشعبية من جانبه يوقع نفسه في تناقض مزرٍ حيث أعلن أنه لم يشرع في تكوين جمعية الصداقة السودانية اليهودية، وهو في الحقيقة قبل جمعيات صداقة كل شعوب العالم التي لا تقل عداوة عن يهود! فهناك جمعيات صداقة أمريكية وأخرى روسية وفرنسية... الخ.

 

والحقيقة أن منع الجمعية من مزاولة عملها هو أمر يثير الدهشة، فالحكومة نفسها تبرز مؤشرات عديدة بأنها تبحث عن مخرج لتبرير التقارب مع يهود كخطوة مطلوبة من أجل رفع اسم السودان عن قائمة أمريكا السوداء، وكل ما تناقلته الأنباء عن اجتماعات الخزي في دبي للتطبيع مع يهود يفترض أن يلجم الحكومة عن أي سبب يمنع جمعية كهذه، هذا الوسط السياسي الذي يفتقد لأدنى درجات التمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية هو جسم غريب عن الأمة الإسلامية تماما كغربة كيان يهود لأن الوحدة والاندماج مفقودين بين الأمة الإسلامية بوصفها جسداً واحداً، وبين كيان يهود المحتل لأرض المسرى، والمنتهك للأرض والعرض، بل العداء والكره هو السائد، لأن القرآن الذي لن تبدله الأموال السياسية القذرة ينطق بحقيقة يهود، أما تاريخ يهود التآمري على الإسلام فلا يخفى على أحد، وهو مرآة تعكس حقيقة يهود وتترجم حاضرهم، وتنبئ بمستقبلهم الوشيك الذي يشهد عليه حديث الرسول ﷺ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ يهود، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ يهوديُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ يهود» (رواه مسلم)...

 

ولحكومة الفترة الانتقالية ومكوني جمعية الصداقة الشعبية بين يهود والسودان نقول: من لا يقرأ التاريخ يفقد حاضره، ويضيع مستقبله، ويصبح غريباً عن أمته مهما طال زمانه، لكن على العكس ستخلد الأمة سياسيين قرأوا التاريخ وتمسكوا بقيم ومبادئ أمتهم في علاقتهم مع الأعداء، ونوجز لهولاء الساسة، فاقدي البوصلة، قصة من التاريخ المشرق لساسة الأمة العظماء:

 

في حزيران/يونيو عام 1896م التقى مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة ثيودور هرتزل بالسلطان عبد الحميد الثاني في إسطنبول، حيث طلب من السلطان السماح بهجرة يهود إلى فلسطين لإنقاذهم من التمييز البشع الذي يمارس ضدهم في أوروبا والقيصرية الروسية، مقابل سداد جميع ديون الإمبراطورية العثمانية، فرد عليه السلطان عبد الحميد غاضباً "لا أستطيع بيع حتى شبر واحد من فلسطين، لأن هذه الأرض ليست ملكاً شخصياً لي بل هي ملك للأمة الإسلامية، والله لو قطعتم جسدي قطعة قطعة لن أتخلى عن شبر واحد من فلسطين". من باع فلسطين اليوم؟ لقد كان السلطان على علم تام بالخطط الصهيونية تجاه فلسطين، عكس ساسة اليوم الذين لا ينظرون إلا تحت أقدام أعدائهم. فقد اطلع السلطان عبد الحميد على كتاب (الدولة اليهودية) لمؤلفه ثيودور الذي نشر بتاريخ 14 شباط/فبراير 1896م، أي قبل اللقاء بينهما بعدة شهور. وقد بين ثيودور في كتابه أن "يهود قومية بلا وطن ولا تحل قضيتهم إلا من خلال وطن يجمعهم ولا بد أن يكون هذا الوطن في أرض الله الموعودة فلسطين؛ التي وهبنا إياها الرب"! ليت ساستنا يقرأون القرآن الذي يؤكد زوال دولة يهود، وهو في متناول اليد. إن يهود كيان غريب زرع في قلب الأمة الإسلامية عنوة، وإنه أشبه بالفيروس الذي يخترق الجسم فيسبب في البداية وهناً في الجسد لكن ما يلبث الجسم أن يحرك عناصر الوقاية ثم المقاومة فيبدأ الجسم يسترد عافيته ويقضي على الفيروس. لا خوف على الأمة الإسلامية من هذا الجسم الغريب فليس أمامه إلا أن تلفظه الأمة مع كل أصدقائه ومؤيديه.

 

أخيراً هناك مشكلة لدى الطبقة السياسية في العالم الإسلامي، وهي قصر النظر الحاد وعدم الحصول على المعلومات الصحيحة الصادقة، إلا بعد فوات أوانها، وبعد زوال ملكهم؛ فأجهزة الدولة مشغولة بمراقبة المواطن، وإحصاء أنفاسه، حتى لا يثور على الأوضاع المزرية، أما ما يخطط للأمة في الخارج من مكائد ودسائس فهم الداعم والمؤيد لها مقابل مصلحة مؤقتة، وبهذا يتأكد وجوب إقامة صداقة صادقة بين الطبقة السياسية والأمة الإسلامية، ولن يكون ذلك إلا بكنس هذه الطبقة السياسية، صديقة أعداء الأمة، لتنهض الأمة من كبوتها، وتصحو من سباتها، فلا بد من قائد رباني مخلص صالح، يكون هدفه مصلحة الأمة الإسلامية، يدعو للأمة وتدعو له، ونجتمع على مرضاة الله في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

 

كتبته لإذاعة المكتب الاعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذة غادة عبد الجبار (أم أواب) – الخرطوم

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع