الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الأمة الإسلامية قادرة على التغيير

 


في ظل ما تعيشه دول العالم وشعوبه من وضع صعب ومخيف نتيجة انتشار وباء كورونا القاتل الـمَهين الذي لا يكاد يبين، متحدياً حضارة الغرب بالذات حيث أصاب بالدرجة الأولى أكابر مجرميها، أمريكا ودول أوروبا ومعهما الصين، كاشفاً زيفها وسوء أنظمتها على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ حيث بدت أمام هجومه أنها حضارة خاوية على عروشها، وأنها على شفا جرف هار، وتنتظر أن تنهار. فقد أثبت هذا المبدأ الرأسمالي الغربي فشله، وأصبحت البشرية تفتش عن بديل حضاري صالح لقيادتها، وهذا البديل الذي أثبت نجاعته وفاعليته طوال ثلاثة عشر قرناً من الزمان هو مبدأ الإسلام، ومن أهم ما يميز هذه القوة المبدئية أنها مبنية على العقل أولاً، وأنها من عند خالق الكون والإنسان والحياة ثانياً، أي هي طاقة فكرية إيمانية روحية من عند العليم الخبير القدير المدبر لشؤون الكون، هذه القوة المبدئية لا تقتصر على العقيدة بل وتشمل شريعة ونظاماً للحياة في كل جوانبها، تحتاج منا الإقبال عليها بكليِّتنا، دون تردد أو تأخر، إقبال المؤمنين بها الواثقين بحلولها ومعالجاتها. إن الأمة الإسلامية وحدها مؤهلة لقيادة العالم وإخراجه من أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحل هذه المشاكل والأزمات والقضاء على حالة الفوضى والاضطراب. فنصوص القرآن التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ تدل على عالمية رسالة الإسلام بصراحة، منها قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.


فمن الناحية السياسية ينظر الإسلام إلى العالم بوصفه محلاً لحمل رسالة الإسلام التي تخرجهم من الظلمات إلى النور، وتوجد الاستقرار السياسي في العالم بما تحمله الأمة الإسلامية من رسالة ربانية تجعلها خير أمة أخرجت للناس، تسعى إلى إنقاذهم من الظلم والجور والضلال إلى العدل والهداية. والإسلام في حمله للعالم لا يتخيَّر بين غثٍّ وسمين، ولا بين بلد غني وآخر فقير، وهو لا يطمع في ثروات البلاد الأخرى فيستعمرها ويسرق ثرواتها ويترك أهلها مشرَّدين يقتلهم الجوع والمرض، ولا يؤجِّج الفتن والحروب والصراعات بين أبنائها لتخلو له الأجواء ليعيث في البلاد الفساد والإفساد، بل إنه بمجرد دخول البلاد تحت حكم الإسلام يصبح لها ما لباقي أجزاء الدولة وعليها ما عليها من الحقوق والواجبات؛ كل ذلك امتثالاً لوصية رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه مسلم وأبو داود عـن سليمان بن بُريدةَ، عـن أبيه أنَّ النبي ﷺ قال: «اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، اغْزُوا وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيداً».


وأما من الناحية الاقتصادية، فإن نظرة الإسلام للمشكلة الاقتصادية نظرة صحيحة باعتبارها في توزيع الثروة وليست في الإنتاج، والضامن الوحيد لهذا التوزيع بل لتوزيع عادل يضمن إشباع حاجات جميع الأفراد، هو نظام منبثق من عقيدة روحية سياسية من لدن لطيف خبير يحيط بحاجات عباده ومصالحهم، ويوافق ما في فطرة الإنسان من عجز واحتياج إلى خالق مدبر، هو نظام طالما ارتقى بحياتهم إلى حياة كلها رفعة وسعادة ورفاه وطمأنينة وأمن وأمان، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.


فقد شرع الإسلام أحكاماً شرعية ليضمن توزيع الثروة بين الناس، وليحول دون اختلال التوازن الاقتصادي بين أفراد المجتمع الإسلامي وذلك بتكاليف شرعية عديدة تواكب كل زمان ومكان؛ كفرض الزكاة، وتوزيع الدولة من أموالها على أفراد الرعية المحتاجين دون مقابل، ومنع كنز المال، وتأمين الدولة في الإسلام الحاجات الضرورية لكل فرد من رعاياها، كالتطبيب، والتعليم، وكالأمن.


وأما على مستوى الأسرة والعلاقة بين الرجل والمرأة، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ فقد جعل الإسلام منزل الزوجية مقرّاً للسّكينةِ والعيش الهنيء والاستقرارِ، تجمع بين أفراده المحبّة والرّحمة، ومفاهيم الإسلام مفاهيم راقية تجعل الرّوابط الأسريّة وثيقة وفريدة، تحدّد الأدوار وتجعل لكلٍّ وظيفته بحيث يكمّل الواحد الآخر في تكامل فريد، بالإضافة إلى أن الإسلام جعل العلاقة بين الرّجل والمرأة علاقة سلم ووئام وتكامل وانسجام، لا علاقة حرب يكثر فيها النّزاع والصّراع والخصام، فقد كرّم المرأة وأعزّها ونظّم علاقتها بالرجل في جميع مجالات الحياة وجعل لها دوراً مهماً في بناء المجتمع إلى جانب الرجل بحيث يكمّل كل منهما دور الآخر في الارتقاء بمستوى المجتمع الإسلامي والنهوض به. أما ما يتعلق بعلاقة الأفراد مع بعضهم فقد نظمها بأحكام تضمن وجود الألفة وبقاء المودة بين المسلمين كوجوب صلة الأرحام، والإحسان إلى الجار، وكظم الغيظ، والستر على المسلم إذا رأى منه معصية، وعدم إشاعة الفاحشة بين الناس، ودعوة المسلم أن يحب لأخيه المسلم كما يحب لنفسه، ودعوة الناس أن لا يتباغضوا ولا يتحاسدوا.


أما على مستوى التعليم فإن الإسلام جعل الأساس الذي يقوم عليه منهج التعليم هو العقيدة الإسلامية، وجعل سياسة التعليم هي تكوين العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، فتوضع جميع مواد الدراسة التي يراد تدريسها على أساس هذه السياسة. ويسعى إلى أن تكون الغاية من التعليم هي إيجاد الشخصية الإسلامية وتزويد الناس بالعلوم والمعارف المتعلقة بشؤون الحياة حتى ينتج أفراداً مبدعين ومنتجين للمجتمع، وتُنتهج طرق التعليم على الوجه الذي يحقق هذه الغاية وتمنع كل طريقة تؤدي لغير هذه الغاية.


إنّ الأمة الإسلامية بحكم تمسكها بالعقيدة الإسلامية، وبحكم إيمانها بوجوب عودتها إلى الله، وعودة سيادتها على الأمم الأخرى، كل هذا جعل مشاعرها مشاعر إسلامية عارمة، وجعل أحاسيس النهضة والتغيير موجودة فيها دائماً. ولما كان هناك العديد من النصوص والأعمال التي ركّزت الروح الجماعية في الأمة؛ فقد وجد فيها الميل الطبيعي للتكتل والعمل الجماعي. هذا هو واقعها؛ أمة فيها بعض الأفكار والمفاهيم الإسلامية، والمشاعر فيها مشاعر إسلامية، والروح الجماعية مركزة فيها، وضرورة التغيير، يحركها هذا الواقع الفاسد الذي تعاني منه. فأمةٌ هذا حالها، يدل على أن لديها طاقة كافية للتغيبر، فلو تركت وشأنها لتحولت هذه الأحاسيس والمشاعر إلى فكر صحيح. ولكان هذا الفكر قد أنتج عملاً ينهض بالأمة ويغيِّر حالها. هذا بالإضافة إلى وجود طاقات بشرية قادرة على القيادة وإدارة شؤون الأمة إلى جانب وجود علماء وكوادر متعلمة لديها القدرة على النهوض بجوانب الحياة المادية.


ثم إن الأمة الإسلامية تمتلك ثروات هائلة ليس بمقدور العالم التخلي عنها، ومن ذلك مثلاً المخزون الهائل من الطاقة، وما بين قيام الخلافة ومحاولات القيام بحرب ضدها، تكون الخلافة قد قطعت تلك الإمدادات عن العالم كله، فتستفحل الأزمات الاقتصادية، وتتعطل الحياة في الغرب بحيث تتعرض حكوماته لضغوط شعبية هائلة، فتمد دولة الخلافة يدها لإقامة تحالفات استراتيجية مهمة مقابل تلك الطاقة، فتقسم المعسكر المناوئ قسمين وتجعل مهمة القسم المعادي بالغة الصعوبة. وتتعاقد مع علماء وشركات عابرة للقارات على إنشاء صناعات ومراكز أبحاث أو شراء معدات لازمة، وتبدأ رحلة التصنيع الثقيل ونقل التكنولوجيا. هذا إلى جانب ما تمتلكه الأمة الإسلامية من مؤهلات تجعلها مكتفية ذاتيا من الناحية الزراعية والصناعية نظراً لموقعها الجغرافي وطبيعة مناخها وتركيبة تربتها، فما هو موجود في بلاد المسلمين يعادل أضعاف أضعاف ما هو موجود في بلاد الغرب من الثروات، فبالرجوع إلى ما هو معلن من قوائم وإحصاءات في مواقع الموسوعات مثل ويكيبيديا وغيرها، وعند النظر إلى أرقام الإحصاءات لأية مادة استراتيجية على وجه الأرض تجد أن مجموع ما في بلاد المسلمين يزيد مرة أو مرتين عن أعلى دولة تتصدر القائمة حالياً. وأما النسبة المئوية فتكون غالباً فوق 55% من الإنتاج العالمي أو الاحتياطي العالمي لتلك المادة، ولو أخذنا كل دولة على حدة؛ فمثلاً حصة تركستان الشرقية في إنتاج القمح هي الثلث تقريباً، وهي بلاد مسلمة محتلة، لعرفنا أن مجموع بلاد المسلمين يساوي ضعف مرة ونصف ما لدى الصين، أي أكثر من سدس الإنتاج العالمي. وعندها يكون مجموع ما في بلاد المسلمين رغم التأخر الحالي أعلى من أعلى دولة في العالم، وهكذا تأتي معظم الإحصاءات في صالح مجموع البلاد الإسلامية بفارق ضخم يبين مدى شراسة المستعمر في كبح حركة الأمة نحو التغيير وتوجيهها نحو تثبيت مبدئه وهيمنته.


إن التغيير المنشود الذي نطمح إليه كأمة هو بإمكاننا وضمن طاقاتنا وقدراتنا المحدودة والكامنة في نفوسنا، وفي مبدئنا، وفي أمتنا، ولقد جرت سنة الله تعالى الإلهية بنصر من ينصره، وقد وعد الله تعالى، ووعده حق، بنصر المؤمنين واستخلافهم والتمكين لدينه، ومن كان الله تعالى ناصره فلا غالب له.


فما علينا إلا أن نغذ السير في حمل الدعوة ونأخذ بالأسباب ونتوكل على الله ونخلص في العمل حتى نستحق هذا النصر الذي وعد الله به فقط عباده المخلصين ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نهال محمد – الأرض المباركة (فلسطين)

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع