- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب التحرير جدير بقيادة البشرية إلى بر الأمان
"في الحقيقة ينبغي أن يحظى حزب التحرير بكامل اهتمامنا دون أن يشاركه أحد هذا الاهتمام"، بهذه الكلمات افتتح أوليفر جيتا مقاله المنشور في مجلة ويكلي ستاندارد بتاريخ 2007/10/1م، بعنوان "حزب التحرير تتعاظم قوته على مستوى العالم"، ولقد أشار الكثيرون إلى ضرورة وضع حزب التحرير تحت مجهر الاهتمام في دراسات أجراها العديدون من أمثال مركز نيكسون للدراسات ومؤسسة هيريتاج للدراسات ومعهد جيمس تاون وغيرهم.
وقدَّمت زينو باران مديرة قسم الأمن الدولي وبرامج الطاقة في مركز نيسكون هذا الموضوع خلال شهادتها أمام اللجنة المصغَّرة (حول الإرهاب والتهديدات والقدرات)، وهي اللجنة المتفرعة عن لجنة الخدمات العسكرية في الكونغرس الأمريكي، حيث قدمتها أمام اللجنة المذكورة في 2006/3/14م. وخاطبت الكونغرس مذكرة إياه على حد تعبيرها "بأن حزب التحرير يشكل مجموعة من التهديدات للمصالح الأمريكية، وهو يساهم في خلق تمايز وانفصال بين الغرب والمسلمين، ويسهم في بث روح العداء لأمريكا والسامية"، وتضيف محذرةً الكونغرس من أن هذا الحزب هو "الحزب الوحيد الذي يتحدث عن الأمة والخلافة بمفهوم جامع لكل الأمة، وليس في الدولة أو الدول التي يدعو فيها مثل الجماعات الأخرى"، وأنه قد أحرز "تقدماً جدياً واسع الانتشار وخطيراً باعتباره المقاتل الرئيسي في حرب الأفكار".
فما هو حزب التحرير الذي أرق مضاجع الغرب الكافر؟
هو حزب سياسي مبدؤه الإسلام، ويعمل بين الأمة ومعها لاستئناف الحياة الإسلامية، في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. ويتخذ من الصراع الفكري والكفاح السياسي وسيلة لإيصال الإسلام إلى الحكم، أما العمل المادي فيعتبره حزب التحرير مخالفاً لطريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة. ويهدف الحزب إلى إنهاض الأمة النهضة الصحيحة بالفكر المستنير، ويسعى إلى أن يعيدها إلى سابق عزّها ومجدها، بحيث تنتزع الأمة زمام المبادرة من الدول المسيطرة على المسرح الدولي، فتعود الدولة الأولى في العالم، كما كانت في السابق، تسوسه وفق أحكام الإسلام. كما يهدف إلى هداية البشرية، وإلى قيادة الأمة للصراع مع الكفر وأنظمته وأفكاره، حتى يعم الإسلام الأرض.
وكان قيام حزب التحرير استجابة لأمر الله سبحانه: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، بغية إنهاض الأمة الإسلامية من الانحدار الشديد، الذي وصلت إليه، وتحريرها من أفكار الكفر، وأنظمته، وأحكامه، ومن سيطرة الدول الكافرة ونفوذها بغية العمل لإعادة دولة الخلافة إلى الوجود، حتى يعود الحكم بما أنزل الله، لتستأنف الأمة الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم. وهذه الغاية تعني إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلامياً في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيرة وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة الخلافة، التي ينصب المسلمون فيها خليفة يبايعونه على السمع والطاعة على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ.
فلا غرابة أن يحوز حزب التحرير وغايته ونشاطه اهتمامَ الغربيين بشكلٍ خاصٍّ، واهتمامَ المسلمين بشكلٍ أشد خصوصية وأبعد اهتماماً، فحزب التحرير ليس حزباً عادياً من ذوي الطرح الكلاسيكي، الشعاراتي، القائم على تهييج العواطف، ومن ثمّ الإفراج عنها في حركات لولبية حول الذات، بل هو حزب يملك مشروعاً ضخماً وكبيراً جداً إلى درجة أن بعضهم وصفه بأنه (مشروع خياليّ) ولم يكن أصحاب هذا الوصف مُتَّسِمين بالإنصاف وبُعْدِ النظر؛ لأن مشروع حزب التحرير يقوم على أساس التخلص من كل الأنظمة التي تحكم البلاد الإسلامية كافة، ويستبدل بها كلها نظاما سياسيا واحدا فقط، مطبقاً الشريعة وحاملاً إياها رسالة رحمة ونور إلى العالم، وهذا النظام السياسي هو الخلافة التي يسعى الحزب ويكافح من أجلها.
وقد أعد حزب التحرير عدته، فأصدر عشرات الكتب ولديه ثقافة ثرية يتزود بها شبابه لحمل الدعوة في معترك الحياة وحتى تصنع منهم رجالا قادرين على قيادة العالم بمبدأ الإسلام العظيم. ومن هذه الكتب:
(نظام الإسلام - التكتل الحزبي - منهج حزب التحرير في التغيير - مفاهيم حزب التحرير - من مقومات النفسية الإسلامية - الدولة الإسلامية - أجهزة دولة الخلافة في الحكم والإدارة - نظام الحكم في الإسلام - النظام الاجتماعي في الإسلام - النظام الاقتصادي في الإسلام - الأموال في دولة الخلافة - الشخصية الإسلامية من ثلاثة أجزاء - مقـدمـة الدسـتـور أو الأسـباب المـوجبة له القسـم الأول "أحكام عامة، نظام الحكم، النظام الاجتماعي" - مقـدمـة الدسـتـور أو الأسـباب المـوجبة له القسـم الثاني "النظام الاقتصادي، سياسة التعليم، السياسة الخارجية" - أسس التعليم المنهجي في دولة الخلافة - نظرات سياسية لحزب التحرير - أفكار سياسية لحزب التحرير - قضايا سياسية "بلاد المسلمين المحتلة" - دخول المجتمع - نقطة الانطلاق لحزب التحرير - النداءُ قبل الأخير من حزب التحرير إلى الأمة الإسلامية بعامة وإلى أهل القوة والمنعة فيها بخاصة "1436هـ - 2015م" - نـداءٌ من حزب التحرير إلى الأمّـة الإسـلامية وبخـاصّـة أهـلُ القـوّة فيها "1426هـ - 2005م" - الكفار الغربيون يعملون على فصل جنوب السودان عن شماله "1423هـ 2002هـ" - نداء حار من حزب التحرير - التفكير - سرعة البديهة السياسة الاقتصادية المثلي - نقض الاشتراكية الماركسية - كيف هدمت الخلافة - أحكام البينات - نظام العقوبات - الديمقراطية نظام كفر - حكم الشرع في الاستنساخ ونقل الأعضاء وأمور أخرى - سياسة التصنيع وبناء الدولة صناعياً... وغيرها الكثير). كما أصدر عشرات الآلاف من النشرات والبيانات الصحفية ملقياً الضوء على الوقائع الجارية وربطها بالعقيدة الإسلامية.
أما الأعمال التي قام بها حزب التحرير فهي لكثرتها لا تعد ولا تحصى، ولا تسعها المجلدات، والحزب لم يتوقف يوما عن عمله الجاد تجاه قضيته المصيرية، بل ولا ساعة منذ أن أنشئ هذا الحزب في العام 1953م على يد العالم الجليل والمجتهد المطلق، الشيخ تقي الدين النبهاني.
فالحزب يستقي كل أفكاره وآرائه وأحكامه ومواقفه من الإسلام، وقد شخَّص حالة العالم الإسلامي بأنه حال منحط، وأن سبب انحطاطه هو غياب الإسلام عن واقع الحياة، ولكي تعود الأمة الإسلامية ناهضة كان لا بد من العودة إلى الإسلام. وهنا يظهر تميز الحزب عن غيره، حيث يرى العودة إلى الإسلام من منظور أكثر دقة، إذ يعتبر الحزب العودة إلى الإسلام تتمثل بإعادة الإسلام إلى معترك الحياة في ظل دولة الإسلام (الخلافة). يظهر ذلك في ركنين أساسيين وهما: (استئناف الحياة الإسلامية، وإقامة دولة الخلافة). ومن أجل هذه الغاية قام الحزب ببناء تصور كامل ودقيق عن جميع جوانب الحياة الإسلامية، وعن دولة الخلافة، وهذا مرصود في أدبيات الحزب وإصداراته المذكورة أعلاه، مما يلزم لبناء حياة إسلامية كاملة في طراز فريد.
وبهذا التصور الواضح للغاية، الذي يعمل الحزب على إيجاده، يكون قد قدّم تصوراً لأعظم مشروع إسلامي، وهذا ما تفتقر إليه الجماعات العاملة على الساحة، والحركات الإسلامية، حيث إنها طرحت شعار (العودة إلى الإسلام) فضفاضاً دون تصور واضح عن كيفية هذه العودة إلى الإسلام، ولا عن كيفية إعادة الإسلام إلى معترك الحياة، وأقصى ما طُرِح كان عبارة عن مزج رؤى معاصرة مقتبسة من الأنظمة الغربية مع أحكام شرعية متفرقة، ما جعل التصورات تخرج مشوهة متأثرة بالواقع المعاصر لا أصالة فيها، بل إن الأحكام الشرعية قد انْتُقِصَت أطرافها فصارت التصورات المطروحة للعودة إلى الإسلام كلها أجنبية أُلبِست ثوباً إسلامياً مرقعاً، وقد ظهر التناقض في أبعاضها ظهوراً منكراً، بخلاف حزب التحرير الذي وضع، كما قلنا، تصوراً مكتملاً للحياة الإسلامية وللدولة الإسلامية، وكله مستمد من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس.
وبقي الآن السؤال الأهم وهو: كيف يصل الحزب إلى هذه الغاية؟
فكما اتَّسم الحزب بالدقة المتناهية في تصوره لواقع الحياة الإسلامية، وواقع دولة الخلافة، كذلك اتَّسم بالدقة المتناهية في رسم الطريق الذي يسلكه إليها، فالحزب إنما يعتمد الإسلام أساساً له، فكان من الطبيعي أن يستنطق الشريعة لتفصح عن طريقة لإقامة دولة الإسلام في حال خلو العالم منها، وهذا ما رآه الحزب محقَّقاً في دعوة النبي عليه الصلاة والسلام حيث عمد صاحب الرسالة في دعوته بمكة إلى إقامة الدولة التي قدَّر الله إقامتها في المدينة المنورة. وقد سلك النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك طريقاً دقيق التفاصيل مرتب المراحل، وهذا ما استقرأه الحزب من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وراح يتأسى به تمام التأسي، وتتلخص طريقة حزب التحرير لإقامة دولة الإسلام في ثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة إيجاد التكتل وتثقيف أعضائه بالإسلام، وإعدادهم باعتبارهم رجال دولة.
الثانية: مرحلة التفاعل وفيها يظهر مخاطبة المجتمع والتفاعل معه بطرح الحزب، إضافة إلى الاستمرار في تنمية جسم الحزب والاستمرار في تثقيف أعضائه بالإسلام وسقي الأمة من هذا النبع الصافي.
وهنا عمد الحزب إلى طلب النصرة من أهل القوة والمنعة كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأهل القوة والمنعة هم الذين يملكون القوة العسكرية المسلحة في المجتمع، من مثل الجيوش أو العشائر القوية، حيث يعمل أهل القوة والمنعة على الإطاحة بالنظام الحاكم الموجود ومن ثم تسليم الحكم للحزب، وتكون هذه هي المرحلة الثالثة والأخيرة، مرحلة تسلم الحكم، ويكون التسلم إما من الأمة أو من أهل القوة والمنعة.
إن وصف طرح حزب التحرير بالأصالة لم يكن من باب المدح الأجوف، بل كان من باب تلمّس ربط كل أعمال الحزب وطرحه بالإسلام، مما يلزم وصف طرح الحزب بأنه أصيل، فلم يمتزج بأفكار الغرب ولا الشرق، بل هو طرح إسلامي خالص، والمؤكد أن هذا هو السبب الأساس في استعداء حكومات العالم أجمع لحزب التحرير والتحذير من خطره، لكونه يمثل خطراً حقيقياً على كل ما يناقض الإسلام.
إن هناك أموراً تفرّد بها الحزب، ولم يشابهه فيها أحد، ما يجعل المرء لا يملك إلا الاعتراف بتميز حزب التحرير في طرحه، والإعجاب بهذا الطرح المتميز:
1- اعتمد الحزب فكرة التبني والتي مفادها أن كل فكرة يتبناها الحزب تكون ملزمة له، ولكل أعضائه، ولا يقبل من أي عضو إلا أن يلتزم الفكرة دعوةً وعملاً، وهذا ما جعل حزب التحرير كياناً واحداً متماسكاً رغم انتشاره الواسع في عشرات الأقطار التي تجاوزت الخمسين قطراً، فحزب التحرير في ولاية العراق هو عينه حزب التحرير في ولاية مصر وهو عينه حزب التحرير في ليبيا، وفي هولندا وفلسطين ولبنان إلخ، وقيادة الحزب في العالم هي قيادة واحدة تتمثل في أميره العالم المجتهد الشيخ عطاء بن خليل أبو الرشتة حفظه الله ورعاه.
2- اختط الحزب في القرن العشرين مشروع دستور لدولة الخلافة القادمة، يتألف من 191 مادة، مبنية على أساس الإسلام، ولا شيء غير الإسلام، فكل مادة مسنودة بدليل راجح من الكتاب أو السنة أو إجماع الصحابة أو القياس، وهذا العمل لم يسبقه إليه أحد من الجماعات العاملة في مجال الدعوة، فكان هذا ما ميز حزب التحرير وتفرد به.
3- كما قام الحزب بعمل سياسي فريد لم يسبقه إليه أحد من الجماعات والحركات (الإسلامية) حين رصد القضايا السياسية العالمية الكبرى، وقسمها إلى 6 قضايا كبرى، وفصّل فيها تفصيلاً يزود كل سياسي بالخلفية اللازمة لإدراك الصراعات السياسية الدولية، وهذا كله موجود في كتاب (مفاهيم سياسية لحزب التحرير).
4- هذا وقد قام الحزب بتقديم أول رصد سياسي لقضايا الأمة الإسلامية بوصفها أمة واحدة متماسكة غير مجزأة حين رصد أهم قضايا الأمة السياسية والمتمثلة في بلادها المحتلة، وقد عدها الحزب سبعة بلاد محتلة ذكرها في كتابه (قضايا سياسية – بلاد المسلمين المحتلة) ولم يسبق أن سمعنا بأن جماعة إسلامية أو حركة إسلامية جعلت تحرير قبرص قضية من القضايا المدرجة على أجندتها السياسية والحركية، وهذا سبق نرصده لحزب التحرير.
أضف إلى ذلك نشاطات الحزب السياسية والفكرية القوية من مثل حملاته السياسية ضد بعض حكام العالم الإسلامي في تركيا وباكستان وبنغلادش وسوريا وفلسطين وبلاد المغرب واليمن وآسيا الوسطى وغيرها.
إن حزب التحرير ليس مجرد حزب يطرح شعارات براقة، وليس أدلّ على ذلك من الحشود التي يحشدها الحزب في مسيراته ومؤتمراته، ولعل أبرزها هو مؤتمر الحزب العالمي في ذكرى هدم الخلافة الذي أقامه في عاشر أكبر إستاد في العالم في مدينة جاكرتا بإندونيسيا عام 2007م حيث أمّ المؤتمر أكثر من 100.000 مشارك، وكذلك المؤتمر الاقتصادي العالمي الذي عقده في الخرطوم في كانون الثاني/يناير 2009م والذي شارك فيه أكثر من 6000 شخص من مختلف أنحاء العالم.
إن حزب التحرير بحق هو قائد التغيير الجذري في هذا الزمان، وهو الرائد بين الجماعات الإسلامية في العالم، فهو لم يكذب أهله، بل تفاعل معهم ونجح في تفاعله أيما نجاح، حتى استحق نقمة حكومات الغرب والشرق المعادية للإسلام والمسلمين.
وإنا لنرى أن حزب التحرير هو خير قائد وهو خير رائد، نسير خلفه تحت إمرة أميره الحكيم، لصحة طرحه واستقامته وأصالته، وإنا لندعو الأمة جمعاء لاحتضان الحزب والعمل معه ليعود الإسلام إلى معترك الحياة، وتعود الدولة الإسلامية الواحدة الدولة الأولى في العالم، والله من وراء القصد.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان