الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة

 


يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكونوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ وَيَكونَ الرَّسولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً﴾ . جاء الحديث عن شهادة الأمة الإسلامية على غيرها من الأمم في سياق الحديث عن تغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، أي في سياق تمييز الله لأمة محمد صلوات ربي وسلامه عليه بأن خَصَّها بقبلة تتجه شطرها، وبعد إسهاب الآيات طويلاً في بيان أحوال بني إسرائيل - اليهود والنصارى - حيث الكفر، وتبديل كلام الله، وقتل الأنبياء، والاعتراض على أوامر الله، والخوض في أنبيائه عليهم السلام، فختم الله تبارك وتعالى الجزء الأول من سورة البقرة بقوله: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ؛ وَلا تُسْأَلونَ عَمّا كانوا يَعْمَلونَ﴾.


وكأن في الأمر ختمٌ لحقبة تاريخية وإسدال للستار على تاريخ بني إسرائيل الأسود، والبدء بإبراز شهادة ميلاد أمة الإسلام وتاريخها، فجاءت الآيات التالية في مستهل الجزء الثاني من سورة البقرة تحكي حادثة تغيير القبلة إلى المسجد الحرام بياناً لصفة هذه الأمة، وأنها الأمة الوسط شاهدة العدل على الناس ﴿وكذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكونوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ وَيَكونَ الرَّسولُ عَلَيْكُمْ شَهيداً﴾.


وفي قوله تعالى: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ قال ﷺ: «أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ». حديث حسن، قال ابن كثير: "يعني خير النَّاس للنّاس، والمعنى: أنَّهم خير الأمم وأنفع النَّاس للنَّاس".


من هنا يتبين لنا أنَّ في الآيتين إخباراً وطلباً؛ إخباراً بصفتين شرعيتين للأمة الإسلامية (الأمة الوسط، أي شاهدة عدل على الناس، وخير أمة أخرجت للناس)، وكذلك فيهما طلب وأمر بصيغة الخبر يدل على الوجوب، أي أن الأمة الإسلامية مكلفة بالمحافظة على وسطيتها وخيريتها، وذلك بالإيمان بالله وحده لا شريك له، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبليغ رسالة الإسلام إلى الناس كافة على وجه لافت.


فإن خيرية أمة الإسلام مستقرة مستمرة لهذه الأمة ما دامت الحياة؛ لأن وصف الله تعالى لها بالخيرية والشهادة على الناس وصف شرعي دلَّ عليه النص دلالة قطعية، فقد ثبتت بدليل قطعي في ثبوته، قطعي في دلالته. فالأمة الإسلامية خير الأمم، وهي الأمة الوسط، أي شاهدة عدل على الناس منذ أن بنى رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، النواة الأولى لهذه الأمة، وإلى يومنا هذا وحتى تقوم الساعة. روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ: «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ».


لقد جعل الله الخير في أمة الإسلام إلى آخر الزمان فهي أمة الخير والهدى والتقوى، حاملة لواء الحق، تسير في ظلمات الشرك والكفر فتضيء بنورها الظلمات وتزيل الغشاوة من العين الضالة.


وقد عملت قوى الكفر جاهدة على طمس هذه الخيرية في الأمة وجعل هذه الأمة جمادا لا حراك لها ولا حياة، ولم تكتف بزوال الإسلام السياسي من حياة الأمة بهدم ركنها الرشيد "الخلافة" بل عملت على هدم الفكر الإسلامي في عقول المسلمين، ثم كان الاحتلال العسكري لضمان عدم عودتها إلى الحراك وبقائها في سباتها وغفلتها عن مصدر خيريتها وعزها، غافلة أن هذه الأمة هي أمة حية كريمة تأبى أن تظل مكبلة واهنة أمام قوى الكفر والظلم الطغيان، فنهضت بداية ضد الاستعمار العسكري وها هي تنتفض مرة أخرى ضد الاستعمار السياسي الذي خلفته هذه القوى الكفرية بدلا من الاستعمار العسكري، وهذا النهوض يرافقه الوعي الذي يزداد عند الأمة والمتمثل بنواحٍ أهمها: رغبة الأمة في عودة الإسلام للحكم، ورغبتها بالتخلص من حكامها العملاء، ورغبتها في التخلص من شعارات الكفر من ديمقراطية ووطنية وقومية...


فالأمة بدأت تصدع بالحق وتقول لا للظلم نعم للعدل، لا لحكم الطغاة نعم لحكم الله عز وجل، لا لدولة دستورها وضعي نعم لدولة دستورها القرآن والسنة.


نعم بدأت أمة الخير تعود لوصف ربها جل في علاه بالخيرية حيث يقول: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾. تأتي علة هذه الخيرية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكنتم أي أصبحتم يا أمة الإسلام يا أمة محمد، خير أمة أخرجت للناس بأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم بالله.


فيا لعظمة هذا الفرض؛ فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لقد قدمه الله عز وجل في هذه الآية على الإيمان به. فرض عظيم كانت الأمة ضائعة بتضييعها له فتراجعت حتى أصبحت لا وزن لها ولا تأثير.


فرض كان مغيباً ولكن بفضل الله ومنته ها هي أمة الاسلام تعود من جديد تصارع لتنهض، لترجع إلى مكانتها الطبيعية في مقدمة الأمم، فالأصل أن مكانة أمة الإسلام على رأس الأمم وفي مقدمتها، وما كان تراجعها وتمكّنُ الأعداءِ منها والقضاء على دولتها إلا لتركها هذا الفرض العظيم وغفلتها عن شرع ربها، فالله عز وجل يقول: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾. فمصلحون يعني صلاحاً مع إصلاح، فخيرية هذه الأمة بإصلاحها مع صلاحها، وذلك بتطبيق شرع ربها وبأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر. يقول رب العزة أيضا: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.


وفي الذكرى المئوية لهدم الخلافة علينا أن نجدد ثقتنا بربنا وبأمتنا، وأن نترقب تباشير الفجر القادم خلف عتمة الليل الحالكة، فعتمة الليل لن تقف حائلا أمام بزوغ الفجر مهما اشتد سوادها وظلمتها، ولا بد من فجر صادق يبزغ لينير الكون وعندها تستفيق الأمة من غفلتها وتنهض من كبوتها، وما عملها جاهدة لبلوغ هذا الفجر وترقبها لتباشيره إلا دليل على أن فجر أمتنا أوشك على البزوغ لتعود لهذه الأمة خيريتها، وتعود لها دولتها وعزها ومجدها، فتكون من جديد خير أمة أخرجت للناس.


#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ميسون زكريا – الأرض المباركة (فلسطين)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع