- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
يجب أن نعمل لإقامتها
قد يظن البعض أن إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة بعيدة المنال نظراً لشدة تكالب دول الكفر على المسلمين، وضياع كثير من المفاهيم الإسلامية من أذهانهم، ولذلك سيطر اليأس على نفوس الكثيرين، واستسلموا للأمر الواقع الرأسمالي المفروض عليهم. ولكن أمر عودة دولة الخلافة هو أمر كوني لا بد من حصوله رضي الناس أم أبوا. قال رسول الله ﷺ: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضّاً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، ثُمَّ سَكَتَ، إذا نظرنا إلى هذا الحديث يكشف لنا مراحل الحكم التي مرت على تاريخ المسلمين، ولذلك هذا الحديث جعله العلماء في باب دلائل النبوة كما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل لأنه يكشف عن مستقبل وهو غيب، والغيب لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، وبالتالي هذا دليل على نبوته عليه الصلاة والسلام، ومن منطوق هذا الحديث أن مرحلة النبوة انتهت بوفاة النبي ﷺ، أما مرحلة الخلافة الراشدة فانتهت بوفاة الخلفاء الراشدين الأربعة، ومن ثم مرحلة الملك العاض، والآن نحن في أواخر مرحلة الملك الجبري، ولم يتبق إلا الخلافة على منهاج النبوة قريباً بإذن الله.
إن الخلافة هي قضية المسلمين المصيرية، وفوق ذلك هي فرض من رب العالمين فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾، وهو أمر جازم بوجوب الحكم بما أنزل الله، وعدم اتباع أي حكم غيره، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطَوْهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ»، وهنا يبين عليه الصلاة والسلام أن نظام الحكم للمسلمين هو (الخلافة)، وأمر بمبايعة الأول وسماه بـ(الخليفة) ثم الثاني وهكذا، وكذلك قوله ﷺ: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، وهو من الأدلة الجازمة على وجوب بيعة لخليفة في عنق كل مسلم أي وجوب العمل لإيجاده إن لم يكن موجوداً كما هو حالنا اليوم.
نعم إن الخلافة من ناحية الحكم الشرعي هي فرض وواجب لا بد من القيام به، وإلا أثم من تقاعس عن ذلك، وهي تمثل القضية المصيرية بالنسبة للمسلمين في هذا الزمان؛ فهي التي توحد البلاد الإسلامية جميعاً في ظل دولة واحدة قوية، وتقيم فيهم حكم الإسلام حكم رب العالمين الذي يفتقده العالم اليوم، الذي ينزل على الناس كل الناس برداً وسلاماً واطمئناناً، وهي التي ترد المظالم إلى أهلها، وتقطع دابر الكافرين المستعمرين الذين يعيثون في الأرض فساداً وإفساداً في بلاد المسلمين والعالم أجمع. نعم الخلافة تفعل كل ذلك فهي رئاسة عامة للمسلمين في الأرض لتطبيق أحكام الشرع، وحمل هذا الإسلام العظيم للعالم بالدعوة والجهاد.
واليوم ما نشاهده من تخبط، وحالة إحباط شديدين نتيجة لتطبيق الرأسمالية التي تعفنت، وأزكمت الأنوف من رائحة فسادها هو بشرى نستبشر بها أن قُرب زوالها قد حان، فما يحصل اليوم هو بمثابة (فرفرة مذبوح) للرأسمالية وأشياعها، وبالتالي هذا مؤشر ليدفع المسلمين اليوم لكي يكونوا البديل الحضاري القادم، فنهاية الرأسمالية لن تكون إلا بقيام حضارة جديدة على أنقاضها، وليس هنالك ثمة مرشح لحضارة غير الإسلام، وعليه لا بد للمسلمين أن يعوا على هذه القضية، ويفهموا أنهم بلا خلافة وخليفة فإنهم كالأيتام على موائد اللئام.
إن وجود دولة الخلافة بالنسبة للبشرية بأجمعها ضرورة ملحة، وذلك لموافقة عقيدتها عقيدة الإسلام فطرة الإنسان، فكيف يرضى الناس أن يعيشوا بمبادئ تخالف فطرتهم كما هو الحال مع الرأسمالية اليوم، ناهيك عن أمة الإسلام التي تعيش بمخلفات من حارب دينها ونبيها؟!
إن الإسلام هو دين ودولة، ومعرفته تتطلب معرفة الإسلام كمنهج للحياة بكل تفاصيله السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، فهو ليس مجرد أخلاق وعبادات فقط، فيجب على المسلمين أن ينظروا كيف أقام الرسول ﷺ دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة في ظل تكالب قوى الكفر ضد دعوة الإسلام آنذاك فقد قام بالآتي:
أولاً: ثقف رجالاً يؤمنون بالمبدأ، وجهزهم حتى أصبحوا فيما بعد رجال دولته التي استمرت ثلاثة عشر قرناً من الزمان تنشر العدل والخير في ربوع الأرض، شرقها وغربها.
ثانياً: أوجد رأياً عاماً منبثقاً عن وعي عام للإسلام؛ فقد أوجد زخماً لفكرة الإسلام في مجتمعات العرب إلى أن تهيأت المدينة المنورة لولادة دولة الإسلام الأولى.
ثالثاً: طلب النصرة من أهل القوة والمنعة، حتى نصره أنصار المدينة من الأوس والخزرج، ومُكّن للإسلام في الأرض.
والآن قد مرت مائة عام هجرية على هدم دولة الإسلام والمسلمين، إلا أن الأمة الإسلامية تسعى لعودتها راشدة على منهاج النبوة إيماناً منها بوعد ربها سبحانه وتعالى، وبشرى رسولها ﷺ الذي أكد على هيمنة حكم الإسلام فقال: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» الطبري.
أيها المسلمون: آن الأوان لمراجعة عقيدتكم في أنظمة الحياة في الحكم والاقتصاد والسياسة حتى لا تكونوا أدوات للكافر المستعمر في تنفيذ مشاريعه، وحتى نخرج من حالة الاستهلاك والتبعية والبطالة، في إنتاج فكري وسياسي واستراتيجي.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله يعقوب – ولاية السودان