الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الصراع بين القادة العسكريين والمدنيين في السودان

تحركه الدول الاستعمارية من أجل مصالحها!

 

أعلنت الحكومة السودانية، الثلاثاء 2021/9/21م، السيطرة على محاولة انقلابية فاشلة، قام بها عدد من ضباط الجيش، فيما أكدت المؤسسة العسكرية السودانية القبض على 40 ضابطا لمشاركتهم في الانقلاب، وقال نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، "إن انشغال السياسيين بالصراع على المناصب كان سببا في محاولات الانقلابات العديدة خلال الفترة الانتقالية"، فيما أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان أن "السياسيين والأحزاب في البلاد منشغلة بالمناصب الوزارية ولا يتم الحديث عن الانتخابات". من جانبها، اعتبرت قوى الحرية والتغيير، الانتقادات التي وجهها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو إلى القوى السياسية، تشكل تهديدا لما يسمى بالانتقال الديمقراطي في البلاد، وطالبت "بضرورة الإسراع بإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية وتنقية صفوفها، وتنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان لا سيما تنفيذ بند الترتيبات الأمنية". وقد أدى هذا الوضع لخروج بعض المؤيدين في 2021/9/30م لمساندة الحكومة المدنية. وقد أكد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أن هناك صراعاً واضحاً وجلياً بين مكونات الحكم في السودان، العسكريين والمدنيين، مما دفعه لطرح مبادرة في 22 حزيران/يونيو الماضي، تضم 7 محاور، هي: إصلاح القطاع الأمني والعسكري، والعدالة، والاقتصاد، والسلام، وتفكيك نظام الثلاثين من حزيران/يونيو (نظام عمر البشير) ومحاربة الفساد، والسياسة الخارجية والسيادة الوطنية، وتشكيل المجلس التشريعي.

 

والمعلوم أن الصراع بين السياسيين المدنيين، والقادة العسكريين في السودان قديم متجدد، تقوده سفارات الدول الاستعمارية خاصة أمريكا وبريطانيا، حيث تدعم أمريكا القادة العسكريين المرتبطين بها، وتدعم بريطانيا القادة المدنيين.

 

والمعلوم كذلك أن أغلب الانقلابات في بلاد المسلمين وراءها أمريكا، حيث يقول صاحب كتاب "لعبة الأمم" مايلز كوبلاند ضابط المخابرات المركزية الأمريكية الذي اعترف أنه صنع جمال عبد الناصر قال: "لا بد أن ندخل لهذه البلاد عن طريق الانقلابات".

 

وقد أنشأت أمريكا حركة الضباط الأحرار التي ينتمى إليها الرئيس الأسبق النميري المرتبط بأمريكا، مع التأكيد على أنه ليس كل العسكر في السودان مرتبطين بالسفارات الأجنبية خاصة الأمريكية، فإن من القيادات العسكرية رجالاً أتقياء مخلصين لدينهم ولعقيدتهم ولأمتهم، إلا أن الصراع مع المدنيين تقوده قيادات لها ارتباطات بالسفارة الأمريكية ووزارة خارجيتها. فمنذ النميري كانت أمريكا هي الراعية للعسكر الانقلابيين ومنهم البشير، الذي اعترف في برنامج "قصارى القول" على قناة روسيا اليوم في 2017/11/21م أنه تلقى تدريبات على يد المخابرات المركزية الأمريكية عندما كان قائداً لسلاح المظلات أثناء حكم الرئيس نميري، وأكد في لقاء مع موقع سبوتنيك الروسي في 2017/11/25م أن أمريكا هي وراء فصل الجنوب، وأنها تريد تقسيم السودان إلى 5 دول، حيث قال: "الانقسام هذا كان بضغط وتآمر أمريكي والخطة هي تدمير السودان وتقسيمه إلى خمس دول، هذه هي الخطة الأمريكية". وأكد ذلك وزراء الخارجية في عهد البشير، حيث قال غندور يوم الخميس 2017/04/13م: "إن فصل الجنوب كان في الأساس مؤامرة، لكننا قبلنا بها، ويرون الآن نتائج". وقال وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في برنامج "حوار" مع قناة فرانس 24 بتاريخ 2018/11/21م: "ساعدنا أمريكا في حل أكبر معضلة في المنطقة وهي مشكلة جنوب السودان".

 

وقد كان القائم بالأعمال الأمريكي كوتسيس موجوداً في ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، يلتقي بمن شاء، ويحاور، ويقدم الطعام، ويلتقط الصور، بالرغم من أن المناطق العسكرية محرم على الأجانب دخولها. لكنه في يوم الأحد 2019/4/14م، التقى حميدتي بالقائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم، ستيفن كوتسيس، بالقصر الرئاسي بالخرطوم، حيث أطلعه حميدتي على التطورات بالبلاد، والأسباب التي أدت إلى تشكيل المجلس العسكري الانتقالي. (الأناضول 2019/9/15م)، كما التقى البرهان المبعوث الأمريكي للسودان، دونالد بوث، الاثنين 2019/7/15م، بالقصر الجمهوري، وتناول تطور المباحثات بين "المجلس العسكري الانتقالي" و"قوى الحرية والتغيير" للتوصل لاتفاق لتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية. (موقع آر تي الروسي). وفي يوم الأحد 2020/2/2م اتصل وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو بالبرهان، وأكد المجلس السيادي أن رئيسه تلقى دعوة رسمية من بومبيو عبر الهاتف لزيارة أمريكا، وأن البرهان قال إنه سيلبي الدعوة قريبا. (الجزيرة نت)، وفي يوم الاثنين 2020/2/3م، أعلن مكتب رئيس وزراء كيان يهود أن نتنياهو التقى البرهان في عنتيبي بأوغندا، وأنهما اتفقا على بدء حوار من أجل "تطبيع العلاقات" بين البلدين. (بي بي سي).

 

وفي يوم الثلاثاء 2020/2/4م، عقد مجلس الوزراء السوداني اجتماعا طارئا لمناقشة لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، بنتيناهو، في أوغندا. وقال فيصل محمد صالح، وزير الثقافة والإعلام، في بيان: "لم يتم إخطارنا أو التشاور معنا في مجلس الوزراء بشأن هذا اللقاء، وسننتظر التوضيحات بعد عودة السيد رئيس مجلس السيادة". (بي بي سي)، و"نفت الخارجية السودانية أي علم لها بهذا اللقاء"، (الجزيرة نت 2020/2/3م)، وفي يوم الاثنين 2020/11/30م، اتصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بالبرهان وبحثا تطورات الوضع في إثيوبيا، حسب بيان لمجلس السيادة. وأعرب بومبيو، عن تقدير بلاده لاستضافة السودان اللاجئين الإثيوبيين رغم الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يشهدها. (الأناضول). ونشرت صحيفة الانتباهة في 2020/4/28م، تقريراً بعنوان: "السودان: بومبيو يهاتف البرهان سياسة الابتزاز الأمريكي، والدفع إلى حافة الهاوية". وفي يوم 2020/10/26م، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا بعنوان: "أمريكا تكافئ السودان على ثورته بالابتزاز"، جاء فيه أن ابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية للسودان من أجل التطبيع مع (إسرائيل) يرقى إلى مستوى التنمر على دولة لا يتوقع أن تقيم (إسرائيل) معها العديد من العلاقات التجارية أو الدبلوماسية. وفي 2019/12/13م، نشرت الغارديان مقالة أخرى بعنوان: "إذا انهار الحكم المدني بالسودان فواشنطن تتحمل المسؤولية"، كتبها أليكس دي وال المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي بجامعة تافتس الأمريكية، وكان مما جاء في المقالة: (أنه إذا انزلق اقتصاد السودان إلى الانهيار التام وفشلت حكومته المدنية، فإن هذا الانهيار سيُكتب عليه "صنع في أمريكا").

 

أما ارتباط المدنيين في الحكومة العسكرية فبيِّنٌ وواضح: فقد طلب حمدوك بإيعاز من السفير البريطاني عرفان صديق من الأمم المتحدة؛ هذه الأداة الاستعمارية، بعثة لإدارة شؤون البلاد، بتفويض كامل يضع السودان تحت وصاية المستعمرين، فقد جاء في الخبر: "طلب رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، السبت، من مجلس الأمن الدولي التفويض لإنشاء بعثة سياسية خاصة من الأمم المتحدة تحت الفصل السادس لدعم السلام" (سودان تريبيون الاثنين 2020/2/10م). ونشرت صحيفة القدس العربي بتاريخ 9 شباط/فبراير 2020م: "ينبغي أن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان، وتقديم الدعم التقني في وضع الدستور والإصلاح القانوني والقضائي، وإصلاح الخدمة المدنية، وقطاع الأمن وبناء قدرات قوة الشرطة الوطنية". وقد وافق مجلس الأمن على ذلك وحدد بعثة سماها يونيتامس، كما سمت حكومة حمدوك منسقاً للتعامل مع هذه البعثة، فقد جاء في الخبر: "كوّن السودان آلية وطنية للتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة السياسية (يونيتامس)، التي سوف تبدأ مهامها في الأول من يناير المقبل، وسمى السفير عمر الشيخ منسقاً للبعثة. ووافق مجلس الأمن الدولي في 3 يونيو الجاري، على إنشاء بعثة سياسية في السودان لدعم قضايا الانتقال والسلام، استجابة لطلب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك" (سودان تريبيون 2020/7/5مويوم الخميس 2021/1/21م وصل وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، إلى الخرطوم في أول زيارة من نوعها للسودان منذ أكثر من عقد، اليوم الخميس، لإبراز دعم المملكة المتحدة للانتقال الديمقراطي والحكومة المدنية. وأوضح بيان صحفي للسفارة البريطانية بالخرطوم أن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب وصل الخرطوم لإبراز دعم المملكة المتحدة للانتقال الديمقراطي والحكومة المدنية في أول زيارة من نوعها للسودان منذ أكثر من عقد، وقد اشترط وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، على الحكومة الانتقالية اتخاذ إجراءات اقتصادية دقيقة أبرزها "ترشيد تحرير" سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار. ذات الأمر الذي ناقشه مساعد وزير الخارجية الألماني للشؤون الإفريقية فيليب أكار مان مع الحكومة السودانية. (2020/1/24مونشرت صحيفة التيار، الأربعاء 2021/1/27م، "قال السفير البريطاني: تعويم الجنيه الحل الوحيد لاستقرار الجنيه السوداني". ونشر موقع تاق برس 2021/1/26م: "سفير بريطانيا المثير للجدل (عرفان صديق) يودع السودان بحزمة من الوصايا والمطلوبات أبرزها تعويم الجنيه". وقد تقاطرت الوفود الأوروبية: وصل وزير خارجية فرنسا الخرطوم 2021/9/16م والتقى حمدوك وصرح بدعم الحكومة المدنية. (الراكوبة). وزير خارجية ألمانيا هايكوماس قال في 2019/9/8م: أكد دعمه للحكومة الانتقالية. (الأناضول). وفي 2019/10/15م قال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي (فان دن دول): "الاتحاد يعلن تجهيز حزمة دعم للمرحلة الانتقالية في السودان".

 

لقد ظهرت الآثار الكارثية لهذا الصراع بين القوى الاستعمارية (أمريكا وبريطانيا) وأدواتهما المحلية من السياسيين المدنيين المرتبطين بالإنجليز، والقادة العسكريين المرتبطين بالأمريكان، على البلاد، حيث أبعد الحكم بما أنزل الله وجعلت السيادة لغير شرعه سبحانه، وسُلب سلطان الأمة وحرمت من أن تختار من يحكمها عن رضا واختيار ببيعة شرعية تعقد لخليفة يقيم الدين ويسوس الأمة بالإسلام، نعم لقد أصبح الحكم حكراً على السفارات الأجنبية وعملائها، وساءت حياة الناس وعم التدمير الممنهج كل مناحي الحياة؛ في التعليم، والصحة، والأمن، مع بيع لثروات البلاد للشركات الرأسمالية التابعة للدول الاستعمارية.

 

ولن يتوقف هذا الصراع إلا إذا قطع أهل السودان حبال المستعمرين التي يرتبط بها عملاؤهم في الداخل، ولن تفعل ذلك إلا دولة الإسلام الخلافة الراشدة التي هي فرض من الله سبحانه، ووعد بالفتح والتمكين، وبشرى من النبي ﷺ بأنها عائدة راشدة كالأولى بإذن الله رب العالمين، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد جامع أبو أيمن

مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع