- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الكتاب
حلول فعالة ووصفات مشفية لواقعنا الأليم
قال تعالى: ﴿يَا أيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾
دائما ما يطرح سؤال، هل نستطيع أن نهزم عدونا الآن؟ هل نستطيع أن نتصدى لكل هؤلاء الأعداء والمستعمرين؟ هل نستطيع أن نطردهم من بلادنا اليوم ونحن ضعفاء ومتخلفون علمياً وتكنولوجياً وهم قد سبقونا منذ عقود طويلة؟ هل فعلا نستطيع إيقافهم ونستطيع تحرير أراضينا واستعادة سيادتنا؟ هل هذا كله ممكن؟
أسئلة يطرحها دوما المخلصون الحريصون على دينهم وأمتهم، أولئك الذين يسوؤهم ما يحدث لأمتهم في مغارب الأرض ومشارقها من هوان واستضعاف وإذلال وقتل وتشريد؛ من فلسطين إلى سوريا والعراق والصومال واليمن وليبيا وتركستان وكشمير وغيرها من بلاد المسلمين، واللائحة في ازدياد... ولقد حق أن تطرح هذه الأسئلة المهمة والضرورية في مثل هذا الوقت، فما أحوجنا إلى بصيص أمل وما أحوجنا إلى حبل متين وركن حصين، وما أحوجنا إلى هداية في هذه الظلمات والحرب والمحن التي يعيشها المسلمون.
يقول الله تعالى لنبيه الكريم في سورة الأنفال: ﴿يَا أيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
يبين الله عز وجل لنبيه الكريم، يوم كان المسلمون في ضعف شديد وقلة وعوز واحتياج وفقر، وقد أحيطوا بالكفار المشركين من العرب، وأعداء الله اليهود، وكانت هناك أكبر إمبراطوريتين الفرس والروم وحامياتهما التي تضج بها الجزيرة العربية وبلاد الشام. بمعنى أنك لو نظرت للرسول والصحابة في المدينة المنورة من الأعلى لوجدت أن الأعداء والكفار يحيطون بهم من كل صوب وحدب: مشركو العرب وهي قبائل كثيرة، اليهود وكانوا قبائل أيضا ومنهم يهود خيبر في حصونهم، وحاميات الروم وفارس، وإمبراطورية فارس نفسها، وإمبراطورية الروم نفسها، وامتداد إمبراطورية الروم في أوروبا.
هذا هو المشهد إذا أردت أن ترى من الأعلى إذا استخدمت تطبيق جوجل إيرث. وما هي الإمكانيات والقدرات المادية عند الرسول ﷺ والصحابة وقتها؟ بعض السيوف والسهام والحراب والدروع البسيطة الصنع وبعض المال. هذا هو عتاد المسلمين في ذلك الوقت أمام كل هؤلاء الأعداء وأمام كل جيوش العرب ويهود وجيوش فارس والروم.
ألم يكن هذا هو واقع الثلة المؤمنة التي هاجرت من مكة إلى المدينة مستضعفة وفقيرة ومحتاجة ومهاجرة؟ ألم يكن هذا هو واقعهم لما التحموا مع إخوتهم الأنصار في المدينة؟ ألم يكونوا محاطين بالأعداء من كل حدب وصوب؟ ألا يشبه واقعهم واقعنا من حيث الصعوبة؟ ألا يشبه واقعهم واقعنا من حيث العجز؟ ألا يشبه واقعهم واقعنا من حيث تربص الأعداء بنا وبهم؟
قد يختلف البعض في تقدير أي الظروف أصعب؟ فقد يقول البعض لقد كان واقع رسول الله والصحابة أصعب منا، فقوتهم وعددهم وإمكانياتهم لم تكن شيئا يذكر مقارنة بمن حولهم من الأعداء، بل مقارنة بإمبراطورية واحدة فقط كفارس أو الروم. وهذا صحيح والأصل أنه لا جدال فيه. ومع ذلك فكلا الفريقين المختلفين في تقدير مدى صعوبة ظروف اليوم علينا نحن المسلمين وعلى رسول الله ﷺ والصحابة رضوان الله عليهم في وقتهم، إلا أن كلا الفريقين يجزمان بصعوبة الظرفين، بلا يكاد يكون نصرهما مستحيلا.
وهنا تأتي الآيات في سورة الأنفال لتكشف لنا عن حلول لهذه الظروف الصعبة، هذه الآيات هي التي نزلت لتيسير الواقع العسير والصعب والأليم الذي كانت القلة المؤمنة تحياه في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم. نعم إذا نظرنا من جوجل إيرث فسنجد أن واقعهم كان صعبا لا بل يكاد يكون مستحيلا، ولكن إذا نظرنا بعين البصيرة من عند الله واستمعنا لكلامه عز وجل نجد أنه بشرهم ويبشرنا بحلول قادمة في سورة الأنفال.
فإليكم الوصفات والحلول لمشاكلنا اليوم في سورة الأنفال:
- التوكل على الله واللجوء له والاعتصام به وبالمؤمنين لا بهيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها ﴿يَا أيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
- الإعداد لإرهاب الأعداء المذكورين أعلاه ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ﴾.
- أسلحة الله التي يعز بها عباده المؤمنين: بتثبيتهم وإلقاء الرعب في صفوف جيوش الأعداء، وإمدادهم بالملائكة المقاتلة معهم ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.
- بشرى من الله للمسلمين بالنصر على أعدائهم الذي ظنوا أنهم متمكنون منهم ومسيطرون عليهم ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ﴾.
وغيرها من الوصفات الصحية والحلول الفعالة والمجربة والمؤدية لأهدافها وبصورة قطعية دون لبس ولا شك. فقد جعلت هذه الحلول القلة المؤمنة في المدينة دولة عظيمة وشامخة، وقد هزمت أعداءها القريبين والبعيدين، وقد ركّعت الإمبراطوريات الشرقية والغربية، وفتحت القسطنطينية في الشرق وبنت الأندلس في قلب الإمبراطورية الرومانية الغربية في أوروبا. نعم، هذه هي درجة فعالية هذه الحلول والوصفات في سورة الأنفال.
فلنتوكل على الله، ولنكون إخوة ملتحمين بوصفنا مؤمنين، ولنترك قومياتنا والوطنيات اللعينة التي فرقتنا وشرذمتنا، ولنكن أمة واحدة من جديد في دولة خلافة واحدة وراء خليفة واحد ودستور واحد يستقى من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس، ولنقطع الحبال مع الكفار المستعمرين، ولنترك الاعتصام واللجوء لهم ولهيئة أممهم ومؤسساتها لحل مشاكلنا، فقد خبرنا حلولهم ووصفاتهم لنا ولقضايانا، ولنحل مشاكلنا باعتصامنا بربنا ووحدتنا، وبإعدادنا لأعدائنا وبحفظ مقدراتنا وثرواتنا التي ينهبها حكامنا والغرب. وعندها فقط يمدنا الله بنصره وعونه، ويمدنا بملائكته، ويلقي الرعب منا في قلوب أعدائنا، وتحرر بلادنا ونعود من جديد أمة غازية لا مغزوة، فاتحة لا مذلولة، عزيزة رافعة لواء العدل والرشاد في ربوع الدنيا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور فرج ممدوح