الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

أزمة الحكم في السودان حلها خلافة على منهاج النبوة*

 

يعيش السودان منذ خروج المستعمر الإنجليزي بجيوشه وإلى اليوم، أزمة متفاقمة في الحكم وسياسة أمر الناس، ففي فترة تجاوزت الستين سنة تعاقبت خلالها أشكال مختلفة من الحكومات الديمقراطية والعسكرية والانتقالية، وهذه الأخيرة تأتي دائماً بعد حراك شعبي رافض للظلم والظالمين، حيث ثار الناس في تشرين الأول/أكتوبر 1964م، ثم ثاروا أخرى في نيسان/أبريل 1985، وأخيراً في نيسان/أبريل 2019م، والحال يسير من سيئ إلى أسوأ منه في كل مرة، بل إن الناس من فرط ما يعانون ظلوا يحنون في كل مرة إلى الحكومة السابقة رغم أنهم قد ثاروا ضدها! إذن لماذا فشلت كل الحكومات منذ خروج المستعمر وإلى يومنا هذا؟

 

إن الكافر الإنجليزي عندما خرج من السودان خرج بعد أن اطمأن أن الذين سيخلفونه في الحكم هم صنيعته الذين صنعهم على عين منه حتى لا يخرجوا عن فكره قيد أنملة، وعلمهم أنه مصدر إلهامهم، وأنه هو القدوة والأسوة، ثم إنه لم يعلمهم كيف يفكرون، وإنما جعلهم يجعلونه هو الذي يفكر لهم، كيف لا والنظام المطبق أصلاً نظامه هو سواء في الحكم أو السياسة أو الاقتصاد، وبذلك صرنا مستعمَرين ولكن بالوكالة، فالحكام سواء أكانوا مدنيين أم عسكريين فهم أدوات للكافر المستعمر، وقطعا المستعمر حريص على ألا تنهض هذه البلاد الغنية بثرواتها الظاهرة والباطنة ليظل هو من ينهب هذه الثروات تحت ذريعة مشاريع التنمية الفاشلة التي تغرق البلاد في دوامة الديون الربوية التي تجعل البلاد رهنا لروشتات هذه الصناديق الربوية التي من خلالها تنهب الثروات تحت مسميات شتى، وأخطرها الاستثمار الأجنبي.

 

نخلص من هذا أن الحراك الجاري حالياً والمطالبة بالحكومة المدنية لن يغير في الأمر كثيراً بل يدور في فلك الكافر المستعمر، وتظل السياسات هي نفسها السياسات الفاشلة التي لن تنهض بالسودان من أزماته المتتالية.

 

إن أي دولة تريد النهوض لا بد أن يقوم نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها على أساس عقيدتها، وأهل السودان مسلمون، والإسلام جعل الدولة أحكاماً شرعية إذا التزم بها الناس أسعدهم الله في حياتهم الدنيا، يقول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، وقد أقام النبي ﷺ صرح أول دولة للمسلمين في المدينة المنورة، وأمرنا أن نلتزم في الحكم والسياسة طريقته كما في العقائد والعبادات وغيرها فقال ﷺ: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافاً كَثِيراً فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» الإمام أحمد.

 

عندما التزم المسلمون بهذا الهدي النبوي كانت دولتهم الخلافة هي الدولة الأولى في العالم تسوس الناس بأحكام رب العالمين خالق البشر أجمعين، الذي يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، ولم يصل المسلمون إلى ما وصلوا إليه من الذل والصغار وضنك العيش إلا بعد أن ضاعت دولة الإسلام، وهدمت الخلافة قبل مائة وسنة، وقسمت بلاد المسلمين إلى دويلات كرتونية حكمها الكافر المستعمر بعقيدته ونظرته للحياة، ثم خلفه عملاء يسيرون على دربه، ويحكموننا بأنظمة الغرب الكافر في السياسة والحكم والاقتصاد. ولا مخرج لنا من هذه الأزمات إلا بالعمل الجاد لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة حيث لن يكون هناك أولاً تبعية للغرب الكافر، وإنما الجميع عبيد لله؛ الحكام والمحكومون يسيرون الحياة بأحكام الإسلام.

 

ثم إن نظام الحكم ليس مدنية ولا عسكرية، وإنما نظام حدده رسول الإسلام بأنه خلافة، قال عليه الصلاة والسلام: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ تَكْثُرُ» قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ».

 

والخلافة ليست دولة للسودانيين، وإنما هي دولة للمسلمين التي لا تعرف الحدود والسدود، فحدودها سياسية وليست جغرافية، ومهمتها بعد رعاية شئون الناس في الداخل، حمل الإسلام بالدعوة والجهاد إلى العالم لإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ومن جور الرأسمالية والأنظمة الوضعية إلى عدل الإسلام، وبذلك تنتفي ما تسمى بأزمة الحكم، حيث إن الخلافة هي نظام الإسلام الذي يقوم على أربع قواعد أساسية هي:

 

أن السيادة للشرع وليست للشعب فلا أحد يشرع وحتى ولو كان خليفة المسلمين.

 

والقاعدة الثانية أن السلطان للأمة فهي التي تختار بالرضا حاكمها وخليفتها بالبيعة الشرعية ليحكمها بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي.

 

والقاعدة الثالثة أن نصب خليفة واحد فرض على المسلمين فلا يجوز أن يكون على المسلمين رأسان أو حاكمان، فإنما هو خليفة واحد كما قال ﷺ: «إذا بُوِيعَ لِخَلِيفَتَيْن فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا» كناية عن وحدة الخلافة والخليفة.

 

والقاعدة الرابعة والأخيرة أن للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية والدستور والقوانين، كما أن للخلافة أجهزة لإدارة الدولة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: معاونو التفويض، ومعاونو التنفيذ والولاة والعمال ومصالح الناس، والجيش، ودائرة الأمن الداخلي وغيرها من الأجهزة التي يدير بها الخليفة الحكم ويسوس بها الناس.

 

وبذلك نجد أن نظام الخلافة نظام وحدة متميز لا يشبه أي نظام موجود اليوم أو كان موجوداً في السابق، فهو نظام يختلف بالكلية عن هذه الأنظمة سواء في الأساس أو الأفكار، أو المفاهيم، أو المقاييس، أو الدساتير والقوانين التي تطبقها. والخلافة التي توجد الحياة الكريمة للرعية مسلمين وغير مسلمين، والتي بينا أنها ستحل، وإلى الأبد أزمة الحكم، ليست هي النظام الأمثل أو الأفضل فحسب، بل فرض على المسلمين إقامتها، والقعود عن إقامتها إثم يعاقب الله عليه كل من تقاعس عن هذا الفرض الكبير الذي اعتبره العلماء الثقاة تاج الفروض، وفرضية الخلافة تأتي من أنها النظام الوحيد الذي يطبق الإسلام في أرض الواقع، ونحن مأمورون بتطبيق الإسلام والتحاكم به، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾، ويقول النبي ﷺ: «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».

 

وختاماً نقول إن الخلافة عائدة فهي وعد الله القائل سبحانه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾، وهي بشرى الحبيب المصطفى ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».

 

لذلك ندعوكم جميعاً للعمل مع حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله لإعادتها خلافة راشدة على منهاج النبوة، نرفع بها الإثم عن أعناقنا، ونعيش حياة الطمأنينة في الحياة الدنيا ورضوان من الله أكبر يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 

* كلمة ألقاها الأستاذ إبراهيم عثمان (أبو خليل) الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان في الإفطار الذي نظمه حزب التحرير/ ولاية السودان بمدينة القضارف

 

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع