الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الاتفاق الإطاري استمرار للأزمة وصياغة للبلاد على الأساس الغربي

 

 

في يوم الاثنين 5 كانون الأول/ديسمبر 2022م، تم بالقصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، توقيع اتفاق إطاري بين المكون العسكري والحرية والتغيير المركزي، وسط حضور دولي وإعلامي كبير وتم الترتيب لفترة انتقالية لمدة سنتين، ومستويات الحكم لمجلس سيادي ومجلس وزراء، يتم تكوينه من المكون المدني. وتم ترحيل جملة من القضايا المهمة لمرحلة الاتفاق النهائي، وهذه القضايا هي العدالة الانتقالية ويقصد بها القصاص ممن قتل الثوار، وقضية السلام وإزالة تمكين نظام الإنقاذ، والإصلاح الأمني والعسكري، وقضية الشرق بوضع الترتيبات المناسبة لاستقرار شرق السودان.

 

فهل سيحقق الاتفاق مطالب أهل السودان الذين ثاروا على نظام الإنقاذ؟ وهل يتوافق مع عقيدة ومفاهيم وفكر أهل البلد؟ ولماذا هذا الاهتمام الدولي والظهور الدولي الكبير بهذا الاتفاق؟ ولماذا وافقت الحرية والتغيير على هذا الاتفاق وهي التي كانت ترفع شعار "لا شراكة لا تفاوض لا شرعية" مع انقلاب المكون العسكري؟ وما سبب رفض كثير من القوى السياسية والحركات المسلحة التي كانت تدعم المكون العسكري وتشاركه الحكم لهذا الاتفاق؟

 

إن أهم القضايا التي تشغل أهل السودان الذين ثاروا على نظام الإنقاذ، قد تم تأجيلها للاتفاق النهائي بحجة أنها تحتاج لتفصيل، فالقصاص ممن قتل الثوار منذ كانون الأول/ديسمبر 2018م، وبعد سقوط الإنقاذ "فض الاعتصام" ومن قتلوا بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021م تم تأجيله وكذلك محاسبة رموز النظام السابق المفسدين، واسترداد أموال الناس. أما عن الوضع الاقتصادي السيئ الذي كان سببا في خروج الناس على نظام الإنقاذ، وكان المطلب الأساس هو إصلاح الوضع الاقتصادي، فقد تم ذكره بمادة واحدة تحمل كلاما فضفاضا يتحدث عن إصلاح الوضع الاقتصادي.

 

فالاتفاق لم ولن ينفذ مطالب الناس فيما يتعلق بالقصاص لأن المكون العسكري متورط، ومتهم من الكثيرين، والقتل يحصل بتعليمات من القادة، أما رموز النظام السابق فالمكون العسكري كان هو اللجنة الأمنية التي كونها النظام السابق، وقوات الدعم السريع، فالذي أتى بهم للخرطوم هو نظام الإنقاذ في أواخر أيامه ليحتمي بهم، بالإضافة لذلك فإن المكون المدني (قوى الحرية والتغيير) قد حكم البلاد سنتين في المشاركة السابقة مع العسكر فلم ينفذ في قضية القصاص شيئا، بل ظل يماطل ويخدع الناس بتكوين لجنة "لجنة أديب" التي ظلت تؤجل وتستمع للشاكين لمدة سنتين حتى انقلب العسكر عليهم، ولم نر منهم استردادا للأموال المنهوبة مع أنهم كانوا قد ذكروا أرقام ثروات رموز النظام السابق، ومكانها في بدايات حكمهم السابق عبر ما سمي بلجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من حزيران/يونيو.

 

وأما الوضع الاقتصادي السيئ فلم يزده اتفاق الوثيقة الدستورية السابق إلا سوءاً عبر عراب البنك الدولي حمدوك الذي نفذ أوامر الصندوق الدولي المفقرة للبلاد؛ فخفض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، ما أوجد التضخم وزيادة الأسعار، ومزيداً من الضرائب والجمارك. ولن يتغير الواقع الاقتصادي بل سيزداد سوءا؛ وذلك لأن النظام الاقتصادي الذي يطبق على الناس، والذي هو أساس الظلم ما زالت تشريعاته التي تقوم على الضرائب والمساعدات الخارجية المسمومة التي ترهن البلاد لإملاءات صندوق النقد الدولي المفقرة للشعوب، لا زالت هي المطبقة.

 

أما عن موافقة الاتفاق لعقيدة ومفاهيم أهل البلد، فنجد أن الاتفاق يصوغ الحياة على أساس حضارة الغرب ومفاهيمه عن الحياة، فهو يقر بعلمانية الدولة وأن السيادة للشعب وليست للشرع كما في المادة 3 من مواد الاتفاق الإطاري "السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية السيادة فيه للشعب" والدولة المدنية هي الدولة العلمانية، فقد تسمى مدنية أو دولة مؤسسات، وذلك لأن لفظة علمانية مرفوضة ومستهجنة من المسلمين ومعلوم واقعها ومخالفتها للإسلام، لذلك استخدموا كلمة مدنية للتضليل، ويروجون أن المدنية هي ضد العسكرية، ودولة ديمقراطية أي أن الحكم فيها على النمط الغربي، وليس شكل الحكم في الإسلام الخلافة، التي فيها السيادة للشرع لا للشعب. وفي البند 6 يجعل مواثيق الأمم المتحدة واتفاقياتها هي التي تضبط الحياة العامة! ومعلوم أنها تشريعات وضعها الغربيون بما يتوافق مع حضارتهم، وشددت المادة على المواثيق التي تتعلق بالنساء التي تشير إلى اتفاقية سيداو التي "تزيل التمييز ضد المرأة!"، وتخالف أحكام الإسلام في كثير من بنودها الـ30 حيث تبيح الإجهاض والزنا بالتراضي وترفع سن الزواج إلى 18 عاما، وغيرها من التشريعات التي تستهدف الأسرة المسلمة.

 

أما الاهتمام الدولي من الثلاثية متمثلة في فولكر قائد بعثة الأمم المتحدة يونيتامس، والرباعية بقيادة السفير الأمريكي فبلادنا تشهد صراعا دوليا على ثرواتها من الدول الاستعمارية الطامعة، فتكاد لا تجد اتفاقا إلا وهم طرف فيه، بل برعايتهم، ولم يكتفوا بإجلاس الأطراف المختلفة فقط بل إن وزارة الخارحية الأمريكية في يوم 2022/12/8 أخرجت بيانا تهدد به كل من يعمل على تقويض الاتفاق بالعقوبة والمنع من دخول أمريكا وغيرها من العقوبات التي تستخدمها أمريكا ضد الأفراد. وفولكر يتحدث للأمم المتحدة عبر الفيديو وأخبرهم أن سبب تغيبه عن الجلسة هو الاتفاق وأنه المفاجأة التي وعدهم بها، بل إنه قد أشار إلى أن الأمم المتحدة هي وراء مشروع دستور المحامين، عبر رجل دستوري من الأمم المتحدة، ودستور المحامين هو الذي اعتُمد دستورا للفترة الانتقالية. فالتدخلات ليست طبيعية وليست من أجل المراقبة وحل المشاكل الداخلية بل هي تدخلات واضحة تري أن المتحكم بالقرارات والاتفاقات والدساتير في بلدنا هم سفراء ومبعوثو الدول الغربية المستعمرة.

 

أما مشاركة الحرية والتغيير بعد رفع شعارات "لا للمشاركة ولا للتفاوض ولا شرعية للانقلاب" فتكشف عدم مبدئية هذه الأحزاب، وتغييرها لمواقفها حسب المصلحة، فليس هناك فكرة تقوم عليها تحدد لهم الصواب من الخطأ، وتكشف مشاركتها عن رغبة وطمع هذه الأحزاب في السلطة والحكم ولو على حساب دماء الشباب الذين تبنوا شعاراتها وواجهوا الرصاص من أجلها، وبأن قرارها ليس بيدها بل بيد الدول المستعمرة الداعمة لها.

 

أما بالنسبة لرفض كثير من القوى السياسية، والحركات المسلحة للاتفاق، فلأنه ثنائي، ولو استشيروا لدخلوا الاتفاق وكانوا من الداعمين له، فهم أيضا يبنون مواقفهم على غير المبدأ ولولا أن الاتفاق كان ثنائيا مع الحرية والتغيير المركزي لكانوا من الداعمين له.

 

إن الذي يخرج البلاد من هذه الأزمة ويخرج بها إلى بر الأمان ليس هو الاتفاق ولا التفاوض ولا المبادرات لجمع الأطراف السياسية المختلفة، فالمشكلة ليست فيمن يحكم البلد وإن كان السياسيون مرتبطين بالخارج عسكرهم ومدنيهم، ولكن المشكلة تكمن في النظام الذي يحكم به الناس والتشريعات، هذه هي التي تحتاج لتغيير، فأهل السودان يحتاجون لنظام يجعل النظرة للسلطة نظرة مسؤولية وأمانة، وليست كيكة يتقاسمها الساسة من أجل الاستفادة من المخصصات والحصانات، نظام يرعى شؤون أهل البلد ويحل مشاكلهم فتتلاشى دعوات الفيدرالية والحكم الذاتي وتضمن به وحدة البلاد، نحتاج لنظام يقوم اقتصاده على توزيع الثروة على الناس وليس على جباية أموال الناس ومنعهم من الإنتاج والعمل، نحتاج لنظام يمنع تدخلات الدول الطامعة في بلادنا ويوقف هؤلاء السفراء الغربيين الذين يجولون داخل البلاد وكأنهم ولاة علينا يضعون الدستور ويجلسون الساسة ويحددون من يحكمنا وبم نحكم!

 

فالأصل هو البحث عن هذا النظام الذي يغير واقعنا للأفضل، ولن نجده إلا في أحكام الإسلام وتشريعاته التي هي من لدن لطيف خبير، ولا سبيل لتطبيق تشريعات السماء إلا بإقامة دولة على أساس الإسلام، وشكل الدولة ونظام الحكم الذي فصله الإسلام هو نظام الخلافة، لمثل هذا فليعمل الراغبون في تغيير الواقع في السودان.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس باسل مصطفى – ولاية السودان

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع