الجمعة، 10 شوال 1445هـ| 2024/04/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

القضاء على ظلمة الديمقراطية

 

(مترجم)

 

قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾.

 

لا يوجد في الإسلام اعتبار لرأي الأغلبية في الأحكام الشرعية ، فالتشريع لله سبحانه وتعالى وحده. وهكذا، فالنّظام في الإسلام بكل أحكامه هو لله سبحانه وتعالى. الأمر، والنّهي والإباحة كلها لله الأعلى، والأعظم، والأعلم، وليس لأي مخلوق. وليس للأفراد أو الجماعات حق في التشريع ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾.

 

لكننا نشهد اليوم هيمنة عالمية للديمقراطية التي تقوم على فكرة "حكم الشعب للشعب من أجل الشعب"  التي أسسها الغرب وبنى وجهة نظره على فكرة فصل الدين عن الحياة.

 

وبذلك أصبحت الديمقراطية فكرة  انبثق عنها نظام جعل الإنسان سيداً على نفسه بدلاً من جعل هذه السيادة لله سبحانه وتعالى. وصار للعقل حرّية التحكم في شؤون الحياة وأصبح الأفراد أحراراً في اتباع أهوائهم ورغباتهم باسم القيم الليبرالية العلمانية. وصارت حرية المعتقد والملكية والرأي والحرية الشخصية مقدّسة في المجتمعات الديمقراطية.

 

لكننا عند مراقبة التنفيذ العملي لفكرة الحريات في المجتمعات في جميع أنحاء العالم، نلاحظ بوضوح الكثير من الظلام واليأس، ونلمس العواقب الكارثية لفكرة حرّية الملكية التي أدّت إلى وحشية الرأسمالية، وما يترتب على ذلك من البؤس والفقر والاستغلال والاستعمار والحروب والاحتكار التي تنتجها الشركات الرأسمالية العالمية والدول الرأسمالية والنخب الرأسمالية.

 

حافظت الدول الرأسمالية مثل أمريكا دائما على مصالح الطبقة الرأسمالية، حتى عند صياغة الدستور الديمقراطي للولايات المتحدة على سبيل المثال، وبكلمات الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي قال: "كان سبب صياغة الدستور هو تمكين الأشخاص الذين يملكون الثروات على حساب عامة الناس. في الواقع، أصبح تعريفنا للحكم الذاتي والحرية مرتبطاً، إن لم يكن متساوياً، بمصالح الشركة".

 

بدت هذه الملاحظة جلية خلال جائحة كوفيد-19 العالمية، حيث حقق المليارديرات زيادة ثرواتهم خلال 24 شهراً بقدر ما كسبوا خلال 23 عاماً، وفقاً لتقرير أوكسفام  OXFAM "مستقبل ينعم بالمساواة" الصادر في أيار/مايو 2022.  ذكر التقرير أنه: يولد كل 30 ساعة ملياردير جديد ، في الوقت الذي ينتشر فيه فيروس كوفيد-19 وترفع أسعار المواد الغذائية الأمر الذي دفع ما يقرب من مليون شخص إلى الفقر المدقع، وذلك نتيجة هذا الاقتصاد العالمي ".

 

الإسلام له سياسة اقتصادية مختلفة تماماً ينتج عنها مجتمع مختلف تماماً عن المجتمع الرأسمالي. تتمثل السياسة الاقتصادية في الإسلام في تأمين إشباع جميع الاحتياجات الأساسية لكل فرد بشكل كامل، وتمكينه من إشباع رفاهياته قدر الإمكان. وهذا يعني أن السياسة الاقتصادية تحرص على تلبية احتياجات الجميع بدلاً من مجرد تركها للسوق. كما حدّد الإسلام كيف يكتسب الناس الثروة ويعمل على منع أقلية من الناس من السيطرة على الثروة حتى لا يحرم غالبية الناس من تأمين احتياجاتهم. كما جاء في قوله تعالى: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾.

 

أمّا الحرّية الشخصية فقد حوّلت المجتمعات في الدول الديمقراطية إلى مجتمعات حيوانية. الحرية الشخصية هي حرية التخلص من كل القيود، فصدق فيهم قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾.

 

النتيجة الحتمية لتطبيق الأنظمة التي صنعها الإنسان مثل الديمقراطية الليبرالية والرأسمالية أنها جعلت الحياة جحيماً لا يُطاق للبشرية. فالإنسان محدود وقاصر وغير قادر على التشريع لا لنفسه ولا للآخرين. ولن يتحقق الاستقرار الحقيقي والطمأنينة؛ إلاّ في ظلّ التطبيق الكامل للنظام الذي أنزله الله سبحانه وتعالى. فالإسلام هو النظام الوحيد القادر على حلّ مشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والصحية، وذلك ما سيتم تطبيقه في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النّبوة، التي تبني جميع أجهزتها على أحكام الشريعة المنبثقة من العقيدة الإسلامية، عقيدة الأمة.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ثريا أمل يسنى

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع