- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الصراع بين المبادئ
إن الصراع بين المبادئ صراع حضاري بين منظومة الأفكار والمفاهيم التي تشكل طراز عيش عند طرفي الصراع، والدولة عندما تحمل المبدأ تقوم بعملين أساسيين:
الأول: تطبيق المبدأ داخليا
الثاني: حمله بالدعوة والدعاية
وإن قوة الدولة تكمن في المقام الأول في قوة أساسها العقدي وبنائها الفكري الذي يجسد منظومة القيم التي تحملها، فإذا ما تصدع بناؤها الفكري انهارت الدولة ولا تنفعها قوتها المادية، فاعتناق المبدأ هو عمل فكري لا يكون إلا بالإقناع وليس بالإكراه، ولا يعترف بالحدود السياسية، ولا يطيق الانحباس في صدور المؤمنين به، ويزرع في معتنقيه روح التحدي والمواجهة.
وإن من أكبر دلائل انهيار المبدأ ودولته هو اللجوء إلى القوة لإكراه الشعوب، فقد انهار الاتحاد السوفيتي بانهيار فكرته وعجزه عن مواجهة أزماته، ولم ينفعه إكراه الشعوب، وبمجرد انهيار دولته ظهرت حقيقة الناس وكفرهم بالشيوعية، في حين ظهر تمسك المسلمين بإسلامهم بعد عقود طويلة من الإكراه على الشيوعية.
وإن ما نراه في الدول الرأسمالية من فرض القيم الغربية بالقوة على الشعوب من شذوذ وانحلال وقيم هابطة، لهو أكبر دليل على هزيمة الغرب الفكرية، وتصدع بنائه الحضاري والفكري وانهياره، لقد سحقت الديمقراطية المزعومة ومنظومة الحريات التي تشدق بها الغرب، وظهرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وظهرت الصراعات الدموية بين دول المبدأ نفسه معلنة عجزه وموته.
إن الصراع بين المبادئ صراع حياة أو موت، صراع وجود لا يتوقف إلا بإزالة الآخر من الوجود كما حصل بإلغاء الخلافة، وكما حدث مع الاتحاد السوفيتي، وإن سقوط الدول يرجع إلى سقوط الفكر، فسقوط الرأسمالية والشيوعية ليس اليوم ولا هو أمراً طارئاً، بل هو راجع إلى الفكرة نفسها التي تحمل أسباب فنائها في ذاتها، فهي فكرة ساقطة المولد والمنشأ.
فالنهضة تقوم على فكرة (عقيدة مبدئية)، كذلك السقوط يكون بسقوط الفكر، نهض المسلمون بفكرة وكان سقوطهم مدويا عندما ابتعدوا عنها وطرأ الضعف الشديد على أذهانهم في فهمها، وهم أغنى أهل الأرض بأسباب النهضة.
والأمة الإسلامية تمتاز بامتلاكها فكرة سياسية راقية (الخلافة)، فيها القدرة على إعطاء الحلول الإبداعية لكل القضايا التي تواجهها، وقضيتها المصيرية هي العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، تلك القضية التي يتوقف عليها مصير الأمة ونهضتها، وسيادتها وملك قرارها، لقد غفلت الأمة عنها وتم بمكر خبيث تغييبها، فانشغلت بجزئيات وترقيعات استنزفت طاقات الأمة لعقود ولم تحل مشاكلها، بل ركزت نفوذ الغرب وجعلت تضحياتها طريقا لتمرير مشاريع استعمارية.
والقضية المصيرية يتخذ تجاهها إجراء الحياة أو الموت، وإذا لم تحدد الأمة قضيتها المصيرية، ستبقى تتخبط في دياجير الظلام وتتقلب في ضنك العيش والذل والهوان. لقد كانت قضية الأمة واضحة في عقول وقلوب المسلمين عبر تاريخهم الطويل، فهلا أدرك المسلمون قضيتهم فيهبوا هبة الأسود؛ لا تنام على ضيم ولا تخاف في الحق لومة لائم، يسترخصون من أجلها المال والنفس والنفيس.
أقيموها خلافة راشدة وابعثوا أمة من رقدها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الإله محمد – ولاية العراق