- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
التجار في قرغيزستان ينظّمون احتجاجات ضد القواعد الضريبية الجديدة
في 10 حزيران/يونيو، نظم تجار سوق دوردوي موتورز في قرغيزستان وقفة احتجاجية ضد مذكرة الشحن والفواتير الإلكترونية. وقالوا إنهم ليسوا ضد استخدام أجهزة تسجيل النقد، ولكنهم ضد هذا النظام الذي يستأجرون عليه محاسبا ويدفعون أجوره لتنفيذ مذكرة الشحن الإلكترونية والفاتورة الإلكترونية. وفي 11 حزيران/يونيو، واصل التجار في سوق أوش احتجاجاً مماثلاً وأعلنوا إضراباً مؤقتاً.
ألغت الحكومة نظام البراءات، وكانت تطالب بالانتقال إلى أنظمة أجهزة تسجيل النقد ومذكرة الشحن الإلكترونية والفواتير الإلكترونية، اعتباراً من 1 كانون الثاني/يناير 2024، كجزء من الإصلاحات الضريبية الجديدة. ولكن تم تأجيل تطبيق النظام الضريبي الجديد في الأسواق حتى الأول من تموز/يوليو من العام الجاري، بسبب احتجاجات التجار.
وبحسب التجار، فإن القواعد الضريبية الجديدة تنطوي على الكثير من المعاملات الورقية. فعلى سبيل المثال، عند قيامك بخياطة ملابس من 10 لفات قماش اشتريتَها من سوق "المدينة"، وطرحِك كلَّ واحدة منها للبيع، بإدخالها في قاعدة البيانات تُطلَب منك كتابة فاتورة لكل واحدة من الملابس. كما يتم دفع الضريبة فوراً عن البضاعة المستلمة. ومع ذلك، لا يتم بيع جميع السلع بالجملة. ومن بينها سيكون هناك ما أعيد على أنه "غير صالح".
وفي الوقت نفسه، يجب على أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يزيد دخلهم السنوي عن 8 ملايين سوم أن يدفعوا الضرائب أيضاً. فإذا كان الدخل السنوي يصل إلى 30 مليون سوم يدفع 0.5 في المائة، وإذا كان يصل إلى 50 مليون سوم يدفع 1 في المائة. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن الحكومة ستقوم برفع الضرائب، بعد دخول القانون حيز التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، يجب على التجار استخدام أجهزة تسجيل النقد، ودفع أقساط التأمين، وأداء عدد من الواجبات الأخرى. إذا لم يتقدم التاجر بطلب ولم يدفع الضرائب بحلول الأول من تموز/يوليو، فسيتم تحصيل غرامة قدرها 75000 سوم. بمعنى آخر، سيدفع التاجر الذي يستورد البضائع من الصين ضريبة بنسبة 12% كتاجر الجملة بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، وهذا ما يتسبّب بزيادة في أسعار البضائع، ونتيجة لذلك، تصبح القدرة الشرائية للناس صعبة.
إن الغرض من كل هذه التدابير التي اتخذتها الحكومة هو من أجل زيادة مبلغ ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ حوالي 50 في المئة من الميزانية. ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة تُفرض على جميع السلع والخدمات المستوردة إلى الدولة والسلع التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المنشآت. وبحسب قانون الضرائب فإن نسبتها هي 12 في المائة من قيمة كل منتج. على سبيل المثال، إذا قمتَ بفتح متجر وبدأتَ في بيع الأدوات المنزلية، عندما يتجاوز حجم مبيعاتك السنوية 8 ملايين سوم، فيجب عليك دفع ضريبة القيمة المضافة وفقاً للقانون. ونتيجة لذلك، سيتم تسجيلك كدافع لضريبة القيمة المضافة في مكتب الضرائب، ومن ذلك اليوم فصاعداً، سيُطلب منك تقديم تقرير في الخامس عشر من كل شهر. وإذا لم تقم بتقديم التقرير، فسوف تدفع غرامة في الشهر التالي. وإذا لم تدفع خلال عام، فإنك تعرض نفسك لخطر الملاحقة القضائية. ومن المدهش أنك تدفع ضريبة بنسبة 12 في المائة على قيمة جميع السلع، سواء أتم بيع المنتج أم لا. لأن الحكومة لا تقوم بجمع هذه الضريبة إلا لتمكين الناس من شراء البضائع الخاصة بك. ونتيجة لذلك، ستبيع المنتج بالإضافة 12 في المائة على سعر تكلفة المنتج. وبذلك تبدأ في بيع منتج بقيمة 1000 سوم مقابل 1120 سوم. وبالتالي فإن دافع الضرائب عن هذه السلعة سيكون بالأساس هو الناس. وإذا قمت ببيع ما متوسطه 20000 سوم شهرياً، فسوف تدفع 2400 سوم ضريبة القيمة المضافة للدولة، ولهذا السبب يحتجّ التجار خوفا من ارتفاع الأسعار.
بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة في قرغيزستان، هناك ستة أنواع أخرى من الضرائب، وهي: ضريبة الدخل، ضريبة الأرباح، الضريبة غير المباشرة، ضريبة استخدام الأراضي، ضريبة المبيعات. ويتم دمج ضريبة الأراضي مع ضريبة الأملاك.
ويبدو أن الحكومة برئاسة جباروف تكثف جهودها لتحويل البلاد إلى دولة تلتزم بالضرائب. وبشكل أكثر دقة، فإنها تأخذ النظام الضريبي الصارم في الغرب أسوة لنفسها. في البلدان الرأسمالية، تمتلئ الميزانية بشكل رئيسي بالضرائب. على سبيل المثال، تشكل الضرائب الأمريكية أكثر من 90 في المائة من الميزانية، بينما يصل هذا الرقم في معظم الدول الأوروبية إلى 100 في المائة. وفي قرغيزستان، تشكل الضرائب 75 في المائة من الميزانية. ومن خلال تغيير النظام الضريبي، تهدف الحكومة إلى زيادة حصة الميزانية التي تحصل عليها من الضرائب. وبعبارة أخرى، فإنها تريد فضح اقتصاد الظل. لأن مستوى اقتصاد الظل في قرغيزستان يبلغ 130 مليار سوم. وهو ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي الضرائب. ولا شك أن الأرقام غير الرسمية أعلى من ذلك بكثير. ووفقاً للتقديرات الدولية، فإن الأعمال التجارية في قرغيزستان تشكل 40 في المائة في اقتصاد الظل. ووفقاً للبيانات غير الرسمية، فإن 60 إلى 70 في المائة من الشركات لا تعمل بشفافية. في الواقع، كان رجال الأعمال يتواطؤون مع السلطات لتحقيق أهدافهم. يأخذ المحتكرون في البلدان الرأسمالية مكان اقتصاد الظل. فهم إما يفلسون الشركات الصغيرة بالتواطؤ مع الحكومة باعتبارهم دافع ضرائب كبيرا، أو تضطر الشركات الصغيرة نفسها إلى الإفلاس. لأن المحتكرين يقومون بتوفير نفقات الانتخابات لممثلي الحكومة وإجازات المسؤولين، ويدفعون الضرائب من حساب مستخدميهم تحت أيديهم. والحكومة الحالية في قرغيزستان تتبع هذا المسار. ووقفا لوجهة نظرهم، لا يمكن أن يكون كل نشاط في قرغيزستان معفى من الضرائب ولا يمكن أن تكون هناك ضرائب منخفضة. ومن الأمثلة على ذلك، الضرائب المفروضة على المدونين والمتاجر الإلكترونية عبر الإنترنت وسائقي سيارات الأجرة. وتمنح الحكومة موظف الضريبة إمكانات موظف الأمن. وبموجب القوانين الجديدة، سيحصل موظف الضرائب على 3 في المائة من الضريبة المحصلة على شكل راتب. وهذا يعني أن الزيادة في راتب موظف الضرائب مرتبطة بالضرائب التي يجمعها. وبهذا يحاول موظف الضرائب جمع المزيد من الضرائب من كل مكان.
مثل هذه السياسة الضريبية للدولة لم تفلت من اهتمام المنظمات المالية الدولية. على سبيل المثال، قرر البنك الدولي تخصيص قرض بقيمة 500 مليون دولار لبناء محطة قمبر-أوتا-1 للطاقة الكهرومائية. والسبب الوحيد لمثل هذا القرار هو ارتفاع سعر الكهرباء وقرار زيادتها كل عام على أساس التضخم. ومن أجل تلبية متطلبات البنك الدولي، قامت الحكومة بزيادة سعر الكهرباء بشكل عاجل بمقدار 10.8 مَلّيما اعتباراً من 1 أيار/مايو. واعتباراً من 1 حزيران/يونيو، تقررت مضاعفة أسعار التدفئة وإمداد المياه الساخنة ثلاث مرات للمنازل التي تبلغ مساحتها الإجمالية أكثر من 80 متراً مربعاً. وبالتالي فإن السياسة الضريبية المفروضة على السكان في البلاد هي ثمرة الرأسمالية والمنظمات المالية التي كانت خادمة لها.
وفي المقابل، لن تحتاج الدولة في ظل نظام الإسلام إلى فرض الضرائب لإدارة شؤونها، لأنها تنفق من الملك الذي يعتبر في الإسلام ملكية دولة لحاجات تتعلق بالمصالح المشتركة للناس. فمثلاً بناء المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق والمطارات يكون لمصلحة عامة الناس، وتنفق الدولة عليها من ملكية الدولة. كما يتم إنفاق أرباح الموارد الطبيعية مثل الذهب والنفط والغاز والحديد واليورانيوم على هذه الجوانب.
علاوة على ذلك، فإن الإسلام منع حصر تداول الثروة بين فئة قليلة من الناس. وفي الوقت نفسه، لا يضع الفقراءَ والمحتاجين في موقف صعب بسبب فرض الضرائب. بل إنه لا يجوز جمع الزكاة إلا من الأشخاص الذين يصل مالهم إلى نصاب معين. والمسلمون يعطون الزكاة بكل سرور، لأنهم يعتبرونها عبادة. ولا تختلط الأموال المحصلة من الزكاة بالأموال الأخرى في بيت المال، بل تحفظ منفصلة وتوزع على الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في سورة التوبة. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
في الإسلام، لا يجوز للدولة أن تقترض المال من أغنياء المسلمين إلا في حالات نادرة، أو بالأحرى، يجوز عندما يكون ذلك ضرورياً للقيام بالمهام التي أوجبها الله تعالى على الدولة والأمة. في بعض الأحيان قد تفرض الدولة الضرائب على المسلمين الأغنياء بالقدر اللازم لقضاء حاجة معينة. على سبيل المثال، ناشد رسول الله ﷺ المسلمين توفير الأموال اللازمة لغزوة تبوك، وتبرع عثمان رضي الله عنه بألف دينار ليخفف عنهم كرب هذه السنة الصعبة.
وحتى تكون الضريبة شرعا في الإسلام لا بد من توافر الشروط التالية:
- عدم كفاية الأموال في بيت المال للإنفاق على مثل هذه الحالة؛
- وفي مثل هذه الحالة لا بد من نص شرعي على وجوب إنفاق المال على بيت المال والمسلمين؛
- ألّا تتجاوز الضريبة المفروضة المبلغ اللازم لهذه الحالة؛
- لا يجوز فرض هذه الضريبة إلا على الأغنياء الذين يملكون أكثر من احتياجاتهم الأساسية والكمالية.
وبالتالي، لا يتم فرض هذه الضريبة في الإسلام بشكل دائم مثل ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل، وضريبة الأرباح، وضريبة الإنتاج، وضريبة استخدام الأراضي، وضريبة المبيعات... ولا يجوز تحصيل الضرائب بشكل مستمر في الإسلام. ولذلك من الخطأ الكبير مقارنة النظام الاقتصادي الرأسمالي القائم على الضرائب مع النظام الاقتصادي الإسلامي. فالضرائب التي دعا إليها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمفتي حرام في الإسلام! لذلك، يجب على المسلمين أن يسارعوا إلى العيش وفق أحكام الله، من أجل التخلص من ظلم هؤلاء العشّارين، ما يؤدي إلى الفوز في الدنيا والآخرة!
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ممتاز ما وراء النهري