الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

دور الأكراد المحوري في خدمة الإسلام

 

 

إن من نعم الله سبحانه وتعالى ومن تمام فضله أنه جل في علاه هو من يضع الموازين للناس ليسيروا وفق أحكامها وضوابطها الشرعية، ومن هنا حدد سبحانه وتعالى مفهوم الأمة الإسلامية ومفهوم الأخوة الإسلامية، فالأخوة في الدين هي المعيار الذي يحدد موازين المسلمين عند الله عز وجل، وليس معيار الانتساب القبلي لأية قبيلة كانت حتى لو كانت قبيلة قريش، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، فقد رفع الإسلام بلالاً الحبشي، ووضع أبا لهب القرشي.

 

من هنا دخل الناس في دين الله أفواجا، فأي مسلم ومنذ اليوم الأول يتساوى في الحقوق والواجبات مع أي مسلم آخر مهما كان قدمه في الإسلام.

 

هذا الأمر جعل من الناس تنسى أصولها وتاريخها وإنجازاتها ليذوبوا بالكلية في دين الإسلام العظيم ويبدؤوا بتسطير تاريخ جديد لهم مع هذا الدين، فأبدعوا في شتى المجالات سواء على مستوى الدين أو الدنيا، وأصبحوا كتلة واحدة في نظام واحد، ومتوجهين نحو هدف واحد ألا وهو نشر الإسلام وتطبيق شريعته على الناس كافة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.

 

فكان دخول الأكراد في الإسلام دخول خير وبركة ونعمة عليهم؛ فبعد أن كانوا تبعا للفرس أو الروم وحسب ظروف القوة في ذلك الوقت بين الطرفين، أصبحوا بعد إسلامهم جزءا رئيسيا من أمة الإسلام كما هو حال بقية الأقوام من الذين دخلوا في الإسلام قبلهم أو بعدهم.

 

وبعد نعمة الإسلام عليهم انطلق الأكراد بكل طاقتهم لنصرة هذا الدين في شتى مجالات الحياة، ففي الحروب كانوا فرسانا، وفي العلوم كانوا علماء، وفي السياسة أصبحوا قادة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن من أعطى لله، ورضي بالله، وسخط لله، رفعه الله في الدنيا والآخرة، وهذا ما كان من أمر الأكراد في تاريخهم الإسلامي المشرف، فعلماؤهم أصبحوا ملء السمع والبصر كشيخ الإسلام ابن تيمية، وفي الحروب ظهر منهم أسد الدين شيركو، وفي القيادة ظهر منهم صلاح الدين الأيوبي، وحتى بعد إلغاء الخلافة العثمانية على يد المجرم مصطفى كمال عام 1924م، ما ثار في وجهه غير الشيخ سعيد بيران عام 1925م، وما كان للأكراد أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بالإسلام الذي أعطوه كل ما استطاعوا تقديمه، فارتفع ذكرهم وشأنهم بين خير أمة أخرجت للناس، وتاريخ الأكراد المشرف لا يمكن تلخيصه في مقالة قصيرة كهذه لذا اكتفينا بذكر أمثلة منها على عجالة.

 

لكن ما يدمي القلب ويملؤه حسرة أن الأكراد قد دخل عليهم داء القومية التي ابتليت بها أمة الإسلام في مجموعها بعد عقود من النخر والحفر الغربي في عقول أبناء المسلمين من رعايا دولة الخلافة العثمانية، بعد أن أصابها الضعف والوهن في جميع أجزاء جسدها، وخاصة الضعف الفكري في فهم الإسلام، فكان من مساوئ هذا الأمر أن تمكن الغرب الكافر من بث ونشر هذا الفكر المشؤوم بين أبناء المسلمين سواء باقتناع منهم، أو كردة فعل على الواقع المفروض عليهم كما حصل مع الأكراد حين تعرضوا للظلم والاضطهاد فقط بسبب لسانهم المختلف عن لسان من يحيطون بهم من باقي الأقوام من حولهم كالفرس والترك والعرب.

 

لقد سقط الأكراد في فخ القومية ودخلوا في هذا التيه كما قلنا كردة فعل لكنها للأسف تجذرت عند أبنائهم خاصة وأن الأكراد كباقي المسلمين كانوا قد وصلوا إلى الحضيض من ناحية الفكر الإسلامي وكيفية تشخيص الواقع على أساس الإسلام، حيث إن هذا الضعف كان من شأنه بل بسببه تم إسقاط الخلافة الإسلامية التي دام سلطانها لأكثر من ألف وثلاثمائة عام، وسقطت حمايتها عن المسلمين وتعرضت أراضيها إلى الاحتلال المباشر من أعدائها ما زاد الطين بلة، حيث تحكم الغرب الكافر بجميع مقدرات المسلمين وبدأ بالتحريض بين المسلمين لإيجاد العداوة والبغضاء والكره فيما بينهم فنجح في ذلك أيما نجاح.

 

وبدأ الغرب بإيجاد قادة للتمرد على الدولة (سواء أكانت الدولة التي يقودها المحتل الكافر أو التي يقودها عميل يكون واجهة للمحتل)، فقد أوجدوا هذه القيادات بين صفوف أبناء (القوميات) المسلمين ليكونوا قادة لهم وتحت المسمى القومي لتصبح القومية والتعصب لها هي المعيار الواقعي والعملي لأبناء هذه القومية أو تلك.

 

ومن هنا ظهرت الطبقات الحاكمة لتلك القومية ومن جميع القوميات الأخرى وبشكل لا لبس فيه أنهم انتهازيون وأنانيون ومحاربون لله ولدين الله ولا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية ومصالح أسيادهم الغربيين من الذين نصبوهم على رقاب الناس، بينما كانت حصة أقوامهم هي الفقر والعوز والحرمان والتهجير والسجن والتضييق في حياتهم ومعاشهم، وحتى بعد أن حصلوا على استقلالهم الموهوم لم يتغير حالهم ولم يعل سهمهم ولم يتطوروا لا في صناعة ولا تعليم ولا صحة ولا حتى على المستوى الأمني، فكل ذلك ثغرات وجروح في أجساد أبناء هذه القومية وأصبحوا محصورين في إقليم ضيق محصور من جميع جهاته، ومخترق من دول الجوار تعيث فيه متى شاءت بحجة وجود معارضين لها، وأصبحت حياتهم وتجارتهم ومواقفهم السياسية مرهونة برضا الدول المجاورة عنهم.

 

فشتان ما بين واقع الأكراد اليوم وهم يركضون خلف سراب ووهم القومية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي قال عنها الرسول الكريم ﷺ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، وبين ما كانوا عليه أيام انتمائهم العميق لدين الإسلام العظيم.

 

فأيهما الأجدر بالاتباع اليوم أيها الأخ الكردي، اتباع الله ودين الله ونهج الله سبحانه وتعالى، أم نهج فلان وعلان بعد أن ثبت لديكم أن حكامكم لا تهمهم إلا مصالحهم دون مصالح قومهم؟!

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ريان عادل – ولاية العراق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع