- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مآلات الجانب الإنساني الأممي بعد قرع طبول الصراع الاقتصادي
عقب خفوت نار الحرب في اليمن
كشف مبعوث أمين عام الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غرونبيرغ كواليس اتخاذ رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي قرار تعليق قرارات البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، الرامية إلى تضييق الخناق اقتصاديا على جماعة الحوثيين وإجبارها على الاستجابة لما تسمى بجهود السلام وفق المرجعيات الثلاث. فقد جاء قرار تأجيل تلك القرارات في رسالة بعثها المبعوث الأممي لمجلس القيادة الرئاسي، دعا فيها المجلس الرئاسي إلى "وقف عاجل" لقرارات البنك المركزي اليمني في عدن بشأن نقل البنوك وفرض نظام الشبكة الموحدة للحوالات وإلغاء تراخيص بنوك صنعاء، مطالبا بالتراجع عنها أو تأجيلها، ومنح البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين، مهلة على الأقل إلى نهاية آب/أغسطس القادم، والشروع في حوار اقتصادي مع جماعة الحوثي. فقد خاطب المبعوث الأممي رئيس مجلس القيادة بقوله: "أكتب إليك خطابي هذا بأعلى درجات الاستعجال والقلق بشأن القرار الذي اتخذه البنك المركزي اليمني مؤخراً رقم 30 لعام 2024 الذي يقضي بتعليق تراخيص ستة بنوك وما تبعه من تواصل مع البنوك المراسلة ونظام سويفت الذي سيفضي إلى وقف وصول تلك البنوك إلى البنوك المراسلة ونظام سويفت". مبررا طلبه لمجلس القيادة الرئاسي، بتقديره ما تحملته الحكومة من مظالم اقتصادية منذ وقت طويل أكثرها ظهوراً وقف صادرات النفط الخام، لكن هذه القرارات الصادرة مؤخراً بشأن البنوك سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني وستفسد على اليمنيين البسطاء معيشتهم في كل أنحاد البلاد، وقد تؤدي إلى خطر التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري، حسب قوله؛ تلك الضغوط الأممية التي تعرضت لها الحكومة اليمنية للتراجع عن قرارات البنك المركزي بعدن، فقد تزامنت مع وصول محافظ البنك المركزي أحمد المعبقي، إلى العاصمة السعودية الرياض يوم الخميس الفائت، لمقابلة رئيس مجلس القيادة ومناقشة إجراءات البنك المركزي الأخيرة.
فبالرغم من الهدوء الذي ساد جبهات اليمن منذ نيسان/أبريل 2022، إلا أن الصراع الاقتصادي بين حكومة عدن وجماعة الحوثي اشتعل بشكل قد لا يقل ضراوة وتأثيرا عن نيران الحرب التي اكتوى بها أهل اليمن منذ نحو 10 سنوات. وبرز الصراع الاقتصادي بشكل كبير مؤخرا، حيث قرر البنك المركزي اليمني المعترف به دوليا وقف التعامل مع ستة من أكبر بنوك البلاد، بسبب عدم نقل مقراتها الرئيسية من العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
يحمل هذا الصراع الدولي فترة تاريخية، ابتداءً بنقل حكومة عدن - أداة بريطانيا - البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى مدينة عدن جنوبي البلاد، واستمرارا لهذا الصراع المالي، قررت جماعة الحوثيين في 2019 حظر التعامل بالعملة المحلية المسماة بـ"الجديدة" التي طبعت في السنوات الأخيرة من قبل البنك المركزي اليمني، مع حصر التعامل فقط بالفئات من العملة القديمة الصادرة قبل 2017، حيث يوجد حاليا للريال اليمني سعران أمام الدولار، الذي يساوي في مناطق سيطرة الحوثي نحو 530 ريالا، بينما في العاصمة المؤقتة عدن، فيبلغ سعره نحو 1900 ريال. كما تمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في عموم مناطق اليمن من عائدات النفط، والذي يعتبر من ضمن الصراع الاقتصادي بين أطراف النزاع المحلية العميلة للأطراف الدولية. فبعد يومين من قرار البنك المركزي بإلغاء تراخيص 6 بنوك مقراتها الرئيسية في صنعاء، كشف مجلس القيادة الرئاسي في 12 تموز/يوليو عن تلقيه دعوة من المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرونبيرغ، لإطلاق حوار مع الحوثيين بشأن الأزمة الاقتصادية.
جاء تدخل المبعوث بعد بدء استجابة جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك "سويفت" لقرارات البنك المركزي اليمني في عدن، وإبلاغ البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين بقطع النظام عنها استجابة لطلب بنك عدن، ويعد هذا التدخل ضغطاً أممياً على حكومة عدن خدمةً للحوثيين وإنقاذاً لهم من العزلة المالية، التي تذكرنا بموقف الأمم المتحدة وضغطها على قوات حكومة عدن أواخر 2018 لوقف معركة الحديدة تحت مسمى الجانب الإنساني، والدعوة لحوار بين الحكومة والحوثيين، وهو ما أفضى لتوقيع اتفاق ستوكهولم الذي رفض الحوثيون تنفيذه لاحقاً، واستغلوه لشرعنة سيطرتهم على ساحل البحر الأحمر، وهو ما ترتبت عليه هجمات ضد السفن مؤخراً. كما يذكرنا بعدم تحرك المبعوث الأممي عند قصف قوات الحوثيين ميناء الضبة لتصدير النفط والذي حرم الحكومة من أهم مواردها، فضلا عن عدم ممارسة أي ضغوط على الحوثيين بعد فرضها انقساماً نقدياً واقتصادياً، ونهب المساعدات والموارد ورفضها دفع المرتبات بموجب اتفاق ستوكهولم. بالإضافة إلى تخلي غرونبيرغ عن موظفي الأمم المتحدة والبعثات الدبلوماسية الذين اعتقلتهم مليشيات الحوثي مؤخرا كورقة ضغط لمساومة العالم وفرض اشتراطاتها بما في ذلك في الملف الاقتصادي، وكذلك تغافل المبعوث الأممي احتجاز الحوثيين أربع طائرات من طيران اليمنية في مطار صنعاء، وكل تلك الأعمال تحت عذر الجانب الإنساني، ما يدل على أن هناك من يقف خلف الأمم المتحدة لتأمرها وتنهاها، فإن لم تكن أمريكا فمن تكون؟! وما السعودية إلا أداة أمريكية لتنفيذ ما يُملى عليها من قيادتها.
أخيراً، إن إنقاذ اليمن من محنته لا يكون بنصرة أتباع بريطانيا أو نصرة أتباع أمريكا، ولا بالتظاهر بنصرة هذا أو ذاك، بل يكون إنقاذ اليمن بأن يتحرك أهله مزمجرين مخلصين لله سبحانه، صادقين مع رسول الله ﷺ لإزالة أهل الشر من الطرفين، وإنقاذ البلاد والعباد من خياناتهم وصراعاتهم بدماء أهل اليمن، وإعادة اليمن إلى أصله بلد الإيمان والحكمة يرفع راية العقاب، راية رسول الله ﷺ، ويحتكم إلى شرع الله في خلافة راشدة على منهاج النبوة في الجانب السياسي والاقتصادي وغيرهما، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
فيا أهل اليمن: إن حزب التحرير يتوجه إليكم بصدق وإخلاص ألا تخيفنكم عنجهية أمريكا وأتباعها وأشياعها، ولا يخدعنكم خبث بريطانيا وأتباعها وأشياعها، فهم العدو فاحذروهم، وانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله القاضي – ولاية اليمن