الإثنين، 04 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/10/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مؤتمرات للتآمر على الأمة وأفكارها ومحاولات تغيير مفاهيمها ومقاييسها وقناعاتها

يقودها علمانيون ألبسوا عمامة الأزهر وتمسحوا بمسوح العلم والعلماء

 

نقلت قناة مصر الإخبارية (النيل) على موقعها الأحد 2024/8/4م، تأكيد وزير الأوقاف المصري خلال كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي التاسع لوزراء الأوقاف المنعقد في مكة، على أهمية موضوع المؤتمر: "دور وزارات الشئون الإسلامية والأوقاف في تعزيز مبادئ الوسطية وترسيخ قيم الاعتدال"، وأن جدول أعمال المؤتمر ومحاوره وافية شاملة، تشتبك مع هموم المسلمين، وتناقش قضاياهم، حيث جاء على قمة البحوث التي يطرحها المؤتمر قضية "مواجهة الغلو والتطرف، وقضية تحصين المنابر، بما يحشد قدراتنا وطاقاتنا جميعاً ووزاراتنا ومؤسساتنا ودولنا جميعاً حتى نحتشد جميعاً لمواجهة كل صور العنف والتكفير والتطرف والغلو والتشدد وحتى نطفئ معاً نيران العنف والإرهاب ولنكون في زماننا هذا أمناء على ديننا وعلى أوطاننا"، وأكد وزير الأوقاف أن "أحد أهم أهداف المؤتمر المشتركة التي نزكيها ونجتهد في إيصالها إلى الناس وتأتي على قائمة أعمال المؤتمر قضية الوطن والانتماء الوطني والوطنية والمواطنة، وهذه القضية قضية شديدة الأهمية في ظل زمن وعقود مضت نشطت فيه جماعات الإرهاب والتطرف في تقديم خطاب يقزم شأن الوطن ويصغره، فمن قائل إن الوطن حفنة تراب، وقائل إن الوطن مجرد حدود صنعها الاستعمار يريد التهجم على أحوال أوطاننا ودولنا القائمة، ومن قائل إن الوطن مقابل لفكرة الأمة فيرفض..."، إلى غير ذلك مما أحصاه وزير الأوقاف وتتبعه وقام بمواجهته وتفكيكه من منظومة الأفكار المغلوطة، مضيفاً أن "شأن الوطن شأن عظيم وقد جاء الشرع الحنيف ليعلم الإنسان أن يبجل شأن الوطن".

 

ما بين قاهرة الأزهر وبلاد الحرمين يجتمع المتآمرون، يأتمرون بأمر الغرب، ويعملون على نشر أفكاره وترسيخ ثقافته، وإبعاد الناس عن أفكار الإسلام وعقيدته السياسية العملية.

 

مؤتمرات يرعاها الغرب ويحرص عليها عملاؤه من الحكام، تخاطب شعوبنا المكلومة التي فقدت سلطانها ودولتها، والتي تدنس مقدساتها وتنتهك حرماتها وتسفك دماؤها، تطالبها بالتحلي بالوسطية والاعتدال، والابتعاد عن الغلو والتطرف والإرهاب! عاملين في سبيل ذلك على احتكار الخطاب الديني قدر استطاعتهم، مدلسين على الناس دينهم، مشككين في كل من يخاطبهم بالإسلام غيرهم، متهمين إياه بالتشدد والغلو والتطرف، وأنه يدعو للتكفير والإرهاب والعنف، أو أنه على دين الخوارج، إلى غير ذلك من الأوصاف التي تنفر الناس ممن يدعونهم إلى الفكر الصحيح الذي يخرجهم من واقع الخنوع للغرب والخضوع لعملائه من الحكام الخونة، أو يحملون الدعوة لإقامة دولة للإسلام، توحد الأمة وتزيل الحدود التي تقسم بلادنا، ولهذا لجأ المؤتمرون إلى الخلط لتمرير تآمرهم، مدعين أن حشدهم ليطفئوا نيران العنف والإرهاب، وليكونوا أمناء على الدين والأوطان، مؤكدين أن أهم أهداف مؤتمرهم التي يحملونها للناس ويسعون لترسيخها في عقولهم، قضية الوطن والانتماء الوطني والوطنية والمواطنة!

 

أي أن قضية الإسلام وحمله ووضعه موضع التطبيق ليست من أهدافهم ولا من أولويات خطابهم، بل المؤتمر يناقش كيفية استغلال الخطاب الإسلامي لتيسير قبول تلك الأفكار وتعميقها في نفوس الناس حتى تصير الوطنية رابطة بديلة عن الإسلام وعقيدته، ويصبح الولاء للوطن قبل الولاء لله ورسوله، وفداء الوطن قبل فداء الدين والعقيدة، وأخوة الوطن قبل أخوة الإسلام، زاعمين أن الشرع الحنيف قد جاء ليعلم الإنسان أن يبجل شأن الوطن، وأن حب الوطن والدفاع عنه من الإيمان، دون ذكر أي دليل شرعي حقيقي يؤيد زعمهم ولا بيان لحقيقة وواقع الوطن المزعوم محل مطالبة بولائه والدفاع عنه، ولا حتى كيف يعرف هذا الوطن، اللهم إلا قول رسول الله ﷺ في مكة «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» وليس فيه ما يشير إلى الوطن ولا الوطنية بشيء، بل خبر بأفضلية مكة عن سائر البلدان، بينما خطاب الشارع للأمة بعمومها واحد، فلم يخاطب أهل الحجاز ولا نجد ولا مصر ولا الشام ولا غير ذلك، بل خاطب الأمة بوصفها أمة واحدة ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾، ونهى عن تقسيم الأمة، وذم التعصب للأرض والقبيلة والعرق وقال عن العصبية: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، وشدد على وجوب وحدة الأمة وأن تكون بلاد الإسلام كلها دولة واحدة مجتمعة على حاكم واحد يحكمها بالإسلام، فقال ﷺ: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ»... فمن أين أتوا بفرية أن الشرع يبجل الوطن؟! وهل هذا الوطن هو دولة آل سعود أم مصر أم لبنان أم الكويت أم ماذا؟! وما الذي جعله يكتسب القداسة حتى يعلم الشرع الإنسان أن يبجله؟! هل حدود رسمها سايكس وبيكو يمكن أن تكتسب القداسة؟! وهل دويلات كرتونية لا تحكم بالإسلام يمكن أن يكون لحكامها ولاء في أعناق الأمة؟! وهل يمكن أن نسمي حظائر سايكس بيكو هذه دولا؟! وهل يجوز أن تصبح أمة محمد دويلات؟! وهل يجوز أن تُحكم الأمة بغير الإسلام؟!

 

إن هذه المؤتمرات هي حلقة من حلقات التآمر على الأمة ومحاولات خداعها باسم الإسلام بواسطة علمانيين يلبسون عمامة الأزهر ويتمسحون بالفتوى وسمت العلماء، بينما هم حاقدون على الإسلام كحقد سادتهم في الغرب، عاملين على تقويض أركانه وفصل الناس عن عقيدته السياسية العملية، متكئين على دعم الأنظمة وتكميم الأفواه التي تعمل على توعية الناس والتعتيم على ما تحمله لهم من خير، وتجهيل الناس بدينها على مدار أكثر من قرنين من الزمان، ما يسر لهؤلاء خداع الناس، وباسم الإسلام!

 

إلا أن كل ما يطرح خلال هذه المؤتمرات هو أفكار لا قيمة لها على الحقيقة ولا تصلح كرابطة للربط بين الناس كونها بهيمية مؤقتة، لا تظهر إلا في حالة الاعتداء على الوطن، أو استدعائها بدعاوى العصبية الجاهلية التي ذمها الشرع، وفوق هذا لا ينبثق عنها نظام ولا معالجات لمشاكل الناس ولا حلول لقضاياهم، ولا تصلح كأساس لقوانين تنظم علاقاتهم في الحياة، وهي سراب بقيعة يحسبه الغرب وعملاؤه سيؤثر في الأمة ويحول بينها وبين حملة الدعوة الإسلامية المخلصين من أبنائها الساعين للنهوض بها واستعادة سلطانها من جديد، وأنه سيوجد للأمة مفاهيم جديدة وتفسيرات لمفاهيمها وثوابتها يرضى عنها الغرب وتقبل بوجوده وهيمنته وتبعية بلاد الإسلام له، وليس فيه بحث عن تطبيق الإسلام ولا عمل لإقامة دولته من جديد، فهذا ما يؤرق الغرب وما جعله يوعز إلى عملائه من حكام بلادنا لاستخدام كافة أدواتهم لفصل الأمة فصلا تاما عن دينها وعلى رأسهم النظام المصري كون مصر بلد الأزهر والعلماء ومن تتطلع إليها الأمة بعمومها كمنارة للعلم ومنطلقا للتغيير.

 

ولكن خاب فأل الغرب وعملائه من الحكام فكل هذه الأفكار التي يحملون وينشرون لا قيمة لها ولا تعدو كونها كسراب بقيعة، بل ربما أقل من السراب تختفي مع ظهور أول ضوء لشمس الإسلام وعقيدته العملية بحرارتها، فأفكار الإسلام أفكار قوية؛ أساسها عقلي ثابت، ومصدرها وحي الله عز وجل يقيناً، فلا تقف أمامها قوة ولا طاقة للغرب وعملائه للوقوف أمام من يحملونها حملا فكريا صحيحا. ولعل هذا يذكرنا بما ذكرته مؤسسة راند في تقرير وضعته أمام الإدارة الأمريكية عام 2004 تصف فيه حزب التحرير بأنه المقاتل الرئيس في حرب الأفكار، ومكمن قوة الحزب هنا في تمسكه بأفكار الإسلام وحمله لها حملا فكريا صحيحا ورفضه أي تنازل عنها، وعمله الدؤوب على إيصالها للحكم ووضعها موضع التطبيق بكيفية مستنبطة من سيرة رسول الله ﷺ استنباطا صحيحا، ونحن نعلم يقينا أنه لا توجد قوة في الأرض يمكنها أن تحول دون تحقيق وعد الله عز وجل به، ولهذا فنحن نبذل وسعنا في العمل وفق الطريقة الشرعية واثقين تمام الثقة بنصر الله عز وجل وتمكينه وأن مكر هؤلاء إلى بوار.

 

إن أمة الإسلام أمة واحدة من دون الناس بعربها وعجمها وشامها وفرسها وكردها، ألف الله بين قلوبها وجعل أخوة الإسلام وعقيدته هي الرابط بينها، وخطاب الشارع جل وعلا للأمة خطاب واحد لا فرق فيه بين عربي ولا أعجمي ولا أحمر ولا أبيض ولا أسود، ولا حتى رجل وامرأة، وكل التكاليف موجهة إلى الأمة بوصفها أمة، لم نجد خطابا لأهل مصر ولا لأهل الشام ولا اليمن، فإذا كان هذا هو خطاب الله لنا، بل حذرنا ورسوله ﷺ من الفرقة والتشيع والاختلاف والعصبيات، فكيف نرتضيها لأنفسنا؟! وكيف تكون أخوة الوطن قبل أخوة العقيدة فيفرق الوطن والحدود والأسلاك بيننا وبين أهلنا في الأرض المباركة حتى نراهم يقتلون ولا تمتد لهم يدنا بعون ولا تتحرك جيوشنا لنصرتهم بينما هم إخواننا وبينما أرض فلسطين هي أرضنا وواجب تحريرها يقع على عاتقنا وفي رقابنا؟! فهو أوجب ما يكون على جند الكنانة، الذين صارت حدود الوطن تمنعهم من نصرة أهل غزة الواجبة عليهم شرعا، تلك الحدود التي يدعي الأزهري أن الشرع جاء ليعلم الإنسان تبجيلها!

 

إن الإسلام لا يعترف بالحدود ولا بالقوميات ولا يبيح أن تتعدد الدول الإسلامية، بل يوجب أن تكون دولة الإسلام دولة واحدة يحكمها حاكم واحد، سماه خليفة أو إماماً، وأوجب على الأمة بيعته وطاعته والوقوف في وجه من ينازعه سلطانها الذي منحته إياه عن رضا واختيار، فالخلافة أو الإمامة هي رئاسة عامة لجميع المسلمين في شؤون الدين والدنيا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخِرَ مِنْهُمَا»، وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله ﷺ: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ» رواه مسلم، فلا يجوز أن تعقد الإمامة لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا، هذا ما نص عليه أهل العلم، وحُكي الإجماع عليه، وإن كان قد وجد في التاريخ خلاف ذلك. فإذا حرم الشرع أن يكون للأمة دولتان في زمان واحد فكيف يبجل الشرع الدول الوطنية التي صنعها المستعمر لتقسيم دولة الإسلام إلى أكثر من خمسين وطناً أو كياناً، فضلا عن كونها لا تحكم بالإسلام وحكامها عملاء للغرب لم يصلوا للحكم ببيعة شرعية صحيحة بل هم مغتصبون لسلطان الأمة، وهؤلاء المؤتمرون جزء من نظامهم؟! ونحن هنا إذ أكدنا أنهم لم يذكروا دليلا شرعيا على كلامهم فقد سقنا أدلتنا الشرعية ولا يوجد من علماء الأمة الأكابر من قال بخلاف ما نقول ولا من قال بجواز تقسيم الأمة ولا من اعتبر من يحكم بغير الإسلام حاكما شرعيا له طاعة على الأمة.

 

إن ما يقوم به هؤلاء المؤتمرون قام به قبلهم مشركو مكة ويهود، وهو صراع دائم بين الحق والباطل، والباطل حتما مهزوم، والله متم نوره ولو كره الكافرون والمعاندون والمشوهون، وقد تجاوزت الأمة الكثير وارتفع وعيها ولم يعد أمامها الكثير حتى تستعيد سلطانها من جديد وتعيد دولتها التي تطبق الإسلام وتعلي قيمه وأفكاره، وحينها لن يجد هؤلاء سماء تظلهم ولا أرضا تقلهم.

 

إن الأمة الآن وفيما بعد الثورات لم تعد تثق في صنائع الحكام عبيد الدولار وإنما تثق في الإسلام وفي كونه هو ما يرضي ربها عنها وهو الذي سيعالج مشكلاتها حتما، ولم يعد ينقصها إلا نصرة صادقة وانحياز لمشروع الإسلام من المخلصين في الجيوش وعلى رأسهم جيش الكنانة الذي يمكنه أن يغير المعادلة واتجاه البوصلة؛ بوضع يده في يد المخلصين العاملين لإقامة دولة الإسلام ووضع أحكامه موضع التطبيق في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، عجل الله بها وجعل جند مصر أنصارها.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع