الإثنين، 11 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/10/14م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إلى "ذوي الاختصاص الشرعي"

الذين وجهوا رسالة إلى حكام المسلمين!

 

إلى "ذوي الاختصاص الشرعي" الذين وجهوا رسالة إلى حكام المسلمين، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وبعد:

 

قرأنا نصحكم إلى حكام المسلمين لأن أمر الأمة آل إليهم كما ذكرتم في رسالتكم، فكان من الواجب عليكم أن تخاطبوهم باعتبار أن أمر الأمة آل إليهم في ظروف غاية في الصعوبة، ورسالتنا هذه إليكم يا ورثة الأنبياء ولا أعظم شرفا ولا مكانة من أن يرفع الله أهل العلم وطلبته إلى رتبة الوريث وكأنه من عصبة الأنبياء، ونحن إذ نوجه النصيحة لكم فإنما لأن الله أخذ علينا ميثاقا وعهدا ألّا ندع شيئا فيه مقال أو نصيحة إلّا وأن نأخذ بيد صاحبه إلى الخير، وقد ذكرتمونا مشكورين بحديث النبي «الدِّينُ النَّصِيحَةُ...» وعسى أن تقبلوا منا نصيحتنا.

 

أولا: لما قرأنا البيان بتوصيف حالة المسلمين اليوم وكيف يستحر القتل والظلم في بلاد الإسلام وفي غزة وفلسطين تحديدا، تصورنا أنكم ستصلون إلى النتيجة الشرعية فوق كونها عقلية في أن دعم المقاومة والتصدي لحماية الأقصى وصد العدوان لا يكون إلا بتحريك الجيوش وليس بالإصلاح القانوني عبر المجالس النيابية وحرية الرأي وإخراج السجناء، ولا ندري ما علاقة إخراج السجناء بالتصدي ليهود ونصرة الأقصى! وما علاقة إصلاح المجالس النيابية بدعم المقاومة! وللأمانة فإنني حاولت جهدي أن أعيد فهم الشرط والمشروط والسبب والمسبب فلم أجد أية علاقة بين دعم المقاومة ونصرة الأقصى وبين إخراج السجناء وإصلاح المجالس!!

 

ثانيا: أتفهم أن نصيحتكم لمن تولى أمورنا هي تحت قوله سبحانه: ﴿وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ وإلا فإن الحكام قد وصلوا إلى مرحلة لم يعودوا يقبلون فيها النصح وإنما هم يصدق عليهم قوله تعالى على لسان فرعون: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ وقوله تعالى: ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ﴾.

 

ولا أظنكم يخفى عليكم هذا الأمر وأنتم تدرسون أسس العقيدة وأركان الإيمان ونواقضه، وربما الكثير منا قد درس في الجامعات والكليات التي يدرس بها الكثير منكم، فأي نصيحة عادت تنفع فراعنة هذا العصر عملاء الغرب؟! وحتى إن موسى الذي بعث لفرعون بالقول اللين: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً﴾ بعد أن يئس من حالته واستعصى علاجه خاطبه بقوله: ﴿وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُوراً﴾ فليس لين القول دائما هو الأسلوب الصحيح.

 

ثالثا: إن رأس التغيير كما لا يخفى عليكم لا يكون بإصلاح البرلمانات والقوانين وإخراج السجناء والانتخابات النزيهة، وإنما هذا صرف للأمة عن قضيتها المصيرية والوحيدة وهي أن التغيير الحقيقي لا يكون إلا بتحكيم الإسلام وإقامة الخلافة وإلا فإنكم تعلمون يا ورثة الأنبياء أن كل ما ذكرتموه في رسالتكم هي أعراض لمرض أساس: وهو زوال الحكم بالإسلام والتآمر على الأمة، ولا يصح في العقول السليمة الطلب ممن كانوا سببا وما زالوا في إعانة الكيان اللقيط على البقاء في فلسطين، أن يطلب منهم الوقوف ضدهم! ألا ترون أن أمثلهم طريقة - وليس فيهم أمثل - هو من يغلق حدوده دونهم ثم يبعث لهم الطعام والشراب وعبوات المياه؟!

 

رابعا: لماذا خلت رسالتكم من الحل الجذري والصحيح والذي دونه خرط القتاد؟! لماذا خلا من دعوة الجيوش للتحرك؟! ولا أظن هذا الحل يخفى عنكم، أم كأني بكم تتعمدون صرف الأنظار عن الحل الجذري والصحيح! ولأنني لا أريد إساءة الظن بكم فإني سأفترض أن الجواب أنكم قد تحدثتم بكلام عام وألفاظ عامة وهم (أي الحكام)، داخلون تحت الألفاظ العامة والنصوص المطلقة مثل: (التصدي للعدوان ورص الصفوف وفتح المعابر والوقوف في وجه الغطرسة...) فهل ترى هذا الخطاب العام يرفع الإثم عنكم ويبرئ ذمتكم أمام الله أم أن من نظم الرسالة تعمد صياغتها بكلام لا يُدرى فيه من المخاطب؟! وقد كان يجب عليكم أن تقولوا للحكام الذين اعتبرتموهم أولياء أمور أن يتقوا الله في الأمة وأن يعيدوا الجيوش إلى وظيفتها الصحيحة فلا تتحرك لتؤجر في ليبيا والعراق والشام وأفغانستان بأمر الناتو وأمريكا، وإذا تم اعتداء على أهل فلسطين وغزة صمتوا صمت القبور وحال (أولياء الأمور) دون حركتها! لقد كان يجب عليكم أن تستدلوا عليهم بقوله سبحانه: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ وتستدلوا عليهم بقوله : «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِماً فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ». أما أن تجعل المشكلة في السجناء وحرية الرأي وتعديل القوانين فهذا لا يقوله مثلكم!

 

خامسا: وردت عبارات لم يكن لفهمنا المتواضع أن يهضمها أو أنها أقرب إلى الألفاظ غير ذات المعنى، وحبذا لو فهمناها؛ فلا أدري مثلا ما معنى "تداول السلطة"! فالتداول يفهم منه أن في الأمة أحزابا تعمل على أساس الإسلام وتتنافس على تطبيق الإسلام في الداخل والخارج وتحمل برامج، مع أن الأحزاب في بلادنا تُصنع كما تصنع أية سلعة، حتى إذا ما استهلكت طرحت على قارعة الطريق! ثم أي تداول ذاك الذي يكون في الأردن أو مصر أو سوريا أو الكويت أو السعودية والحكام يظنون أنفسهم ظل الله على الأرض؟! وأظنكم لو تريثتم قليلا قبل كتابة الرسالة لما ذكرتكم الكثير مما جاء فيها ولكن ربما هو (سبق قلم) كما يقولون! غفر الله لنا ولكم.

 

وأخيرا.. فإننا نذكركم بالعهد والميثاق الذي أخذه الله على العلماء: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ وأن الحل المصيري والجذري هو التغيير على أساس الإسلام وتحكيم الإسلام، وأن الخلافة فقط هي الكيان السياسي الذي لم يعرف المسلمون غيره طوال ثلاثة عشر قرنا، قبل أن يتآمر أحفاد أبي رغال وابن العلقمي مع الكافر المستعمر على هدمها، فلا أنظمة ملكية أو جمهورية أو أميرية أو رئاسية، وإنما هذه الأنظمة عرفها المسلمون بعد سايكس وبيكو، وإننا لا نرى ذمتكم تبرأ إلا بأن تبينوا للناس سبب مشكلتهم وكيفية الحل بألفاظ لا تحتمل العموم والإطلاق والتأويل، فالجيوش أيها العلماء والأكاديميون لا يحركها من كان حريصا على بقاء يهود أكثر من حرصه على نفسه، نسأل الله أن يأخذ بأيدينا وأيديكم إلى كل خير وأن يغفر لنا ويتجاوز عن سيئاتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

ألا هل بلغنا اللهم فاشهد.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خالد الأشقر (أبو المعتز)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع