- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إسقاط الطاغية بشار نصرٌ من الله وبداية التغيير لا كله
عمت الفرحة أرجاء الشام بسقوط الطاغية بشار وتحرير العاصمة دمشق بعد أن تم تحرير كامل إدلب وحلب وحماة وحمص، وارتفعت أصوات التكبيرات من المساجد وباحات الساحات العامة والشوارع ومن أمام السجون التي أطلق الثوار سراح كل من فيها، نساء ورجالا، فظنوا أنهم في حلم لا علم، وكادت الأرض تهتز من تحت أرجل المجاهدين والثوار والناس سُرّوا بإسقاط نظام الطاغية الذي أمعن القتل والفساد والإجرام في أهل الشام، عقودا طويلة مديدة، في مشاهد لم تطقها الأنفس من قسوتها ووحشيتها بحق كل من خرج على النظام وأراد التحرر من طغيانه، ولكن كما قال الله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. فهنيئا لأهل الشام هذا النصر العظيم والفتح المبين.
وبعيدا عن التحليلات السياسية فيما دفع هيئة تحرير الشام والجيش الوطني والفصائل للتحرك بعد طول إعراض وعدم استجابة لنداءات فتح الجبهات وتحرير الشام المتواصلة على يد المخلصين وحملة الدعوة في الشام منذ سنوات، وإن كان التحليل لازما لفهم سرعة ما حدث، إذ خلال عشرة أيام تمكن الثوار والمجاهدون من تحقيق هذا الإنجاز العظيم، إلا أن الأهم من ذلك هو ما بعد إسقاط بشار ونظامه.
فلا شك أن أمريكا وأدواتها في المنطقة، كتركيا أردوغان، سوف يحرصون كل الحرص على عدم تحرر الشام من قبضة الاستعمار، وسيسعون بكل ما لديهم من خيوط وإمكانيات للتحايل على الثوار بدفعهم إلى القبول بتغيير لا يمس جوهر الدولة وعلمانية النظام، على غرار ما تمكنت أمريكا بمعونة حكام باكستان وقطر من صنعه مع حركة طالبان في أفغانستان. وهو ما يوجب على الثوار والمجاهدين الحذر الشديد من المكائد والمخططات التي يرسمها هؤلاء لإحباط عملية التغيير الحقيقية في الشام.
فالتغيير الحقيقي الذي من شأنه أن يغير واقع الشام برمته، هو التغيير الجذري بخلع النظام بكامل أركانه ورجالاته وبنيته ودستوره، ووضع نظام الحكم في الإسلام مكانه، وإعلانها خلافة راشدة على منهاج النبوة، تكون فيها الدولة من ألفها إلى يائها إسلامية صرفة، بلا دخن ولا شوائب، ويكون الحكام فيها من أولياء الله وعباده المتقين.
أما القبول بدولة علمانية، أو دولة هجينة من الإسلام والعلمانية، فهو يعني بقاء الحال على ما هو عليه، وإضافة كيان آخر للمسلمين إلى جانب الـ56 كياناً الموجودة، وهو يعني بقاء الاستعمار وعلى رأسه أمريكا، مهيمنا على بلادنا وثرواتنا وقراراتنا، ويعني بقاء الظلم والفساد والضنك.
إن أمريكا ومن معها، وخاصة أردوغان، يظنون أنه يمكنهم بما يملكون من أدوات وعلاقات نسجوها طوال السنوات الماضية وخاصة ما بعد الثورة، مع قادة الفصائل، أن يجعلوا التغيير مقتصرا على بعض التفاصيل والجزئيات في النظام السابق دون المساس بجوهر الدولة أو نظام الحكم العلماني، حتى لو اضطروا لجعله بمسحة إسلامية. وهذا ما يوجب على الثوار والمخلصين والمجاهدين أن يحذروا منه كل الحذر.
فما قدمه الثوار وأهل الشام من تضحيات عز نظيرها، وما عانوه من ظلم وقسوة وإجرام فاق التصور، لا يصح أن يذهب أدراج الرياح، ويضيع في أتون تغييرات لا تمس جوهر مصيبة أهل الشام والمسلمين جميعا، إذ ما أصاب المسلمين ما أصابهم من ظلم وذل وصغار وعذاب إلا بعد أن هدمت دولة الخلافة وغاب الإسلام عن الحياة. فمصيبة الأمة ومآسيها سببها عدم وجود دولة لها؛ دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
فعلى الثوار والمخلصين أن يعزموا أمرهم ألا يستقر لهم قرار ولا يهدأ لهم بال حتى يعلنوها خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة، ولا يكون ذلك دون قطع كل العلاقات مع النظام التركي والممول الأجنبي وباقي حكام المنطقة وعملاء الاستعمار، والاعتماد بدلا من ذلك على الأيادي الطاهرة والقلوب النقية من أبناء الأمة ومجاهديها، ولله در ذلك المجاهد الذي صدح قائلا بعد تحرير حمص: "رح نكمل حتى نصل غزة ونعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة"، ومثله الكثير الذين تزخر بهم الشام.
﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس باهر صالح
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير