- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
السر وراء اعتقال الحوثيين شباب حزب التحرير
إن الأمة الإسلامية تمر اليوم بمرحلة حرجة من التحديات السياسية والاقتصادية، التي سببها تدهور الأوضاع على كافة الأصعدة نتيجة السياسات الفاشلة التي اتبعت في بلاد المسلمين على مدى عقود طويلة. منذ أن هدمت الأم الحاضنة لهم كانت هذه السياسات سبباً رئيساً في كل الأزمات ومنها الاقتصادية التي تعاني منها معظم البلاد الإسلامية، وفي خضم هذه الأزمة الاقتصادية، بدأ العديد من شباب الأمة يتوجهون للحل الصحيح وللاستماع إلى شباب حزب التحرير الذين قدموا حلولاً إسلامية حقيقية لمعالجة هذه الأزمات، وفي مقدمتها الركود الاقتصادي. ولم تقتصر الأزمة على الركود الاقتصادي، بل امتدت إلى الجانب السياسي والأمني، حيث بدأت الأنظمة الحاكمة في بلادنا تتخذ إجراءات قمعية ضد كل من يطالب بتطبيق شرع الله وبالتغيير الجذري. وفي هذا السياق، فإن ما حدث في اليمن بعد نجاح ثورة سوريا في إسقاط المجرم بشار وهروبه من سوريا، وما تبعها من حملة اعتقالات واسعة قام بها الحوثيون، يعد مثالاً صارخاً على ذلك. فقد شعر الحوثيون، كما شعر غيرهم من الحكام المستبدين في المنطقة، بالخوف من أن تمتد روح الثورة إليهم. وكان حزب التحرير، الذي كان له دور بارز في تحفيز الشعوب الإسلامية على النهوض ضد الأنظمة الظالمة، هو المستهدف الرئيس في هذه الحملة الأمنية.
لقد كان شباب حزب التحرير في المنطقة واضحين في بيان الأسباب التي أدت إلى هذا الركود الاقتصادي، ولم يقتصروا على التشخيص السطحي للأزمة، بل قدموا حلولاً إسلامية جذرية تهدف إلى إعادة بناء الدولة على أسس سليمة تحقق العدالة والرخاء لجميع أفراد الأمة. وبدلاً من أن تُستثمر هذه الحلول لمصلحة الأمة، لجأ النظام الحاكم إلى القمع والتضييق على هذه الدعوات والحلول الصحيحة والمقنعة.
ولا يخفى على الجميع أن حكام المسلمين جعلوا من حثالة الناس، الذين لا قيمة لهم في المجتمع، أدوات لتنفيذ أجنداتهم الخبيثة، وجعلوا منهم جواسيس على الأمة، يبيعون أنفسهم بثمن بخس من أجل الحصول على فتات زائل! هؤلاء الذين يساهمون في تعزيز الظلم والاستبداد، هم أول من سيعانون في الدنيا قبل الآخرة، لأنهم يساهمون في إطالة معاناة الأمة ويزيدون من فساد الوضع. إنهم لا يدركون أن إعانتهم للظالم على ظلمه ستعجل بعقابهم في الدنيا قبل الآخرة. هؤلاء الجواسيس، الذين يظنون أنهم يخدمون مصالحهم الشخصية على حساب الأمة، هم في الحقيقة يعينون على خراب المجتمع وتدمير قيمه الأصيلة.
إن النظام الحاكم الذي يعتمد على هذه الأدوات الحقيرة لن يستطيع إيقاف المد الإسلامي أو تحجيمه. فالظلم مهما طال لا بد أن يزول، ومن يساعد الظالم على إدامة ظلمه سيتحمل وزر هذا الظلم في الدنيا والآخرة.
أما الحكام الجائرون ومنهم الحوثيون في اليمن، فإننا نقول لهم: آن لكم أن توقفوا محاولاتكم الفاشلة في حجب نور الإسلام عن الأمة. آن لكم أن تدركوا أنه لا يمكنكم إيقاف شمس الحق مهما فعلتم. فالإسلام جاء ليبني مجتمعاً إسلامياً قوياً وعادلاً. وإننا اليوم نرى علامات صحوة جديدة بين صفوف الأمة، وهي بداية لمرحلة جديدة من النهوض والعودة إلى الدين.
ورغم أن الحلول التي يقدمها حزب التحرير هي حلول إسلامية حقيقية، قائمة على الكتاب والسنة، وتهدف إلى المعالجات في كل المجالات التي تعاني منها الأمة، إلا أن الحوثيين، لم يتعاملوا مع هذه الحلول بمسؤولية. بل على العكس، لجأوا إلى القمع والتضييق، مستخدمين الإرهاب والتكثيفات الأمنية لاحتواء التحركات الشعبية المطالبة بالتغيير. ولم يفتحوا أبواب الحوار مع الشباب الذين قدموا الحلول الإسلامية، بل فضلوا اعتقالهم وتهديدهم، بدلاً من الاستفادة من معالجاتهم السليمة.
إن هذه الممارسات تكشف حقيقة واحدة: أن الأنظمة الحاكمة في المنطقة لا تملك حلولاً حقيقية لتجاوز الأزمات التي تعيشها الأمة. بل إن هذه الأنظمة، التي فشلت في إدارة شؤون الأمة، لا تتوانى في استخدام أساليب القمع والظلم بدلاً من أن تعترف بعجزها وتبحث عن حلول جادة تخرج الأمة من أزماتها.
إن الحل الذي يقدمه حزب التحرير ليس مجرد فكرة نظرية أو خيالية، بل هو حل عملي مستمد من الكتاب والسنة، وهو جزء من عملنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إن هذا الحل موجه إلى جميع الناس، ولكنه في المقام الأول موجه إلى الحكام الذين يتربعون على عروش الحكم في بلاد المسلمين. فمشكلتهم الأساسية تكمن في أنهم حكموا الناس بغير ما أنزل الله، وأداروا شؤون الأمة استناداً إلى أنظمة وقوانين ودساتير مستوردة من الغرب الكافر، لا تمت إلى ديننا الحنيف بصلة.
إن السر وراء إقدام الحوثيين على اعتقال شباب حزب التحرير هو أنهم شعروا بأن المسلمين بدأوا يدركون أن الحلول التي طرحها الغرب لم تعد مجدية، وأن الحل الوحيد هو العودة إلى الإسلام، لا سيما بعد أن جربت الأمة كل الأنظمة السياسية والاقتصادية التي فرضها الغرب على بلادنا، فكانت النتيجة هي الفشل المتكرر. إن الأمة بدأت تستعيد قوتها، وتبحث عن حلول لمشاكلها من خلال المفاهيم الإسلامية التي تعيد لها عزتها وكرامتها، وأن حزب التحرير هو الذي يحمل الإسلام حملا فكريا مؤثرا، وعمله هذا يفضحهم ويكشف سوأتهم أمام الناس في اليمن كونهم يتشدقون ويصرخون ليل نهار أنهم مسيرة قرآنية وما هم إلا مسيرة موجهة لضرب الإسلام وأهله. والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت، والمستقبل يحمل في طياته نصراً قريباً للأمة بقيادة حزب التحرير إن شاء الله.
فهذه الإرهاصات التي بدأت تظهر في الأفق ليست مجرد تحركات عابرة، بل هي مؤشرات قوية على قرب التغيير الكبير. ما يراه الحكام من تحركات شعبية ومطالبات بإقامة الخلافة هو صحوة إسلامية شاملة. إن هذه التحركات قد تزعجهم، ولكنها في الحقيقة تأكيد على أن الأمة قد بدأت تتلمس الطريق الصحيح نحو الخلاص. إن الليل يعقبه صباح جديد، ومخاض الولادة يعقبه مولود جديد يفرح به الصغير والكبير.
إننا شباب حزب التحرير نؤمن أن التغيير قادم لا محالة، وأن الأمة الإسلامية ستعود إلى مكانتها التي تليق بها، كما كانت في عصورها الذهبية، حيث كانت رائدة العالم في العلم والحضارة. فكلما زادت محاولات الحكام في قمع الصحوة الإسلامية، زادت إرهاصات التغيير وتأكيداً على أن الأمة لن تبقى أبداً تحت نير الظلم والاستبداد. إن التغيير آتٍ بإذن الله، ولن يوقفه قمع أو إرهاب.
إننا ندعو الأمة الإسلامية إلى أن تواصل مسيرتها نحو التغيير، وأن تثق في حلولها الإسلامية التي تكفل لها العزة والكرامة والعدالة. فما ضاع حق وراءه مطالب، وما دامت الأمة تتحرك في سبيل إحياء الإسلام، فإن النصر آتٍ بإذن الله. إن الحلول الإسلامية التي نقدمها ليست حلولاً مؤقتة أو تجميلية، بل هي حلول شاملة تعيد بناء الأمة على أسس صلبة، والرائد لا يكذب أهله، ونؤكد أن الحلول التي نقدمها ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي حلول عملية قابلة للتطبيق في واقعنا اليوم. وما على الأمة إلا أن تفيق من غفوتها وتستعيد عزتها بتطبيق شريعة الله في حياتها. وما هذه الإرهاصات التي بدأت تظهر في أفق الأمة إلا دليل على أن التغيير قادم لا محالة، وأن الحق سيتغلب على الباطل بإذن الله. وأن الشباب المسلم في كل مكان مستعدون للعمل من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية، التي سترتفع فيها راية الإسلام وتتحقق فيها العدالة والمساواة.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المحمود العامري – ولاية اليمن