السبت، 11 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-06-04

 

جريدة الراية: القبة الذهبية

وتهديدها للأمن العالمي

 

 

عرّفت بأنها منظومة درع صاروخية أرضية وبحرية وفضائية، تعتمد على أقمار صناعية مزودة بمستشعرات وتقنيات حديثة لاكتشاف التهديدات. ويظهر أن اسمها اختير لتمييزها عن القبة الحديدية لكيان يهود، والتي فشلت كثيرا في اعتراض الصواريخ التي تطلق من غزة أو غيرها.

 

وأعلن عنها الرئيس الأمريكي ترامب يوم 20/5/2025 واعتبرها "قفزة تاريخية، ومتطورة للغاية في مجال الدفاع عن بلاده، وقادرة على اعتراض الصواريخ حتى لو أطلقت من الجانب الآخر أو من الفضاء، وتوقع جاهزيتها للعمل بالكامل قبل نهاية عام 2029". وهي لمواجهة "تهديدات الصواريخ المتطورة مثل الفرط صوتية والباليستية وكروز سواء تقليدية أو نووية" كما ذكر وزير دفاعه هيغست. واعتبرها الجنرال مايكل غيتلاين الذي كلفه ترامب بتطويرها بأنها "ضرورية للتصدي للصواريخ المتقدمة التي تملكها الصين وروسيا ولمواجهة الأقمار الصناعية التي يمكن أن تصطدم بأخرى أو تنفذ هجمات إلكترونية، وتستلزم الجمع بين صواريخ باتريوت الأرضية وصواريخ ستاندرد التي تطلق من السفن بالإضافة إلى الأقمار الصناعية المزودة بمستشعرات وأسلحة جديدة متمركزة في الفضاء. وستعزز قدرات ردع الهجمات النووية وغيرها على أمريكا".

 

وقدّر الكونغرس الأمريكي تكلفتها بنحو 542 مليار دولار على مدى 20 عاما. وهذا المبلغ يساوي نحو 1/6 من الـ3,5-4 تريليونات التي سيعطيها ابن سلمان وأمير قطر وحاكم الإمارات لترامب. فلو كان هؤلاء الحكام يعقلون أو عندهم ذرة من إخلاص لأحدثوا في بلادهم أعظم ثورة صناعية وتكنولوجية ولطوروا أحدث المنظومات الصاروخية بأيديهم بدلا من تقديم تلك الأموال لأمريكا مجانا، ولما شروا أسلحتها بمئات المليارات دون أن يستعملوها إلا ضد أمتهم، ويبقون محتاجين لها لصيانتها ولقطع الغيار وللذخائر ولا يستعملونها إلا بإذنها ولو دفعوا ثمنها فلا تصبح ملكهم.

 

انتقدتها الصين وروسيا قبل الإعلان عنها رسميا، فقالتا في بيان صدر يوم 8/5/2025 "سنبدأ بمشاورات لمنع نشر الأسلحة في الفضاء وسنقوم بمواجهة السياسات والأنشطة الهادفة إلى تحقيق تفوق عسكري واستخدام الفضاء ساحة للمعركة". وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية "إن أمريكا مهووسة بتحقيق أمن مطلق لنفسها، وهذا النظام الهجومي بالغ الخطورة وينتهك مبدأ الاستخدام السلمي للفضاء وسيزيد من تحويله إلى ساحة معركة وبدء سباق تسلح وسيقوض نظام الأمن الدولي والحد من التسلح" ووصفتها روسيا بأنها "أشبه بحرب النجوم".

 

واعتبرها البعض مكلفة وغير فعالة إلى حد كبير، ولكن خبراء عسكريين اعتبروها لازمة لتوسيع قدرات الدفاع الصاروخية التي تواجهها أمريكا من دول عدة خاصة من روسيا التي تعمل على تحديث منظومتها للصواريخ العابرة للقارات وصواريخ دقيقة متقدمة، والصين التي تعمل على تقليص الهوة بينها وبين أمريكا في مجال تكنولوجيا الصواريخ المتطورة.

 

وذكر أن أمريكا اكتسبت خبرة باستخدام منظومتها الدفاعية ضد الصواريخ الروسية والمسيّرات في حرب أوكرانيا وفي تصديها لصواريخ ومسيرات الحوثيين من اليمن ولصواريخ إيران ومسيراتها التي أطلقت ضد كيان يهود.

 

فأمريكا ترى دولا كروسيا والصين تحاول أن تلحق بها في تعزيز قدراتها العسكرية لتشكل تهديدا لها وتقلص الهوة الشاسعة، بحيث كانت تسبق قوة الدول العشر التي تليها مجتمعة من روسيا والصين وفرنسا وغيرها.

 

وحذرت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية من أن الصين قد تملك خلال 10 سنوات عشرات الصواريخ المدارية المزودة برؤوس نووية ضمن نظام يعرف باسم القصف المداري الجزئي. وتستطيع هذه الصواريخ ضرب أمريكا من الفضاء خلال وقت أقصر بكثير من أي صاروخ تقليدي. فهذا النوع من الصواريخ يدخل أولا في مدار منخفض الارتفاع قبل أن يعود لضرب هدفه ويمكنه المرور فوق القطب الجنوبي لتجنب أنظمة الإنذار المبكر والدفاعات الصاروخية فيمنحه مسارا غير متوقع ويربك كل أنظمة الدفاع الموجودة. وتذكر الوكالة أن الصين قد تمتلك 60 صاروخا مداريا من هذا النوع وروسيا 12 صاروخا بحلول عام 2035. ولهذا قامت أمريكا لمواجهة هذه التهديدات المستقبلية بتطوير القبة الذهبية.

 

فلا تريد أمريكا أن تلحق بها أية دولة أو تساويها في القوة العسكرية أو تهددها لتبقى شرطي العالم والمهيمنة عليه. لأنه لإملاء السياسات وإجبار الدول على تنفيذها لا بد من إخافتها وتهديدها، وهذا يستلزم وجود قوة عسكرية مخيفة لديها لا يباريها أحد ترهب بها الآخرين لتبقى صاحبة القرار الدولي وتبتز كل دولة وتنهب ثروات العالم. والشعوب أصبحت كارهة لها، فلا تريدها، ولا تريد أن تسمع لها ولمشاريعها وشعاراتها وقيمها التي تتفاخر بها كالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، فاكتشفتها أنها كاذبة وخادعة وأنها عبارة عن أدوات استعمارية. لهذا لم يعد ترامب وإدارته يرفعان هذه الشعارات الزائفة، فما بقي لأمريكا للمحافظة على سطوتها العالمية إلا القوة العسكرية المتطورة التي لا مثيل لها، والتهديد باستعمالها ضد من يتمرد عليها أو يتصدى لها.

 

والصين تسعى للحاق بأمريكا دون الدخول في سباق معها ودون الاصطدام بها، فترى أن أمريكا تهددها بهذا الشكل، وتجعلها تدخل في سباق لتطوير مثل ذلك السلاح وهي تعمل على تطوير أسلحتها بهدوء، فربما يؤثر على اقتصادها إذا دخلت في مثل هذا السباق. كما حصل في ثمانينات القرن الماضي عندما أعلنت أمريكا أنها بصدد تطوير صواريخ لإطلاقها من الفضاء فيما عرف بحرب النجوم، فجعلت الاتحاد السوفيتي يدخل في السباق حتى أنهكته اقتصاديا، ولم تتمكن من تطوير تلك الصواريخ. وربما يصبح فضاء الصين نفسه وأقمارها الاصطناعية في خطر إذا تمكنت أمريكا من تطويرها لتصبح هجومية، فأضحت للصين حدود فضائية يتطلب الدفاع عنها. لأن ساحة المعركة تنتقل إلى الفضاء تمس سماء الصين وليس خارج حدودها البحرية كمنطقة المحيط الهادئ أو البرية المتاخمة للهند. وروسيا تخشى مثل ذلك. فأشارتا في بيانهما إلى ذلك.

 

وهكذا فإن هناك دولا أصبحت تطور أسلحتها على مستوى يهدد أمريكا، ما سيؤثر على مركزها كدولة أولى عالميا، وهذا عامل آخر في الحد من سطوتها وغطرستها، ويمهد للعودة إلى عالم متعدد الأقطاب، فيه قوى متنافسة لا تستطيع أمريكا أن تفعل كل ما تريد، فتخشى من لجوء الدول الأخرى إلى تلك الأقطاب، وهذه الأقطاب ستقف في وجه أمريكا إذا ما قامت بتهديد الدول الأخرى. فتمنح فرصة أكبر للشعوب التي تريد أن تتحرر من قبضة أمريكا وتختار طريقها حسب فكرها.

 

والأمة الإسلامية مرشحة للتحرر وفيها المخلصون العاملون على ذلك، ويرون أن الطريق تمر عبر دولة الخلافة الراشدة التي ستعمل على تطوير قدراتها العسكرية لتقف في وجه قوى الشر تلك، وتحمل رسالة الخير للعالم.

 

 

بقلم: الأستاذ أسعد منصور

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع