الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
جريدة الراية: سياسة التجهيل وكسر كرامة المعلم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

Raya sahafa

 

2016-04-05

 

جريدة الراية: سياسة التجهيل وكسر كرامة المعلم

 

 

 

جاء فوز معلمة فلسطينية بجائزة أفضل معلم في العالم، واحتفال الوزارة وما يسمى "بالحكومة الفلسطينية" بها بالتزامن مع استهانتها وتجاهلها لعشرات الألوف من المعلمين والمعلمات المضربين المطالبين بأبسط حقوقهم الاقتصادية والحياتية، هذا الإضراب الذي استمر لأكثر من أربعة أسابيع وتم إنهاؤه بقرار رئاسي مليء بالتهديد، مما أكّد ازدواجية هذه الحكومة في تعاملها مع ركن مهم وهو التعليم والمعلم. وقد استطاع المعلمون خوض هذا الإضراب الشامل هذه المدة، في ظل هجمة شاملة من الحكومة وأجهزتها الأمنية وحركة فتح وأذرعها، وتحريض إعلامي واسع تم الزج فيه بالمساجد التابعة للأوقاف، بشكل شبه يومي، وانبرى فيه عشرات المسؤولين والإعلاميين إلى خوض حرب نفسية ضد المعلمين، عبر التشكيك في من يحرك هذا الإضراب، ومحاولة "تسييسه" بأي شكل وقد فشلوا في ذلك لأن المعلمين رفعوا فقط "شعار الكرامة" ونأوا بأنفسهم عن أي شعار حزبي أو فئوي بشكل لم يسبق له مثيل مما أثار حنق الحكومة وغضبها وخوفها. وكان واضحا أن استخفاف الحكومة وتعنتها في التعامل مع المعلمين المضربين ليس لمرورها بضائقة مالية حيث يعلم الجميع أنها تستطيع إعطاءهم هذه الحقوق بإعادة توزيع "الميزانية" وتقليل النهب لأفرادها ومؤسساتها.. بل لأنها تتبع سياسة إبقاء المعلم في أدنى السلم الوظيفي حتى يزداد التعليم سوءا فوق سوء في سياسة ممنهجة ومدروسة للتجهيل وبالتالي إفساد الشباب. فلا تكون المدرسة هي مصدر التربية والتعليم بل أصدقاء السوء والقنوات الفضائية ومواقع النت التي تحرضهم على الفساد والعنف، وتفسد أخلاقهم وأذواقهم وميولهم واتجاهاتهم.

 

نعم.. إن هذا الإضراب أظهر وبشكل واضح جلي عورات ما يسمى بالسلطة الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالتعليم التي لم تظهر أصلا أي اهتمام ملحوظ فيه، بل بقيت الموازنات دون المطلوب وبقيت الخطط على حالها وبقيت التعيينات وفق أجندات معينة لا تهدف إلا إلى تخريب التعليم وزعزعة أركانه. فمنذ إيجاد هذه السلطة انصب تركيزها على الجانب الأمني، وبالتالي انصبت موازنتها على هذا القطاع حتى يقوم بدوره جيدا في خدمة يهود. وكانت موازنة التعليم قليلة وتبتعد عن رفع مستوى المعلم المعيشي، وكذلك حرم من أيّ تطوّر حقيقي ملموس في وضعه الوظيفي وراتبه حتى لو استمر في عمله ثلاثين عاماً، بحيث يبقى مسماه الوظيفي في دائرة محدودة سلفاً، ويظل راتبه ضمن سقف فئة وظيفية محددة.. بالإضافة إلى إغراقه في فروض كتابية شكليّة أثقلت كاهله، بحيث صار مطلوبا منه أن يفكر دوماً كيف يظهر فاعليته أمام مسئوله بعيدا عن الإبداع الحقيقي في التعليم والبناء. وهذا هو الحال في كل البلاد العربية، مضافا إليه النظام التربوي الفاشل والمناهج العقيمة، فلا ننسى تفريغ مادة التربية الإسلامية من مضمونها، وترسيخ فكرة التخلص من الدور النمطي "للمرأة" من خلال تغيير المناهج وحذف مادة التدبير المنزلي للفتيات وفكرة المساواة والاختلاط وغيرها من المفاهيم التي تهدف إلى إفساد الفتيات، أساس بناء الأسرة.. ومحاولة جعل التعليم مختلطا بتأنيث التعليم في المدارس الأساسية للذكور.. وغيرها مما لا يتسع له المجال هنا. وهذا كله مبرمج حتى يتدهور التعليم الذي هو الطريق سواء لتعلم الثقافة الإسلامية أو لتعلم العلوم التجريبية.. وبتدهوره يبتعد الشباب عن الإسلام ومفاهيمه ويبتعدون أكثر عن فكرة إقامة دولتهم الإسلامية القوية، وتبقى البلاد الإسلامية غارقة في التبعية في العلوم التجريبية وما تُستخدم له.

 

وقد كانت الدولة الإسلامية تهتم بالعلماء والمعلمين أيما اهتمام وتضعهم في مرتبة عالية رفيعة فهم ورثة الأنبياء ومعلمو الناس الخير، ولكن الآن وبغياب الدولة غاب هذا الاهتمام في العالم الإسلامي والعربي، بل وتدنّت مكانة المعلم نتيجة تدني مستواه المعيشي بحيث أصبحت من المهن التي لا يُشار إليها بالبنان بل يهرب منها من يريد إكمال تعليمه. وهجرت العقول المبدعة إلى الغرب بسبب ما تفرضه الأنظمة الفاسدة التابعة من قيود على الإبداع، لأن الغرب يعلم أنه كلما عاد الشباب إلى العلم الحقيقي الذي يوصلهم إلى الحق زادت فرصة اقترابهم من النهضة والتغيير الحقيقي للأمة، وهذا ما لا يريدونه لأنه يشكل تهديدا لهم ولمصالحهم وأطماعهم في بلاد المسلمين.. ويهمهم أن تكون مكانة المعلم وهيبته متدنية، فذهب توقير المعلم واحترامه وإجلاله وتقديره.

 

 

بقلم: مُسلمة الشامي

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع