الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2018-03-06

 

جريدة الراية: ما يحصل على أرض الغوطة هو نتيجة من نتائج سقوط دولة الخلافة

 

 

 

منذ أن سقطت دولة الخلافة عام 1924م على يد بريطانيا الحاقدة، والعالم الإسلامي يعيش حالة ضياع وشتات تتقاذفه الرياح يمنة ويسرة، المسلمون حقوقهم ضائعة وإرادتهم مغتصبة وأرضهم تباع أمام أعينهم.

 

حالة عاشها المسلمون على مر عقود وعقود بعد قرون من العزة والكرامة كانت تسير جيوش لنصرة امرأة وتهتز عروش لغضب المسلمين وترتجف أطراف من سماع سنابك خيولهم وصليل سيوفهم.

هذا حال المسلمين وواقعهم، وما أوصلهم لهذا الحال إلا هدم دولتهم على يد الإنجليز الخبثاء.

 

فحين سعت بريطانيا إلى إسقاط دولة الخلافة العثمانية عمدت إلى ضربها من داخلها بأن أضعفت روح الفكرة عند المسلمين ولوثت كثيراً من الأفكار وطرق العمل بها، كما وقد اشترت ذمم كثيرين من أبناء الأمة ليكونوا وسيلتها في ذلك.

 

لم تكتف بريطانيا بذلك فقد علمت أن المسلمين سيعودون ولو بعد حين ليعيدوا دولتهم، فماضيهم ناصع سيجذبهم ليعيشوا  كما كان يعيش أجدادهم، فعمدت إلى وضع أنظمة لكل الأقطار الإسلامية لمحاولة منع هذه الفكرة وتعطيلها فكانت هذه الأنظمة أنظمة وظيفية، تقوم بالمطلوب منها وما رسم لها ولا تتعدى حدود ذلك.

 

قامت هذه الأنظمة بدور الرقيب على حركة الأمة لمنع نهضتها، بل ومارست على المسلمين أساليب وطرقاً مختلفة منها ما يضبط حركتهم ويمنع انحرافهم من وجهة نظرها ومنها ما يلهيهم ويمنع تفكيرهم في طريق خلاصهم مما هم فيه، فكان أسلوب القمع والتخويف والفقدان في غياهب السجون والمعتقلات الذي مارسته هذه الأنظمة على كثير من أبناء الأمة، أخافت من خلاله شريحة كبيرة وواسعة منهم وجعلتهم يحجمون عن العمل للتغيير.

 

استخدمت أيضا أساليب الإلهاء لتمنع من وجود حيز فكري يدفع الناس إلى التفكير بحالهم، وتدفعهم فقط للسير وفق ما ترسمه هي وما يريده أسيادهم في الغرب الكافر، فأفقرت الناس وضيقت عليهم معيشتهم ومنعت عنهم الخيرات وقننت عليهم الإعانة وغيرها الكثير الكثير.

 

خطوات قام بها أعداء الله لمنع الإسلام من الوصول للحكم فدفعوا وبذلوا وأنفقوا فما اكتفوا بإسقاط عرين المسلمين وحامي عرضهم وأقواتهم والمدافع عن حقوقهم بل اتخذوا تدابير احتياطية لمنع العودة إليه.

وبإذنه سبحانه سيحيق بهم مكرهم وستدور دائرة السوء عليهم وسينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله وأمره وستكون عليهم حسرة بإذن الله تعالى.

 

وبعد عقود وعقود عاشها المسلمون تحت وطأة هذا الواقع الفاسد وتعاقب حكام الضرار الوظيفيين عليهم فقد حصل ما لم يكن بحسبان أهل الكفر وأشياعهم، فقد ثارت الأمة على جلاديها وكسرت قيود الولاء لهم، وثاروا ضد الفقر والعوز وضيق الحال، ثاروا على العملاء الوظيفيين، هذا ما حدث وبما أن الفكرة لم تكن متبلورة عند المسلمين ولم يكن هدفهم ومسعاهم واضحا ولم يكن مطلبهم جليا استطاع الغرب الكافر أن يستوعب هذه الحركة وأن يقيدها حتى خدرها من جديد.

 

وليس ما يحصل على أرض الشام ببعيد عما حصل في غيرها من بلاد المسلمين فقد سلطت عليها أنظمة فاقت وحشيتها وتسلطها الوصف وفاق تجويعها لشعبها الخيال، وما كانت النتيجة إلا ثورة قامت وكسرت كل القيود وكان خطرها عن سابقاتها أنها طالبت بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، بعد فترة من مطالب لم تختلف عن مطالب شقيقاتها من الثورات، ولكن يمكن القول إنها كانت أسرع نضوجا من سابقاتها، وتحين الغرب من ساعتها وتجهز وأعد العدة للنيل منها وإجهاضها، فلم تترك وسيلة إلا واستخدمت ولم تترك أداة إلا واستعملت؛ إلا أن الحاضنة الشعبية متمسكة رغم ما يحل بها من مآسٍ ومصائب. كل ما ذكر من أساليب اعتمدها أعداء الله ونفذها المرجفون وكل ما ذكر عن ممارسات استخدمت وكل ما قيل عن الالتفاف على الثورة وما مورس عليها كان تمهيدا لما سيكتب عن الغوطة وما يحدث الآن فيها، من قتل ودمار ومجازر وخوف وجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ومناظر يندى لها جبين كل إنسان من الوحشية التي تمارس.

 

فلا يكاد ينقضي يوم عن مجزرة حتى يصبح من كتب الله له أن يصبح على مجزرة؛ يرافقه صمت مدروس يحمل في طياته حقدا على المسلمين وعلى دين الله سبحانه، هذا ما يحصل في الغوطة فسطاط المسلمين وأرض الملحمة الكبرى.

 

وبالمقابل جيوش الأنظمة الوظيفية في حالة صمت رهيب ولا تتحرك إلا لتبطش بالمسلمين في حال تحركوا لإنكار المنكر على الظلمة.

 

فحين المقارنة بين جيوش تحركت لأجل امرأة وبين جيوش تحركت لنصرة المسلمين في أصقاع الأرض وبين جيوش ترى وتصمت ولا تتحرك إلا للباطل، نقول إن كل حدث ويحدث للمسلمين ما هو إلا نتيجة لسقوط دولة الخلافة، هذا الفرق بين قوة تتحرك بموجب أمر الله لترفع الظلم عن عباد الله وقوة تتحرك بقرارات من الظلمة لتمنع أمر الله وتحارب وتقمع عباد الله بأوامر من الشيطان.

 

هذا حال أهل الغوطة وهذا مصابهم، فليست أمانيهم أن يرفع عنهم الظلم والضيم بل مصيبتهم أنهم قاموا لأجل أن يرفع الظلم عن كل المسلمين فلم يطلبوا إلا دعماً ونصرة لا نظرة خالية من الحسرة فلهم الله هو وليهم وهم عليه متوكلون.

 

أهلنا في الغوطة، إن الله اصطفاكم عن خلقه واصطفى أرضكم فقال فيكم إنكم أهل الرباط وأهل الفسطاط والملحمة الكبرى كما اصطفى نبيكم من بطون قريش وأفخاذها، وضريبتكم أنكم تتحملون عبء سقوط دولة تذب عنكم وترفع الظلم، فكما ابتلي رسولكم بالقمع والضرب والإهانة والعزلة فقد ابتلاكم الله بالقتل والتدمير؛ فكونوا كما أسوتكم صابرين مستبشرين بأمر الله كما كان نبيكم وسيتنزل عليكم النصر والفتح المبين فإنما النصر مع الصبر. فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

 

 

بقلم: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر)

المصدر: جريدة الراية

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع