الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

Al Raya sahafa

 

2022-01-19

 

جريدة الراية: حقيقة الأزمة

في لبنان

 

واصل سعر صرف الدولار صعوده بداية الأسبوع الماضي ليصل إلى ما دون 34 ألف ليرة ولتسجل بالتالي الليرة اللبنانية خسارة تتعدى 95% من قيمتها منذ بداية الأزمة أواخر سنة 2019.

 

هذا وفي ظل تراجع الخدمات التي تقدمها الدولة في قطاعات الطاقة والمياه والاتصالات والتعليم والاستشفاء وفي ظل شلل في عمل الحكومة بسبب مقاطعة وزراء الثنائي الشيعي (حركة أمل، وحزب إيران) المجلس اعتراضا على مجرى تحقيقات انفجار مرفأ بيروت. ومع وصول سعر صفيحة البنزين إلى أكثر من 375 ألف ليرة وصعود أسعار المواد الاستهلاكية، تم الإعلان عن إضراب عام يوم الخميس الماضي وشمل كافة الأراضي اللبنانية والقطاعات العامة والخاصة.

 

وعقب إعلان الإضراب حصلت تحركات سياسية عدة بدأت بزيارة السفيرة الأمريكية لرئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل نبيه بري، ثم كان الاجتماع المالي بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية المحسوب على بري يوسف الخليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أعلن عقبه سلامة تعديل تعميم 161 عبر رفع سقف السحوبات.

 

ويسمح تعميم مصرف لبنان رقم 161 للمودِعين الذين يملكون حسابات بالليرة اللبنانية بسحب ودائعهم ورواتبهم بالدولار الأمريكي وفق سعر منصّة "صيرفة" التابعة لمصرف لبنان. ورفع سقف السحوبات يؤدي بشكل تلقائي بأن تصبح البنوك لاعباً مباشراً في عملية بيع وشراء الدولار حسب سعر المنصة الرسمية والتي كانت قبل الاجتماع المالي أقل من سعر السوق بحوالي 9 آلاف ليرة للدولار حيث كان سعر السوق 33700 وسعر المنصة 24500.

 

وعقب إعلان تعديل تعميم 161 هبط الدولار هبوطا حادا وصل نهار الأحد إلى ما دون 23 ألف ليرة. فتم استيعاب غضب الناس والحد من امتداد الإضراب العام نهار الخميس وذلك عبر ضخ الدولارات في السوق بشكل تصاعدي وتقليص حجم الأوراق النقدية المتداولة بالعملة المحلية، إذ وصل حجم التداول اليومي عبر منصة "صيرفة" إلى 40 مليون دولار بعد أن كان 17 مليون دولار بداية الأسبوع ذاته.

 

وبعيد الإضراب العام وهبوط الدولار أعلن الثنائي الشيعي وبشكل مفاجئ في بيان مشترك عن موافقتهما على العودة إلى المشاركة في أعمال مجلس الوزراء من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي.

 

وصلت نسبة الفقر في لبنان ليصبح أربعة من كل خمسة من أهل البلد تحت خط الفقر بحسب الأمم المتحدة بسبب التضخم الذي يفوق المئة بالمئة. وبحسب البنك الدولي: "يعيش حوالي 80% من أهل لبنان في فقر بعد أن فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمائة من قيمتها. وانكمش الاقتصاد اللبناني بنسبة 20,3 بالمائة عام 2020 ونحو 7 بالمائة العام الماضي".

 

إنَّ أساس المشكلة الاقتصادية في لبنان هو الاعتماد شبه التام على التحويلات، والاستثمارات الخارجية، وعدم تشجيع الدولة للصناعة والزراعة المحلية، وعدم استثمار الثروة الطبيعية من نفط وغاز، إذ كان العجز في الميزان التجاري بداية سنة 2019 حوالي 17 مليار دولار؛ وذلك بسبب مصادرة القرار السياسي الداخلي وجعله كليا بيد أمريكا آخرها هو ملف التنقيب عن النفط إذ بات الأمر بيد أمريكا التي ربطته بملف ترسيم الحدود البحرية مع يهود المغتصبين لأرض فلسطين. إذ قال وزير الطاقة اللبناني وليد فياض: إنًّ شركة توتال الفرنسية تربط التنقيب عن الغاز والنفط في الرقعة البحرية رقم ٩ في المياه الإقليمية بجنوب لبنان بترسيم الحدود البحرية.

 

وأما في الشق المالي فبعد أن بدأت التحويلات الخارجية في التراجع بداية سنة 2011 وصل العجز في الحساب الجاري الخارجي لدى لبنان إلى 4,7 مليار دولار سنة 2015 وتم إخفاؤه من المصرف المركزي والبنك الدولي عن الناس (حسب وكالة رويترز). وبدل اتخاذ خطوات صحيحة للمحافظة على الاحتياطات المتبقية من العملة الأجنبية أعلن حاكم مصرف لبنان عن خطوات تحفز لإيداع حسابات في العملة الأجنبية مقابل عوائد ربوية مرتفعة وصلت في بعض الأحيان إلى نسبة 20% ومنهم من قال إنها وصلت إلى 25% وهكذا حوّل الكثير من أموالهم في الخارج إلى البنوك اللبنانية المشاركة لما سمي بـ"الهندسات المالية".

 

وفي سنة 2017 ولأهداف انتخابية أقر مجلس النواب في لبنان قانون سلسلة الرتب والرواتب ما زاد من عملية استنزاف خزينة الدولة وزاد من عجزها. ومع حصول شح مالي في منطقة الخليج وتقليص حجم تدفق الأموال من الخارج إلى لبنان حاول أزلام النظام تمرير قوانين زيادة في الضرائب وكانت تلك المحاولة التي أدت لاحتجاجات سنة 2019، وظهر العجز المالي الذي وصل إليه لبنان حيث تخلف عن سداد ديونه في شهر آذار/مارس سنة 2020.

 

إن الحلول المبنية على أساس المبدأ الرأسمالي لا تعد حلولا بل هي أشبه بترقيعات مؤقتة ورغم ذلك لم يقم النظام الرسمي في لبنان وأزلامه بتلك الترقيعات، وجل ما يقومون به حتى الآن هو تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي من تعويم لليرة اللبنانية ووقف دعم استيراد البضائع من الخارج.

 

ومنذ سنة تقريبا ولسحب أي فتيل لانفجار داخلي في البلد يقوم المصرف المركزي بعملية ضخ للدولار في السوق أو المصارف بهدف تخفيض سعره وفرملة صعوده. ويخرج السياسيون في لبنان بتصريحات تعتبر توصيات صندوق النقد بمثابة قوانين لا يجوز مخالفتها وأنهم يعتمدون على دعم صندوق النقد وهم حقيقة يرهنون البلد وأهله له. علما أن شطب العوائد الربوية لديون "الهندسات المالية" تعادل أضعاف ما سيعطيه صندوق النقد للبنان.

 

وأما القرارات الكبرى مثل موضوع النفط والغاز وموضوع الكهرباء فأمريكا هي من تمسك بها ولقد صرحت السفيرة الأمريكية بعيد اجتماعها مع رئيس الحكومة عن تسليمها له كتاباً رسمياً من وزارة الخزانة الأمريكية اتفاقيات الطاقة الإقليمية بين لبنان والأردن ومصر.

 

هذه هي مشكلة لبنان وما من حلول جذرية على المستوى الداخلي، ولا حلول ترقيعية بيده، بل هي رهن للخارج، وما ساسة لبنان إلا دمى متحركة بيد الخارج يأتي بهم ويعطيهم دورا كما تقتضي مصلحته.

 

ونعود ونقول: إنَّ القرار الداخلي في لبنان ليس في يد أهله وإنَّ التغيير في لبنان لا يكون عن طريق صندوق انتخابي يمسك به الفاسدون. فمشكلة لبنان هي في أساسها فساد النظام الرأسمالي الربوي، وفساد النظام الطائفي، وفساد ساسة البلد وأحزابه، وصندوق النقد والبنك الدوليين ليسا أقل فسادا وإفسادا من المؤسسات الرسمية في لبنان بل هما أس الفساد وأربابه.

 

إنَّ أي حل جذري يجب أن يكون مرتبطا بمحيط لبنان، لا سيما المحيط الشامي، أي بلاد الشام خصوصاً، والمحيط الإسلامي عموماً، حينها ينعم لبنان ليس بخيرات لبنان فقط بل بخيرات تأتيه من محيطه وحاضنته بوصفهم أمة واحدة يحكمها إمام واحد في ظل دولة واحدة، وعسى أن يكون قريبا.

 

بقلم: الأستاذ عبد اللطيف داعوق

 نائب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع