- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2022-06-01
جريدة الراية: تحالف كواد يُعادي الصين ويُحاصرها
يُعرّف كواد بأنّه تحالف للحوار الاستراتيجي الأمني والاقتصادي، وتتشارك فيه أربع دول كبيرة هي: الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، ويُطلق عليه أيضاً (الرباعية)، ومن أسباب انضمام هذه الدول الأربع بالذات لهذا التحالف ما أسموه بالقيم الديمقراطية المشتركة التي تحملها هذه الدول.
تأسّس كواد في العام 2004 بوصفه مجموعة إقليمية هامشية تقوم بالمساعدة في جهود الإغاثة على إثر الزلزال المدمّر وتسونامي الذي ضرب منطقة المحيط الهندي، وعُقد أول اجتماع للمجموعة في العام 2007، وفي هذا العام طوّرت اليابان أهداف المجموعة، وعبّر رئيس وزراء اليابان آنذاك شينزو آبي عن رؤيته المتمثّلة بـ: "آسيا الأوسع نطاقاً، وأنّها ستكون شبكة هائلة تمتد عبر المحيط الهادئ بأكمله، لتضم الولايات المتحدة وأستراليا التي تحمل قيم الحرية والديمقراطية ضمن استراتيجية مشتركة"، ففكرة المجموعة هي في الأصل فكرة يابانية وليست أمريكية، لكن انهارت هذه الرؤية في العام 2008 تحت ضغط كثيف من الصين التي هددت بالانتقام الاقتصادي إن استمرت هذه المجموعة بالتشكّل، ولم تكن أمريكا متحمسة للفكرة، فماتت المجموعة وتلاشت بعد عام 2008 إلى أنْ أحيتها أمريكا عام 2017 لمواجهة الصعود الصيني، واجتمع قادة المجموعة أربع مرات منذ ذلك التاريخ وحتى هذه الأيام، وأهم اجتماع لها كان في واشنطن العام الماضي وكان على مستوى حكام الدول، والذي منحها زخماً قوياً، ثم ترسخت في طوكيو الثلاثاء الماضي 2022/05/24 عندما جاء الرئيس الأمريكي بايدن لقيادة المجموعة في آسيا.
ويتم في اجتماعات المجموعة عادة تبادل المعلومات الأمنية والاقتصادية وغيرها بهدف موازنة النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، ومحاصرته وتحجيمه.
يبدو أنّ أمريكا باتت تُعوّل على هذا التحالف في محاصرة الصين بوصفه تحالفاً فعّالاً أفضل من غيره، فمثلاً انسحبت أمريكا أيام ترامب في العام 2017 من اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادي لعدم فعاليته، وقامت في العام نفسه بتفعيل تحالف كواد، فدول أربع كبيرة فعّالة إلى جانب أمريكا كاليابان والهند وأستراليا أفضل من مجموعة كبيرة من الدول الصغيرة غير الفعّالة.
كما أنّ لهذه الدول الأربع أهدافاً مشتركة وعداوة للصين استفادت أمريكا من تلك العداوة فنظمتها في تحالف قادته لتحقق أهدافها الاستراتيجية.
وكشف الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الاثنين 2022/05/23 قبل انعقاد المؤتمر بيوم واحد عن اتفاقية إطار اقتصادي لمنطقة المحيطين الهادي والهندي لتحقيق: "الازدهار وتعزيز النمو الإقليمي ليشمل 13 دولة أغلبها آسيوية، وأنّ هذه الاتفاقية ستضع معايير في مجالات التجارة وسلاسل التوريد والطاقة النظيفة والبنية التحتية والضرائب ومكافحة الفساد، وتمّ تخصيص 50 مليار كمساعدات لتلك الدول لتطوير البنى التحتية فيها وضخ استثمارات فيها في السنوات الخمس القادمة"، وبذلك تصبح هذه الاتفاقية الجديدة بمثابة إطار وثيق يربط الدول الثلاث عشرة الضعيفة بأمريكا وحليفاتها الثلاث ربطا محكما، ويبعدها عن الصين بشكل نهائي.
فتحالف كواد إذاً يراد له أن يكون تحالفاً شاملاً للدول الأربع الرئيسية والدول الثلاث عشرة الملحقة بها لمُواجهة الصين ومحاصرتها، وهو يكمل تحالف الأوكوس الأمني الذي تأسس قبل أشهر من أمريكا وبريطانيا وأستراليا.
وفي القمة الأخيرة يوم الثلاثاء 2022/05/24 حذّر القادة الأربعة، الصين بشكل غير مباشر إلى محاولة تغيير الوضع الراهن القائم بالقوة، إشارة إلى ما تلوّح به الصين ضد تايوان وما تقوم به من تصرفات انفرادية في بعض مناطق بحر الصين الجنوبي.
وقال بايدن في القمة: "إنّ الصين تلعب بالنار بشأن تايوان" وتعهد بـ: "التدخل العسكري لحماية تايوان إذا تعرضت لهجوم من بكين"، كما تعهد: "بالعمل مع الحلفاء لقيادة رد فعل عالمي، والالتزام بالدفاع عن النظام والسيادة الدوليين بغض النظر عن انتهاكاتهما في العالم - روسيا والصين - والبقاء كشريك قوي ودائم في منطقة المحيطين".
وبخصوص روسيا قال بايدن: "إنّ هجوم روسيا على أوكرانيا يزيد فقط من أهمية ضمان حرية وانفتاح المحيطين"، وقال رئيس الوزراء الياباني فوميوكيشيدا: "إنّ غزواً مشابها لا ينبغي أنْ يحدث في آسيا".
وتزامنت قمة طوكيو لقادة كواد مع قيام مناورات مشتركة روسية صينية بحرية وجوية في منطقة شرق كوريا على مقربة من اليابان.
إنّ هذا التصعيد الأمريكي قرب الصين من الواضح أنه يدل على أن أمريكا وبالرغم من حرب روسيا في أوكرانيا، فإنها ترى في التعامل مع الصين كأولوية لها، ولذلك فهي تتخذ خطوات استراتيجية كبيرة لمحاصرة الصين، وتستخدم تحالفات جديدة مثل كواد وأوكوس لتحقيق هذا الهدف، فالتوجه نحو آسيا أصبح من أهم أهدافها بسبب تعاظم قوة الصين، وتلحق بأمريكا بريطانيا التي دائما ما تستشعر أين تتجه البوصلة العالمية، لذلك فبريكست بالنسبة لها كان هدفه الأول الانفكاك من الارتباط الأوروبي الجامد لمسايرة أمريكا حيث تكون، وذلك لأنّ صناعة الأحداث العالمية تكون غالباً حيث تكون الدولة الأولى.
بقلم: الأستاذ أحمد الخطواني
المصدر: جريدة الراية