الخميس، 24 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2022-06-08

 

جريدة الراية: مؤتمر دافوس الاقتصادي

والتحذيرات من المستقبل القادم!!

 

 

اختتم قبل أيام قليلة مؤتمر المنتدى الاقتصادي الدولي أعماله في دافوس، حيث امتد من 2022/5/22 ولغاية 2022/5/26. وقد تميز هذا المؤتمر عن سابقيه بأن قراراته ارتبطت بالحرب في أوكرانيا، وما تسببه من قلق دولي متزايد من مسألة التردّي الاقتصادي، ونشوء أزمات حقيقية في مجالات عدة أبرزها: ارتفاع الأسعار، وأزمة الغذاء العالمي، والانكماش الاقتصادي والتضخم، وأزمة الطاقة العالمية، وأزمة الكساد في مجالات عدة؛ ارتبطت بالحرب وتأثرت بها. وقد كانت القرارات على ألسنة الخبراء والمسئولين تصل في بعض الأحيان إلى التحذير من القادم، وبأنّ الأسوأ لم يأت بعد!! وقد حمل هذا المؤتمر عنوانا عريضا هو: "التاريخ يقف عند نقطة تحول.. السياسات الحكومية واستراتيجيات الأعمال، ويتزامن مع حرب روسية على أوكرانيا، أثرت على مفاصل الاقتصاد العالمي".

 

وشارك في أعمال المنتدى نحو 50 رئيس دولة وأكثر من 2500 شخصية سياسية واقتصادية، ورجال أعمال، وقد ذكر كلاوس شواب مؤسس هذا المنتدى الاقتصادي العالمي في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية 2022/5/23 قوله: "إنه يعتبر مؤتمر العام الجاري 2022 هو الأكثر أهمية منذ إنشاء المنتدى"، وقد وردت الكثير من التحذيرات والاقتراحات على ألسنة الخبراء والساسة؛ نورد بعضاً منها كمقدمة لمعرفة أهداف وغايات هذا المؤتمر، وما يرمي إليه، وهل حقيقة يُراد منه إنقاذ العالم مما هو قادم كما يزعمون، أم الهدف هو خدمة السياسات الغربية فقط في تدمير العالم اقتصاديا؛ من أجل خدمة الجشع الرأسمالي الأمريكي والأوروبي على وجه الخصوص؟! ومن هذه التحذيرات والتصريحات التي صدرت في هذا المنتدى الدولي:

 

1- اتهام روسيا والصين بأنهما السبب الفاعل في تقويض الأمن الغربي، وأن السبب الأول هو التجارة المرتبطة معهما؛ خاصة في مسألة الوقود والطاقة، حيث قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ: "إن التجارة مع الأنظمة السلطوية؛ مثل روسيا والصين تقوّض الأمن الغربي"، وأضاف بكلمته في المنتدى الاقتصادي العالمي: "أن الحرب في أوكرانيا أظهرت كيف أن العلاقات الاقتصادية مع الأنظمة السلطوية يمكن أن توجد نقاط ضعف"؛ في إشارة إلى واردات الاتحاد الأوروبي من الوقود الحفري الروسي، وبناء الصين لشبكات الجيل الخامس من الاتصالات.

 

2- التحذير من التشرذم الاقتصادي والسياسي الدولي، حيث قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا: "إن قلقها من خطر أن الحرب في أوكرانيا، والتباطؤ المتزايد في الصين؛ ربما يثيران ركودا عالميا أقل من مخاوفها حيال قوة الاتجاه نحو التشرذم الاقتصادي والسياسي العالمي".

 

3- التحذير من التضخم وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والصناعات بشكل غير مسبوق، ومن ارتفاع أسعار الربا المتزايد، حيث صرح جايسون فورمان الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض قائلا: "إن أيام تروي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي قد ولت". وأضاف: "إنهم لا يعبؤون بما قد يحصل للأسواق"، محذراً من أن "أسعار الفائدة سترتفع أكثر مما يفصح عنه الاحتياطي، أو تتوقعه السوق حالياً". وأشار إلى أن "الاحتياطي لم يفعل ما يكفي ليجهز الناس استعداداً لذلك". أما الاقتصادي جو ستيغلتس؛ الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد فقال: "إن أسعار الفائدة المرتفعة قد تزيد من سوء الوضع فيما يتعلق بالتضخم، إذ إنها ستحد من الاستثمارات المطلوبة لإصلاح الضرر في سلاسل التوريد العالمية والسعة الإنتاجية، أي جانب العرض في الاقتصاد"، وتحدث أيضا كلاس نوت محافظ البنك المركزي الهولندي، ورئيس مجلس الاستقرار المالي العالمي، عن مؤشرات على تصاعد معدلات التضخم في منطقة اليورو بشكل كبير؛ على الرغم من أن الوضع في أوروبا يبدو طارئاً أكثر من غيرها من المناطق الاقتصادية ونتيجة الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

 

4- التحذير من اضطرابات مجتمعية وثورات في بعض البلدان؛ نتيجة نقص المواد الغذائية وارتفاع الأسعار. فقد حذر رئيس صندوق النقد الدولي من حدوث اضطرابات مجتمعية وأعمال شغب في دول أفريقيا جنوب الصحراء، جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا، والمخاوف من نقص الإمداد، مع توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي خلال العام الحالي. وحذر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر في مقابلة مع وكالة فرانس برس على هامش منتدى دافوس قائلا: "إن أكثر من 200 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد في العالم، على خلفية ارتفاع أسعار الأغذية المرتبط بشكل جزئي بالحرب في أوكرانيا"، وأضاف شتاينر: "لم يعد بإمكان مئات ملايين الأشخاص شراء المواد الغذائية الأساسية للبقاء على قيد الحياة".

 

هذه هي أبرز الأمور التي أوردها المنتدى الاقتصادي على جدول أعماله، بالإضافة إلى بعض المسائل القديمة مثل مسألة التغيرات المناخية. والحقيقة أن الناظر في هذه القرارات وطريقة علاجها المطروحة يرى أنها:

 

 1- مسائل سياسية ترتبط بالأزمة الأوكرانية والتحدّيات مع الصين، وأن الحلول المطروحة تصب في دائرة تشديد العقوبات على روسيا، ولم يكد يخرج عن هذا النمط السياسي إلا القليل من الأصوات؛ سواء أكانت من الاقتصاديين أو من الدول المشاركة. وهذا يدلل بشكل لا يقبل الشك أن المؤتمر هو مؤتمر سياسي أكثر منه اقتصادي، الهدف منه خدمة السياسة الغربية وعلى رأسها أمريكا في سياساتها لتقويض روسيا والتحالف بينها وبين الصين، والخروج بإجماع دولي تجاه هذه المسألة، وتجييش الآراء والدول لجمع الأموال في هذا الاتجاه.

 

2- إن هذا المؤتمر في الحقيقة لم يعالج أية مسألة من المسائل الاقتصادية الحيوية؛ سواء في موضوع تنامي الفقر في العالم، أو تمدد موضوع التغير المناخي. وقد تركزت الأمور كلها في اتجاه محاصرة روسيا اقتصاديا غير آبهين بالنتائج المترتبة على الموضوع.

 

3- الدول الرأسمالية تشعل الحرائق تلو الحرائق في العالم، وما زالت غير آبهة بالنتائج، وقد تزامن المؤتمر مع جولة بايدن في دول حلف كواد العسكري؛ لتشجيعها على تضييق الخناق على الصين اقتصاديا وسياسيا؛ وهذا من شأنه أن يزيد الأمور الاقتصادية تعقيدا لا أن يحلها.

 

4- إن موضوع إلقاء اللوم على الحرب، وبالتالي على روسيا هو أمر مدروس سياسيا؛ ليس الهدف منه الحلول ولا إنقاذ العالم، بل خدمة سياسات أمريكا ودول أوروبا، فالمشاكل الاقتصادية ليست وليدة اليوم أو بداية الحرب الأوكرانية، إنما هي قديمة، وقد زاد من ترديها الأزمة الاقتصادية سنة 2008، ثم جائحة كورونا، ثم فاقمتها الأزمة الأوكرانية.

 

وفي الختام نقف عند مسألة مهمة وهي: من ينقذ العالم من كل هذه الشرور؟! هل يستطيع النظام الدولي الحالي إزالة هذا الكابوس عن البشرية؟ أو هل تستطيع دوله الجشعة أن تنقذ الشعوب من المجاعات والفقر؟!

 

إن هذه الدول العالمية المتربعة على عرش النظام الدولي، والمبادئ التي تتبناها، والمنظمات الدولية التي تولدت عنها أو ارتبطت بها هي التي صنعت الأزمات والفقر والتغير المناخي والصراعات الدولية الدموية؛ مثل أزمة حرب أوكرانيا.

 

إن المخرج من كل هذه الشرور هو التخلي أولا عن النظام الرأسمالي، واتباع المنهج الرباني، الذي يحفظ للإنسان إنسانيته وكرامته، ويجعل من الناس مجتمعا متحابا متعاونا؛ يؤثر الواحد منهم الآخر على نفسه، بدل أن يكون متنافسا على حطام الدنيا. قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى﴾.

 

بقلم: الأستاذ حمد طبيب – بيت المقدس

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع