الثلاثاء، 24 محرّم 1446هـ| 2024/07/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2023-04-12

 

جريدة الراية: غاية الصيام التقوى

ورأس التقوى تحكيم الإسلام

 

 

 

إن الله سبحانه وتعالى شرع الصيام على المسلمين في شهر رمضان، وجعل الغاية المرجوة منه هي التقوى، والمقصود بالتقوى هو امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، فإذا قام المسلم بحق الصيام حصلت له التقوى كما قال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. وقد تحدث المفسرون كثيراً عن التقوى ولكن سأتناول في هذه المقالة ما ورد عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه الذي قال عن التقوى: "هِيَ الخَوْفُ مِنَ الجَلِيل، وَالعَمَلُ بِالتَّنْزِيل، وَالرِّضَا بِالقَلِيل، وَالاَسْتِعْدَادُ لِيَوْمِ الرَّحِيل"، وسأركز هنا على جملة "وَالعَمَلُ بِالتَّنْزِيل".

 

إن التنزيل هو كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فإذا انتقلنا إلى واقع الأمة في عصورها الأولى، فإنها كانت تعمل بالتنزيل؛ أي تحكّم الإسلام في جميع شؤون حياتها عبادة وتعاملاً؛ حكماً واقتصاداً، واجتماعاً، كان رمضان عند المسلمين تقوية صلتهم بالله، والتزامهم بتقوى الله سداً لثغرات السلوك التي تكون من المسلم خلال أيام السنة، فيجتهدون في رمضان لتحصيل التقوى كاملة.

 

أما واقعنا اليوم بعد أن هدمت دولة الإسلام الخلافة، وغاضت أحكام الله، وتبدل حال المسلمين، فصار الإسلام عندنا محصوراً في الشعائر التعبدية، وغائباً عن الحكم والسياسة والاقتصاد وغيرها من أنظمة الحياة، فالحكم ما عاد بما أنزل الله، بل بما جاء به الكافر المستعمر على أساس فصل الدين عن الحياة، وبالتالي فصله عن السياسة، فالحاكم في بلادنا حريص على إرضاء سيده الأمريكي أو الإنجليزي أو غيرهما، ولو كان في غضب الرحمن، وأصبحت الأحكام هوى المستعمر، فهو الذي يحدد أنظمة الحكم والسياسة، بل هو الذي يسير دفة الحكم حقيقة، وما الحكام إلا دمى وعرائس يحركهم كما يشاء، وكيفما شاء، والناس أغلبهم يعلمون هذه الحقيقة، ولكنهم لا يحركون ساكناً إلا من رحم ربي وكتاب الله بيننا يقرأون فيه قوله سبحانه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

 

نعم إننا نعيش المعيشة الضنكا، لأننا تركنا منهج الله وشريعته، وأخذنا شرائع الكافرين، وتركنا الجهاد في سبيل الله؛ الطريقة الشرعية لإيصال الإسلام إلى الكفار، لأننا ليس لنا دولة ولا خليفة يطبق الإسلام في الداخل، ويحمله رسالة هدى ونور للخارج، بالرغم من أننا نقرأ حديث رسول الله ﷺ: «وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهِ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ». الديلمي عن أنس. ولكن كيف نجاهد من نأخذ ضلالاته في الحكم والسلطان، وفاقد الشيء لا يعطيه؟!

 

أما في الاقتصاد فإن أحكام الإسلام لا تسيّر اقتصادنا، وإنما هو النظام الرأسمالي والصناديق الربوية؛ صندوق النقد والبنك الدوليان، وأما النظام الاجتماعي وهو علاقة الرجل بالمرأة وأحكام الأسرة، فإن الغرب الكافر المستعمر يريد للمسلمين أن يبدلوا بأحكام الله أحكام اتفاقية سيداو التي تسعى لمساواة المرأة بالرجل مساواة تامة، فتلغي القوامة، وأحكام الزواج والطلاق وغيرها، وبالجملة ما عاد الإسلام هو الذي يسير حياة الأمة، هذه الأمة التي جعل الله لها أعظم وظيفة وشرفها بأن تعمل عمل الأنبياء بحمل رسالات الله، قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

إن رمضان فرصة لنعيد حساباتنا ونراجع مواقفنا، ونعود إلى كتاب ربنا سبحانه، وسنة نبينا ﷺ نطبقها في واقع حياتنا كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعون لهم إلى أن وصل الأمر إلينا، فكيف نعود؟ وكيف نطبق الإسلام حتى نتحصل على التقوى، ونخرج من رمضان وقد حققنا هذه الغاية العظيمة؟ فإن الناظر لأحكام الإسلام يجد أن هناك أحكاما تتعلق بالأفراد مثل الصلاة والزكاة والحج، وما شابهها، وهذه لا مشكلة فيها عند الناس، فأغلب المسلمين يصومون ويصلون ويحجون ويدفعون زكاتهم، ولكن هناك أحكام لا يمكن للأفراد أن يقوموا بها، فمثلاً الله سبحانه وتعالى أمر بقطع يد السارق، وجلد الزاني غير المحصن، فهذه الحدود لا يمكن أن يطبقها آحاد الناس، وإلا أصبح الأمر فوضى، فلا بد من جهة تقوم بتطبيقها، فالنبي ﷺ وهو نبي مرسل كان كذلك حاكما يرعى شؤون المسلمين، ويطبق عليهم أحكام الإسلام.

 

ثم حدد النبي ﷺ من يقوم برعاية الشؤون وتطبيق الأحكام من بعده بأنه خليفة يخلفه ﷺ في الحكم، وهو نائب عن الأمة في تطبيق الإسلام، وهذا ما تفتقده الأمة اليوم، خليفة يطبق أحكام الإسلام التي لا يمكن للأفراد تطبيقها، فهو ينوب عنا في تطبيق هذه الأحكام، وبذلك نكون قد عملنا بالتنزيل كاملاً فتحصل لنا التقوى. فواجب الأمة اليوم حتى يرضى عنها ربها أن تنزل أحكام الله في واقع حياتها حكما وسياسة واقتصادا ...الخ، ولا يكون ذلك إلا ببيعة خليفة.

 

هذا هو واجبنا أن نعيد دولة الإسلام؛ الخلافة التي هدمها الكافر المستعمر، واستبدل بها أحكام الكفر الديمقراطية والليبرالية وغيرهما من أنظمة الكفر، فعلينا جميعا أن نعمل مع العاملين لإعادتها راشدة على منهاج النبوة، فالله نسأل أن لا ينقضي رمضان هذا العام إلا وقد أكرمنا الله بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

 

بقلم: الأستاذ إبراهيم عثمان (أبو خليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع