- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2023-09-20
جريدة الراية: أمريكا ونقرها المتواصل المستمر
لجدار النظام المخزني بالمغرب!
تناقلت الأخبار وصول مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية من طراز بول إغناتيوس إلى أكادير جنوب المغرب في 26 آب/أغسطس 2023 من أجل مناورة بحرية مشتركة بين المغرب وأمريكا، لتنفيذ جزء من فعاليات "اللقاء الأطلسي 23-1" وهي مناورة بحرية ثنائية بين القوات البحرية الأمريكية والمغربية، والهدف المعلن هو تقوية وتعزيز الجاهزية القتالية للقوات المشتركة في العمليات البحرية والأمنية حسب ما أكدته السفارة الأمريكية بالرباط". (هيسبريس 28 آب/أغسطس 2023).
إن الحقيقة السياسية أنها ليست مناورات عسكرية ولكنها اختراقات للنواة الصلبة لأنظمة الإقليم ولجيوش المنطقة وعساكرها ودوائرها الأمنية الضيقة واستقطاب لقادتها، والمغرب ليس استثناء.
لقد كان انهيار الاتحاد السوفيتي لحظة مفصلية في تاريخ الاستعمار الأمريكي وظرفا استثنائيا ليبلغ أقصى تغوله وتوحشه، فقد اتخذت أمريكا بعدها من الحرب على الإسلام فرصتها الاستراتيجية لاختراق مجال النفوذ الاستعماري الأوروبي، فجعلتها حربا دولية لينخرط فيها الكل وتفتح فيها مصارع الدول وترفع الستائر وتباشر أمريكا الاختراق والاتصال والاحتكاك المباشر بقادة الجيوش وضباط الاستخبارات والأمن بالدول الدائرة في فلك الاستعمار الأوروبي القديم لقلب الطاولة عليه وكنسه من الساحة الاستعمارية.
وقد تزايد الاهتمام الأمريكي بالمغرب لموقعه الاستراتيجي فهو بوابة أفريقيا والمنفذ الخطير لأوروبا، فعبره عبرت جيوش الفتح الإسلامي، والتاريخ يعتبر عينا استراتيجية في رسم السياسات، والمستجد اليوم أن نظامه صار يدا جديدة لبريطانيا رأس الاستعمار الأوروبي القديم في أفريقيا التي تسعى أمريكا لشلها طمعا في قطعها، وقد فَعَّلت أمريكا أدواتها العسكرية والأمنية لتسريع اختراقها واقتحامها للنواة الصلبة للنظام بالمغرب ولجغرافية البلد، فقامت بتشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين البلدين وهي أول هيئة من هذا النوع بينهما، وبحسب نائب كاتب الدولة في الدفاع للشؤون الأمنية بيتر رودمان في تصريح صحفي بالرباط في 28 كانون الثاني/يناير 2003، "إن الولايات المتحدة الأمريكية قررت تقوية تعاونها الاستراتيجي العسكري والأمني مع المغرب"، ثم توالت زيارات المسئولين العسكريين والأمنيين للمغرب، أعقبتها تدريبات ومناورات مشتركة وتبادل الزيارات العسكرية والأمنية.
فعطفا على استعمال أمريكا لثالوثها الاستعماري المتمثل في وزارة خارجيتها ووزارة دفاعها البنتاغون ووكالة استخباراتها سي آي إيه في تحقيق أهدافها الاستعمارية، فهناك ذراعها العسكرية الدولية حلف الأطلسي وتوظيفه في اختراق واقتحام الإقليم، فقد تم تصنيف المغرب كحليف استراتيجي من خارج الحلف، الأمر الذي مكن قادة الحلف الأمريكيين من الاتصال المباشر بالقادة العسكريين والأمنيين بالمغرب، ولقد كان ملف الإرهاب قنطرتها لاختراق جدار المغرب بعد أن دفعت بالنظام المغربي للانخراط كلية في حربها ضد الإسلام، ثم تلاها اعتراف إدارة ترامب بمغربية الصحراء فأصبحت معه الطريق سالكة لتكثف أمريكا اتصالاتها المباشرة بالقادة العسكريين والأمنيين ببلاد المغرب، وإدارة بايدن اليوم تستثمر اعتراف ترامب وإن كانت لا تقره في تثبيت وتركيز أعمدة اقتحامها واختراقها، والمغرب يشارك سنويا في أكثر من 100 عملية عسكرية أمريكية، بما في ذلك مناورات الأسد الأفريقي، حسب ما سبق أن صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، خلال زيارته للرباط في تشرين الأول/أكتوبر 2020 لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني من أجل زيادة توطيد الشراكة الاستراتيجية الأمريكية المغربية.
وقد تناسلت الاتفاقيات الأمنية والمناورات العسكرية ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، فقد تم توقيع اتفاق أمني عسكري لعشر سنوات (2020-2030) حمل اسم "خارطة الطريق للتعاون في مجال الدفاع" وصف بالتاريخي ما يفسر مستوى خطورته الاستراتيجية على الإقليم بل أفريقيا كلها، واعتبره البنتاغون "تجديد التحالف بين البلدين كحجر الزاوية للسلام بأفريقيا"، والسلام الأمريكي يعني الاستعمار وتعبيد الطريق له. ثم أعقبتها المناورات العسكرية الميدانية على أرض المغرب وعلى رأسها مناورات الأسد الأفريقي التي تعد أكبر وأضخم تدريبات عسكرية بأفريقيا، ثم فتح باب التجسس على المنطقة وأهلها تحت ما سمي بالتعاون الاستخباراتي، وكان اجتماع السفير الأمريكي بالمدير العام للأمن ومراقبة التراب المغربي، ثم هذه المناورة البحرية الأخيرة. كل هذه المناورات والاتفاقات العسكرية وذلك التعاون الأمني المزعوم، عمليات نقرٍ في جدار النواة الصلبة لنظام المخزن بالمغرب العسكري منه والأمني لإحداث ثقب فيه لخرقه، ثم هدمه فردمه.
وفي سياق الاقتحام الأمني لجغرافية البلد تطرق العدد الجديد من مجلة الجيش الإسباني صيف 2023، لتفاصيل نظام سرب المراقبة الجوية الجديد بمدينة قاديس جنوب إسبانيا، وخاصيات نظام الدفاع الجوي الجديد أوردها تقرير بالمجلة العسكرية الإسبانية تحت عنوان "مراقبو السماء الجنوبية"، مبرزا أن النظام يستطيع مراقبة المجال الجوي لجبل طارق وشمال المغرب وذلك بسرعة ودقة، واللافت في الأمر هو وجود قاعدة روطا الأمريكية في عين المكان في إقليم قاديس جنوب إسبانيا، أي أن شمال المغرب وحركة ملاحته واتصالاته أصبح مكشوفا لأمريكا.
إن اتفاقيات أمريكا العسكرية والأمنية ومناوراتها العسكرية كمناورات الأسد الأفريقي متعددة الأطراف أو مناورة اللقاء الأطلسي البحرية الثنائية هي مناورات لاختراق واقتحام جدار الجغرافية الغربية لبلاد المسلمين وساحلها الصحراوي والبلاد الإسلامية المجاورة، وهو تدريب عملي واستئناس ميداني بجغرافية المنطقة من عساكر المستعمر الأمريكي، ثم أقبح منها هو اختراق لعساكر المسلمين وحرف بوصلة ولائهم وتوظيفهم في استراتيجية أمريكا الاستعمارية وصناعة العملاء المرشحين لاستلام الوظيفة الاستعمارية، ثم هي الأسلوب الاستعماري الأمريكي في قلب الطاولة على المستعمر الأوروبي القديم وسلب نهبه.
فما حلت أمريكا بأرض واستباحتها إلا بعد اختراق عساكرها، والتاريخ شاهد؛ فعساكر المكسيك وتشيلي والأرجنتين ضالعة في تحويل أمريكا اللاتينية إلى حديقة خلفية لأمريكا، وعساكر مصر وسوريا وإيران والعراق والسودان وباكستان هي التي مكنت أمريكا من التغلغل في هذه البلاد من بلاد المسلمين وإرساء أنظمة العمالة فيها خدمة لأمريكا. كما أن المحاولتين الانقلابيتين بالمغرب في سبعينات القرن الماضي كانتا بعد اختراق أمريكي للجيش بالمغرب ولكن ذاكرة هذه الأنظمة الخربة خراب!
هو الاستعمار وتكالبه وتطاحنه على بلاد المسلمين، وما كان لهذا الوضع الاستعماري المتعفن ليكون، ومعه استباحة بيضة المسلمين واستعمار بلادهم وتسخير جيوشهم لخدمة العدو الكافر المستعمر لولا فقد الدرع والحامي والجنة والواقي، خليفة المسلمين الذاب عن حياض هذا الدين والحامي لبيضة المسلمين والقاهر لعدوهم.
فيا جيوش المسلمين: أنتم والله قنطرة الاستعمار متى تنكبتم صراط ربكم المستقيم وخنعتم للعملاء الضالين المضلين، وخنتم الله ورسوله في حماية بيضة الإسلام والذود عن حياضه وعياله، وأنتم والله مدفع التحرير وباب الخلاص من الاستعمار اللعين متى استقمتم على أمر ربكم وحفظتم أمانة حراسة هذا الدين وإعلاء كلمته ونصرة أهله.
يا جيوش المسلمين: أما آن لقلوبكم أن تخشع ولعقولكم أن تعي فتصدقوا مع الله بالاستمساك والاعتصام بحبله المتين ونصرة دينه العظيم، وقطع كل خيوط الاستعمار الغربي اللعين عن بلاد المسلمين ورفع الغطاء عن عملائه المنبوذين، والاستجابة لاستنصار الأتقياء الأنقياء الواعين المخلصين أصحاب مشروع الإسلام العظيم؟!
إلى أبناء هذه الأمة من ضباط جيوشها وسلك شرطتها، أهل قوتنا ومنعتنا، أما آن لهذه العقول أن تسمع نداءنا ولهذه القلوب أن تخشع لجبار السماوات والأرض فتنصر دينه وتعلي كلمته؟!
بقلم: الأستاذ مناجي محمد
المصدر: جريدة الراية