السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

Al Raya sahafa

 

2023-09-27

 

جريدة الراية: أحداث دير الزور

الأسباب والنتائج

 

 

 

منذ أن استولت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على دير الزور بقيادة التحالف الدولي لم تستقر المنطقة، وذلك لأن المكون الكردي يستفرد بالقرار، فيما كان الاتفاق مع العرب أن يسلموا المنطقة لأهلها بعد تحريرها من تنظيم الدولة ليكون الحكم والإدارة ذاتية، إلا أن حزب العمال الكردستاني لم يف بتعهداته بل إنه أخذ يمكّن لنفسه بأساليب تشبه أساليب النظام السابق من استزلام لبعض الرخصاء من الوجهاء ونهب ثروات المنطقة من النفط والغاز ومحاولة فرض مبدئه في منهاج التعليم مع سوء الخدمات ما دفع الناس إلى رفع الصوت وقيام بعض المظاهرات التي واجهها باعتقال الناشطين والإعلاميين واغتيال بعض الشخصيات المعارضة كالشيخ بشير الهويدي أحد شيوخ العفادلة ومطشر الهفل أحد شيوخ العقيدات وغيرهما من الشخصيات واعتقال كل من يعترض على سياساتهم ما ولد احتقاناً تراكم طوال السنوات الخمس الماضية.

 

وكان لمجلس دير الزور العسكري بقيادة أحمد الخبيل أبو خولة اليد الطولى في قمع المظاهرات بشدة ما ولد كرها له في المنطقة، وحاول إقصاء العشائر الأخرى مستندا إلى دعم التحالف له بشكل مباشر، ما أعطاه قوة جعلت منه شريكا لـ"قسد" في قرار المنطقة، وهذا ما لا يقبل به كوادر حزب العمال الكردستاني، فحاولوا اغتياله لكن لم ينجحوا، وحاولوا إقصاءه لكنه رفض محتميا بعشيرته البكير ومجلس دير الزور العسكري، وحاولوا إزاحته بالقوة فواجههم ولم يستطيعوا اقتحام مقراته، ثم بعد شهرين تمكنوا من اعتقاله بعد استدراجه إلى اجتماع في الحسكة بدعوة من التحالف الدولي. فكانت الشرارة التي أشعلت الأحداث الأخيرة التي تحولت بسرعة من قضية قادة مجلس دير الزور العسكري إلى قضية عامة هي التحرر من هيمنة كوادر حزب العمال واستعادة قرار المنطقة، وقام الشيخ إبراهيم الهفل بقيادة الحراك ضد "قسد"، وهو له رمزية كبيرة كونه شيخ العقيدات كلهم ما أعطى للحراك زخما وقوة، واستطاع في البداية أن يحرر المنطقة من قوات "قسد" إلا أنه نتيجة تفكك المجتمع القبلي نتيجة المنافسات العشائرية جعل البعض يقف متفرجا، وعدم وجود التنظيم العسكري للقتال وعدم وجود الدعم اللوجستي وعدم قيام المناطق الأخرى كالحسكة والرقة ومنبج ما أعطى فرصة لـ"قسد" لحشد أكثر من خمسة عشر ألف عسكري بالمصفحات ما قلب هزيمتها في البداية إلى نصر في النهاية، وكان موقف التحالف الدولي غامضا مترقبا كأنه يحاول مسك العصا من المنتصف ليستثمر فيمن ينتصر، خصوصاً أن أصوات شيوخ العشائر منذ ثلاث سنوات وفي الصراع الحالي قد علت بالمطالبة بتدخل التحالف وأن تكون العلاقة معه دون "قسد" بوصفه راعيا للمنطقة، أو قوة احتلال كما هي الحقيقة.

 

وبعد اشتداد المعارك فرضت أمريكا هدنة استغلتها "قسد" وعملاؤها من مرتزقة الوجهاء في تخذيل المقاتلين العرب واندفاع قوات "قسد" في الانتشار في البلدات المحررة، إلا أنها عادت وسحبت هذه القوات وأبقت على قوى الأمن الداخلي. ويرجح قيامها بهذا بضغط من التحالف الدولي، وتجري الآن عمليات فردية على قوات "قسد" تحت مسمى الذئاب المنفردة، فيما تجري مفاوضات بين الشيخ مصعب الهفل ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي في السفارة الأمريكية في قطر وفي الوقت نفسه يقوم شيوخ من عشائر العقيدات والبقارة وغيرهم بالتفاوض مع قوات التحالف لترتيب أوضاع المنطقة سياسياً وعسكريا وإداريا.

 

ومن المتوقع أن يقوم التحالف بفرض تشكيلة جديدة في الإدارة المدنية والعسكرية بقيادة هفل عبود جدعان الهفل الذي يقيم في أمريكا ويحمل الجنسية الأمريكية ما يوجد استقرارا تستثمره أمريكا في بناء قوة تستند إلى المخزون العشائري لتنفيذ أجنداتها في فرض الحل السياسي على حساب دماء المسلمين تستخلصه بما توقعه من اقتتالات بينهم، فهل يدرك المسلمون هذه الفخاخ الأمريكية فيجتنبوها ويتوحدوا على مشروع الإسلام الذي يرضي الله ويحقق مصالحهم؟

 

إن السياسة الأمريكية في العالم اليوم تنتهج إيقاع الحروب بين الدول وبين القوميات وبين الجماعات بكافة أطيافها، وما حصل من اقتتال بين مصر والسودان والعراق وإيران وبين اليمن الجنوبي والشمالي وبين الهند وباكستان وروسيا وأوكرانيا وبين المجاهدين الأفغان وبين فصائل الصومال والحرب الأهلية في لبنان والفصائل الثورية في سوريا وغيرها الكثير، كل هذه الاقتتالات وراءها أمريكا وأدواتها من الأنظمة العميلة لإخضاع الدول والشعوب لنفوذها وتحقيق مصالحها.

 

فكيف بعد كل هذا هناك من يطلب الحل من عدوة الإنسانية وقاهرة الشعوب أمريكا عدوة الله ورسوله والمؤمنين؟!

 

إن استجداء الحل السياسي من أمريكا وتحالفها الدولي هو انتحار سياسي؛ لأن أمريكا لا يهمها إلا إيجاد أدوات تحقق مصالحها بقهر الشعوب وظلمهم ونهب خيراتهم وثرواتهم بأنظمة دكتاتورية تتسلط بالقوة والقهر، وما الديمقراطية وحقوق الإنسان إلا دعاية فارغة كشعار "الوحدة والحرية" الذي نادى به حافظ أسد بلغته الخشبية المقيتة.

 

يا أهل ثورة الشام، يا قبائل العرب الكرام: أفبعد مليون شهيد ومليوني جريح وعشرات آلاف المفقودين والمعتقلين نقبل بالحل الأمريكي اللعين؟! إنه والله لخزي الدنيا والآخرة فهل من معتبر؟! قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

 

 

بقلم: الأستاذ محمد سعيد العبود

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع