- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-05-22
جريدة الراية: زيارة الرئيس الصيني لفرنسا والتجارة مع أوروبا
وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى فرنسا في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وأكد شي أن العلاقات بين البلدين كانت في طليعة علاقات الصين مع الدول الغربية الكبرى على مدى الستين عاما الماضية. (العربية)
أولاً: قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الاثنين 2024/05/06: "إن الصين تعد أوروبا بُعدا مهما في دبلوماسية الدولة الكبرى ذات الخصائص الصينية، وشريكة مهمة في طريقها نحو التحديث صيني النمط. (القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولية CGTN)
وفي مقابلة مع صحيفة لا تريبون نشرت الاثنين 2024/05/06، أقر ماكرون بعدم وجود "إجماع" لدى الأوروبيين بشأن الاستراتيجية الواجب اتباعها مع بكين، لأن "بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كسوق للبيع"، في حين إنها "تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا". (العربية)
فيما قال سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي مارك جيتنشتاين "إن الصين تعمل على تقويض القطاعات الاقتصادية في كلٍ من أوروبا وأمريكا، وتشوه الأسواق عمداً من خلال وفرة السلع الرخيصة". وأضاف مارك جيتنشتاين خلال مقابلة مع سي إن بي سي "تطرقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال الحديث مع رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل، إلى مشكلة الطاقة الفائضة في الصين، وكيف تشوه أسواقنا في الولايات المتحدة وأسواقهم في أوروبا". (أرقام 2024/05/14)
ثانيا: على الرغم من أن هناك أصواتاً أوروبية تنادي بما يسمى "الاستقلال الاستراتيجي" للاتحاد الأوروبي فإن أوروبا تحذو حذو أمريكا في التعامل مع الصين من حيث العوائق التي باتت تواجه شركاتها في الأسواق الأوروبية، وتطالب الصين بمعاملتها بعدالة عدم الإضرار بسلاسل الإمداد، وعدم اتخاذ إجراءات تمييزية ضد الشركات الصينية، ناهيك عن رفض فرض العقوبات عليها، وقد جاءت هذه الإجراءات في إطار حملة أوروبية مكثفة تقودها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين؛ بهدف التخلص من الواردات الصينية؛ بسبب مخاوف بشأن تأمين التقنيات الرئيسية لأوروبا، كما تقود تحقيقاً تدعمه فرنسا لمكافحة تدفق السيارات الكهربائية الصينية إلى أوروبا.
ثالثا: من خلال قراءة الأرقام بين الصين والاتحاد الأوروبي في عام 2023، فقد بلغت صادرات أوروبا إلى الصين نحو 223.5 مليار دولار، في حين بلغت واردات أوروبا من الصين نحو 514.4 مليار دولار، وهو ما يشير إلى وجود عجز في الميزان التجاري بين الطرفين يُقدر بنحو 290.9 مليار دولار لصالح الصين. وهذا يستدعي من أوروبا أن تطالب الصين بضرورة تحسين إمكانية وصول الشركات الأوروبية إلى الأسواق الصينية، وتقليل إعانات الدعم للمصدرين الصينيين. ورداً على المخاوف الغربية بشأن احتمال التخلص من السلع الصينية المدعومة، رفضت بكين ما يدّعيه الاتحاد الأوروبي بشأن ما يُطلق عليه مشكلة الطاقة الفائضة في الصين؛ إذ أكد الرئيس شي أن إنتاج بكين الضخم من السلع الخضراء عالية التقنية سيساعد الكوكب على الوفاء بالتزاماته المناخية.
رابعا: على الرغم من تأكيد أورسولا فون دير لاين، خلال مقابلتها الرئيس شي في باريس، أهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبكين، فإنها هاجمت ما اعتبرته فائض الإنتاج الصيني، وأكدت أن التكتل الأوروبي "لن يتردد في اتخاذ قرارات حازمة" لحماية اقتصاده وأمنه بالاستفادة من "أدوات الدفاع التجاري؛ إذا كان ذلك ضرورياً"؛ وهو ما يشير إلى إصرار الاتحاد الأوروبي على المضي قدماً في سياسته الهادفة إلى تقييد الواردات الصينية إلى أسواقه، وتمسك الصين بموقفها بشأن الاحتكاكات التجارية مع أوروبا.
وهذا يعني كما قالت سيسيليا مالمستروم المفوضة الأوروبية السابقة للتجارة والتي تعمل الآن في معهد بيترسون للبحوث في واشنطن لوكالة فرانس برس: "أصبحت أوروبا ضحية نوعاً ما". فيما قال باسكال لامي، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، إن على أوروبا "ممارسة الضغط" على واشنطن لأن الخطة "معادية لأوروبا أكثر مما هي معادية للصين".
وتحاول أوروبا، وإن كانت غير موحدة في موقفها، إيجاد نوع من التوازن في علاقاتها التجارية مع الصين، لكنها في مسألة تايوان تحاول بعض الدول الأوروبية الحياد في موقفها وتخشى من تكرار أوكرانيا بما يعود عليها من ضرر كبير، فقد صرح ماكرون في زيارته للصين 2023 أنه من الخطأ لأوروبا التبعية للولايات المتحدة تجاه الصين خاصة في مسألة تايوان، وهذا الاتجاه تقوده فرنسا بالأساس، حيث ترى أن التماهي مع المواقف والسياسات الأمريكية تجاه كل من روسيا والصين قد أضر بالمصالح الأوروبية وأيضاً تضررت الصين وروسيا في الوقت الذي خرجت فيه أمريكا منتصرة وبتبعية أوروبا لها في مسألة أوكرانيا.
ورغم أن فرنسا "حاولت تفادي الحرب الروسية - الأوكرانية لكنها فشلت مع ألمانيا في حلها بسبب عدم تقديم أمريكا ضمانات لروسيا بشأن أمنها القومي. ولذلك دفعت أوروبا ثمنا باهظا لتلك الحرب، حيث تعد الخاسر والمتضرر الأكبر منها بسبب ارتداد العقوبات الغربية على روسيا في الاتجاه المعاكس، خاصة في قطاع النفط والغاز، وهو ما أدى لارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا وارتفاع معدلات التضخم وأسعار السلع الغذائية بشكل غير مسبوق وتفاقم الأزمات الاقتصادية".
بقلم: الأستاذ حسن حمدان
المصدر: جريدة الراية