- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-05-29
جريدة الراية: ميثاق القاهرة وفشل سياسة المفاوضات والمحاصصات والترضيات
وقع عدد من الكيانات والقوى السياسية السودانية، الأربعاء 8 أيار/مايو 2024م، في القاهرة، ما سمَّته بـ"الميثاق الوطني"، الذي يتضمن رؤية إطارية لإدارة فترة انتقالية، وهذا التوقيع يعد واحدا من أدوات الصراع الاستعماري الكبير على السودان بين أمريكا، وبين أوروبا، وبخاصة بريطانيا، على النفوذ في السودان، حيث استطاعت أمريكا، بواسطة عملائها في الجيش والدعم السريع، من إشعال الحرب، التي بها أفسدت مخطط الدول الأوروبية وعملائهم في قوى الحرية والتغيير، من تمرير وتطبيق الاتفاق الإطاري، الذي من أهم بنوده هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية، ما يؤدي إلى تحكم عملاء الإنجليز في هذه المؤسسات، ومن ثم كسر عظم عملاء أمريكا من القيادات العليا في الجيش والدعم السريع.
وقَّع على "الميثاق الوطني" كل من الكتلة الديمقراطية برئاسة جعفر الميرغني، وكتلة الحراك الوطني برئاسة تيجاني سيسي، وحزب المؤتمر الشعبي برئاسة الأمين محمود، وتحالف الخط الوطني (تخطي)، وكتلة التراضي الوطني برئاسة مبارك الفاضل، وحزب البعث السوداني، برئاسة محمد وداعة، والآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، والجبهة الوطنية برئاسة الناظر محمد الأمين ترك، والمجتمع المدني، إلى جانب عدد من قيادات الطرق الصوفية والإدارات الأهلية، ومجلس الكنائس.
ويختلف التجمع السياسي الجديد عن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الذي هو الاسم الجديد لقوى الحرية والتغيير، برئاسة حمدوك، رئيس الوزراء السابق الذي انقلب عليه البرهان، وهو الذي كتب له السفير البريطاني السابق خطابا، طلب فيه التدخل الأممي في السودان، ما يدل على العلاقة بينه وبين السفارة البريطانية.
هذا بجانب دعم الكتلة الموقعة على الميثاق للقوات المسلحة السودانية، في حربها الحالية مع قوات الدعم السريع، وهذا يؤكد تماهيها مع الأجندة الأمريكية، بالرغم من أن في داخل هذه الكتلة الحركات المسلحة الدارفورية، ذات الأجندة الأوروبية، مثل حركة العدل والمساواة، برئاسة جبريل إبراهيم، وزير المالية الحالي، وحركة تحرير السودان، برئاسة أركو مناوي، كعادة بريطانيا التي تجعل عملاءها يلعبون أدوارا مختلفة، لكي لا تخرج من المشهد كما يقال في المثل (لا تضع البيض في سلة واحدة).
وبالرغم من أن الموقعين على الميثاق أرادوا إظهار الولاء للجيش، وطمأنة أمريكا في حال تضمنت الوثيقة التأكيد على أن "القوات المسلحة هي المؤسسة الشرعية المسؤولة عن حفظ الأمن والدفاع في البلاد"، وأن تكون تسوية الأزمة من خلال مواصلة الحوار في منبر جدة، إلا أن عملاء أمريكا من العسكر لن يسمحوا للمدنيين، عملاء بريطانيا، من الوصول إلى الحكم مرة أخرى إلا فتاتا من سلطة ناقصة كوزارة بعينها أو إدارة هنا أو هناك، والغالب أن أمريكا إذا أوقفت الحرب فإنها ستدعو إلى تشكيل ما يسمونه حكومة كفاءات (تكنوقراط).
فمن إحدى نقاط الاتفاق، تشكيل "حكومة فنية" غير حزبية، ومجلس سيادي جديد للفترة الانتقالية، يتألف من 7 أعضاء عسكريين و7 مدنيين. كما يتطلب إنشاء لجنة من 11 "شخصية مرموقة" لتسمية ثلاثة مرشحين لمنصب رئيس الوزراء. وأخيرا يقترح الميثاق أن تقوم لجنة مكونة من 15 عضوا من المشاركين في الحوار بتعيين أعضاء المجلس التشريعي الانتقالي الذي سيتكون من 300 عضو.
إن النظام الديمقراطي الذي أسس على فكرة الحل الوسط هو سبب الأزمات في السودان حيث لا يؤمن بالحق المطلق، ولا بوجود الباطل كذلك، فكل قضية تعرض للمساومات، والمفاوضات، والاتفاقات، للتراضي بين الطرفين، دون البحث في الأسباب الحقيقية للمشاكل والأزمات. لذلك فلن يحل هذا الاتفاق أي مشكلة غير أنه سيحقق مصالح آنية أنانية لأشخاص الموقعين، الذين يستخدمون لصالح الدول الاستعمارية. وأيضا هي تحارب الإسلام، وتمزق البلاد، وتنهب ثرواتها، وتشعل الحروب، فتدمر وتنشر الفوضى، وتريق الدماء، وتزهق الأرواح.
إن هؤلاء الساسة لا يعنيهم إلا أن تتحقق مصالحهم فقط، وتملأ بطونهم، وما أكثرها من أهداف وغايات.
إن أزمات النظام الديمقراطي لن تتوقف إلا بدولة تنزع هذا النظام، وتلقيه بعيدا، وتطبق النظام الحكيم القويم، نظام رب العالمين، نظام الإسلام في دولته، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فإنه الحل ولا حل سواه.
فهلا استمع القادة المخلصون لهذا الخطاب فيستجيبوا لله ورسوله، فينالوا خيري الدنيا والآخرة؟!
بقلم: محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
المصدر: جريدة الراية