السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2024-06-19

 

 جريدة الراية: حيثيات قرار البنك المركزي في عدن مؤخراً والنتائج المترتبة عليه

 

 

 

 جاء هذا القرار في أحدث محطات الصراع الأنجلو أمريكي في اليمن، وهي الحرب المشتعلة في البحر الأحمر، التي ظاهرها إسناد لمجاهدي غزة الأبرار، وباطنها وخفاياها صممت في دهاليز السياسة الخارجية الأمريكية، وضمن استراتيجيتها الكبرى في الحرب الحضارية على الإسلام والحرب الاقتصادية على الصين ومنافسها التقليدي أوروبا.

 

فقد طالب مسؤولون صينيون من نظرائهم الإيرانيين المساعدة في كبح الهجمات التي يشنها الحوثيون المتحالفون مع طهران على السفن في البحر الأحمر وإلا فإن ضررا قد يلحق بالعلاقات التجارية مع بكين وفق ما قالت أربعة مصادر إيرانية ودبلوماسي. (صحيفة العرب، 2024/1/26م).

 

وفي بريطانيا أجرت غرفة التجارة البريطانية استطلاعاً فيما بين 15 كانون الثاني/يناير و9 شباط/فبراير 2024م، أوضح أن 55% من المصدّرين أعلنوا تأثر أعمالهم، وكذلك الحال بالنسبة إلى 53% من المصنّعين وشركات الخدمات بين المؤسسات والمستهلكين، وهي فئة تشمل تجار التجزئة وتجار الجملة، وأشار العديد من المصنعين إلى ارتفاع تكاليف الشحن المرتبطة بالاضطرابات في البحر الأحمر، لكن ارتفاع فواتير الأجور كان عاملاً أكبر بالنسبة لمعظمهم، وسلّط بنك إنجلترا الضوء على حالة الاضطراب في البحر الأحمر باعتبارها من الأخطار الرئيسية التي تساهم في زيادة التضخم في بريطانيا هذا العام.

 

ومن جانب آخر التقى ما يسمى برئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي عميل الإنجليز، بسفيرة فرنسا كاترين قرم كمون، لمناقشة التطورات والمستجدات الأخيرة على الساحة اليمنية. واستعرض اللقاء مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والدعم الدولي المطلوب لتعزيز مسارها، والإجراءات الحكومية لاحتواء التداعيات الإنسانية الناتجة عن الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية. وذكرت وكالة سبأ الحكومية، أن اللقاء بحث المستجدات المحلية، والتطورات الإقليمية بما في ذلك التداعيات المستمرة لهجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وسفن الشحن البحري، وفرص إحلال السلام والاستقرار في اليمن. (وكالة الأنباء الكويتية ـــ كونا 2024/6/2م).

 

 ومن جانب آخر وصف عبد الملك الحوثي في كلمته المتلفزة مساء الخميس 2024/5/30م هذا القرار بـ"صب الزيت على النار". وأضاف أن هذه القرارات ردة فعل على هجمات جماعته في البحر الأحمر. وقال العقيد رشاد الوتيري، الضابط بالتوجيه المعنوي في صنعاء، إن "إجراءات البنك في عدن تأتي في إطار التصعيد الأمريكي البريطاني ضد الحوثيين، للضغط عليهم لوقف هجماتهم البحرية ضد السفن (الإسرائيلية)، من خلال خلق أزمة اقتصادية تزيد معاناة اليمنيين". (الجزيرة نت، 2024/6/1م).

 

وأما أمريكا فقد أصدرت إعلاناً تضمن تأكيداً بإلغاء قرار البنك المركزي اليمني نقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية العاملة في صنعاء إلى العاصمة عدن، وصدر هذا في تصريح لمراسل وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية في اليمن أحمد الحاج، أكد فيه تراجع مجلس القيادة الرئاسي عن قرار نقل البنوك التجارية من صنعاء إلى عدن. (اليوم السابع 2024/5/31م).

 

وكما يبدو فإن أحداث البحر الأحمر، وتأثر التجارة الدولية وتحول مسار سفن الشحن البحري، إلى رأس الرجاء الصالح عوضاً عن البحر الأحمر، وذلك خشية تعرضها لاستهداف الحوثيين، تسبب بطول أمد رحلات السفن والناقلات من آسيا إلى أوروبا بواقع أسبوعين، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأسعار وارتفاع تكاليف الشحن والمخاطر المحدقة بحركة التجارة العالمية، ما أدى إلى ردة فعل من بريطانيا عن طريق الأتباع والعملاء لتوقف عملاء أمريكا عند حدهم، وذلك بإصدار قرار البنك المركزي في عدن يوم الخميس 2024/5/30م بإيقاف تعامله مع 6 من أكبر البنوك التجارية التي تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد أن رفضت نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، ليرد البنك المركزي في صنعاء بوقف التعامل مع 12 بنكا تعمل في مناطق نفوذ الحكومة. وهكذا لم يترك طرفا الصراع المحليان في اليمن من أمر يضر بأهل اليمن إلا وفعلوه خدمة لمصالح أسيادهم! قال رسول الله ﷺ: «مَنِ احْتَكَرَ حُكْرَةً يُرِيدُ أَنْ يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ خَاطِئٌ» رواه أحمد. هذا من احتكر سلعة، فكيف بمن يتحكَّم بأقوات الناس ويضيق عليهم؟! بل كيف بمن يحمي من ينهب ثروات أهل اليمن ويقوم بحراستها خدمة لأسياده الكفار الإنجليز والأمريكان؟!

 

 وفي سياق معرفة النتائج المترتبة على هذا القرار يقول د. محمد الشعيبي، أستاذ المالية العامة والاقتصاد السياسي بجامعة عدن: "إن قرارات البنك المركزي في عدن لن تساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو تحسين أسعار الصرف بين عشية وضحاها دون دعم حقيقي (نقد أجنبي)". وهذا يعني أن التدخل الخارجي الأوروبي وفي مقدمته بريطانيا، له اليد الطولى في هذا القرار. فإذا كان صناع القرار هم الإنجليز وحلفاؤهم الأوروبيون، فلا شك أنه لمصلحتهم هم، أما أهل اليمن فسيعانون الأمرَّين، طالما استمر الأتباع والعملاء بالتحكم بأقواتهم وثرواتهم لصالح أسيادهم الكفار.

 

أما بالنسبة للأهداف التي تسعى إليها صانعة القرار من سحب العملة القديمة ومنع الحوالات بالعملات من مناطق سيطرة الحوثيين... فإن هذا يعني التضييق على الحوثيين، خاصة وأنهم لا يستطيعون طباعة عملة ورقية في المدى المنظور، وهذا يعني منع تدفق العملات الصعبة إلى مناطق الحوثيين وضرب البديل من العملات الأجنبية بدلا من الريال اليمني إذا أراد الحوثي التعامل بها مع كونه لا يملك السيولة الكافية منها. وتستخدم ما تسمى بالحكومة الشرعية هذه الورقة وهي مؤثرة جدا على الحوثيين لأن هذا القرار سيعمل على تجفيف مصادر دخل الحوثيين وتريد أن تضيق الخناق عليهم، فيصل الأمر إلى انهيار الصرف في مناطقهم والذي يُعد توقفه عند 530 ريالا للدولار ليس حقيقياً بل هو مفروض على الناس بعصا الحوثيين، وبهذا تكون ما تسمى بالشرعية قد حققت انتصارات مالية.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي خيارات الحوثيين؟! ربما سوف يعتمدون على الضغط الخارجي لينقذهم من هذه الكماشة، وهو المتوقع، فكما أنقذهم الضغط الخارجي من قبل في منع خصمهم من دخول صنعاء بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من العاصمة - في فرضة نهم - وأيضا أنقذهم الضغط الخارجي من خسارة محافظة الحديدة شريان الحياة لهم في 2018م، فسينقذهم اليوم من هذا القرار.

 

ولا شك أن المتضرر من هذا القرار هم أهل اليمن في شماله وجنوبه، فلقد عانوا من جرّاء تطبيق هذه السياسات الخائنة والقذرة والتي أدت إلى الانقسام السياسي والعسكري تبعا لمصالح لأسيادهم الكفار أمريكا وبريطانيا، بل وستزيد الحرب الاقتصادية طالما هم خاضعون لحكومتي عدن وصنعاء اللتين تدعيان زوراً حماية ورعاية مصالحهم، بينما الواقع المحسوس أن أهل اليمن يموتون جوعاً ومرضاً وخوفاً والحال يغني عن المقال.

 

إن حكومة صنعاء بقيادة الحوثيين ربائب إيران التي تدور في فلك أمريكا، وحكومة عدن ربائب الإمارات وقطر عملاء الإنجليز تتنافسان بشدة من منهما ستحظى بدعم الدول الاستعمارية الغربية على حكمكم وحماية مصالح تلك الدول، على حسابكم، وتقدمان اليمن بموقعه الجغرافي المهم وثرواته الاقتصادية لأمريكا وبريطانيا، ولا تكترثان بما يلاقيه الناس من صعوبات اقتصادية تهددهم بازدياد الحاجة والمجاعة التي تلوح في اليمن وتهلك الصغار والكبار.

 

إن تطبيق أنظمة الإسلام في الحياة السياسية والاقتصادية وغيرها من خلال إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي يعمل لها حزب التحرير، ويدعو أهل اليمن للعمل معه لإقامتها، كفيل بإزاحة كل المشاكل والهموم التي يعاني منها أهل الإيمان والحكمة، واستقامة حياتهم من بعد الحاجة والذل والمهانة التي يعانون منها في ظل غياب حكم الإسلام لمئة عام مضت. قال ﷺ: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» فهل من مجيب؟

 

 

بقلم: الأستاذ عبد الحميد محمد – ولاية اليمن

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع