الأحد، 27 صَفر 1446هـ| 2024/09/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2024-07-31

 

جريدة الراية: القيادة العالمية أم الانعزالية؟

استراتيجية الولايات المتحدة، عصر جديد ومسار مظلم

 

 

منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في كانون الأول/ديسمبر 1991، أصبحت الولايات المتحدة الدولة الأولى بلا منافس والمهيمنة على السياسة العالمية. استغل الرئيس جورج بوش هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 لبدء استراتيجية جديدة لتثبيت الهيمنة، وأعلن عن عدو جديد: "الإسلام"، تحت ذريعة الإرهاب، وسمى تلك حرب "الحملة الصليبية" (16 أيلول/سبتمبر 2001). وفي 20 أيلول/سبتمبر، أعلن الرؤية الأمريكية: "إما أن تكون معنا، أو أن تكون مع الإرهابيين".

 

أثبتت هذه الاستراتيجية أنها باهظة التكلفة، ووضعت عبئاً على الاقتصاد الأمريكي وخاصة بعد الانهيار الاقتصادي عام 2008 ما أدى إلى تصاعد النعرة الانعزالية. فبرز مبدأ "أمريكا أولاً" وشعار "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"!

 

أكد مبدأ "أمريكا أولاً" الذي تبناه ترامب عام 2016 على إعطاء الأولوية للمصالح الأمريكية، وتقليل المساعدات الخارجية، وتوقع مساهمات أكبر من الدول الأخرى في الأمن الدولي.

 

  • كان هناك تحول ملحوظ نحو التعاملات الثنائية بدلاً من المتعددة الأطراف، بهدف إبرام صفقات تعتبر مفيدة بشكل مباشر للولايات المتحدة.
  • الانسحاب من الاتفاقيات الدولية، حيث قامت إدارة الرئيس ترامب بالانسحاب من ثماني اتفاقيات دولية:

1- الشراكة عبر المحيط الهادئ في كانون الثاني/يناير 2017، مشيراً إلى أن الاتفاقية كانت ضارة بالعمال الأمريكيين.

2- اتفاقية باريس في حزيران/يونيو 2017، حيث أعلن ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، مستشهداً بتأثيرها السلبي على الاقتصاد الأمريكي.

3- اليونسكو في تشرين الأول/أكتوبر 2017، منتقدة إياها بالتحيز ضد كيان يهود!

4- انسحب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني في أيار/مايو 2018 معيداً فرض العقوبات على إيران.

5- مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في حزيران/يونيو 2018، مشيرةً إلى النفاق والتحيز ضد كيان يهود!

6- معاهدة القوات النووية متوسطة المدى مع روسيا في آب/أغسطس 2019، متهمةً روسيا بعدم الامتثال.

7- معاهدة الأجواء المفتوحة في أيار/مايو 2020، متهمةً روسيا بانتهاكات.

8- منظمة الصحة العالمية في تموز/يوليو 2020، منتقداً تعاملها مع جائحة كوفيد-19 وتحقيقها المزعوم مع الصين، وتم التراجع عن هذا الانسحاب الأخير من قبل إدارة بايدن.

 

السياسات التجارية والرسوم الجمركية:

 

  • بدأ ترامب حروباً تجارية، وخاصةً مع الصين، حيث فرض رسوماً جمركية على البضائع الصينية لحماية الصناعات الأمريكية. وامتد هذا النهج الحمائي إلى شركاء تجاريين آخرين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وكندا.
  • أعاد ترامب التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، ما أسفر عن اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بهدف تحقيق شروط أكثر فائدة للولايات المتحدة.

سياسات الهجرة:

 

  • نفذ ترامب حظر السفر، مبرراً ذلك كإجراء للأمن القومي.
  • بناء جدار حدودي مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية، بجانب تطبيق سياسات هجرة صارمة وتقليل عدد اللاجئين المقبولين.

الانخراط العسكري والتحالفات:

 

  • انتقد ترامب حلفاء الناتو لعدم الوفاء بالتزامات الإنفاق الدفاعي، ما أثار تساؤلات حول أهمية الحلف وتقاسم الأعباء.
  • رغم الحفاظ على وجود عسكري كبير، سعى ترامب لتقليل التورط الأمريكي في "الحروب التي لا تنتهي" في الشرق الأوسط، حيث سحب القوات من سوريا وتفاوض مع طالبان على انسحاب محتمل من أفغانستان.

الدعم والمعارضة:

 

  • ·    تم دعم سياسة ترامب الانعزالية من قبل القاعدة الجمهورية، معتبرين أن العولمة والالتزامات الدولية قد أضرت بالعمال الأمريكيين.
  • واجهت هذه السياسات أيضاً معارضة كبيرة من الفاعلين المحليين والدوليين، الذين جادلوا بأنها تقوض التعاون العالمي والقيادة الأمريكية.

التأثير العالمي:

  • أدى الانسحاب من الاتفاقيات والتحالفات المتعددة الأطراف إلى مخاوف بشأن تآكل التأثير العالمي للولايات المتحدة، حيث بدأت قوى أخرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي في ملء الفراغ.

العواقب الاقتصادية:

 

  • كان للحروب التجارية والرسوم الجمركية تأثيرات متباينة على الاقتصاد الأمريكي، حيث استفادت بعض الصناعات بينما تضررت أخرى، ما ساهم في زعزعة الثقة بالاقتصاد العالمي.

الاستمرار وإعادة التقييم في عهد بايدن:

 

في عام 2020 جيء بجو بايدن إلى الرئاسة - الشخصية المخضرمة في العديد من الإدارات الأمريكية السابقة - مصحوباً بكاميلا هاريس، السياسية الشابة وغير المتمرسة، لكسب أصوات الأقليات، والنساء، والشباب التقدميين.

 

  • عكست إدارة بايدن العديد من سياسات ترامب الانعزالية، حيث عادت إلى اتفاقية باريس، وأوقفت الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وأعادت التأكيد على الالتزامات تجاه الناتو وغيرها من الهيئات الدولية.
  • رغم أن السياسة الخارجية لبايدن كانت أقل انعزالية، إلا أنه تم التركيز على معالجة التأثيرات الداخلية للعولمة وضمان أن تكون الالتزامات الدولية مفيدة للعمال والصناعات الأمريكية.
  • باشر الرئيس بايدن بإثارة قضايا دولية وحساسة فألهب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ووضع روسيا كعدو في الساحة العالمية، وأعاد تأكيد دور الولايات المتحدة القيادي والحاجة إلى الناتو.
  • إثارة حفيظة الصين بقضية تايوان.
  • السعي الحثيث إلى علمنة الشرق الأوسط، وتطبيع العلاقة مع كيان يهود.
  • السعي للقضاء على بقايا الإسلام السياسي والعسكري في المنطقة ومنها حرب الإبادة بغزة.
  • خلق تحالفات جديدة في الشرق الأوسط (الدول العربية مع كيان يهود ضد إيران)، ومحاولة إيجاد شرق أوسط جديد من صنع أمريكي.

ومع اقتراب انتخابات 2024، وتدهور قدرات بايدن على الأداء بسبب العمر، ومع أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري هما وجهان للعملة نفسها فيما يتعلق بالسياسة الدولية، إلا أن التحور الأيديولوجي لدى الحزبين في الجبهة الداخلية من تشدد لدى المحافظين في الحزب الجمهوري وتوجه نحو الانعزالية والتحور الليبرالي إلى اليسار الديمقراطي أدى إلى شرخ داخلي في المجتمع الأمريكي وإلى خلط للأوراق لم يكن متوقع. ومما زاد الطين بلة الفشل في الجبهة الداخلية وانكشاف النفاق الأيديولوجي حول حقوق الإنسان والعدالة. كل ذلك أدى إلى انقسام داخل الحزب الديمقراطي ولدى شريحة كبيرة من داعميه. مع أن الخطة الأساسية لدى الدولة العميقة هي الإبقاء على النهج الحالي نفسه، إلا أن التدهور الصحي والعقلي للرئيس بايدن أدى بالمتبرعين الرئيسيين الذين يسيطرون على الدعم المالي بالحاجة الملحة للتغيير، ما دفع بايدن إلى إعلان انسحابه من السباق الرئاسي.

 

إن قبول المتبرعين الداعمين للحزب الديمقراطي لترشح كاميلا هاريس غير المتمرسة هي محاولة لإعادة تنشيط الفئات التي فقدها الحزب الديمقراطي (الشباب، والنساء، والأقليات) الذي أربك القاعدة الانتخابية، وفي محاولة لتجنب خسارة الديمقراطيين للكونغرس. أما نجاح كاميلا من عدمه لمقعد الرئاسة فهو أمر تحدده الأيام القادمة.

 

على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال أقوى دولة في العالم من نواحٍ متعددة، إلا أنها تعاني من صراعات داخلية وخارجية، ما يظهر علامات على تراجع الإمبراطورية وبداية التدحرج للهاوية. حيث تسير الولايات المتحدة حاليا في مسارات مظلمة وظالمة يصعب التنبؤ بنتائجها. لذلك فهي تظهر عدوانية استعمارية شرسة لحماية موقفها ومصالحها. هذا المسار المظلم والظالم وتغير القوى العالمية يمثل فرصة للأمة الإسلامية للمواجهة المباشرة مع قوى الاستعمار، ولإظهار مبدأ الاسلام كنظام عالمي جديد، يجلب الرحمة والعدالة الحقيقية للعالم. فنسأل الله سبحانه أن تتحرك الأمة الإسلامية بكل طاقاتها تحركا جادا لمواجهة الاستعمار فيهيئ لها الله قائدا ربانيا يقودها لتطبيق شرع الله وإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة تحل العدل وترفع الجور عن العالمين.

 

 

بقلم: الأستاذ سامر دهشة

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع